رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يشعر البعض أن الحديث عن وسطية الإسلام في هذه الأيام أصبح مكررا ومملاًّ، ولهم بعض الحق، فقد صار مزاج وفكر الأمة والصحوة وسطيًّا، غير أنه لم يكن كذلك في سبعينيات وثمانينيات وتسعينيات هذا القرن، إذ كان التدين يعني بصورة ما: التعمق والتشدد. وما المزاج الوسطي الذي صارت إليه الأمة إلا نتيجة جهود علماء كبار بينوا للناس وسطية الإسلام ويسره واعتداله. وأحد هؤلاء العلماء الكبار هو الشيخ يوسف القرضاوي.
لم تكن الوسطية عند الشيخ القرضاوي عقب تجربة من التشدد كما عند البعض، وإنما خط فكري واضح تستطيع أن ترصده في مؤلفاته، من أولها إلى آخرها، وهو الخط الذي يتفق مع طبيعة شخصيته، ومنهج تعليمه في الأزهر، وطريقة تربيته في جماعة الإخوان.
خذ أيَّ كتاب من كتبه، حتى وإن كان فقهيا خالصا (كفقه الزكاة)، ستجده يبين وسطية الزكاة في الإسلام بجلاء، وهو يقارنها بالصدقة في الأديان الكتابية، والضرائب في الأنظمة الوضعية، وﻻ يجور فيه على حق الفقير لضعفه، وﻻ يحيف على حق الغني لثرائه.
خصَّ الشيخ القرضاوي الوسطية بالحديث في عدد من كتبه، منها كتابه المبكر (الصحوة الإسلامية بين الجحود والتطرف)، وانظر البينية في العنوان التي تشير إلى التوسط، وكذا تحدَّث عنها في (الصحوة وهموم الوطن العربي والإسلامي) و(أولويات الحركة الإسلامية في المرحلة المقبلة) و(الصحوة الإسلامية من المراهقة إلى الرشد) و(خطابنا الإسلامي في عصر العولمة).
ثم أفردها بالتأليف في كتاب (كلمات في الوسطية)، فوضع له ثلاثين معلما يميزونها، وقد نشره مركز الوسطية بالكويت، ثم زاد هذه المعالم توضيحا وشرحا وتفصيلا في كتابه (فقه الوسطية والتجديد في الإسلام)، والذي عرَّف فيه الوسطية، ودلَّل عليها، وذكر معالمها ومناراتها ومظاهرها وآثارها، ونقل أقوال العلماء القدامى والمحدثين عنها، وردَّ على الشُّبُه المثارة حولها، ووضع آليات لنشرها، وقد نشر هذا الكتاب مركز القرضاوي للوسطية والتجديد بالدوحة.
قد يتحرَّج البعض هذه الأيام أن يتحدَّث عن جهود الشيخ في نشر مفهوم الوسطية وخدمته، لاسيما مع الهجمة الشرسة عليه، واتهامه بالتحريض والعنف والإرهاب، والتشنيع عليه بما هو بريء منه، وما هذه الهجمة إلا ﻷن الشيخ ساند حق الشعوب العربية في الحرية والعدالة والعيش الكريم.
غير أن من يرجع عقودا إلى الوراء سيجد الشيخ قد تعرض لمثلها من قبل، حين كان شباب جماعات العنف ينالون منه، ويتهمونه بتسييس الفتاوى وممالأة الحكام والتهاون والتخاذل. ومرت عقود وراجع المتهمون أنفسهم، ونشروا مراجعاتهم على الناس، متضمنة نقولات طويلة واقتباسات في مواضع عدة، من كتب الشيخ القرضاوي التي كان يحذر بعضهم بعضا من قراءتها. لقد وصلوا إلى قناعة بعد تجربة مريرة: أن سبيل الوسطية هو السبيل الصحيح لفهم الإسلام، وخدمته، والدعوة إليه، ومحاولة تنزيل أحكامه على حياة الناس.
