رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
بدموع تملأ المآقي، وبأصوات متهدّجة لا تعلم أَتسعد حدَّ الفرح بتحرّرها من أغلال وسعير سجانٍ مشهودٍ له بالوحشية والمكر والخداع، أم تحزن حدَّ الحداد على من فقدوهم على مدار سنوات أسرهم، أو على منازلهم التي كانت تحتفظ ببعض من أصوات أحبتهم وقد باتت أثرًا بعد عين.
في جملة هذه المشاعر المتضاربة، لابد أن تتنفس الصعداء، وتنتقل الحيرة إليك أنت، أيها المتابع لمشاهد تحرير الأسرى من سجون وسجاني الاحتلال الموصومين بعار الوحشية، أولئك الذين سيحيون كذبة أنهم هم من ينشدون السلام ويبتغون له طريقًا، وهو على نقيض ممارساتهم التي لا أجد لها وصفًا في معاجم اللغة ولا في بطون أمهاتها؛ فممارساتهم استباحت الحجر قبل الشجر، ونالت من الروح قبل الجسد، بل وخدّرت بعض العقول بزعمها أنها ساعية نحو السلام في منطقتنا، رغم أن الواقع الذي نحياه لا يحتاج إلى كثير براهين دامغة تؤكد عكس ما تروجه الرواية الصهيونية المشبعة بالفاشية، والمتوشحة بعباءة النازية.
كانت مشاهد الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين الـ1968 أسيرًا من سجون الاحتلال، وفق اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي أُعلن مؤخرًا، مؤلمةً بقدر ما تخلّلها بعضٌ من الفرح، أجسادٌ نحيلة تتمايل بخطواتٍ متردّدة على أرضٍ فقدت معالمها، وجوهٌ شاحبة وقعت فريسة القهر، وعيونٌ غائرة تبحث عن أملٍ في عيون ذويها. وبينما علت أصوات التكبير والزغاريد، كان في الخلفية وجعٌ خفيّ، لاسيّما لدى الأسرى الذين توجّهوا إلى غزة، وجعٌ تسلّل إلينا رغم فرحتنا بتحرّيرهم، لأننا نعلم أن فرحتهم ستُبتر عندما يعلمون كم فقدوا من ذويهم، بل إنّ بعضهم فقد أُسرًا بأكملها، وراحت ذكرياته دعسًا تحت أنقاض منزله ومنزل أجداده، ليجد نفسه أسير واقع أشد مرارة من الأسر.
المفارقة المرّة أن لحظة التحرير هذه جاءت بعد أحد أكثر الأعوام قسوةً في ذاكرة الفلسطينيين. فمنذ اندلاع العدوان في أكتوبر 2023، لم تتوقف آلة الحرب عن طحن الأرواح، ولا السجون عن ابتلاع الأجساد. واليوم، حين يُفتح باب الزنزانة، يشعر الأسير أنه يخرج من قبرٍ إلى المجهول؛ فأنقاض الوطن نكبة من نوع آخر، والهواء الحرّ مشبَعٌ برائحة غياب الأحباب.
نتابع من وراء الشاشات وتغمرنا موجةٌ من المشاعر المتناقضة، الدموع تنهمر بلا إذن دموعُ فرحٍ لأنهم خرجوا، ودموعُ قهرٍ لأن الوطن ما زال أسير نازيةٍ قذرةٍ لا تعرف للسلام طريقًا، لنتساءل: ما معنى الحرية إن كانت مشروطةً بإبعادك عن أرضك؟ فقد كان مصير 154 أسيرًا الإبعادَ عن فلسطين إلى مصر وفق آخر معلومات، ومن بينهم أربعة أسرى من المحكومين بالمؤبد، وكانوا مثالًا حيًّا لما عاشه الأسرى من ألمٍ لم يُفارقه الأمل، وهم: سمير أبو نعمة، محمود عيسى، باهر بدر، ومحمد أبو طبيخ، وأيضا كان بطلا نفق الحرية أيهم كممجي ومحمود العارضة، إنّ المشهد الفلسطيني في هذه اللحظات يختصر مأساة أمةٍ بأكملها؛ فالأسرى المحررون ليسوا مجرد أرقامٍ في قوائم الصفقة، إنهم شهودٌ على خذلان العالم وصمته الطويل، يخرجون من سجون الاحتلال التي تُسمّى زورًا «مراكز احتجاز»، بينما هي «مسالخ» لإزهاق أرواح الفلسطينيين شيئًا فشيئًا، كنزع الروح من الجسد. يخرجون وذاكرتهم لا تزال تجوب حارات فلسطين ومدنها العتيقة المشبعة برائحة الأرض والذاكرة.
