رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تأسست الجمهورية التركية الجديدة في ظل معاهدة لوزان بعد الحرب العالمية الأولى، وقد أُسس حزب الشعب الجمهوري (Cumhuriyet Halk Fırkası) من قبل مصطفى كمال أتاتورك في 9 سبتمبر 1923 قبل إعلان الجمهورية التركية الجديدة في 29 أكتوبر 1923. كان الهدف الرئيسي للحزب هو بناء نظام جديد على نموذج استبدادي، قائم على مبادئ التغريب والعلمانية والقومية. كما حافظ الحزب على إرث جمعية الاتحاد والترقي الذي قاد البلاد خلال العقد الأخير بعد السلطان عبد الحميد.
بعد تنفيذ نموذج التغريب بشكل كامل، حكم حزب الشعب الجمهوري البلاد لمدة ثلاثة عقود بسيطرة محكمة. كان على حزب الشعب الجمهوري أن يقبل بحكم متعدد الأحزاب تحت ضغوط الغرب لأن الحزب كان يطمح للانضمام إلى المعسكر الغربي في ظل أجواء الحرب الباردة. في انتخابات خمسينيات القرن العشرين، قَبل حزب الشعب الجمهوري فوز حزب عدنان مندريس الديمقراطي. لكن حزب الشعب الجمهوري لم يعترف أبدا بشكل كامل بحكم الأحزاب الأخرى التي رأت أنها معادية للثورة لأنه رأى نفسه كحركة إصلاحية.
بعد أن أدرك الحزب أنه ليس لديه فرصة للفوز بالانتخابات مرة أخرى في تركيا، وقف حزب الشعب الجمهوري إلى جانب الانقلاب العسكري عام 1960 الذي أطاح بمندريس. وبدعم من حلف شمال الأطلسي، ترك الجيش السُلطة للمدنيين من خلال فرض الوصاية العلمانية على النظام الديمقراطي. ظلت العلمانية مثل سيف الديمقراطيين فوق الديمقراطية والدين. جميع التدخلات العسكرية التي حدثت بتركيا كان هدفها حماية العلمانية ودعم حزب الشعب الجمهوري بشكل مباشر أو غير مباشر. باستثناء، حين قاد بولنت أجاويد الجمهور ومحاولته بأن لا يُعادي الجمهور التركي المحافظ في سبعينيات القرن العشرين.
لم يرضخ أجاويد للإملاءات الغربية في السياسة التركية بل أمر بعملية عسكرية في قبرص ضد رغبات الغرب. أدى الانقلاب العسكري عام 1980 إلى تشتت جميع الأحزاب بما في ذلك حزب الشعب الجمهوري وحافظ دستور عام 1982 على الوصاية العلمانية والعسكرية في النظام. قام تورغوت أوزال الذي فاز في الانتخابات في عام 1983 بتوسيع المجال السياسي للمدنيين. سمح التعديل الدستوري بإعادة تأسيس الأحزاب القديمة حيث تأسس حزب الشعب الجمهوري مرة أخرى في عام 1992 ثم اندمج مع حزب الشعب الديمقراطي الاجتماعي تحت قيادة دنيز بايكال.
حافظ دنيز بايكال على سياسات علمانية الراديكالية في عام 2000 حيث كانت حكومة حزب العدالة والتنمية تحاول التخفيف من حدة هذه السياسات للسماح بالتعليم الديني وارتداء الحجاب. وقف حزب الشعب الجمهوري بزعامة دنيز بايكال إلى جانب الوصاية العسكرية العلمانية عندما اصطدم حزب العدالة والتنمية بالجيش في عام 2007، مما جعل هناك فجوة مستمرة بين حزب الشعب الجمهوري وعامة الناس. جاء الصعود المفاجئ لكمال كليتشدار أوغلو إلى قيادة حزب الشعب الجمهوري بعد الفضيحة الجنسية لدنيز بايكال في عام 2010. على الرغم من أصله العلماني والكردي العلوي، حاول كليجدار أوغلو الانفتاح على الأغلبية السنية وحقق بعض الشعبية لكنه استمر في خسارة الانتخابات الرئيسية.
من خلال المراهنة على المشاكل الاقتصادية الناجمة عن كورونا والحرب على أوكرانيا والزلزال الكبير الذي أصاب تركيا، أصر كليجدار أوغلو على ترشيح نفسه للرئاسة وتجاهل الاقتراحات الأخرى الممكنة (مثل أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول) داخل حزبه والطاولة السداسية خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الحاسمة هذا العام. خسر كليجدار أوغلو الانتخابات مرة أخرى لكنه لم يركز على ذلك لأنه زاد من نسبة الحزب. لإزالة الضغط عن نفسه دعا كليجدار أوغلو إلى عقد مؤتمر للحزب. فاز في المؤتمر أوزغور أوزيل بمنصب رئيس حزب الشعب الجمهوري في انتصار مفاجئ حيث يسيطر كليجدار أوغلو على ممثلي المحافظات. أوزيل صيدلي وسياسي من مانيسا في غرب تركيا وكان جزءا من إدارة حزب الشعب الجمهوري لفترة طويلة. يبدو أن أوزيل فاز بدعم من أكرم إمام أوغلو، لكن الصورة الحالية وتصريحاته العامة لا تشير إلى أي تحول جذري في سياسات حزب الشعب الجمهوري التي توصف بأنها موالية للغرب في السياسة الخارجية والتوجه العلماني في السياسات الداخلية.
حزب الشعب الجمهوري وقيادته الجديدة يشعرون بحاجة ماسة للفوز في الانتخابات المحلية المقبلة وذلك للضغط على أردوغان. ومع ذلك، فإن تحالف «الطاولة السداسية» ليس واضحا بعد الهزيمة الأخيرة لأنهم سيسعون للحصول على دعم جميع أحزاب المعارضة غير المتماسكة ضد حزب العدالة والتنمية. إلى جانب إزمير، يريدون الاحتفاظ باسطنبول وأنقرة ولكن هذا ليس بالأمر السهل بسبب أدائهم الضعيف هناك. إن خسارتهم لإسطنبول أو أنقرة ستحدد مستقبل القيادة الجديدة في حزب الشعب الجمهوري والسياسة التركية. إن شخصية أوزغور أوزيل ليست شخصية كاريزمية كبيرة ولكن قد يكون لديه ميزة كونه شابا على عكس كليجدار أوغلو وأردوغان. كل النتائج سيتم تحديدها بناءً على نتيجة الانتخابات المقبلة والعلاقات بين أوزيل وإمام أوغلو.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أستاذ العلاقات الدولية بجامعة إسطنبول
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6600
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6480
| 24 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع في القلب وجعًا عميقًا يصعب نسيانه.. في الجولة الثالثة من دوري أبطال آسيا للنخبة، كانت الصفعة مدوية! الغرافة تلقى هزيمة ثقيلة برباعية أمام الأهلي السعودي، دون أي رد فعل يُذكر. ثم جاء الدور على الدحيل، الذي سقط أمام الوحدة الإماراتي بنتيجة ٣-١، ليظهر الفريق وكأنه تائه، بلا هوية. وأخيرًا، السد ينهار أمام الهلال السعودي بنفس النتيجة، في مشهد يوجع القلب قبل العين. الأداء كان مخيبًا بكل ما تحمله الكلمة من وجع. لا روح، لا قتال، لا التزام داخل المستطيل الأخضر. اللاعبون المحترفون الذين تُصرف عليهم الملايين كانوا مجرد ظلال تتحرك بلا هدف و لا حس، ولا بصمة، ولا وعي! أما الأجهزة الفنية، فبدت عاجزة عن قراءة مجريات المباريات أو توظيف اللاعبين بما يناسب قدراتهم. لاعبون يملكون قدرات هائلة ولكن يُزج بهم في أدوار تُطفئ طاقتهم وتشل حركتهم داخل المستطيل الأخضر، وكأنهم لا يُعرفون إلا بالاسم فقط، أما الموهبة فمدفونة تحت قرارات فنية عقيمة. ما جرى لا يُحتمل. نحن لا نتحدث عن مباراة أو جولة، بل عن انهيار في الروح، وتلاشي في الغيرة، وكأن القميص لم يعد له وزن ولا معنى. كم كنا ننتظر من لاعبينا أن يقاتلوا، أن يردّوا الاعتبار، أن يُسكتوا كل من شكك فيهم، لكنهم خذلونا، بصمت قاسٍ وأداء بارد لا يشبه ألوان الوطن. نملك أدوات النجاح: المواهب موجودة، البنية التحتية متقدمة، والدعم لا حدود له. ما ينقصنا هو استحضار الوعي بالمسؤولية، الالتزام الكامل، والقدرة على التكيّف الذهني والبدني مع حجم التحديات. نحن لا نفقد الأمل، بل نطالب بأن نرى بشكل مختلف، أن يعود اللاعبون إلى جوهرهم الحقيقي، ويستشعروا معنى التمثيل القاري بما يحمله من شرف وواجب. لا نحتاج استعراضًا، بل احترافًا ناضجًا يليق باسم قطر، وبثقافة رياضية تعرف كيف تنهض من العثرات لتعود أقوى. آخر الكلام: هذه الجولة ليست سوى بداية لإشراقة جديدة، وحان الوقت لنصنع مجدًا يستحقه وطننا، ويظل محفورًا في ذاكرته للأجيال القادمة.
3189
| 23 أكتوبر 2025