رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

فهد عبدالرحمن بادار

تويتر @Fahadbadar

مساحة إعلانية

مقالات

1281

فهد عبدالرحمن بادار

تطوير سوق الدين بالريال القطري

17 يوليو 2023 , 02:00ص

سلطت وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد آند بورز الضوء على التمويل الخارجي في النظام المصرفي القطري باعتباره مؤشرًا سلبيًا للمخاطر، وهو ما أثار نقطة مهمة للنقاش. وكانت الوكالة قد أدرجت قطر خلال شهر أبريل الماضي ضمن قائمة تضم سبعة أسواق ناشئة تتعرض لمخاطر بسبب حجم التمويل الخارجي للقطاع المصرفي، كما تناولت هذه المسألة في تقريرها الائتماني عن دولة قطر الصادر بتاريخ 8 مايو.

ويبدو هذا حكمًا سلبيًا للغاية، لأنه يقلل من أهمية نقاط القوة التي تتمتع بها دولة قطر، والتي تشمل: الفوائض الجيدة في الميزانية وارتفاع الحساب الجاري، والتصنيف الائتماني المتميز الذي وصل إلى مستوى AA، وارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وخفض مستوى الدين الوطني، ووجود صندوق ثروة سيادي يدار بشكل جيد ويتميز بأصوله الكبيرة. وفي الماضي القريب، نجحت الحكومة والنظام المصرفي في تجاوز الصدمات الاقتصادية والاستجابة لها بفعالية.

لشرح الموضوع بشكل مبسط، تعتمد البنوك على أربعة مصادر رئيسية للتمويل وهي: الودائع من العملاء (الأفراد والمؤسسات)، والاقتراض الخارجي في شكل سندات وأدوات الدين، ورأس المال، والخطوط الائتمانية بين البنوكInterbank، التي تستمر عادةً لفترة قصيرة تتراوح ما بين يوم إلى شهر. وكان التقرير الصادر عن وكالة ستاندرد آند بورز في شهر مايو الماضي قد سلط الضوء على حجم الودائع قصيرة الأجل لغير المقيمين والخطوط الائتمانية بين البنوك، مشيرًا إلى أن البنوك القطرية "قد تتعرض للخطر بفعل التحولات في مشاعر المستثمرينInvestor sentiment” ".

ورغم أنه يمكن القول إن المخاطرة مبالغ فيها، فإن التقرير يشير إلى ملاحظة مهمة في الاقتصاد القطري. فقد ارتفعت معدلات الإقراض من قبل البنوك بالريال القطري، ولم يقابله نمو متساوٍ للتمويل المحلي “Bond and Debt instruments” بالريال القطري. ولا يزال مصرف قطر المركزي، حتى وقت قريب، هو الجهة الوحيدة التي تصدر سندات بالريال القطري لفترات قصيرة وطويلة الاجل، وكان المستثمرون فيها البنوك المحلية، ورغم إدراجها فإنها لا تكاد تتداول في السوق الثانوية، مع الإشارة إلى أن البنك التجاري القطري كان أول من قدَّم سندات بالريال القطري هذه السنة.

وفي الماضي، لم يواكب مصرف قطر المركزي إجراءات رفع أسعار الفائدة أو خفضها التي اعتمدها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، على الرغم من ربط الريال القطري بالدولار الأمريكي. وقد تسبب ذلك في توفير حافز للاقتراض بالعملة الأجنبية، لأنه أرخص من الاقتراض بالريال القطري. وقد تغير هذا الأمر خلال السنوات الثلاث الماضية حيث بات مصرف قطر المركزي أكثر تفاعلاً مع قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بما يخدم الاقتصاد المحلي والاستقرار النقدي.

