رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
بعد سقوط السلطان عبد الحميد عن السلطة عام 1908، حكمت جمعية الاتحاد والترقي البلاد فعليًا حتى نهايتها. وكان السلطان عبد الحميد يهتم بتوازن القوى على المستويين الإقليمي والدولي. لكن حزب الاتحاد والترقي أضعف هذه السياسة بإهماله البعد الإسلامي، وأغضب الغرب في نفس الوقت بميله نحو ألمانيا. فقدت الإمبراطورية العثمانية معظم أراضيها في حروب البلقان خلال الفترة 1912- 1913 حيث كانت الإمبراطورية الروسية الراعي الرئيس لحروب البلقان بسياساتها السلافية.
وكانت أوروبا الغربية، وخاصة بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، التي كانت تسيطر على جزء كبير من العالم الإسلامي، حريصة على تدمير الاتحاد العثماني إلى الأبد بعد حروب البلقان التي أضعفته بشكل خطير. ولتقسم الأراضي العثمانية بين بريطانيا وفرنسا وروسيا اجتمع ممثلو تلك الدول عدة مرات قبل وأثناء الحرب العالمية الأولى. وآخر اتفاقية تم توقيعها بين بريطانيا وفرنسا فيما يعرف باتفاقية سايكس بيكو. وعندما بدأت الحرب العالمية الأولى في يوليو 1914، هاجموا الأراضي العثمانية أيضًا.
دخلت الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى في أكتوبر 1914 على أمل استعادة أراضيها المفقودة في البلقان والقوقاز والشرق الأوسط. ومع انتشار الحرب إلى عدة جبهات، استهدفت قوات الحلفاء إسطنبول، قلب الدولة العثمانية أو الخلافة، عن طريق البحر عبر مضيق الدردنيل. كانت هذه إحدى المراحل الرئيسة للحرب العالمية الأولى التي أودت بحياة حوالي 20 مليون شخص وعدد أكبر من الجرحى. وبهذا الهجوم، أراد الغرب أيضًا إرسال مساعدات إلى روسيا التي كانت تحت الضغط الألماني. ولذلك أمر رئيس الوزراء البريطاني الأسبق تشرشل بالهجوم في فبراير 1915 (كان حينها يشغل منصب أمير البحرية البريطانية).
فشل التوغل الأول للقوات البحرية البريطانية والفرنسية لاختراق خط الدفاع الساحلي للقوات العثمانية في مارس وأبريل 1915 بسبب تماسك وشجاعة التحصينات العثمانية على ضفتي المضيق. ثم أنزلوا جنودهم في خمسة مواقع مختلفة في شبه جزيرة جاليبولي. حدث آنذاك قتال شرس بين الطرفين، وأبدى الجنود العثمانيون بطولة فائقة ومقاومة باسلة لصد الغزاة، وكان المقاتلون العثمانيون في تلك المعركة التاريخية ينتمون إلى كافة الأمم، أتراك وعرب وأكراد ومهاجري الخلافة الإسلامية من البلقان والقوقاز. على سبيل المثال، قاتل 30 ألف سوري في الجيش العثماني واستشهد منهم 600 في تلك المعركة. ومن ناحية أخرى، جلب المعتدون مقاتلين من الغرب والشرق، منهم الكنديون والهندوس والأستراليون والأفارقة.
كما جلبت قوات الحلفاء رعايا مسلمين تحت شعار مساعدة الخلافة العثمانية. وعندما أدرك المقاتلون المسلمون من الهند وإفريقيا الحقيقة، رفضوا إطلاق النار على المقاتلين العثمانيين أو انشقوا إلى جانبهم. كانت معركة الدردنيل مكلفة للغاية لكلا الجانبين، حيث قُتل نصف مليون شخص بالتساوي تقريبًا من كل جانب. وكانت أول حرب كبرى شهدت استخدامًا واسع النطاق للبنادق الآلية والطائرات. في النهاية، اضطرت القوى الغربية إلى الانسحاب من جاليبولي بخسائر كبيرة.
وبالتزامن مع معارك جاليبولي، كانت القوات البريطانية تحاول آنذاك السيطرة على الخليج العربي عن طريق غزو العراق. أوقفهم الجيش العثماني المدعوم بمقاتلي العشائر العربية في معركة الكوت والعمارة، حيث أخذوا 15 ألف جندي من الجنود البريطانيين أسرى حرب. بعد نكسة الدردنيل، حولت القوى الغربية تركيزها إلى الأراضي العربية. بمعنى آخر، بعد فشلهم في القبض على الرأس، ركزوا على تدمير أجزاء مختلفة من الإمبراطورية العثمانية واحدًا تلو الآخر.
