رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
منذ وصول حكومة أقصى اليمين قبل عامين ونصف والتوقعات كانت حتى قبل طوفان الأقصى بأن إسرائيل تستمر بالانزلاق نحو التطرف والاقصاء-بارتهان نتنياهو لليمين الديني والصهيونية الدينية بأن القادم سيكون سيئا على الفلسطينيين والمنطقة بأسرها. وهذا ما يحدث اليوم من توالي التصعيد وفتح جبهات وإطالة أمد الحروب والمواجهات وتمدد الحرب لأسباب وأجندات سياسية أكثر منها أمنية كما يزعم ويكرر نتنياهو وائتلافه الحكومي العقائدي.
وما حرب الإبادة والتجويع الممنهج على غزة إلا إحدى ثمرات ذلك التوجه الإقصائي والمعادلة الصفرية-والقتال كما فاخر نتنياهو الأسبوع الماضي-على ثماني جبهات، سبعة-جميعها ضد إيران وأذرعها ومحورها.
كان الأسبوع الماضي أسبوع ذروة التصعيد من الطرف الإسرائيلي في مواقف وتصريحات وإجراءات تصب مجتمعة بإلغاء ومصادرة حق الفلسطينيين بقيام دولة فلسطينية باتت سراباً بعد أكثر من ثلاثة عقود من وعود كاذبة بدءا بفخ أوسلو مرورا بتغيير الوقائع على الأرض-والاستمرار بمصادرة الأراضي وبناء وتوسيع المستوطنات في مخالفة للقانون الدولي-وشن حروب متعددة على قطاع غزة وحصارها وصولا لشن حرب إبادة وحرب تجويع على سكان غزة المجوعين والمحاصرين والنازفين.
أخطر تطور كان خروج المشروع الصهيوني التوسعي إلى العلن. حول اعتراف نتنياهو برؤية «إسرائيل الكبرى» و»أرض الميعاد»-في استفزاز وتحد للفلسطينيين والعرب والمسلمين، رداً على سؤال في مقابلة مع قناة i24NEWS الثلاثاء الماضي، «أنا في مهمة تاريخية وروحية “historic and spiritual mission- «ومرتبط جدًا» برؤية إسرائيل الكبرى. Eretz Yisrael Hashemi))-
وبالتالي ينسف كليا أي مبادرة وفكرة للتفاوض والتطبيع مع كيان الاحتلال التوسعي الخطير!! وأضاف نتنياهو في المقابلة المستفزة «أنا في مهمة أجيال...بمهمة تاريخية وروحية». يعلن نتنياهو للمرة الأولى دعمه لحلم إسرائيل الكبرى في ظل هذه الظروف المعقدة والصعبة-وسط حمامات الدم حرب الإبادة في غزة وبعد يومين من إعلانه توسيع العمليات العسكرية لاحتلال مدينة غزة-ورفضه وقف الحرب-برغم معارضة القيادة العسكرية لأن العملية لن تحقق أهداف نتنياهو الخمسة الهلامية. لن تقضي على حماس ولن تطلق سراح الأسرى-ولن تحيد غزة وتنشئ إدارة مدنية غير خاضعة لحماس والسلطة الفلسطينية-والهدف غير المعلن إجبار الفلسطينيين زوراً على «الهجرة الطوعية» «بتطهير عرقي» وإعادة الاستيطان واحتلال كامل القطاع. تمسك نتنياهو بالرؤية التوسعية يتعارض مع حل الدولتين. وينسف مبادرات الوساطات والتطبيع مع كيان الاحتلال التوسعي الخطير!!
ثم يصر نتنياهو وحكومته المتطرفة بوجوب نزع سلاح حماس والفصائل الفلسطينية وسلاح حزب الله!! ما قد يتسبب بفتنة بين الفصائل المسلحة والسلطة الفلسطينية والحكومة اللبنانية وحزب الله. وليسهل الاستفراد بهما وبفلسطين ولبنان بعد إعلان حلم الأجيال الذي يراوده بإقامة «إسرائيل الكبرى»-والتي تشمل كامل فلسطين وسورية ولبنان وسيناء وأجزاء من مصر ومن السعودية والعراق وصولا إلى الكويت!! تُظهر تصريحات نتنياهو تمسكًا بهذه الرؤية، وهي مقاربة توسعية تتعارض مع الحلول السلمية القائمة على حل الدولتين وتنسف كليا أي مبادرة وفكرة للتفاوض والتطبيع مع كيان الاحتلال التوسعي!!