ومن ثم فهجمة اليوم وإن اختلف القائمون عليها، من الحكام وأذرعتهم وأذنابهم، ستزول كما زالت أختها من قبل، وأيا كان ما يصيب الشيخ منها في نفسه أو عرضه أو ماله، فسيبقى فكره، وستبقى كتبه معبِّرة عن وسطية الإسلام.
أوذي العلماء على مرِّ العصور، وسجنوا، وضربوا، وعذبوا، وأخرجوا من ديارهم، وصودرت أموالهم، وأحرقت كتبهم، ومات منهم مَن مات في سجنه أو تحت سياط التعذيب، أو ضربت عنقه، وذهب أراذل الحكام ينتظرون الجزاء الوفاق في مزابل التاريخ، وبقي علم العلماء منشورا وذكرهم مرفوعا، والذكر للإنسان عمر ثان.
لقد دُرِّست كتب الشيخ في الجامعات، وسُجِّلت في منهجه الرسائل العلمية في أنحاء العالم، ومنها العالم العربي، وكان الشيخ لا يزال مغضوبا عليه من حكَّام مصر، فإذا كانوا جادين حقًّا في منع كتبه، ومحاصرة فكره، فليراجعوا هوامش كتب أساتذة الجامعات، وفهارس مراجعها، وسيعرفون حينها مكانة الشيخ وتأثيره في الفكر الإسلامي المعاصر.
لقد نشأنا في نهاية المرحلة الثانوية وبداية الجامعية، ونحن نسمع أن كثيرا من الأمور والتصرفات حرام، ﻻ يخالف في ذلك إلا عدد من المشايخ، منهم الشيخ القرضاوي، ثم شيئا فشيئا علمنا أن الشيخ ليس وحده في التحليل، بل معه عدد من علماء الإسلام قديما وحديثا.
كانوا يقولون: التصوير بأنواعه فوتوغرافي وفيديو من الكبائر، والغناء والموسيقى أيا كان حرام، ودخول مجلس الشعب مناف للتوحيد، والديمقراطية كفر!!
خذ مثلا التصوير، كان عدد من مشاهير المشايخ يفرون منه كفرارهم من المجذوم أو الأسد، ويقيمون المعارك الحامية، وينشرون الرسائل الكثيرة، ويشغلون الناس بالفتاوى حول تحريمه، بينما الشيخ يجيزه، ويستخدم المجلة المصوَّرة، والتلفزيون والفضائيات في التعريف بالإسلام والدعوة إليه. ثم دار الزمان دورته وعاد هؤلاء المشايخ يحملون الهواتف الذكية بالكاميرات المزدوجة، يصوِّرهم الناس، ويصورون أنفسهم (سيلفي)، ولهم حسابات رسمية تنشر صورهم على فيس بوك وتويتر ويوتيوب وانستجرام، ونسوا تحريمهم الأول!!
الإسلام دين الوسطية، وستبقى الوسطية ما بقي الإسلام، وسيخرج دعاتها، والمؤمنون بها من محنتهم أصلب عودا، وأرسخ قدما، وأبعد أثرا.
وإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتقين.
Bien hecho España
مع احترامنا لجميع الدول التي ساندت أهل غزة والحكومات التي كانت تدين وتندد دائماً بسياسات إسرائيل الوحشية والإبادة... اقرأ المزيد
258
| 27 أكتوبر 2025
التوظيف السياسي للتصوف
لا بد عند الحديث عن التصوف أن نوضح فارقا مهما بين شيئين: الأول هو «التصوف» الذي تختلف الناس... اقرأ المزيد
123
| 27 أكتوبر 2025
عن خيبة اللغة!