أما السياسي الغربي الذي يتحدّث عن «السلام في الشرق الأوسط»، فلم يرَ وجوه هؤلاء الأسرى، ولم يرَ كيف يمدّ أحدهم يده المرتجفة ليعانق أمًّا شاخت وهي تنتظر، أو كيف يضع آخر رأسه على كتف أخيه ويبكي بصمتٍ لم يعرفه منذ سنوات، أو ذاك الذي يفجع باستشهاد شقيقه قبل الإفراج عنه بساعات. تلك التفاصيل الصغيرة وراءها وجعٌ كبير، وهي وحدها القادرة على كشف وجه الاحتلال مهما تجمّل بلغة القانون والاتفاقات؛ فجوهره القهر والحقد، مهما تلثّم بالسلام، لكنه يرنو نحو النهاية بقدميه، وهذا وعد الله.
إنّ المشاهد التي رأيناها ليست نهاية الحكاية، بل بداية فصلٍ جديد من فصول المقاومة؛ فالفلسطيني الذي خرج من الأسر يدرك أن الطريق ما زال طويلًا، وأن معركته لم تنتهِ بخروجه، بل تبدأ الآن: معركة البقاء، ومعركة استعادة الأرض، ومعركة التمسّك بالذاكرة في وجه من يريد محوها. ونحن، من وراء الشاشات، نعيش الصراع ذاته: بين دموع الفرح ودموع الحزن، بين الرغبة في التصفيق والخوف من أن يتكرر المشهد غدًا بأسماء جديدة. لكننا نعرف، كما يعرفون، أن الحرية الفلسطينية لا تموت، وأن كل أسيرٍ يخرج هو شاهدٌ حي على أن هذا الوطن، مهما طال ليله، فالفجر آتٍ لا محالة.
ختامًا..
كان لا بد أن تُختتم هذه الترويدة بصوت الأسير المحرَّر أيهم كممجي، الذي كتب أبياتًا في زنزانته وأكملها بعد نيله الحرية، قائلًا:
مرجُ ابن عامر قُم وحدّث قصةً
أبطالُها نفروا إلى الرحمنِ
ما همُّهم بيتُ الطغاةِ وسجنُهم
عافوا قيودَ الذلِّ والحرمانِ
فالحرُّ يأبى أن يكون مقيدًا
والصقرُ يأنفُ ذلّةَ الخرفانِ
هل تجرأت وقلت «الله»!
هل تجرأت وقلت «الله».. والإيمان! بهذا التساؤل التهكُمي يختم الإعلامي والناقد الأمريكي الساخر جيم بروير فيديو ينتقد فيه... اقرأ المزيد
36
| 31 ديسمبر 2025
وإنه لنصر لأبي عبيدة أو استشهاد
«مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا... اقرأ المزيد
39
| 31 ديسمبر 2025
على عتبة عام جديد.. أمل يتجدد
يفصلنا يوم واحد عن نهاية عام وبداية عام جديد، يوم في الوعي الإنساني كلحظة فاصلة، تشبه الوقوف عند... اقرأ المزيد
33
| 31 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
صحفية فلسطينية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة ضرورية للطلبة والأسر، لكنها في الوقت ذاته تُعد محطة حساسة تتطلب قدراً عالياً من الوعي في كيفية التعامل معها. فهذه الإجازات، على قِصر مدتها، قد تكون عاملاً مساعداً على تجديد النشاط الذهني والنفسي، وقد تتحول إن أُسيء استغلالها إلى سبب مباشر في تراجع التحصيل الدراسي وصعوبة العودة إلى النسق التعليمي المعتاد. من الطبيعي أن يشعر الأبناء برغبة في كسر الروتين المدرسي، وأن يطالبوا بالسفر والتغيير، غير أن الانصياع التام لهذه الرغبات دون النظر إلى طبيعة المرحلة الدراسية وتوقيتها يحمل في طياته مخاطر تربوية لا يمكن تجاهلها. فالسفر إلى دول تختلف بيئتها ومناخها وثقافتها عن بيئتنا، وفي وقت قصير ومزدحم دراسياً، يؤدي غالباً إلى انفصال ذهني كامل عن أجواء الدراسة، ويضع الطالب في حالة من التشتت يصعب تجاوزها سريعاً عند العودة. توقيت الإجازة وأثره المباشر على المسار الدراسي التجربة التربوية تؤكد أن الطالب بعد الإجازات القصيرة