رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

فاطمة بنت يوسف الغزال

  Falghazal33@gmail.com

مساحة إعلانية

مقالات

885

فاطمة بنت يوسف الغزال

حماس تقدم درساً للعالم.. تطبيق العدالة في أحلك الظروف

20 فبراير 2025 , 02:00ص

جميلكم محفور في وجداني، فخلال 498 يومًا عشتها بينكم، تعلمت معنى الرجولة الحقّة، والبطولة الخالصة، واحترام الإنسانية والقيم، رغم ما تعرضتم له من عدوان وإجرام.

كنتم أنتم المحاصرون الأحرار، وأنا الأسير وأنتم الحراس على حياتي، اعتنيتم بي كأب رؤوف بأبنائه، حفظتم على صحتي وكرامتي وأناقتي، ولم تسمحوا للجوع أو الذل أن يمسّني، رغم أنني كنت في قبضة رجال يقاتلون لأجل أرضهم وحقهم المسلوب تقاتلهم حكومة بلادي التي تمارس أبشع إبادة بحق شعب محاصَر.

لم أكن أعرف معنى الرجولة حتى رأيتها في أعينكم، ولم أدرك قيمة التضحية حتى عشتها بينكم، حيث كنتم تواجهون الموت بابتسامة، وتقاومون بأجسادكم العارية عدوًا يملك كل أدوات القتل والدمار، مهما أوتيت من فصاحة وبلاغة، فلن أجد من الكلمات ما يفيكم قدركم، وما يعبر عن دهشتي وإعجابي بسموّ أخلاقكم.

أهكذا يعلّمكم دينكم أن تعاملوا به أسراكم؟

أي دين عظيم ذاك الذي يصنع منكم رجالًا بهذا السموّ، حتى تسقط أمامه كل قوانين حقوق الإنسان الوضعية، وتتهاوى بجانبه كل بروتوكولات التعامل مع الأعداء!

لقد طبقتم العدالة والرحمة في أصعب اللحظات، ليس بشعارات زائفة، بل بواقع عشناه، والتزمتم بمبادئكم حتى في أحلك الظروف.

صدقوني، لو كُتب لي أن أعود إلى هنا يومًا، فلن أعود إلا مقاتلًا في صفوفكم، لأنني عرفت الحق بأهله، وأدركت أنكم لستم فقط أصحاب الأرض، بل أصحاب المبدأ والقضية العادلة.

هذه الكلمات نطق بها الأسير الكندر تروبانوف الذي تم اطلاق سراحه ضمن المجموعة الأخيرة في اطار صفقة تبادل الأسرى ضمن اتفاق المرحلة الأولى مع حركة حماس، وهذه الكلمات تلقي الضوء على الجوانب الإنسانية والتأثير الإيجابي الذي يمكن أن يحدثه التعامل الإنساني حتى في أصعب الظروف، وبما أن إطلاق سراح الأسرى وتحقيق العدالة الإنسانية يمثلان لحظات مؤثرة تعبر عن قوة المبادئ والقيم التي يسعى الأفراد والجماعات لتحقيقها، وقد أكدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أنها تحقق هذه المبادئ وتتصرف كدولة والتي يعجز عن تحقيقها دول كبيرة مع مواطنيها فما بالك مع عدو اغتصب وقتل وشرد وهدم، إن المعاملة الحسنة والقيم الإنسانية يمكن أن تترك أثراً عميقاً في نفوس الأسرى وتجعلهم يدركون أهمية القضية التي يدافعون عنها، وهذا ما ارادت حماس ان تظهره للعالم، ودون ان تقصد فهي قد أظهرت للعالم كله سماحة ديننا الحنيف وتعاليمه السمحة.

التاريخ يعيد نفسه ويزداد المقاوم صلابة

الخبر يقول: وصول الجنرال ديل إلى فلسطين الذي هدد بسحق الثورة الفلسسطينية في الثلاثينيات، وكانت النتيجة تمّ سحق الجنرال وقواته التي تعدّ بالآلاف على يد مئات الثوّار، الخبر يقول: بدء تفريغ قطاع غـزة من سكانه سنة 1970 أي قبل 50 سنة والذين بلغ عددهم في ذلك الوقت 300 ألف فقط، وكانت النتيجة قطاع غزة اليوم فيه 2.5 مليون متشبّثون بأرضهم، الخبر يقول: رابين يريد أن يرى غزة ابتلعها البحر، وكانت النتيجة بعد 20 سنة غزة تسلّم أسرى حربها على شط البحر، الخبر يقول: شارون يهدد بالقضاء على المـقاومة في غـزة، وكانت النتيجة: شارون فكّك مستوطناته وخرج من غـزة، الخبر يقول: ترامب يحضّر لتهجيرأهل غزة، فلن تختلف النتيجة عن الفشل السابق، فالتاريخ يتكرّر ونفس المـقاوم يزداد صلابة والمرجفون في المدينة لن يفلحوا.

كسرة أخيرة

المعاملة الحسنة التي تلقاها الأسرى على يد حركة المقاومة الإسلامية حماس تعكس التزام الحركة بالقيم الإنسانية والمبادئ الإسلامية. هذه المعاملة أثرت بشكل إيجابي على الأسرى، مما أدى إلى تعاطفهم وتقديرهم لما وجدوه من كرامة واحترام، وفي المقابل فإن الأسرى الفلسطينيين الذين يعانون في السجون الإسرائيلية يواجهون ظروفًا قاسية وانتهاكات لحقوق الإنسان. هذه المعاملة تؤكد الفروقات الكبيرة في كيفية تعامل كل طرف مع الأسرى، وأثبتت حماس من خلال معاملتها الحسنة، تعزز قوتها وانتصارها ليس فقط في ميدان المعركة، ولكن أيضًا في القلوب والعقول، بينما تظل معاناة الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية مثالًا على الروح الانهزامية والأساليب القمعية التي تُمارس ضدهم.

مساحة إعلانية