رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ما دفعنى لكتابة هذا المقال هو الخبر الذى طيرته وكالات الأنباء فى يناير الماضى ( 2015 ) عن وفاة شاب تايوانى فى الثانية والثلاثين من العمر من مدينة كاوسيوتنج بعد إستمراره فى الجلوس أمام الإنترنت لمدة ثلاثة أيام متوالية .. وكان قد سبق ذلك بأيام قليلة أنباء صحفية تفيد وفاة رجل آخر ليلة رأس السنة الماضية نتيجة إستمراره أمام الكمبيوتر لمدة خمسة أيام متوالية فى أحد نوادى الإنترنت .
وبما أننى أجلس أمام الكمبيوتر لفترات طويلة وقد يكون ذلك بحكم عملى .. وأعتقد أن الكثير من الناس فى السنوات الأخيرة يفعل ذلك سواء كان هناك مبرر لذلك أو بدون مبرر .. ولكننى فى نفس الوقت لا أحب أن ألعب دور الناصح بضرورة مراعاة بعض النقاط الهامة التى أوجزها فيما يلى :
- لا يوجد مبرر للجلوس لفترات طويلة مهما كانت الضرورة إذ يجب الوقوف وتحريك القدمين والذراعين كل فترة لا تزيد عن الساعة الواحدة مهما كانت الأسباب .. وذلك كما أفاد إستشارى جراحة العظام الصديق الدكتور حسين سنبل فى برنامجه على " قناة صحتى " التليفزيونية .. وقال على سبيل الدعابة أنه كثيرا ما يُذكر زملائه الأساتذة فى الجامعة بهذه الحقيقة العلمية عندما تطول إجتماعاتهم .
- أجمعت الجهات الطبية العالمية أن 90% من حالات مرض السكر من النوع الثانى فى جميع أنحاء العالم يكون بشكل أساسى بسبب زيادة الوزن وقلة النشاط البدنى .
- ومن المعروف أن إهمال علاج مرض السكر يؤدى حتما إلى الإصابة بأمراض القلب والفشل الكلوى وإلتهابات الأعصاب خاصة الأعصاب الطرفية .
- الإفراط فى إستخدام أجهزة الكمبيوتر ( من أى نوع ) تؤدى إلى أمراض كثيرة للعيون مثل الحساسية وإلتهاب الشبكية وأعصاب العين .
ومن البديهى أن هناك أمراض أخرى ومخاطر عدة يصعب على تكرارها .. وأننى لا أحب ولا أجيد دور الناصح .. ولكننا جميعا نعلم أنه إذا زاد الشئ عن حده .. إنقلب إلى ضده .. وطبعا فيما يتعلق بصحة الإنسان فلا يجب أن يزيد أى شئ عن حده مهما كانت الأسباب .. وفى حالة صاحبنا التايوانى الذى ذكرناه فى بداية المقال فإنه لم يزد عن حده فقط ولكنه فاق كل الحدود حتى وصل إلى درجة الجنون .
وأنا هنا لن أطالب القراء ببمارسة الرياضات المختلفة – مع تسليمى الكامل بأهميتها – ولكننى سأطلب منهم شئ فى غاية البساطة وهو " الحركة " .. نعم الحركة فقط .. ولكن كيف ؟ الإجابة ستكون فى ضوء الحقائق الطبية التالية :
- أكدت الأبحاث العلمية أن المشى يساعد على حماية الجهاز المناعى للجسم ويقوى العظام والعضلات .
- فى دراسة حديثة إشترك فيها عدد من الجامعات البريطانية أثبتت أن المشى فى مجموعات فى الهواء الطلق يساعد فى علاج حالات إرتفاع ضغط الدم ويزيد من كفاءة الرئتين .
- فى ذات الدراسة إتضح أن المشى يساعد فى علاج مرض السكر من النوع الثانى .
- وأيضا أفادت الدراسة على إرتفاع اللياقة البدنية والنفسية بشكل عام .. أو بالأحرى يكون المشى سببا فى حدوث تحسن فى الحالة النفسية .
- صعود السلالم يقوى عضلة القلب .. ولكن يراعى عدم الإفراط فى ذلك حتى لا ينقلب الأمر إلى ضده .
- نزول السلالم يكسر الكوليسترول الضار بالجسم .. وهذا يعنى أنه إذا كان بالإمكان صعود السلالم أو النزول عليها بمسافة معقولة لا تجهد القلب فلا داعى لإستخدام المصاعد على الدوام .
