رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تتشابك الأزمة السورية ويزداد سفك الدماء وتضيع أرواح بريئة في أتون حرب شبه أهلية.. فلا النظام يتنازل عن حربه الشعواء ضد شعبه المسكين، ولا المعارضة بإمكاناتها الحالية قادرة على حسم الحرب لصالحها في ظل سياسة عدم التوازن العسكري واللوجستي والدبلوماسي والسياسي. فالمعضلة في سوريا هي تشابك الخطوط الدولية والإقليمية والداخلية في بلد يتنازعه أكثر من طرف بغية حصد مكاسب ليست من حقه.
وإذا تحدثنا عن اللاعبين الخارجيين في الأزمة، فنجد أن اللاعب الأول هو إيران ويكشف هدفه علي أكبر ولايتي مستشار مرشد الجمهورية الإسلامية للشؤون الدولية، بقوله إن ثمة رغبة جامحة لدى الشعوب المسلمة لإقامة جبهة موحدة محورها إيران، مرجحا "أن يجعل ذاك التوجه، الإسلام أحد أقطاب العالم مستقبلا". وكعادة الإيرانيين، يضعون أمريكا في جملة سواء أكانت مفيدة أم غير مفيدة.. فولايتي الذي يعد أشهر وزير خارجية لإيران في العصر الحديث يتهم أمريكا بمحاولة تكريس سياسة القطب الواحد في العالم. غير أنه يستطرد قائلا "وهذا لا يمكن تطبيقه في الظروف الراهنة".
إذا ً.. إيران تسعى هنا جاهدة لتكوين جبهة إسلامية موحدة تكون هي قائدتها ولتكون قطبا عالميا تواجه به الولايات المتحدة، أي مشروع خلافة إسلامية ولكن ليست سنية هذه المرة وإنما شيعية، وحتى وإن لم تفصح إيران عن الهوية الطائفية، فهي بالتأكيد ستسعى نحو تكريس مسألة الطائفية فيما بعد وتتاجر بها على حساب بقية المسلمين.
وإنما نرى إيران على لسان ولايتي توجه التهم لأمريكا فقط، فهي تناست لاعبا آخر مهما في حلبة السباق نحو الفوز بالكعكة السورية.. وهي بالطبع روسيا، التي استخدمت سلاح الفيتو في مجلس الأمن للمرة الثالثة لعرقلة قرار دولي ضد نظام بشار الأسد واستخدام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
فروسيا تحاول تحقيق نقاط على حساب الولايات المتحدة، خاصة بعد اتهامها واشنطن بتبرير الإرهاب ضد الحكومة السورية، وانتقادها الدول الغربية لأنها لم تقم بإدانة الهجمات التي أسفرت عن مقتل أعضاء كبار في الدائرة المقربة للرئيس السوري بشار الأسد. وطبيعي أن تزج روسيا بالقاعدة في الصراع على خلفية كراهية الأمريكيين لهذا التنظيم الإرهابي، ولكن هذه المرة تتهم روسيا واشنطن مجددا بأنها تغض الطرف عن عمليات القاعدة ضد نظام الأسد لأن الأمر في صالحها.
من وجهة نظر روسيا، فإن الولايات المتحدة تستغل خطر حدوث المزيد من الهجمات للضغط على مجلس الأمن ليخضع خطة السلام للمبعوث الدولي كوفي عنان للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وهذا ما تعتبره موسكو أمرا شنيعا. ثم الغريب أن روسيا عادت لتكرار موقفها السابق من بشار الأسد بأن رحيل الأسد يجب ألا يكون شرطا مسبقا لحوار سياسي لإنهاء الصراع المستمر منذ أكثر من 16 شهرا، وإن السوريين وحدهم هم من يقررون مستقبل بلادهم.
وقد نشير هنا إلى حقيقة المغزى الروسي لاتهام القاعدة بالتدخل في الصراع السوري لصالح المعارضة.. ويتركز في تخويف الأمريكيين من تمويل الجيش السوري الحر أو المعارضة عموما، لأن هذا سيقف عائقا أمام أي عملية تمويل أمريكية أو حتى دولية للمعارضة السورية التي يتطلب عملها أموالا طائلة لتمويل شراء السلاح والتدريب وتمويل أعمال المخابرات وزعزعة استقرار نظام الأسد.