التي تتخلل العام الدراسي يحتاج إلى قدر من الاستقرار والروتين، لا إلى مزيد من التنقل والإرهاق الجسدي والذهني. فالسفر، مهما بدا ممتعاً، يفرض تغييرات في مواعيد النوم والاستيقاظ، ويُربك النظام الغذائي، ويُضعف الالتزام بالواجبات والمتابعة الدراسية، وهو ما ينعكس لاحقاً على مستوى التركيز داخل الصف، ويجعل العودة إلى الإيقاع المدرسي عملية بطيئة ومجهدة. وتكمن الخطورة الحقيقية في أن هذه الإجازات لا تمنح الطالب الوقت الكافي للتكيّف مرتين: مرة مع السفر، ومرة أخرى مع العودة إلى المدرسة. فيضيع جزء غير يسير من زمن الفصل الدراسي في محاولة استعادة النشاط الذهني والانخراط مجدداً في الدروس، وهو زمن ثمين كان الأولى الحفاظ عليه، خصوصاً في المراحل التي تكثر فيها الاختبارات والتقييمات. قطر وجهة سياحية غنية تناسب الإجازات القصيرة في المقابل، تمتلك دولة قطر بيئة مثالية لاستثمار هذه الإجازات القصيرة بشكل متوازن وذكي، فالأجواء الجميلة خلال معظم فترات العام، وتنوع الوجهات السياحية والترفيهية، من حدائق ومتنزهات وشواطئ ومراكز ثقافية وتراثية، تمنح الأسر خيارات واسعة لقضاء أوقات ممتعة دون الحاجة إلى مغادرة البلاد. وهي خيارات تحقق الترفيه المطلوب، وتُشعر الأبناء بالتجديد، دون أن تخلّ باستقرارهم النفسي والتعليمي. كما أن قضاء الإجازة داخل الوطن يتيح للأسرة المحافظة على جزء من الروتين اليومي، ويمنح الأبناء فرصة للعودة السلسة إلى مدارسهم دون صدمة التغيير المفاجئ. ويمكن للأسر أن توظف هذه الفترة في أنشطة خفيفة تعزز مهارات الأبناء، مثل القراءة، والرياضة، والأنشطة الثقافية، وزيارات الأماكن التعليمية والتراثية، بما يحقق فائدة مزدوجة: متعة الإجازة واستمرارية التحصيل. ترشيد الإنفاق خلال العام الدراسي ومن زاوية أخرى، فإن ترشيد الإنفاق خلال هذه الإجازات القصيرة يمثل بُعداً مهماً لا يقل أهمية عن البعد التربوي. فالسفر المتكرر خلال العام الدراسي يستهلك جزءاً كبيراً من ميزانية الأسرة، بينما يمكن ادخار هذه المبالغ وتوجيهها إلى إجازة صيفية طويلة، حيث يكون الطالب قد أنهى عامه الدراسي، وتصبح متطلبات الاسترخاء والسفر مبررة ومفيدة نفسياً وتعليمياً. الإجازة الصيفية، بطولها واتساع وقتها، هي الفرصة الأنسب للسفر البعيد، والتعرف على ثقافات جديدة، وخوض تجارب مختلفة دون ضغط دراسي أو التزامات تعليمية. حينها يستطيع الأبناء الاستمتاع بالسفر بكامل طاقتهم، وتعود الأسرة بذكريات جميلة دون القلق من تأثير ذلك على الأداء المدرسي. دور الأسرة في تحقيق التوازن بين الراحة والانضباط في المحصلة، ليست المشكلة في الإجازة ذاتها، بل في كيفية إدارتها، فالإجازات التي تقع في منتصف العام الدراسي ينبغي أن تُفهم على أنها استراحة قصيرة لإعادة الشحن، لا قطيعة مع المسار التعليمي. ودور الأسرة هنا محوري في تحقيق هذا التوازن، من خلال توجيه الأبناء، وضبط رغباتهم، واتخاذ قرارات واعية تضع مصلحة الطالب التعليمية في المقام الأول، دون حرمانه من حقه في الترفيه والاستمتاع. كسرة أخيرة إن حسن استثمار هذه الإجازات يعكس نضجاً تربوياً، ووعياً بأن النجاح الدراسي لا يُبنى فقط داخل الصفوف، بل يبدأ من البيت، ومن قرارات تبدو بسيطة، لكنها تصنع فارقاً كبيراً في مستقبل الأبناء.