وإلى حد ما، لا يوجد تمويل محلي للبنوك بالريال القطري من خلال إصدار السندات بسبب عدم تواجده على نطاق واسع على الأقل. وفي ظل السيولة المحدودة، لا تكون جهات إصدار السندات على يقين من إمكانية وجود مشترين عند طرح هذه السندات للبيع، وهو ما يمنع تلك الأطراف من الاستثمار في المقام الأول. ويجب أن يكون هناك جهد واعٍ لبناء حجم من رأس المال والمستثمرين لضمان أداء السوق لوظيفتها، وهو ما سيتسبب بدوره في استقطاب الآخرين. وحسبما تبدو الأمور، لا يختلف السعر المطروح للسندات المحلية عن السعر الذي يُحصَّل على الودائع النقدية، الذي يتوفر على الفور، لذلك يكون هناك حافز ضئيل لحجز رأس المال لمدة ثلاث سنوات أو نحو ذلك من قبل المستثمرين. ويجب تعزيز وعي المستثمرين المحليين بمزايا السندات وأنها بدائل استثمارية للأسهم والعقارات، بالإضافة إلى انخفاض مخاطرها وتوفيرها لتدفقات نقدية ثابتة، خاصة للأفراد الباحثين عن استثمارات طويلة الاجل للتقاعد.

ولكي يتطور سوق السندات، يجب أن يتغير القانون المحلي ليسهل على البنوك والشركات إصدار السندات وإدراجها في الأسواق المحلية. ويتطلب الأمر تطبيق قواعد جديدة فيما يتعلق بتصنيف سندات الشركات المدرجة بالريال القطري، وقد أقر بذلك السيد عبد العزيز ناصر العمادي، الرئيس التنفيذي بالإنابة لبورصة قطر. وقد يعني تطور هذا السوق الاعتماد بشكل أقل على التمويل المصرفي للشركات من البنوك، وهوما قد يساهم في خفض تكلفة التمويل ويساعد في مكافحة التضخم الناتج عن ارتفاع تكاليف الدين.

ومع تطور سوق السندات، رغم أنه قد يكون من المغري تقديم علاوة على أسعار الدولار، فمن الأفضل التفكير على المدى الطويل والسعي لمطابقة الأسعار، أو تقديم علاوة صغيرة فقط. ويتسبب المعدل الأعلى في إمكانية حدوث الخطر المتمثل في جذب مبالغ كبيرة من الأموال الساخنة. ويجب أن يتماشى سعر الإقراض بالريال القطري مع سعر التمويل السريع المضمون للدولار (SOFR)، أو ربما مع تقديم علاوة صغيرة جدًا، كما هو الحال في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.

ويتميز السوق الناضج بمنحنى سعر الفائدة؛ أي المعدلات المقررة لفترات مدتها سنة واحدة وثلاث سنوات وخمس سنوات. وتعتمد هذه المعدلات على إصدارات السندات التي يقرها مصرف قطر المركزي، والتي لا تتوفر للقطاع الخاص. وهناك حاجة أيضًا لتقديم ضمانات بشأن قابلية تحويل العملات الأجنبية، بحيث يمكن تحويل السندات بالريال إلى الدولار الأمريكي عند استحقاقها. وتقدم بعض حكومات الأسواق الناشئة ضمانًا على سعر معتمد للصرف عند الاستحقاق. وفي حالة قطر، هناك ربط للريال القطري بالدولار الأمريكي مما يوفر نفس الطمأنينة للمستثمرين الاجانب. ولا توجد ضوابط مفروضة على رأس المال في قطر، وهو ما يوفر حافزًا آخر للمستثمرين. ويُمثل استقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر جزءًا أساسيًا من استراتيجية الحكومة.

وكانت هيئة قطر للأسواق المالية قد ذكرت في تقريرها السنوي أن سوق رأس المال القطري اجتذب استثمارات أجنبية تمثل صافي شراء أوراق مالية مدرجة في السوق بقيمة تقارب 15.8 مليار ريال قطري (4.3 مليار دولار)، بزيادة نسبتها 42٪ عن الأرقام المسجلة في عام 2022. وفي الختام، إلى جانب دوره في تعزيز مرونة البنوك القطرية، سيكون لسوق السندات الناضج بالعملة المحلية فوائد إضافية، حيث سيعزز من قوة الريال، وسيتيح الفرصة للدوحة لكي تصبح مركزًا ماليًا راسخًا في المنطقة.

مساحة إعلانية