وأخيرا فإننى أسوق للقارئ الكريم هذه النصيجة .. وهى أنه إذا كان الإنسان يستطيع ممارسة التمارين الرياضية لمدة نصف ساعة خمس مرات أسبوعيا فإن هذا أفضل ما يقدمه لنفسه صحيا حيث أن ذلك من شأنه أن يقلل إحتمالات الإصابة بالسكتة الدماغية وأمراض القلب وسرطان الأمعاء والزهايمر لكلا الجنسين فضلا عن سرطان الثدى للسيدات .
آمل أن يكون فى مقالى هذا ما يفيد القراء الأحباء .. ونلتقى بكم فى موضوع جديد ومقال قادم بحول الله .
بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين
drmostafaabdeen@gmail.com
dr.mostafa_abdeen@yahoo.com
تأهيل ذوي الإعاقة مسؤولية مجتمع
لم يعد الحديث عن تأهيل ذوي الإعاقة مجرد شأن إنساني أو اجتماعي بحت، بل أصبح قضية تنموية شاملة... اقرأ المزيد
135
| 24 أكتوبر 2025
منْ ملأ ليله بالمزاح فلا ينتظر الصّباح
النّهضة هي مرحلة تحوّل فكري وثقافي كبير وتمتاز بالتّجدّد وتظهر دائما من خلال المشاريع الجديدة العملاقة المعتمدة على... اقرأ المزيد
210
| 24 أكتوبر 2025
لا تنتظر الآخرين لتحقيق النجاح
في حياتنا اليومية، نجد أنفسنا غالبا ما نعتمد على الآخرين لتحقيق النجاح والسعادة. نعتمد على أصدقائنا وعائلتنا وزملائنا... اقرأ المزيد
57
| 24 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين لم يتقنوا الجلوس في أماكنهم. كم من مقعدٍ امتلأ جسدًا، وظلّ فارغًا فكرًا، وإحساسًا، وموقفًا. الكرسي لا يمنح الهيبة، بل من يجلس عليه هو من يمنح المكان معناه. المدرب… حين يغيب التأثير: المدرب الذي لا يملأ مقعده، هو من يكرّر المعلومات دون أن يُحدث تحولًا في العقول. يشرح بجمود، ويتحدث بثقة زائفة، ثم يغادر دون أن يترك بصمة. الحل أن يفهم أن التدريب رسالة لا مهنة، وأن حضوره يقاس بتغيير الفكر والسلوك بعده. وعندما يغيب هذا الإدراك، يتحول التدريب إلى ترفٍ ممل، ويفقد المجتمع طاقاته الواعدة التي تحتاج إلى من يشعل فيها شرارة الوعي. المدير… حين يغيب القرار: المدير الذي لا يملأ كرسيه، يهرب من المسؤولية بحجة المشورة، ويُغرق فريقه في اجتماعات لا تنتهي. الحل: أن يدرك أن القرار جزء من القيادة، وأن التردد يقتل الكفاءة. وعندما يغيب المدير الفاعل، تُصاب المؤسسة بالجمود، وتتحول بيئة العمل إلى طابور انتظار طويل بلا توجيه. القائد… حين يغيب الإلهام: القائد الذي لا يملك رؤية، لا يملك أتباعًا بل موظفين. الحل: أن يزرع في فريقه الإيمان لا الخوف، وأن يرى في كل فرد طاقة لا أداة. غياب القائد الملهم يعني غياب الاتجاه، فتضيع الجهود، ويضعف الولاء المؤسسي، ويختفي الشغف الذي يصنع التميز. المعلم… حين يغيب الوعي برسالته: المعلم الذي يجلس على كرسيه ليؤدي واجبًا، لا ليصنع إنسانًا، يفرغ التعليم من رسالته. الحل: أن يدرك أنه يربّي أجيالًا لا يلقّن دروسًا. وحين يغيب وعيه، يتخرّج طلاب يعرفون الحروف ويجهلون المعنى، فيُصاب المجتمع بسطحية الفكر وضعف الانتماء. الإعلامي… حين يغيب