فالروس يعلمون مدى حساسية الأمريكيين من الحديث عن القاعدة وبالتالي، فإذا كان ثمة حديث عن مشاركة نشطاء بالقاعدة في العمليات العسكرية للمعارضة على مناطق الحدود أو حتى داخل الأراضي السورية، فإن أمريكا في هذه الحالة قد تنسحب تماما من أي مؤتمر أو منتدى أو فكرة تمويل المعارضة.. خاصة وأن واشنطن أعلنت مؤخرا أنها لن تفكر في تدخل عسكري في سوريا ما لم يكن هناك موافقة من مجلس الأمن، وبالتالي منحت واشنطن روسيا الفكرة، حيث سترفض موسكو دائما أي مشروع قرار بالتدخل العسكري.
ويبدو أن واشنطن تتعامل مع التلاسنات الروسية بحذر لأنه ربما تكون حقيقية وأن مشاركة القاعدة في الصراع أمر واقع على اعتبار أن انتماء بشار الأسد للطائفة العلوية هو أمر مشجع للقاعدة للإطاحة بهذا النظام من أجل العمل على إقامة نظام سني جديد في سوريا يكون معادلا قويا لإيران الشيعية وليكون هذا النظام الجديد أيضاً أول شوكة في الحلف الاستراتيجي بين سوريا وإيران والذي تم بناؤه منذ أواسط الثمانينيات تقريبا.
وقد نجحت روسيا في مغزاها من تخويف أمريكا من دعم المعارضة السورية على الأقل بالسلاح تحسبا لانتقال هذا السلاح وهذا الدعم إلى القاعدة فيما بعد. ولهذا رأينا المسؤولين الأمريكيين يمتنعون عن التعليق مباشرة حول إمكانية توغل مجموعات متطرفة - القاعدة - في سوريا وفي صفوف الثوار. ولكن في الوقت نفسه ترفض واشنطن أن تكون هذه ذريعة روسية في عدم العمل على إسقاط نظام الأسد ودعم الثوار.
وتعول واشنطن بشكل كبير على قدرة الثوار السوريين على السيطرة على مناطق محددة، والإبقاء على تلك السيطرة، من أجل تأسيس نقاط انطلاق ضد النظام السوري في المعارك الحاسمة لإسقاطه. ولكن الناطقة باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند، التي أكدت أن نظام الأسد يفقد السيطرة بشكل متصاعد عن أجزاء من الأراضي السورية، لم توضح بالضبط ما شكل الدعم الذي ستقدمه للثوار لدعمهم في الاحتفاظ بمواقعهم الجديدة.. فهي اكتفت بالقول: " نحن ملتزمون بمساعدة المعارضة لتصبح أكثر اتحادا في خطتها السياسية، وفي التخطيط للمرحلة الانتقالية لما بعد الأسد".
اللاعبون أو الأطراف لم تنته بعد، فهناك إسرائيل بمخاوفها من السلاح الكيماوي السوري خاصة بعدما أثيرت هذه المسألة عقب تفجير دمشق وإمكانية استخدام بشار لهذا السلاح كورقة أخيرة ضد معارضيه وضد إسرائيل أيضا، وإن كان إمكانية توجيه طلقة سلاح واحدة ضد إسرائيل مسألة مستبعدة من قبل بشار لأنه يعلم جيدا أن آخرته تكون أوشكت في هذه الحالة.. فشروط شراء الأسلحة من روسيا ليس توجيهها ضد إسرائيل وإنما ضد شعبه فقط.
نحن حقيقة أمام معضلة حقيقية.. فهناك شعب يموت ورئيس يضحي بشعبه، وأعود وأذكر شعوب العرب والعالم، أن وقتنا الراهن بحاجة إلى موقف عربي قوي لمواجهة هذه الأزمة.
كيف يُساهم المجتمع في بناء نفسه؟
اهتمت الدول الغربية بنظام الوقف، وقد ساهم ذلك بفعالية في بناء المجتمع واستقلاله في إدارة شؤونه عن الدولة؛... اقرأ المزيد
84
| 08 ديسمبر 2025
اليوم الوطني.. مسيرة بناء ونهضة
أيام قليلة تفصلنا عن واحدٍ من أجمل أيام قطر، يومٌ تتزيّن فيه الدوحة وكل مدن البلاد بالأعلام والولاء... اقرأ المزيد
174
| 08 ديسمبر 2025
أنصاف مثقفين!
حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة، ولا يطالبك بأن تصفق له. أما نصف المثقف فيقف بينك... اقرأ المزيد
213
| 08 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4116
| 05 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين برحيل معالي الأستاذ الدكتور الشيخ محمد بن علي العقلا، أحد أشهر من تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، والحق أنني ما رأيت أحدًا أجمعت القلوب على حبه في المدينة المنورة لتواضعه ودماثة أخلاقه، كما أجمعت على حب الفقيد الراحل، تغمده الله بواسع رحماته، وأسكنه روضات جناته، اللهم آمين. ولد الشيخ العقلا عليه الرحمة في مكة المكرمة عام 1378 في أسرة تميمية النسب، قصيمية الأصل، برز فيها عدد من الأجلاء الذين تولوا المناصب الرفيعة في المملكة العربية السعودية منذ تأسيس الدولة. وقد تولى الشيخ محمد بن علي نفسه عمادة كلية الشريعة بجامعة أم القرى، ثم تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1428، فكان مكتبه عامرا بالضيوف والمراجعين مفتوحًا للجميع وجواله بالمثل، وكان دأبه الرد على الرسائل في حال لم يتمكن من إجابة الاتصالات لأشغاله الكثيرة، ويشارك في الوقت نفسه جميع الناس في مناسباتهم أفراحهم وأتراحهم. خرجنا ونحن طلاب مع فضيلته في رحلة إلى بر المدينة مع إمام الحرم النبوي وقاضي المدينة العلامة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ وعميد كلية أصول الدين الشيخ عبد العزيز بن صالح الطويان ونائب رئيس الجامعة الشيخ أحمد كاتب وغيرهم، فكان رحمه الله آية في التواضع وهضم الذات وكسر البروتوكول حتى أذاب سائر الحواجز بين جميع المشاركين في تلك الرحلة. عرف رحمه الله بقضاء حوائج الناس مع ابتسامة لا تفارق محياه، وقد دخلت شخصيا مكتبه رحمه الله تعالى لحاجة ما، فاتصل مباشرة بالشخص المسؤول وطلب الإسراع في تخليص الأمر الخاص بي، فكان لذلك وقع طيب في نفسي وزملائي من حولي. ومن مآثره الحسان التي طالما تحدث بها طلاب الجامعة الإسلامية أن أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأفارقة اتصل بالشيخ في منتصف الليل وطلب منه أن يتدخل لإدخال زوجته الحامل إلى المستشفى، وكانت في حال المخاض، فحضر الشيخ نفسه إليه ونقله وزوجته إلى المستشفى، وبذل جاهه في سبيل تيسير إدخال المرأة لتنال الرعاية اللازمة. شرفنا رحمه الله وأجزل مثوبته بالزيارة إلى قطر مع أهل بيته، وكانت زيارة كبيرة على القلب وتركت فينا أسنى الأثر، ودعونا فضيلته للمشاركة بمؤتمر دولي أقامته جامعة الزيتونة عندما كنت مبتعثًا من الدولة إليها لكتابة أطروحة الدكتوراه مع عضويتي بوحدة السنة والسيرة في الزيتونة، فكانت رسالته الصوتية وشكره أكبر داعم لنا، وشارك يومها من المملكة معالي وزير التعليم الأسبق والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الوالد الشيخ عبدالله بن صالح العبيد بورقة علمية بعنوان «جهود المملكة العربية السعودية في خدمة السنة النبوية» ومعالي الوالد الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، العضو السابق بهيئة كبار العلماء في المملكة، وقد قرأنا عليه أثناء وجوده في تونس من كتاب الوقف في مختصر الشيخ خليل، واستفدنا من عقله وعلمه وأدبه. وخلال وجودنا بالمدينة أقيمت ندوة لصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد آل سعود حضرها أمير المدينة يومها الأمير المحبوب عبد العزيز بن ماجد وعلماء المدينة وكبار مسؤوليها، وحينما حضرنا جعلني بعض المرافقين للشيخ العقلا بجوار المستشارين بالديوان الملكي، كما جعلوا الشيخ جاسم بن محمد الجابر بجوار أعضاء مجلس الشورى. وفي بعض الفصول الدراسية زاملنا ابنه الدكتور عقيل ابن الشيخ محمد بن علي العقلا فكان كأبيه في الأدب ودماثة الأخلاق والسعي في تلبية حاجات زملائه. ودعانا مرة معالي الشيخ العلامة سعد بن ناصر الشثري في الحرم المكي لتناول العشاء في مجلس الوجيه القطان بمكة، وتعرفنا يومها على رئيس هيئات مكة المكرمة الشيخ فراج بن علي العقلا، الأخ الأكبر للشيخ محمد، فكان سلام الناس عليه دليلا واضحا على منزلته في قلوبهم، وقد دعانا إلى زيارة مجلسه، جزاه الله خيرا. صادق العزاء وجميل السلوان نزجيها إلى أسرة الشيخ ومحبيه وطلابه وعموم أهلنا الكرام في المملكة العربية السعودية، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، اللهم تقبله في العلماء الأتقياء الأنقياء العاملين الصالحين من أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. «إنا لله وإنا إليه راجعون».
