رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. زياد علوش

- كاتب صحفي ومحلل سياسي لبناني

مساحة إعلانية

مقالات

549

د. زياد علوش

نزع سلاح حزب الله.. سيناريوهات محتملة

18 أغسطس 2025 , 01:57ص

هناك جدل في لبنان بسبب ورقة «توم باراك» الامريكية، التي تقضي بنزع سلاح حزب الله وترسيم الحدود مع سوريا وإسرائيل. 

الجدل إياه سابق لورقة توم باراك، وهو متعلق بتطبيق القرارين 1701 و1559، القرار 1701 صدر عن مجلس الأمن الدولي يوم 11 أغسطس/آب 2006، بهدف إنهاء الحرب بين إسرائيل و”حزب الله” في جنوب لبنان بعد 34 يوماً من الصراع، ويتضمن بنوداً بهدف حفظ الأمن والسلام ووقف إطلاق النار.

جاء في القرار 1559، الذي اتخذه مجلس الأمن: يطالب جميع القوات الأجنبية المتبقية بالانسحاب من لبنان. يدعو إلى حل جميع المليشيات اللبنانية ونزع سلاحها. يؤيد بسط سيطرة حكومة لبنان على جميع الأراضي اللبنانية.

إسرائيل مع عدوانها الأخير على لبنان وضعت شروطاً جديدة زيادة على القرار 1071 من شأنها إطالة أمد الحرب، ولفهم مسار النقاش اللبناني اللبناني المتعارض حول ورقة توم باراك يجب فهم المشادة الداخلية اللبنانية حول القرارين المذكورين أعلاه، في الداخل اللبناني هناك من يدعو إلى التطبيق المتوازي للقرارين الأمميين باعتبارهما قرارات دولية ملزمة تندرج في مصلحة لبنان واستكمال تنفيذ اتفاق الطائف، وفريق آخر يرى أن هذا الكلام تحدثت عنه سابقاً مصادر أمريكية وإسرائيلية، وأن إسرائيل هي من تخرق القرارات الدولية والقرار 1559 قد أصبح من الماضي والمهم معرفة ما يريده نتنياهو.

مع المتغيرات الدراماتيكية في منطقة الشرق الأوسط ورقة توم باراك تقول: لقد حان الوقت لتطبيق هذه القرارات وتطبيق الدستور اللبناني من أجل الدخول في مسار شرق أوسطي جديد.

مع تكليف الحكومة اللبنانية الجيش بوضع خطة لحصر السلاح بيد الدولة بحدود نهاية العام الحالي، وعرضها على مجلس الوزراء قبل 31 أغسطس، وإقرارها أهداف الورقة الأمريكية، لم يعد المشهد في لبنان مجرد خلاف سياسي حول قرار حكومي، بل تحوّل إلى مواجهة مفتوحة تحمل في طياتها رائحة الانفجار الكبير. فقرار مجلس الوزراء بحصر السلاح بيد الدولة كان كفيلاً بكشف عمق الانقسام، ليفجّر ردود فعل نارية من جانب حزب الله، مؤكداً تمسكه بترسانته كجزء من «معادلة الردع».

القوى المناوئة لحزب الله وصفت القرار بالتاريخي الذي اتّخذه مجلس الوزراء، ووَجب اتّخاذه منذ 35 عاما لولا الانقلاب على «وثيقة الوفاق الوطني» التي نصّت حرفيا على «بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل الأراضي اللبنانية بواسطة قواتها الذاتية».

السلطة أمام طريقين: إما المضي في تنفيذ القرار ضمن جدول زمني صارم مهما كانت الكلفة، أو التراجع إلى تسوية مؤقتة تجنب البلاد الانفجار لكنها تؤجل الأزمة. كِلَا الخيارين محفوف بالمخاطر، لكن التأجيل في دولة مأزومة سياسياً واقتصادياً قد يكون أكثر خطورة من المواجهة نفسها.

