رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
سلطت وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد آند بورز الضوء على التمويل الخارجي في النظام المصرفي القطري باعتباره مؤشرًا سلبيًا للمخاطر، وهو ما أثار نقطة مهمة للنقاش. وكانت الوكالة قد أدرجت قطر خلال شهر أبريل الماضي ضمن قائمة تضم سبعة أسواق ناشئة تتعرض لمخاطر بسبب حجم التمويل الخارجي للقطاع المصرفي، كما تناولت هذه المسألة في تقريرها الائتماني عن دولة قطر الصادر بتاريخ 8 مايو.
ويبدو هذا حكمًا سلبيًا للغاية، لأنه يقلل من أهمية نقاط القوة التي تتمتع بها دولة قطر، والتي تشمل: الفوائض الجيدة في الميزانية وارتفاع الحساب الجاري، والتصنيف الائتماني المتميز الذي وصل إلى مستوى AA، وارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وخفض مستوى الدين الوطني، ووجود صندوق ثروة سيادي يدار بشكل جيد ويتميز بأصوله الكبيرة. وفي الماضي القريب، نجحت الحكومة والنظام المصرفي في تجاوز الصدمات الاقتصادية والاستجابة لها بفعالية.
لشرح الموضوع بشكل مبسط، تعتمد البنوك على أربعة مصادر رئيسية للتمويل وهي: الودائع من العملاء (الأفراد والمؤسسات)، والاقتراض الخارجي في شكل سندات وأدوات الدين، ورأس المال، والخطوط الائتمانية بين البنوكInterbank، التي تستمر عادةً لفترة قصيرة تتراوح ما بين يوم إلى شهر. وكان التقرير الصادر عن وكالة ستاندرد آند بورز في شهر مايو الماضي قد سلط الضوء على حجم الودائع قصيرة الأجل لغير المقيمين والخطوط الائتمانية بين البنوك، مشيرًا إلى أن البنوك القطرية "قد تتعرض للخطر بفعل التحولات في مشاعر المستثمرينInvestor sentiment” ".
ورغم أنه يمكن القول إن المخاطرة مبالغ فيها، فإن التقرير يشير إلى ملاحظة مهمة في الاقتصاد القطري. فقد ارتفعت معدلات الإقراض من قبل البنوك بالريال القطري، ولم يقابله نمو متساوٍ للتمويل المحلي “Bond and Debt instruments” بالريال القطري. ولا يزال مصرف قطر المركزي، حتى وقت قريب، هو الجهة الوحيدة التي تصدر سندات بالريال القطري لفترات قصيرة وطويلة الاجل، وكان المستثمرون فيها البنوك المحلية، ورغم إدراجها فإنها لا تكاد تتداول في السوق الثانوية، مع الإشارة إلى أن البنك التجاري القطري كان أول من قدَّم سندات بالريال القطري هذه السنة.
وفي الماضي، لم يواكب مصرف قطر المركزي إجراءات رفع أسعار الفائدة أو خفضها التي اعتمدها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، على الرغم من ربط الريال القطري بالدولار الأمريكي. وقد تسبب ذلك في توفير حافز للاقتراض بالعملة الأجنبية، لأنه أرخص من الاقتراض بالريال القطري. وقد تغير هذا الأمر خلال السنوات الثلاث الماضية حيث بات مصرف قطر المركزي أكثر تفاعلاً مع قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بما يخدم الاقتصاد المحلي والاستقرار النقدي.
وإلى حد ما، لا يوجد تمويل محلي للبنوك بالريال القطري من خلال إصدار السندات بسبب عدم تواجده على نطاق واسع على الأقل. وفي ظل السيولة المحدودة، لا تكون جهات إصدار السندات على يقين من إمكانية وجود مشترين عند طرح هذه السندات للبيع، وهو ما يمنع تلك الأطراف من الاستثمار في المقام الأول. ويجب أن يكون هناك جهد واعٍ لبناء حجم من رأس المال والمستثمرين لضمان أداء السوق لوظيفتها، وهو ما سيتسبب بدوره في استقطاب الآخرين. وحسبما تبدو الأمور، لا يختلف السعر المطروح للسندات المحلية عن السعر الذي يُحصَّل على الودائع النقدية، الذي يتوفر على الفور، لذلك يكون هناك حافز ضئيل لحجز رأس المال لمدة ثلاث سنوات أو نحو ذلك من قبل المستثمرين. ويجب تعزيز وعي المستثمرين المحليين بمزايا السندات وأنها بدائل استثمارية للأسهم والعقارات، بالإضافة إلى انخفاض مخاطرها وتوفيرها لتدفقات نقدية ثابتة، خاصة للأفراد الباحثين عن استثمارات طويلة الاجل للتقاعد.