يمكن اعتبار معركة الدردنيل أيضًا بمثابة انتصار على آخر الحملات الصليبية التي استهدفت بلاد المسلمين. الشاعر الراحل محمد عاكف أرصوي، مؤلف النشيد الوطني التركي الحالي، وصف الحرب العالمية الأولى بأنها «الحملة الصليبية الأخيرة». على الرغم من أن الحرب انتهت بهزيمة قوى المحور بعد عامين من معركة جاليبولي، إلا أن انتصار الدردنيل كان له تأثير مهم على مسارات الحرب العالمية الأولى. ولم تتمكن قوى الحلفاء من تحقيق هدفها المتمثل في غزو إسطنبول. ولو سقطت إسطنبول، لربما انتهت الحرب بالسيطرة السريعة على الأراضي العثمانية المتبقية في الشرق الأوسط.
أدى انتصار الدردنيل إلى تحسين حافز الدولة العثمانية وحلفائها للقتال لمدة عامين آخرين. والأهم من ذلك أن القوى المتحالفة فشلت في مساعدة روسيا وإنقاذها من الانهيار الذي أدى بدوره إلى الثورة البلشفية في روسيا. وانسحبت روسيا لاحقا من التحالف مع الغرب. وبعد الهزيمة النكراء للبحرية البريطانية في تلك المعركة، حدث تغير في طبيعة نظام الحكم في إنجلترا، ولو جزئياً. لقد ألهم انتصار جاليبولي «المنسي» المقاومة في الأناضول التي أدت إلى ظهور تركيا الجديدة، وقد ظلت قصص البطولات في تلك المعركة تلهم الشعب التركي، وألهمت المقاومة ضد الاستعمار في وقت لاحق.
الدجاجة التي أسعدت أطفال غزة
دخل على أولاده بدجاجة فهللوا وسجدوا لله شاكرين! هذا كان حال عائلة غزاوية من قطاع غزة حينما أقدم... اقرأ المزيد
231
| 28 أكتوبر 2025
كم تبلغ ثروتك؟
أصبحنا نعيش في عالم تملأه الماديات، نظرة بسيطة على مواقع التواصل الاجتماعي تجعلنا نرى أثر الحياة السريعة المادية... اقرأ المزيد
243
| 28 أكتوبر 2025
التواصل الذي يفرقنا
جلست بالسيارةِ وحتى البحر عبرتُ وخلال مجلسي في الاستراحةِ نظرتُ لكل من يجلس حولي حتى ذلك الطفل الصغير... اقرأ المزيد
195
| 28 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أستاذ العلاقات الدولية بجامعة إسطنبول
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6540
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6423
| 24 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع في القلب وجعًا عميقًا يصعب نسيانه.. في الجولة الثالثة من دوري أبطال آسيا للنخبة، كانت الصفعة مدوية! الغرافة تلقى هزيمة ثقيلة برباعية أمام الأهلي السعودي، دون أي رد فعل يُذكر. ثم جاء الدور على الدحيل، الذي سقط أمام الوحدة الإماراتي بنتيجة ٣-١، ليظهر الفريق وكأنه تائه، بلا هوية. وأخيرًا، السد ينهار أمام الهلال السعودي بنفس النتيجة، في مشهد يوجع القلب قبل العين. الأداء كان مخيبًا بكل ما تحمله الكلمة من وجع. لا روح، لا قتال، لا التزام داخل المستطيل الأخضر. اللاعبون المحترفون الذين تُصرف عليهم الملايين كانوا مجرد ظلال تتحرك بلا هدف و لا حس، ولا بصمة، ولا وعي! أما الأجهزة الفنية، فبدت عاجزة عن قراءة مجريات المباريات أو توظيف اللاعبين بما يناسب قدراتهم. لاعبون يملكون قدرات هائلة ولكن يُزج بهم في أدوار تُطفئ طاقتهم وتشل حركتهم داخل المستطيل الأخضر، وكأنهم لا يُعرفون إلا بالاسم فقط، أما الموهبة فمدفونة تحت قرارات فنية عقيمة. ما جرى لا يُحتمل. نحن لا نتحدث عن مباراة أو جولة، بل عن انهيار في الروح، وتلاشي في الغيرة، وكأن القميص لم يعد له وزن ولا معنى. كم كنا ننتظر من لاعبينا أن يقاتلوا، أن يردّوا الاعتبار، أن يُسكتوا كل من شكك فيهم، لكنهم خذلونا، بصمت قاسٍ وأداء بارد لا يشبه ألوان الوطن. نملك أدوات النجاح: المواهب موجودة، البنية التحتية متقدمة، والدعم لا حدود له. ما ينقصنا هو استحضار الوعي بالمسؤولية، الالتزام الكامل، والقدرة على التكيّف الذهني والبدني مع حجم التحديات. نحن لا نفقد الأمل، بل نطالب بأن نرى بشكل مختلف، أن يعود اللاعبون إلى جوهرهم الحقيقي، ويستشعروا معنى التمثيل القاري بما يحمله من شرف وواجب. لا نحتاج استعراضًا، بل احترافًا ناضجًا يليق باسم قطر، وبثقافة رياضية تعرف كيف تنهض من العثرات لتعود أقوى. آخر الكلام: هذه الجولة ليست سوى بداية لإشراقة جديدة، وحان الوقت لنصنع مجدًا يستحقه وطننا، ويظل محفورًا في ذاكرته للأجيال القادمة.
3126
| 23 أكتوبر 2025