رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
سمو الأمير أمام الأمم المتحدة
رؤية قائد ينشد السلام والازدهار لشعوب العالم
جاء خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة شاملاً لأزمات العالم، مُشخّصاً الواقع، مُستعرضاً القضايا، واضعاً الحلول، ومُلامساً لتطلعات الشعوب، آمالها وآلامها.
خطاب بدأ بالجانب الإنساني، عندما تقدم بالتعازي لأشقائنا في المغرب وليبيا بضحايا الزلزال والفيضانات، مؤكداً تضامن قطر مع الشعبين الشقيقين، وهو تضامن عملياً بدأ منذ اللحظات الأولى لهاتين الكارثتين، عبر جسور جوية من المساعدات لأشقائنا، واجب علينا وليس منة أو تفضلاً.
لقد خاطب سمو الأمير المفدى العالم من موقع القائد المسؤول، الذي لا يحمل في محتوى خطابه مطالب تخص دولته، بل تحدث من موقع الشريك الإستراتيجي للأمم المتحدة في تشخيص مكامن المعاناة في مناطق النزاعات وتقديم المقترحات والحلول الناجحة.
كان سمو الأمير يتحدث بلغة صانع السلام والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم ، ولهذا كان خطابا بمثابة البُشرَى التي تُبشّر العالم بإمكانية الخروج من النفق المظلم لكثير من الشعوب والدول.
إنها البُشرَى التي تعيد تصويب لغة التخاطب في العالم، فبدلاً من خطب التهديد والوعيد يأتي خطاب سموه حاملاً بشائر السلام، بلغة القائد الواثق من قدرة بلاده بدبلوماسيتها المميزة، وهي للتو قد حققت إنجازاً تاريخياً بإتمام اتفاق بين دولتين بينهما من المشاكل والأزمات ما لا حصر لها، أمريكا وإيران، ليؤكد للعالم النهج الذي تدعو له قطر في حل الأزمات وهو الحوار العقلاني والمتزن، بعيداً عن لغة القوة والحلول العسكرية.
لعل ما يميز الخطاب الحادي عشر لسمو الأمير في الأمم المتحدة أنه يأتي مستنداً إلى رصيد كبير من المبادرات الإنسانية التي قدمتها قطر لشعوب العالم، وإلى شراكة دولية أممية رسخت مكانة قطر بين الدول والأمم، وكجسر يربط بين الشرق والغرب، وقد لا نبالغ إن قلنا إن قطر غيّرت المعادلة السائدة في هذا العالم منذ عقود، فهي لم تعد بحاجة إلى الدول الكبرى لنزع فتيل الأزمات، بل أصبحت الدول الكبرى بحاجة إلى جهود قطر ودورها الدبلوماسي وقوتها الناعمة.
لقد جسّد خطاب سمو الأمير التزام قطر القوي بهموم وقضايا العالم والمجتمع الدولي، لا سيما ما يتعلق بالمسائل التي تخص التنمية والسلام والأمن والاستقرار، وعلى رأسها التعليم باعتباره الركيزة الأساسية والمحورية المحركة لكل تلك الجهود.
وظلت قضايا أمتنا وشعوبها تشكل الأولوية ـ كالعادة ـ لسمو الأمير في مثل هذا المحفل الأممي، فقد صارح سموه العالم في الحديث عن قضية فلسطين وما يعانيه شعبها من احتلال وتعسف صهيوني، وحصار لغزة، في ظل تقاعس للمجتمع الدولي، مروراً بالشعب السوري وما يعانيه من ظلم فادح ولا يجوز التسليم به على أنه قدر، وكانت السودان ولبنان واليمن وليبيا جميعها حاضرة في الخطاب، مؤكدا سموه على أن الحل في جميع هذه الدول الشقيقة التي ذكرت يكمن في الإجماع على كيان الدولة والمواطنة واحترام تطلعات الشعوب.
لقد تحدث سمو الأمير عن هموم الإنسانية كما لم يتحدث مسؤول حيث تناول في البداية معاناة البشرية في ظل الهوة الكبيرة بين التقدم العلمي والتكنولوجي وبين تفاقم الأزمات وارتفاع معدلات البطالة وغياب العدالة في توزيع الثروات وازدياد المخاطر على البيئة ملخصا المشهد بعبارة بليغة قال فيها: «كأن شعوب الكرة الأرضية تعيش في عصرين مختلفين».
سمو الأمير تحدث بلغة القائد المسؤول عن قضايا الشعوب والأمة ولذلك كان حريصا ان ينبه المسلمين انه لا يجوز ان يشغلنا معتوه او مغرض كلما خطر بباله ان يستفزنا بحرق القرآن الكريم او بنذالة أخرى. متوجها لكل من يبرر هذه الأفعال القبيحة بأنها حرية تعبير بالقول: لا يجوز ان يكون المس المقصود بمقدسات الآخرين نموذجا عن حرية التعبير.