ولكي يتطور سوق السندات، يجب أن يتغير القانون المحلي ليسهل على البنوك والشركات إصدار السندات وإدراجها في الأسواق المحلية. ويتطلب الأمر تطبيق قواعد جديدة فيما يتعلق بتصنيف سندات الشركات المدرجة بالريال القطري، وقد أقر بذلك السيد عبد العزيز ناصر العمادي، الرئيس التنفيذي بالإنابة لبورصة قطر. وقد يعني تطور هذا السوق الاعتماد بشكل أقل على التمويل المصرفي للشركات من البنوك، وهوما قد يساهم في خفض تكلفة التمويل ويساعد في مكافحة التضخم الناتج عن ارتفاع تكاليف الدين.
ومع تطور سوق السندات، رغم أنه قد يكون من المغري تقديم علاوة على أسعار الدولار، فمن الأفضل التفكير على المدى الطويل والسعي لمطابقة الأسعار، أو تقديم علاوة صغيرة فقط. ويتسبب المعدل الأعلى في إمكانية حدوث الخطر المتمثل في جذب مبالغ كبيرة من الأموال الساخنة. ويجب أن يتماشى سعر الإقراض بالريال القطري مع سعر التمويل السريع المضمون للدولار (SOFR)، أو ربما مع تقديم علاوة صغيرة جدًا، كما هو الحال في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.
ويتميز السوق الناضج بمنحنى سعر الفائدة؛ أي المعدلات المقررة لفترات مدتها سنة واحدة وثلاث سنوات وخمس سنوات. وتعتمد هذه المعدلات على إصدارات السندات التي يقرها مصرف قطر المركزي، والتي لا تتوفر للقطاع الخاص. وهناك حاجة أيضًا لتقديم ضمانات بشأن قابلية تحويل العملات الأجنبية، بحيث يمكن تحويل السندات بالريال إلى الدولار الأمريكي عند استحقاقها. وتقدم بعض حكومات الأسواق الناشئة ضمانًا على سعر معتمد للصرف عند الاستحقاق. وفي حالة قطر، هناك ربط للريال القطري بالدولار الأمريكي مما يوفر نفس الطمأنينة للمستثمرين الاجانب. ولا توجد ضوابط مفروضة على رأس المال في قطر، وهو ما يوفر حافزًا آخر للمستثمرين. ويُمثل استقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر جزءًا أساسيًا من استراتيجية الحكومة.
وكانت هيئة قطر للأسواق المالية قد ذكرت في تقريرها السنوي أن سوق رأس المال القطري اجتذب استثمارات أجنبية تمثل صافي شراء أوراق مالية مدرجة في السوق بقيمة تقارب 15.8 مليار ريال قطري (4.3 مليار دولار)، بزيادة نسبتها 42٪ عن الأرقام المسجلة في عام 2022. وفي الختام، إلى جانب دوره في تعزيز مرونة البنوك القطرية، سيكون لسوق السندات الناضج بالعملة المحلية فوائد إضافية، حيث سيعزز من قوة الريال، وسيتيح الفرصة للدوحة لكي تصبح مركزًا ماليًا راسخًا في المنطقة.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تويتر @Fahadbadar
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6696
| 27 أكتوبر 2025