يحدث أحيانًا أن يجلس الكاتب أمام بياض الورق أو فراغ الشاشة كمن يقف في مفترق لا يعرف أي... اقرأ المزيد
276
| 27 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6387
| 24 أكتوبر 2025
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6357
| 27 أكتوبر 2025
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين لم يتقنوا الجلوس في أماكنهم. كم من مقعدٍ امتلأ جسدًا، وظلّ فارغًا فكرًا، وإحساسًا، وموقفًا. الكرسي لا يمنح الهيبة، بل من يجلس عليه هو من يمنح المكان معناه. المدرب… حين يغيب التأثير: المدرب الذي لا يملأ مقعده، هو من يكرّر المعلومات دون أن يُحدث تحولًا في العقول. يشرح بجمود، ويتحدث بثقة زائفة، ثم يغادر دون أن يترك بصمة. الحل أن يفهم أن التدريب رسالة لا مهنة، وأن حضوره يقاس بتغيير الفكر والسلوك بعده. وعندما يغيب هذا الإدراك، يتحول التدريب إلى ترفٍ ممل، ويفقد المجتمع طاقاته الواعدة التي تحتاج إلى من يشعل فيها شرارة الوعي. المدير… حين يغيب القرار: المدير الذي لا يملأ كرسيه، يهرب من المسؤولية بحجة المشورة، ويُغرق فريقه في اجتماعات لا تنتهي. الحل: أن يدرك أن القرار جزء من القيادة، وأن التردد يقتل الكفاءة. وعندما يغيب المدير الفاعل، تُصاب المؤسسة بالجمود، وتتحول بيئة العمل إلى طابور انتظار طويل بلا توجيه. القائد… حين يغيب الإلهام: القائد الذي لا يملك رؤية، لا يملك أتباعًا بل موظفين. الحل: أن يزرع في فريقه الإيمان لا الخوف، وأن يرى في كل فرد طاقة لا أداة. غياب القائد الملهم يعني غياب الاتجاه، فتضيع الجهود، ويضعف الولاء المؤسسي، ويختفي الشغف الذي يصنع التميز. المعلم… حين يغيب الوعي برسالته: المعلم الذي يجلس على كرسيه ليؤدي واجبًا، لا ليصنع إنسانًا، يفرغ التعليم من رسالته. الحل: أن يدرك أنه يربّي أجيالًا لا يلقّن دروسًا. وحين يغيب وعيه، يتخرّج طلاب يعرفون الحروف ويجهلون المعنى، فيُصاب المجتمع بسطحية الفكر وضعف الانتماء. الإعلامي… حين يغيب الضمير: الإعلامي الذي لا يملأ كرسيه بالمصداقية، يصبح أداة تضليل لا منبر وعي. الحل: أن يضع الحقيقة فوق المصلحة، وأن يدرك أن الكلمة مسؤولية. وعندما يغيب ضميره، يضيع وعي الجمهور، ويتحول الإعلام إلى سوقٍ للضجيج بدل أن يكون منارة للحق. الطبيب… حين يغيب الإحساس بالإنسان: الطبيب الذي يرى في المريض رقمًا لا روحًا، ملأ كرسيه علمًا وفرّغه إنسانية. الحل: أن يتذكر أن الطب ليس مهنة إنقاذ فقط، بل مهنة رحمة. وحين يغيب هذا البعد الإنساني، يفقد المريض الثقة، ويصبح الألم مضاعفًا، جسديًا ونفسيًا معًا. الحاكم أو القاضي… حين يغيب العدل: الحاكم أو القاضي الذي يغفل ضميره، يملأ الكرسي رهبة لا هيبة. الحل: أن يُحيي في قراراته ميزان العدالة قبل أي شيء. فحين يغيب العدل، ينهار الولاء الوطني، ويُصاب المجتمع بتآكل الثقة في مؤسساته. الزوج والزوجة… حين يغيب الوعي بالعلاقة: العلاقة التي تخلو من الإدراك والمسؤولية، هي كرسيان متقابلان لا روح بينهما. الحل: أن يفهما أن الزواج ليس عقداً اجتماعياً فحسب، بل رسالة إنسانية تبني مجتمعاً متماسكاً. وحين يغيب الوعي، يتفكك البيت، وينتج جيل لا يعرف معنى التوازن ولا الاحترام. خاتمة الكرسي ليس شرفًا، بل تكليف. وليس مكانًا يُحتل، بل مساحة تُملأ بالحكمة والإخلاص. فالمجتمعات لا تنهض بالكراسي الممتلئة بالأجساد، بل بالعقول والقلوب التي تعرف وزنها حين تجلس… وتعرف متى تنهض.
5103
| 20 أكتوبر 2025