الضمير: الإعلامي الذي لا يملأ كرسيه بالمصداقية، يصبح أداة تضليل لا منبر وعي. الحل: أن يضع الحقيقة فوق المصلحة، وأن يدرك أن الكلمة مسؤولية. وعندما يغيب ضميره، يضيع وعي الجمهور، ويتحول الإعلام إلى سوقٍ للضجيج بدل أن يكون منارة للحق. الطبيب… حين يغيب الإحساس بالإنسان: الطبيب الذي يرى في المريض رقمًا لا روحًا، ملأ كرسيه علمًا وفرّغه إنسانية. الحل: أن يتذكر أن الطب ليس مهنة إنقاذ فقط، بل مهنة رحمة. وحين يغيب هذا البعد الإنساني، يفقد المريض الثقة، ويصبح الألم مضاعفًا، جسديًا ونفسيًا معًا. الحاكم أو القاضي… حين يغيب العدل: الحاكم أو القاضي الذي يغفل ضميره، يملأ الكرسي رهبة لا هيبة. الحل: أن يُحيي في قراراته ميزان العدالة قبل أي شيء. فحين يغيب العدل، ينهار الولاء الوطني، ويُصاب المجتمع بتآكل الثقة في مؤسساته. الزوج والزوجة… حين يغيب الوعي بالعلاقة: العلاقة التي تخلو من الإدراك والمسؤولية، هي كرسيان متقابلان لا روح بينهما. الحل: أن يفهما أن الزواج ليس عقداً اجتماعياً فحسب، بل رسالة إنسانية تبني مجتمعاً متماسكاً. وحين يغيب الوعي، يتفكك البيت، وينتج جيل لا يعرف معنى التوازن ولا الاحترام. خاتمة الكرسي ليس شرفًا، بل تكليف. وليس مكانًا يُحتل، بل مساحة تُملأ بالحكمة والإخلاص. فالمجتمعات لا تنهض بالكراسي الممتلئة بالأجساد، بل بالعقول والقلوب التي تعرف وزنها حين تجلس… وتعرف متى تنهض.
5049
| 20 أكتوبر 2025
لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل في ترتيبِ الأولويات؛ لأن المفارقةَ تجرحُ الكرامةَ وتؤلمُ الروحَ أكثرَ من الموت. ففي الوقتِ الذي كانتْ فيهِ الأمهاتُ يبحثنَ بينَ الركامِ عن فلذاتِ أكبادِهِنَّ أو ما تبقّى منهُم، كانتْ إسرائيلُ تُحصي جثثَها وتُفاوِضُ العالمَ لتُعيدَها قبلَ أن تسمحَ بعبورِ شاحنةِ دواءٍ أو كيسِ طحينٍ. وكأنَّ جُثثَ جنودِها تَستحقُّ الضوء، بينما أَجسادُ الفلسطينيينَ تُدفنُ في العتمةِ بلا اسمٍ ولا وداعٍ ولا حتى قُبلةٍ أَخيرةٍ. فكانتِ المفاوضاتُ تُدارُ على طاولةٍ باردةٍ، فيها جُثثٌ وجوعٌ وصُراخٌ ودُموعٌ، موتٌ هنا وانتظارٌ هناك. لم يكنِ الحديثُ عن هدنةٍ أو دواءٍ، بل عن أشلاءٍ يُريدونَها أولًا، قبلَ أن تَعبُرَ شُحنةُ حياةٍ. أيُّ منطقٍ هذا الذي يجعلُ الجُثّةَ أَكثرَ استحقاقًا من الجائعِ، والنّعشَ أسبقَ من الرّغيف؟ أيُّ منطقٍ ذاك الذي يُقلِبُ موازينَ الرحمةِ حتى يُصبحَ الموتُ امتيازًا والحياةُ جريمةً؟ لقد غدتِ المساعداتُ تُوزَّعُ وفق جدولٍ زمنيٍّ للموتى، لا لاحتياجاتِ الأحياء، صارَ من يُدفنُ أَسرعَ ممن يُنقذُ، وصارتِ الشواهدُ تُرفَعُ قبلَ الأرغفةِ. في غزّةَ لم يَعُدِ الناسُ يَسألونَ متى تَصلُ المساعداتُ، بل متى تُرفَعُ القيودُ عن الهواء. فحتى التنفّسُ صارَ ترفًا يَحتاجُ تصريحًا. في كلِّ زُقاقٍ هناكَ انتظارٌ، وفي كلِّ انتظارٍ صبرُ جبلٍ، وفي كلِّ صبرٍ جُرحٌ لا يندملُ. لكنَّ رغمَ كلّ ذلك ما زالتِ المدينةُ تَلِدُ الحياةَ من قلبِ موتِها. هُم يَدفنونَ موتاهم في صناديقِ الخشبِ، ونحنُ نَدفنُ أحزانَنا في صدورِنا فتُزهِرُ أملًا يُولَدُ. هُم يَبكونَ جُنديًّا واحدًا، ونحنُ نَحمِلُ آلافَ الوُجوهِ في دَمعَةٍ تُسقي الأرضَ لتَلِدَ لنا أَحفادَ من استُشهِدوا. في غزّةَ لم يكنِ الوقتُ يَتَّسِعُ للبُكاءِ، كانوا يَلتقطونَ ما تَبقّى من الهواءِ لِيَصنَعوا منه بروحِ العزِّ والإباء. كانوا يَرونَ العالمَ يُفاوِضُ على موتاهُ، ولا أَحدَ يَذكُرُهم بكلمةٍ أو مُواساةٍ، بينما هُم يُحيونَ موتاهُم بذاكرةٍ لا تَموتُ، ومع ذلك لم يَصرُخوا، لم يَتوسَّلوا، لم يَرفَعوا رايةَ ضعفٍ، ولم يَنتظروا تلكَ الطاولةَ أن تَتكلَّمَ لهم وعَنهُم، بل رَفَعوا وُجوهَهم إلى السماء يقولون: إن لم يكن بك علينا غضبٌ فلا نُبالي. كانتِ إسرائيلُ تَحصُي خَسائِرَها في عَدَدِ الجُثَث، وغزّة تَحصُي مَكاسِبَها في عَدَدِ مَن بَقوا يَتَنفَّسون. كانت تُفاخر بأنها لا تَترُكُ قَتلاها، بينما تَترُكُ حياةَ أُمّةٍ بأَكملها تَختَنِقُ خلفَ المَعابِر. أيُّ حضارةٍ تلكَ التي تُقيمُ الطقوسَ لِموتاها، وتَمنَعُ الماءَ عن طفلٍ عطشان؟ أيُّ دولةٍ تلكَ التي تُبجِّلُ جُثَثَها وتَتركُ الإنسانيّةَ تحتَ الرُّكام؟ لقد كانتِ المفاوضاتُ صورةً مُكثَّفةً للعالمِ كُلِّه؛ عالمٍ يَقِفُ عندَ الحدودِ يَنتظر “اتِّفاقًا على الجُثَث”، بينما يَموتُ الناسُ بلا إِذنِ عُبورٍ. لقد كشفوا عن وجوهِهم حينَ آمَنوا أن عودةَ جُثّةٍ مَيتةٍ أَهمُّ من إِنقاذِ أرواحٍ تَسرِقُ الأَنفاس. لكن غزّة كالعادة كانتِ الاستثناءَ في كلِّ شيءٍ وصَدمةً للأعداءِ قبل غيرِهم، وهذا حديثهم ورأيهم. غزّة لم تَنتظر أَحدًا ليُواسيَها، ولم تَسأَل أَحدًا ليَمنَحَها حَقَّها. حينَ اِنشَغَلَ الآخرونَ بعدَّ الجُثَث، كانت تُحصي خُطواتها نحو الحياة، أَعادت تَرتيبَ أَنقاضِها كأنها تَبني وطنًا جديدًا فوقَ عِظامِ مَن ماتوا وُقوفًا بشموخ، وأَعلَنَت أنَّ النَّبضَ لا يُقاس بعددِ القلوبِ التي توقَّفَت، بل بعددِ الذين ما زالوا يَزرَعونَ المستقبل، لأنَّ المستقبل لنا. وهكذا، حين يَكتُب التاريخُ سطره الأخير، لن يَقول من الذي سلّم الجُثَث، بل من الذي أَبقى على رُوحه حيّة. لن يَذكُر عددَ التوابيت، بل عددَ القلوب التي لم تَنكسِر. دولةُ الكيان الغاصب جَمَعَت موتاها، وغزّة جمَعَت نَفسها. هم دَفَنوا أَجسادَهم، وغزّة دَفَنَت بُذورَ زيتونِها الذي سَيُضيء سَنا بَرقه كل أُفق. هم احتَفلوا بالنِّهاية، وغزّة تَفتَح فَصلًا من جديد. في غزّة، لم يَكُنِ الناس يَطلُبون المعجزات، كانوا يُريدون فقط جُرعةَ دواءٍ لِطفلٍ يحتضر، أو كِسرةَ خُبزٍ لامرأةٍ عَجوز. لكن المعابِر بَقِيَت مُغلَقة لأن الأَموات من الجانب الآخر لم يُعادوا بعد. وكأنَّ الحياة هُنا مُعلَّقة على جُثّة هناك. لم يَكُن العالم يسمع صُراخَ الأَحياء، بل كان يُصغي إلى صَمتِ القُبور التي تُرضي إسرائيل أكثر مما تُرضي الإنسانية.