2019
| 24 ديسمبر 2025
حين تُذكر قمم الكرة القطرية، يتقدّم اسم العربي والريان دون استئذان. هذا اللقاء يحمل في طيّاته أكثر من مجرد ثلاث نقاط؛ إنها مواجهة تاريخية، يرافقها جدل جماهيري ممتد لسنوات، وسؤال لم يُحسم حتى اليوم: من يملك القاعدة الجماهيرية الأكبر؟ في هذا المقال، سنبتعد عن التكتيك والخطط الفنية، لنركز على الحضور الجماهيري وتأثيره القوي على اللاعبين. هذا التأثير يتجسد في ردود الأفعال نفسها: حيث يشدد الرياني على أن "الرهيب" هو صاحب الحضور الأوسع، بينما يرد العرباوي بثقة: "جمهورنا الرقم الأصعب، وهو ما يصنع الفارق". مع كل موسم، يتجدد النقاش، ويشتعل أكثر مع كل مواجهة مباشرة، مؤكدًا أن المعركة في المدرجات لا تقل أهمية عن المعركة على أرضية الملعب. لكن هذه المرة، الحكم سيكون واضحًا: في مدرجات استاد الثمامة. هنا فقط سيظهر الوزن الحقيقي لكل قاعدة جماهيرية، من سيملأ المقاعد؟ من سيخلق الأجواء، ويحوّل الهتافات إلى دعم معنوي يحافظ على اندفاع الفريق ويزيده قوة؟ هل سيتمكن الريان من إثبات أن جماهيريته لا تُنافس؟ أم سيؤكد العربي مجددًا أن الحضور الكبير لا يُقاس بالكلام بل بالفعل؟ بين الهتافات والدعم المعنوي، يتجدد النقاش حول من يحضر أكثر في المباريات المهمة، الريان أم العربي؟ ومن يمتلك القدرة على تحويل المدرج إلى قوة إضافية تدفع فريقه للأمام؟ هذه المباراة تتجاوز التسعين دقيقة، وتتخطى حدود النتيجة. إنها مواجهة انتماء وحضور، واختبار حقيقي لقوة التأثير الجماهيري. كلمة أخيرة: يا جماهير العربي والريان، من المدرجات يبدأ النصر الحقيقي، أنتم الحكاية والصوت الذي يهز الملاعب، احضروا واملأوا المقاعد ودعوا هتافكم يصنع المستحيل، هذه المباراة تُخاض بالشغف وتُحسم بالعزيمة وتكتمل بكم.
1629
| 28 ديسمبر 2025
أرست محكمة الاستثمار والتجارة مبدأ جديدا بشأن العدالة التعاقدية في مواجهة « تغول» الشروط الجاهزة وذلك برفض دعوى مطالبة احتساب الفوائد المتراكمة على البطاقة الائتمانية. فقد شهدت أروقة محكمة الاستثمار والتجارة مؤخراً صدور حكم قضائي لا يمكن وصفة إلا بأنه «انتصار للعدالة الموضوعة « على حساب « الشكليات العقدية» الجامدة، هذا الحكم الذي فصل في نزاع بين إحدى شركات التأمين وأحد عملائها حول فوائد متراكمة لبطاقة ائتمانية، يعيد فتح الملف الشائك حول ما يعرف قانوناً بـ «عقود الإذعان» ويسلط الضوء على الدور الرقابي للقضاء في ضبط العلاقة بين المؤسسات المالية الكبرى والأفراد. رفض المحكمة لاحتساب الفوائد المتراكمة ليس مجرد قرار مالي، بل هو تقويم مسار»، فالفائدة في جوهرها القانوني يجب أن تكون تعويضا عن ضرر او مقابلا منطقيا للائتمان، أما تحولها إلى إدارة لمضاعفة الديون بشكل يعجز معه المدين عن السداد، فهو خروج عن وظيفة الائتمان الاجتماعية والاقتصادية. إن استقرار التعاملات التجارية لا يتحقق بإطلاق يد الدائنين في صياغة الشروط كما يشاءون، بل يتحقق بـ « الثقة» في أن القضاء يقظ لكل انحراف في استعمال الحق، حكم محكمة الاستثمار والتجارة يمثل نقلة نوعية في تكريس «الأمن العقدي»، ويؤكد أن العدالة في قطر لا تقف عند حدود الأوراق الموقعة، بل تغوص في جوهر التوازن بين الحقوق والالتزامات. لقد نجح مكتب «الوجبة» في تقديم نموذج للمحاماة التي لا تكتفي بالدفاع، بل تشارك في «صناعة القضاء» عبر تقديم دفوع تلامس روح القانون وتحرك نصوصه الراكدة. وتعزز التقاضي وفقا لأرقى المعايير.
1149
| 24 ديسمبر 2025