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع تحت وهج الشمس، تُقاد من بعيدٍ بإشاراتٍ باردةٍ لا تعرف الرحمة. تطير ولا تفكر، تضرب ولا تتردد، تعود أحيانًا أو ربما تنتحر. لا فرحَ بالنصر، ولا ندمَ على الدم. طائراتٌ بلا طيارٍ، ولكنها تذكّرنا بالبشر الذين يسيرون على الأرض بلا وعيٍ ولا بوصلة. لقد صار في الأرض مسيَّراتٌ أخرى، لكنها من لحمٍ ودم، تُدار من وراء الشاشات، وعبر المنصات، حيث تُضغط أزرار العقول وتُعاد برمجتها بصمتٍ وخُبث. كلاهما – الآلة والإنسان – مُسيَّر، غير أن الثانية أخطر، لأنها تغتال العقل قبل الجسد، وتُطفئ الوعي قبل الحياة، وتستهدف الصغير قبل الكبير، لأنه الهدف الأغلى عندها. تحوّل الإنسان المعاصر شيئًا فشيئًا إلى طائرةٍ بشريةٍ بلا طيار، يُقاد من برجٍ افتراضي لا يُرى، اسمه “الخوارزميات”، تُرسل إليه الأوامر في هيئة إشعاراتٍ على هاتفه أو جهازه الذي يعمل عليه، فيغيّر مساره كما تُغيّر الطائرة اتجاهها عند تلقّي الإشارة. يغضب حين يُؤمر، ويُصفّق حين يُطلب منه التصفيق، ويتحدث بلسان غيره وهو يظن أنه صوته. صار نصفه آليًّا ونصفه الآخر بشريًّا، مزيجًا من لحمٍ وإشارة، من شعورٍ مُبرمجٍ وسلوكٍ مُوجَّه. المسيرة حين تُطلِق قذيفتها أو تصطدم تُحدث دمارًا يُرى بالعين، أمّا المسيرة البشرية فحين تُطلِق كلمتها تُحدث دمارًا لا يُرى، ينفجر في القيم والمبادئ، ويترك رمادًا في النفوس، وشظايا في العقول، وركامًا من الفوضى الأخلاقية. إنها تخترق جدران البيوت وتهدم أنفاق الخصوصية، وتصنع من النشء جنودًا افتراضيين بلا أجر، يحملون رايات التدمير وهم يظنون أنهم يصنعون المجد. المسيرة المعدنية تحتاج إلى طاقةٍ لتطير، أمّا المسيرة البشرية فتحتاج فقط إلى “جهلٍ ناعمٍ” يجعل أفئدتها هواءً. ويُخيَّل للمرء أن العالم بأسره قد صار غرفةَ تحكّمٍ واحدة، تُدار بمنهجٍ وفكرٍ وخطة، وأننا جميعًا طائراتٌ صغيرة تدور في مساراتٍ مرسومة، لا تملك حرية رفرفة جناحٍ واحدةٍ خارج هذه الحدود. من يملك الإعلام يملك السماء، ومن يملك البيانات يملك العقول، ومن يملك كليهما، هنا يكمن الخطرُ كلُّه. لكن السؤال الذي يفرض نفسه: كيف نحمي أبناءنا ومجتمعاتنا من أن يصبحوا مسيَّراتٍ بشريةً أخرى؟ كيف نُعيد إليهم جهاز الملاحة الداخلي الذي خُطِف من أيديهم؟ الجواب يبدأ من التربية الواعية التي تُعلّم الطفل أن يسأل قبل أن يُصدّق، وأن يتحقّق قبل أن ينقل، وأن يفكّر قبل أن يحكم. نحتاج إلى مؤسساتٍ وهيئاتٍ تُنمّي مهارة التفكير النقدي، وإعلامٍ يُحرّر لا يُبرمج، وأُسَرٍ تُعلّم أبناءها التمييز بين الصوت الحقيقي وضجيج التقليد، وبين المنابر الحرة والخُطب المصنوعة. فالوعي لا يُوهَب، بل يُصنَع بالتجربة والتأمل والسؤال. ثم تأتي القدوة الحيّة، فالمجتمع لا يتغيّر بالمواعظ فقط، بل بالنماذج. حين يرى الجيل من يفكّر بحرية، ويتحدث بمسؤولية، ويرفض الانقياد الأعمى، سيتعلم أن الحرية ليست في كسر القيود، بل في معرفة من صنعها ولماذا. وأخيرًا، علينا أن نُعلّم أبناءنا أن التحكم في النفس أعظم من التحكم في آلة. فشخصٌ واحد قد يصنع مئات الآلات، ولكن آلاف الآلات لا تصنع إنسانًا واحدًا. ليست كل حربٍ تُخاض بالسلاح، فبعضها تُخاض بالعقول. والمنتصر الحقيقي هو من يبقى ممسكًا بجهاز تحكمه الداخلي، مستقلًّا لا يتأثر بالموجِّهات والمُشوِّشات. إن إنقاذ الجيل لا يكون بإغلاق السماء، بل بتنوير العقول. فحين يتعلم الإنسان كيف يطير بوعيه، لن يستطيع أحد أن يُسيّره بعد اليوم أو يُسقطه.