3675
| 21 أكتوبر 2025
يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في دولة قطر، الخاص بمكافحة المنشطات في المجال الرياضي، تحولًا مفصليًا في مسار التشريع الرياضي العربي. فالقانون لا يقتصر على تحديد المخالفات والعقوبات، بل يؤسس لفلسفة جديدة قوامها الإنسان، بوصفه غاية الرياضة قبل أن يكون وسيلة للإنجاز. هذا التوجه التشريعي يعكس نضجًا مؤسساتيًا يربط بين الطب والقانون والأخلاق، في محاولة لصياغة مفهوم حديث للنزاهة الرياضية داخل بيئة تتسارع فيها التطورات العلمية والتقنيات الطبية. على الصعيد العلمي والطبي، يُدرك المشرّع أن قضية المنشطات ليست مجرد مخالفة قانونية، بل قضية صحة عامة تمس توازن الجسد الإنساني. فالمواد المحظورة، مهما كان أثرها في تحسين الأداء، تُحدث اضطرابًا فسيولوجيًا وتشوه المسار الطبيعي للقدرة البدنية. ومن ثم، فإن تشجيع الرياضي على الاعتماد على جسده لا على العقار يُعبّر عن احترام للعلم في جوهره، لأن الطب وعلوم الحياة وُجدت لفهم الطبيعة البشرية وصونها لا لتجاوزها. وهكذا يرسخ القانون مفهوم "الطب الأخلاقي” الذي يوازن بين العلاج والحماية من الانحراف الدوائي. وإذا كان الجانب العلمي قد كشف خطورة المنشطات على الجسد، فإن الجانب القانوني يسعى لضبط مسؤوليات المنظومة بأكملها. فالقانون ينقل عبء المسؤولية من الفرد الرياضي إلى الهيئات والمدربين والمختبرات والإدارات التنظيمية. وهذا تطور مهم، لأن التجارب العالمية أثبتت أن الرياضي ليس دائمًا الجاني، بل قد يكون ضحية نظام يضغط نحو الفوز بأي ثمن. لذلك يتبنى التشريع القطري فلسفة المسؤولية المشتركة، فيتحول من أداة عقاب إلى نموذج إصلاحي متوازن يعزز الشفافية داخل المنظومة الرياضية. أما في البعد الأخلاقي والفلسفي، فيفتح القانون نقاشًا عميقًا حول معنى العدالة في الرياضة: هل العدالة مساواة شكلية أمام القانون أم حماية لجوهر الجهد الإنساني الطبيعي؟ الإجابة تميل إلى الثانية، إذ ينحاز التشريع إلى الفطرة الرياضية وإلى التنافس النزيه الذي يستمد شرعيته من الإرادة لا من الكيمياء. إن هذه الرؤية لا تُعلي من شأن العقوبة بقدر ما تُعلي من شأن القيمة، وتضع الرياضة في سياقها الأسمى: تهذيب الجسد والروح معًا. ومع ذلك، يظل التنفيذ هو التحدي الحقيقي، فمكافحة المنشطات ليست معركة قوانين بل معركة وعي وثقافة. ومن دون إدماج هذه المبادئ في المناهج التربوية والأكاديميات الرياضية، سيبقى القانون نصًا بلا روح. آخر الكلام: إن تجربة قطر تُجسد فهمًا عميقًا للرياضة كقيمة إنسانية وثقافية لا كصناعة للألقاب، وتؤسس لمرحلة عربية جديدة تجعل من الأخلاق الرياضية جزءًا من الأمن الصحي الوطني. وهكذا يصبح القانون رقم (24) لسنة 2025 أكثر من تشريع؛ إنه إعلان فلسفي عن هوية رياضية جديدة قوامها المعرفة، والإنصاف، واحترام الجسد الإنساني كأسمى معمل للطاقة والإبداع.
2796
| 21 أكتوبر 2025