دولة قطر استطاعت تقديم صيغة بناء جديدة وفريدة مفادها أنها في مقدمة الدول التي تتبنى نهج الحداثة، دون أن تتخلى عن ثوابتها ومرتكزاتها الأصيلة، وهو ما لمسه العالم بأسره خلال استضافتها لبطولة كأس العالم، وتقديمها نسخة استثنائية، تنظيمياً وإدارياً وفنياً، وحملت رسائل ثقافية وحضارية وتاريخية. للمساهمة بالتقريب بين شعوب العالم، مع التزامها بالمحافظة على القيم القطرية الأصيلة على مختلف المستويات.
قطر بلغت مكانة متميزة في الأمم المتحدة، وبما لها من دور فاعل يُشار إليه من قبل المنظمة الدولية والدول الأعضاء إزاء القضايا المطروحة على الساحة الدولية، حيث تعرف دولة قطر بشراكاتها الجادة والمثمرة مع أجهزة الأمم المتحدة، علاوة على إنجازاتها واحترامها للالتزامات الدولية ومبادراتها في مختلف المجالات، لدعم العمل الدولي المتعدد الأطراف لمواجهة التحديات المشتركة، وهو ما دفع المنظمة الأممية لفتح «بيت الأمم المتحدة» بالدوحة، والذي يضم 12 مؤسسة أممية، وهو دليل على ثقة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والمكانة التي تتبوؤها، والمصداقية العالية التي تتمتع بها.
شكّل خطاب سمو الأمير المفدى بوصلة تحدد أولويات القضايا على الخارطة الدولية، وتطرح معالجات جذرية للعديد من الأزمات التي تجتاح العالم.
إنها رؤية قائد ينشد السلام لشعوب العالم وازدهاره وللأجيال القادمة.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6543
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6429
| 24 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع في القلب وجعًا عميقًا يصعب نسيانه.. في الجولة الثالثة من دوري أبطال آسيا للنخبة، كانت الصفعة مدوية! الغرافة تلقى هزيمة ثقيلة برباعية أمام الأهلي السعودي، دون أي رد فعل يُذكر. ثم جاء الدور على الدحيل، الذي سقط أمام الوحدة الإماراتي بنتيجة ٣-١، ليظهر الفريق وكأنه تائه، بلا هوية. وأخيرًا، السد ينهار أمام الهلال السعودي بنفس النتيجة، في مشهد يوجع القلب قبل العين. الأداء كان مخيبًا بكل ما تحمله الكلمة من وجع. لا روح، لا قتال، لا التزام داخل المستطيل الأخضر. اللاعبون المحترفون الذين تُصرف عليهم الملايين كانوا مجرد ظلال تتحرك بلا هدف و لا حس، ولا بصمة، ولا وعي! أما الأجهزة الفنية، فبدت عاجزة عن قراءة مجريات المباريات أو توظيف اللاعبين بما يناسب قدراتهم. لاعبون يملكون قدرات هائلة ولكن يُزج بهم في أدوار تُطفئ طاقتهم وتشل حركتهم داخل المستطيل الأخضر، وكأنهم لا يُعرفون إلا بالاسم فقط، أما الموهبة فمدفونة تحت قرارات فنية عقيمة. ما جرى لا يُحتمل. نحن لا نتحدث عن مباراة أو جولة، بل عن انهيار في الروح، وتلاشي في الغيرة، وكأن القميص لم يعد له وزن ولا معنى. كم كنا ننتظر من لاعبينا أن يقاتلوا، أن يردّوا الاعتبار، أن يُسكتوا كل من شكك فيهم، لكنهم خذلونا، بصمت قاسٍ وأداء بارد لا يشبه ألوان الوطن. نملك أدوات النجاح: المواهب موجودة، البنية التحتية متقدمة، والدعم لا حدود له. ما ينقصنا هو استحضار الوعي بالمسؤولية، الالتزام الكامل، والقدرة على التكيّف الذهني والبدني مع حجم التحديات. نحن لا نفقد الأمل، بل نطالب بأن نرى بشكل مختلف، أن يعود اللاعبون إلى جوهرهم الحقيقي، ويستشعروا معنى التمثيل القاري بما يحمله من شرف وواجب. لا نحتاج استعراضًا، بل احترافًا ناضجًا يليق باسم قطر، وبثقافة رياضية تعرف كيف تنهض من العثرات لتعود أقوى. آخر الكلام: هذه الجولة ليست سوى بداية لإشراقة جديدة، وحان الوقت لنصنع مجدًا يستحقه وطننا، ويظل محفورًا في ذاكرته للأجيال القادمة.
3144
| 23 أكتوبر 2025