2769
| 28 أكتوبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق بالحياة، تملؤه الأصوات وتشتعل فيه الأرواح حماسةً وانتماء. اليوم، صار صامتًا كمدينةٍ هجرتها أحلامها، لا صدى لهتاف، ولا ظلّ لفرح. المقاعد الباردة تروي بصمتها حكاية شغفٍ انطفأ، والهواء يحمل سؤالًا موجعًا: كيف يُمكن لمكانٍ كان يفيض بالحب أن يتحول إلى ذاكرةٍ تنتظر من يوقظها من سباتها؟ صحيح أن تراجع المستوى الفني لفرق الأندية الجماهيرية، هو السبب الرئيسي في تلك الظاهرة، إلا أن المسؤول الأول هو السياسات القاصرة للأندية في تحفيز الجماهير واستقطاب الناشئة والشباب وإحياء الملاعب بحضورهم. ولنتحدث بوضوح عن روابط المشجعين في أنديتنا، فهي تقوم على أساس تجاري بدائي يعتمد مبدأ المُقايضة، حين يتم دفع مبلغ من المال لشخص أو مجموعة أشخاص يقومون بجمع أفراد من هنا وهناك، ويأتون بهم إلى الملعب ليصفقوا ويُغنّوا بلا روح ولا حماسة، انتظاراً لانتهاء المباراة والحصول على الأجرة التي حُدّدت لهم. على الأندية تحديث رؤاها الخاصة بروابط المشجعين، فلا يجوز أن يكون المسؤولون عنها أفراداً بلا ثقافة ولا قدرة على التعامل مع وسائل الإعلام، ولا كفاءة في إقناع الناشئة والشباب بهم. بل يجب أن يتم اختيارهم بعيداً عن التوفير المالي الذي تحرص عليه إدارات الأندية، والذي يدل على قصور في فهم الدور العظيم لتلك الروابط. إن اختيار أشخاص ذوي ثقافة وطلاقة في الحديث، تُناط بهم مسؤولية الروابط، سيكون المُقدمة للانطلاق إلى البيئة المحلية التي تتواجد فيها الأندية، ليتم التواصل مع المدارس والتنسيق مع إداراتها لعقد لقاءات مع الطلاب ومحاولة اجتذابهم إلى الملاعب من خلال أنشطة يتم خلالها تواجد اللاعبين المعروفين في النادي، وتقديم حوافز عينية. إننا نتحدث عن تكوين جيل من المشجعين يرتبط نفسياً بالأندية، هو جيل الناشئة والشباب الذي لم يزل غضاً، ويمتلك بحكم السن الحماسة والاندفاع اللازمين لعودة الروح إلى ملاعبنا. وأيضاً نلوم إعلامنا الرياضي، وهو إعلام متميز بإمكاناته البشرية والمادية، وبمستواه الاحترافي والمهني الرفيع. فقد لعب دوراً سلبياً في وجود الظاهرة، من خلال تركيزه على التحليل الفني المُجرّد، ومخاطبة المختصين أو الأجيال التي تخطت سن الشباب ولم يعد ممكناً جذبها إلى الملاعب بسهولة، وتناسى إعلامنا جيل الناشئة والشباب ولم يستطع، حتى يومنا، بلورة خطاب إعلامي يلفت انتباههم ويُرسّخ في عقولهم ونفوسهم مفاهيم حضارية تتعلق بالرياضة كروح جماهيرية تدفع بهم إلى ملاعبنا. كلمة أخيرة: نطالب بمبادرة رياضية تعيد الجماهير للمدرجات، تشعل شغف المنافسة، وتحوّل كل مباراة إلى تجربة مليئة بالحماس والانتماء الحقيقي.
2442
| 30 أكتوبر 2025