برغم معرفتنا بهدف المشروع الصهيوني إنشاء إسرائيل الكبرى المرتكز على مفاهيم توراتية محرفة ترتكز على زعم وادعاء «أرضك يا إسرائيل من النيل إلى الفرات»-وكون إسرائيل الكيان الوحيد في العالم بلا حدود نهائية مرسمة-إلا أن الطريقة التي أكدها نتنياهو في مقابلته التلفزيونية كانت صفعة بوجه الفلسطينيين والعرب وخاصة الدول التي طبعت وانضمت إلى ركب التطبيع من كامب ديفيد ووادي عربة حتى الاتفاقيات الإبراهيمية.
ردود الأفعال العربية والدولية كانت متوقعة، برغم استفزاز وتحدي نتنياهو: وتركزت على الإدانة والشجب والرفض من دول عربية وجامعة الدول العربية.
أدانت السلطة الفلسطينية وحماس وجامعة الدول العربية و31 دولة عربية وإسلامية في بيان مشترك السبت تصريحات نتنياهو عن «إسرائيل الكبرى»، لتهديدها المباشر على الأمن القومي العربي، وسيادة الدول، والسلام الإقليمي والدولي». وأعلنت «ستتخذ كل السياسات والإجراءات التي تراعي تكريس السلام، وتحقيق مصالح الشعوب والدول في الأمن والاستقرار والتنمية، بعيدًا عن أوهام السيطرة وفرض القوة».كما نددت مصر والأردن والكويت والسعودية وقطر بتصريحات نتنياهو واعتبرتها امتدادا لنهج الغطرسة، مؤكدة أن الادعاءات الإسرائيلية الزائفة لن تنتقص من الحقوق المشروعة للدول والشعوب العربية.
كما أن تخلي الرئيس ترامب والاتحاد الأوروبي عن لعب دور رئيسي بوقف الحرب المدمرة على قطاع غزة والتجويع المتعمد يشجع نتنياهو وحكومته على تصعيد الحرب واحتلال كامل قطاع غزة وتنفيذ التطهير العرقي ودعم حرب الإبادة والتجويع!! في مخالفة صريحه للقانون الدولي. ولم تعلن الولايات المتحدة بعكس حلفائها الرئيسيين عزمهم الاعتراف بالدولة الفلسطينية. كما لم يصدر أي بيان من الخارجية الأمريكية يرفض توسيع الحرب على غزة حول «رؤية نتنياهو لإسرائيل الكبرى».
كما لم يصدر أي موقف أمريكي وأوروبي يرفض تصويت الكنيست الإسرائيلي الشهر الماضي بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية. ولا على إعلان وزير المالية الإسرائيلي سموترتش-الحاكم الفعلي للضفة الغربية بعد يوم من إعلان نتنياهو «رؤية إسرائيل الكبرى» توسعة الاستيطان بتطبيق مشروع E-1-ما وصفه «دفن حلم الدولة الفلسطينية» باعتماد خطة بناء3400 وحدة سكنية وربط القدس بمستوطنة معاليه ادوميم في الضفة الغربية ومصادرة أراض فلسطينية، وتقطيع أوصال الضفة الغربية وعزل شمالها عن جنوبها عن القدس المحتلة. وإنهاء حلم قيام الدولة الفلسطينية وسط صمت مطبق أقرب إلى الدعم والإسناد!! وبذلك تصفى القضية الفلسطينية!!
