رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. أحمد المحمدي

مساحة إعلانية

مقالات

351

د. أحمد المحمدي

لكي لا نستبدل.. كيف نقرأ التاريخ؟!

17 أغسطس 2025 , 02:50ص

‏ الذي لا يعرف كيف يقرأ التاريخ، لا يعرف كيف يتحرك في الجغرافيا؛ فلكل بقعة من الأرض لسان ناطق، يحكي، وينذر، ويذكر.

‏ومن لم يجعل من التاريخ له معراجًا للنهضة؛ سيقع في كل هاوية نجا منها السابقون.

‏إنها الحقيقة المرة التي كررها كل عاقل: «الذين لا يقرؤون التاريخ محكوم عليهم أن يكرروه»!

‏وهل نحن اليوم إلا في دوامة تكرار مرير؟ 

‏ها نحن نسقط في الحفر ذاتها، ونعيد الأخطاء ذاتها، لأننا نجهل ما وقع، أو نرفض أن نعتبر منه.

‏وما من جديد في هذا العالم - كما قال أحدهم - «إلا ما نجهله من التاريخ» 

‏فكل شيء له جذوره، وكل حدث له نظير، ولكن الجهل بالتاريخ يسقط البصر، ويخدع الشعور، ويجعلنا نظن أننا في بداية الطريق، بينما نحن نعيد الدوران في الحلقة ذاتها!

‏ستظل قراءة التاريخ واحدة من أكبر الغيابات في العقل المسلم المعاصر، ما دمنا نبحث عن المستقبل بأدوات الحاضر، وننسى أن مفاتيحه قد وضعت هناك، في صفحات التاريخ المهجورة، وفي العبر المدفونة، وفي السنن الجارية التي لا تتبدل.

‏الأمة التي تتغنى بماضيها، وتعجز عن حمل حاضرها!

‏تقرأ التاريخ لا لفهم السنن، بل لتحاكم من مات!

‏تحيي خصومات دفنتها القرون!

‏لا تنتظر سنة الاستبدال بل تستدعيها {وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ}

‏إننا لا نقرأ التاريخ! وإن قرأناه، قرأناه بعين عاطفية، باكية، أو مؤدلجة، أو مجتزأة، أو محشوة بمحكمات صنعها الجهل والغفلة والتعصب.

‏فكيف نقرأ التاريخ إذن؟

‏1.من الانفعال إلى الفهم، ومن التقديس إلى الوعي:

‏ليست قراءة التاريخ نشيدًا يُنشد، ولا مرثية تُبكى؛ إنها طريق لفهم السنن، واكتشاف موقعنا من دورة الحضارة. 

‏ولكن حين نقرأ بعين باكية، أو نفس متعصبة، يتحول التاريخ إلى عبء، لا إلى دليل. 

‏وحين نكتفي بالانفعال، نفتقد الفهم؛ فننشغل بردود الفعل، ونتغافل عن قوانين الفعل.

‏وكما يُضللنا الانفعال؛ يضللنا التقديس. فلا تُقرأ الأحداث لأنها قديمة، ولا تُبجل الشخصيات لأنها مشهورة. 

‏إننا لا نقدس الأشخاص، بل نمحص المواقف، ونزنها بميزان السنن لا الأسماء. 

‏فنحن مأمورون أن نعتبر، لا أن نقدس. 

‏مكلفون بأن نفهم، لا أن نحاكم من مات. مأمورون بأن نأخذ الحكمة من كل وعاء، ولو جاء من مخالف، لا أن نغلق الباب على أنفسنا ونحتمي خلف تاريخ معلب. 

‏التاريخ لا يقدس… بل يفهم. 

‏ولا يقرأ للتماهي، بل للاستبصار. 

‏ولا يروى للتنازع، بل للنجاة.

‏2. فهم العمق… لا الانشغال بالسطح:

‏لا يُبنى الوعي بالتاريخ من خلال تتبع الوقائع فقط، بل بفهم السنن التي تسير خلف الأحداث، وتحرك مساراتها. 

‏فلا نسأل: من انتصر؟ ومن انهزم؟ 

‏بل نسأل: لماذا انتصر هذا؟ ولماذا سقط ذاك؟ 

‏لا نسأل متى النصر ؟ بل نسأل ماذا أعددنا له؟

‏لا نسأل متى يأتي المنقذ ؟ بل كيف نصنعه؟

‏هل نهضت أمة لأن قائدًا ملهمًا ظهر فجأة؟ !

‏أم لأن السنن قد اكتملت، والبيئة قد تهيأت، والنفوس قد نضجت؟ 

‏هل سقطت المدن بالسيوف؟ أم لأن قيمها قد تهاوت، ومناعة أهلها قد انهارت؟ 

‏إن التفاصيل تخدعنا، أما السنن فلا تكذب. ومن يجهل سنن الله في التاريخ يُفاجأ دومًا، ويُخدع بالسطح، ويتعامل مع الحدث كاستثناء، لا كنتاج لقانون ماض في الأمم.

‏3.الرؤية المركبة الجامعة

‏التاريخ ليس سلسلة معارك. إنه صورة الأمة في عقيدتها، في علمها، في اقتصادها، في أخلاقها، في إدارتها، في دعوتها. ولا تُبنى المجد بالسيف فقط، بل بالبصيرة التي تحمل السيف في الاتجاه الصحيح.

‏4.وعي الزمان والسياق

‏ليس الماضي لوحة معقمة، نحاكمها بأدوات اليوم. بل لحظة بشرية، محكومة بظروفها، لا تُفهم إلا بسياقها. وليست كل أدوات الماضي تصلح للحاضر، ولا أدوات الحاضر تطبق على الماضي.

ختاما: 

‏قراءة التاريخ ليست ترفًا فكريًا؛ بل فريضة نهضة، وسؤال بقاء. ولا يكفي أن نقرأ، بل يجب أن نحسن المنهج، وأن نُعمل العقل، ونستنطق العبرة، ونعرف أين نضع أقدامنا. فإما أن نبصر الطريق أو نُستبدل.

اقرأ المزيد

alsharq حدود العنكبوت

حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد وحدودٍ من نار، انقطعت شرايين الأخوة التي كانت تسقي القلوب... اقرأ المزيد

33

| 04 نوفمبر 2025

alsharq إذا رغبت الحياة.. فاهجر ضفافك!

ثمّة نداءات خفية خافتة عن الأسماع، ظاهرة على الأفئدة، تُستشعر حين تضيق على النفس الأرض بما رحبت، وتنقبض... اقرأ المزيد

63

| 04 نوفمبر 2025

alsharq نظم في قطر

انطلقت أمس مباريات بطولة كأس العالم للناشئين في ملاعب أسباير لتعيد إلى الأذهان ذكرى مونديال 2022 للكبار، الذي... اقرأ المزيد

57

| 04 نوفمبر 2025

مساحة إعلانية