من جهة أخرى يذهب البعض للقول أمام لبنان أربعة سيناريوهات محتملة لمسار تنفيذ القرارات المتعلقة بسلاح «حزب الله» وترتيبات الجنوب، تتراوح بين الحل الشامل والانفجار العسكري، ولكل منها انعكاساته على الاستقرار الداخلي والإقليمي.

السيناريو الأول هو الحل الشامل، حيث تنجح الحكومة في نزع سلاح «حزب الله» بالكامل وتنسحب إسرائيل من النقاط المتبقية، ويُنجز ترسيم الحدود البرية والبحرية، ما يفتح الباب أمام دعم دولي وخليجي واسع لإعادة إعمار البنية التحتية وإنعاش الاقتصاد.

السيناريو الثاني هو التسوية الجزئية، ويتمثل في تخفيض القدرات العسكرية النوعية لـ «الحزب» (التخلي عن الصواريخ الدقيقة والطائرات المسيّرة الهجومية) مع بقاء سلاح فردي أو متوسط تحت ترتيبات دفاعية، ودمج جزء من عناصره بالجيش. في المقابل، تقدم إسرائيل تنازلات محدودة ويُمدّد وقف الأعمال العدائية لسنوات. هذا السيناريو يعزز جزئيًا سلطة الدولة، ويحافظ لـ «الحزب» على نفوذه السياسي، لكنه موقت وقابل للتآكل. وهو مرفوض دوليًا حتى الآن.

السيناريو الثالث هو المراوحة، حيث يفشل التنفيذ الفعلي للقرارات، فيبقى السلاح كما هو وتستمر حالة وقف النار من دون تقدم سياسي أو أمني. النتيجة هي استمرار الجمود والانقسام الداخلي، وتوقف الدعم الدولي، وتفاقم الأزمة الاقتصادية، وتعميق واقع «الدويلة داخل الدولة». هذا السيناريو هو الأكثر خطورة على الوضع اللبناني داخليًا وخارجيًا ومستبعد أمام إصرار معظم القوى السياسية على نزع السلاح والغطاء الدولي العارم له.

السيناريو الرابع هو المواجهة الشاملة، وينطوي على صدام داخلي بين «حزب الله» والجيش أو حرب واسعة مع إسرائيل، انعكاساته كارثية.

تنصّ الورقة الأمريكية التي قدّمها المبعوث الأمريكي توم بارّاك، والتي تَنطوي على اقتراحٍ شاملٍ لتمديد إعلان وقف الأعمال العدائيّة وتثبيته بين لبنان وإسرائيل، مع خريطة طريق تقود إلى حلٍّ دائمٍ يُنهي الانتهاكات المتكرّرة ويُفعّل القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن. ويسعى الاقتراح، المؤلَّف من ثلاثة فصول، إلى معالجة الملفات الأمنيّة والحدوديّة والاقتصاديّة على حدٍّ سواء، واضعًا جدولًا تنفيذيًّا يمتدّ 120 يومًا ويتطلّب موافقات رسميّة لبنانيّة وإسرائيليّة وسوريّة متزامنة،

التوتر السياسي والأمني المتصاعد، مع التدخلات الإيرانية والضغوطات الأمريكية، تنذر بأن الأشهر المقبلة ستكون حاسمة في تحديد ملامح ومصير الجمهورية، فإما أن تستعيد سيادتها، أو تفقد ما تبقَّى منها على مذبح الصراع الإقليمي.

هناك قول مفاده أن الحروب الأهلية لحظات عظيمة في تاريخ الأمم الحية بحيث إنها عندما تدرك فداحتها لا تكررها، لكن بالتأكيد الوقت اللبناني ينفد كما الخيارات وأحياناً لا بد من خلط للأوراق بشكل جزئي أو كلي لفتح آفاق ومسارات جديدة وأحياناً يبدو ذلك شيئا من التهويل ورفع السقوف للحصول على مكاسب سياسية أكبر.

 

مساحة إعلانية