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تويتر @docshayji
@docshyji
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6393
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6387
| 24 أكتوبر 2025
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين لم يتقنوا الجلوس في أماكنهم. كم من مقعدٍ امتلأ جسدًا، وظلّ فارغًا فكرًا، وإحساسًا، وموقفًا. الكرسي لا يمنح الهيبة، بل من يجلس عليه هو من يمنح المكان معناه. المدرب… حين يغيب التأثير: المدرب الذي لا يملأ مقعده، هو من يكرّر المعلومات دون أن يُحدث تحولًا في العقول. يشرح بجمود، ويتحدث بثقة زائفة، ثم يغادر دون أن يترك بصمة. الحل أن يفهم أن التدريب رسالة لا مهنة، وأن حضوره يقاس بتغيير الفكر والسلوك بعده. وعندما يغيب هذا الإدراك، يتحول التدريب إلى ترفٍ ممل، ويفقد المجتمع طاقاته الواعدة التي تحتاج إلى من يشعل فيها شرارة الوعي. المدير… حين يغيب القرار: المدير الذي لا يملأ كرسيه، يهرب من المسؤولية بحجة المشورة، ويُغرق فريقه في اجتماعات لا تنتهي. الحل: أن يدرك أن القرار جزء من القيادة، وأن التردد يقتل الكفاءة. وعندما يغيب المدير الفاعل، تُصاب المؤسسة بالجمود، وتتحول بيئة العمل إلى طابور انتظار طويل بلا توجيه. القائد… حين يغيب الإلهام: القائد الذي لا يملك رؤية، لا يملك أتباعًا بل موظفين. الحل: أن يزرع في فريقه الإيمان لا الخوف، وأن يرى في كل فرد طاقة لا أداة. غياب القائد الملهم يعني غياب الاتجاه، فتضيع الجهود، ويضعف الولاء المؤسسي، ويختفي الشغف الذي يصنع التميز. المعلم… حين يغيب الوعي برسالته: المعلم الذي يجلس على كرسيه ليؤدي واجبًا، لا ليصنع إنسانًا، يفرغ التعليم من رسالته. الحل: أن يدرك أنه يربّي أجيالًا لا يلقّن دروسًا. وحين يغيب وعيه، يتخرّج طلاب يعرفون الحروف ويجهلون المعنى، فيُصاب المجتمع بسطحية الفكر وضعف الانتماء. الإعلامي… حين يغيب الضمير: الإعلامي الذي لا يملأ كرسيه بالمصداقية، يصبح أداة تضليل لا منبر وعي. الحل: أن يضع الحقيقة فوق المصلحة، وأن يدرك أن الكلمة مسؤولية. وعندما يغيب ضميره، يضيع وعي الجمهور، ويتحول الإعلام إلى سوقٍ للضجيج بدل أن يكون منارة للحق. الطبيب… حين يغيب الإحساس بالإنسان: الطبيب الذي يرى في المريض رقمًا لا روحًا، ملأ كرسيه علمًا وفرّغه إنسانية. الحل: أن يتذكر أن الطب ليس مهنة إنقاذ فقط، بل مهنة رحمة. وحين يغيب هذا البعد الإنساني، يفقد المريض الثقة، ويصبح الألم مضاعفًا، جسديًا ونفسيًا معًا. الحاكم أو القاضي… حين يغيب العدل: الحاكم أو القاضي الذي يغفل ضميره، يملأ الكرسي رهبة لا هيبة. الحل: أن يُحيي في قراراته ميزان العدالة قبل أي شيء. فحين يغيب العدل، ينهار الولاء الوطني، ويُصاب المجتمع بتآكل الثقة في مؤسساته. الزوج والزوجة… حين يغيب الوعي بالعلاقة: العلاقة التي تخلو من الإدراك والمسؤولية، هي كرسيان متقابلان لا روح بينهما. الحل: أن يفهما أن الزواج ليس عقداً اجتماعياً فحسب، بل رسالة إنسانية تبني مجتمعاً متماسكاً. وحين يغيب الوعي، يتفكك البيت، وينتج جيل لا يعرف معنى التوازن ولا الاحترام. خاتمة الكرسي ليس شرفًا، بل تكليف. وليس مكانًا يُحتل، بل مساحة تُملأ بالحكمة والإخلاص. فالمجتمعات لا تنهض بالكراسي الممتلئة بالأجساد، بل بالعقول والقلوب التي تعرف وزنها حين تجلس… وتعرف متى تنهض.
5103
| 20 أكتوبر 2025