1740
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه أكثر مما ينظر إلى ما يملكه. ينشغل الإنسان بأمنياته المؤجلة، وأحلامه البعيدة ينشغل بما ليس في يده، بينما يتجاهل أعظم ما منحه الله إياه وهي موهبته الخاصة. ومثلما سأل الله موسى عليه السلام: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى﴾، فإن السؤال ذاته موجّه لكل إنسان اليوم ولكن بطريقة أخرى: ما هي موهبتك؟ وما عصاك التي بيدك؟ جوهر الفكرة ان لكل إنسان عصا. الفكرة الجوهرية لهذا المفهوم بسيطة وعميقة، لا يوجد شخص خُلق بلا قدرة وبلا موهبة وبلا شيء يتميز به، ولا يوجد إنسان وصل الدنيا فارغ اليدين. كل فرد يحمل (عصاه) الخاصة التي وهبه الله ليتكئ عليها، ويصنع بها أثره. المعلم يحمل معرفته. المثقف يحمل لغته. الطبيب يحمل علمه. الرياضي يحمل قوته. الفنان يحمل إبداعه. والأمثلة لا تنتهي ….. وحتى أبسط الناس يحملون حكمة، أو صبرًا، أو قدرة اجتماعية، أو مهارة عملية قد تغيّر حياة أشخاص آخرين. الموهبة ليست مجرد ميزة… إنها مسؤولية في عالم الإعلام الحديث، تُقدَّم المواهب غالبًا كوسيلة للشهرة أو الدخل المادي، لكن الحقيقة أن الموهبة قبل كل شيء أمانة ومسؤولية. الله لا يمنح إنسانًا قدرة إلا لسبب، ولا يضع في يدك عصا إلا لتفعل بها ما يليق بك وبها. والسؤال هنا: هل نستخدم مواهبنا لصناعة القيمة، وترك الأثر الجميل والمفيد أم نتركها مدفونة ؟ تشير الملاحظات المجتمعية إلى أن عددًا كبيرًا من الناس يهملون مواهبهم لعدة أسباب، وليس ذلك مجرد انطباع؛ فبحسب تقارير عالمية خلال عام 2023 فإن نحو 80% من الأشخاص لا يستخدمون مواهبهم الطبيعية في حياتهم أو أعمالهم، مما يعني أن أغلب البشر يعيشون دون أن يُفعّلوا العصا التي في أيديهم. ولعل أهم أسباب ذلك هو التقليل من قيمة الذات، ومقارنة النفس بالآخرين، والخوف من الفشل، وأحيانا عدم إدراك أن ما يملكه الشخص قد يكون مهمًا له ولغيره، بالإضافة إلى الاعتقاد الخاطئ بأن الموهبة يجب أن تكون شيئًا كبيرًا أو خارقًا. هذه الأسباب تحوّل العصا من أداة قوة… إلى مجرد منحوتة معلقة على جدار الديوان. إن الرسالة التي يقدمها هذا المقال بسيطة ومباشرة، استخدم موهبتك فيما يخدم الناس. ليس المطلوب أن تشق البحر، بل أن تشقّ طريقًا لنفسك أو لغيرك. ليس المطلوب أن تصنع معجزة، بل أن تصنع فارقًا. وما أكثر الفروق الصغيرة التي تُحدث أثرًا طويلًا، تعلُم وتعليم، أو دعم محتاج، خلق فكرة، مشاركة خبرة، حل مشكلة… كلها أعمال نبيلة تُجيب على السؤال الإلهي حين يُسأل الإنسان ماذا فعلت بما أعطيتك ومنحتك؟ عصاك لا تتركها تسقط، ولا تؤجل استخدامها. فقد تكون أنت سبب تغيير في حياة شخص لا تعرفه، وقد تكون موهبتك حلًّا لعُقدة لا يُحلّها أحد سواك. ارفع عصاك اليوم… فقد آن لموهبتك أن تعمل.
1593
| 02 ديسمبر 2025