رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

شيخة الخاطر

 alkhatershaika@gmail.com

مساحة إعلانية

مقالات

7501

شيخة الخاطر

كل عام وأنتم بخير

20 ديسمبر 2021 , 02:23ص

ها قد قاربت السنة على الأفول، ودنا إقبال عام جديد جعله الله عام خير وبركة على الأمة العربية والإسلامية، وقد يغفل الإنسان عن أهدافه العظيمة التي خلق لأجلها وربما يجهلها البعض أيضاً، وجميل أن نستذكرها بل وأن نعيشها ونعمل بها طالما النبض ما يزال خفاقاً في الصدور، فنسيانها يوقع الإنسان فريسة لمخالب الدنيا الفانية، فمعظم الناس يخططون ويرسمون أهدافاً وغايات كل عام جديد، ولا يجنون في موسم الحصاد سوى الغلال الفاسدة.

فهم في التخطيط لمراميهم يفتقدون التركيز وسبر أغوار نواياهم وتحديد العلة في ما وراء تلك المقاصد، فمعظمها يتصف بالسطحية والتفاهة، ولذا فهي لا تشكل أدنى أهمية تذكر، فعندما يملك الإنسان الكثير، ويتسهل له الحصول على كل شيء فمن البديهي ألا يتكبد عناء التخطيط السليم ووضع الأهداف الناجعة، فهو سائر في هذه الدنيا كالهائم على وجهه، وجل غايته إشباع غرائزه، فمتى كثر المال قل التفكير في إشباع العقل وانصرف إلى إمتاع الجسد، كما تفتقر معظم هذه الأهداف إلى ربطها بخلافة الإنسان في الأرض، حيث إن معظمها مرتبط بأمنيات وغايات دنيوية، بعيدة عن الهدف الأعظم والأسمى لمعنى وجود المخلوق الذي خُلق لتحقيق عبوديته الخالصة للمولى عز وجل، فجعله الله مستخلفاً بأمره في هذه الحياة الدنيا، إذا هي الأمانة، التي أشفقت على حملها السماوات والأرض فحملها الإنسان، وإعمار الأرض وخدمة الناس لوجه الله الخالص من مقتضيات الأمانة، بل من مقتضيات وجوب الخلافة التي اختص الله بها الإنسان، فإن لم تنشأ الأهداف عن غايات أسمى وأجل ولم تكن هناك دافعية مصدرها الإيمان بعقيدة راسخة وحب للمولى عز وجل، فتكون خالصة في تنفيذ وإطاعة أوامره، فأنا يبارك الله مقاصد جنحت لرغبات النفس، وعدلت عن أقوى المهام.

ومعظم هذه الرغبات مأهولة بسحر تأثير كلمات المحفزين الدارجة، وأولئك ممن أطلقوا على أنفسهم مطورو الذات والمنادون بالتغيير الذين يقعون في فخ بريق هذه الموضوعات، التي تتغذى على عاطفة البشر، فيرددون الأفكار ذاتها، والشعارات عينها التي أصابها العقم، ورغم اختلاف المواسم والفصول إلا أنهم يعرضون البضائع ذات النوع الواحد الذي أصابه الكساد، دون معرفة حقيقة بأدوات التطوير ومنهجية التغيير وفلسفته، ولذا تجد أغلب الناس لا يستفيدون استفادة حقيقية من هذه الموضوعات المبتذلة، أما هذه العبارات فهي تعمل عمل المخدر الموضعي فهي لا تعالج العلة من جذورها وإنما تدهن النفوس بمرهم الخطابات المحفزة والقصص المبدعة عن إغراء الأهداف المشرقة، فيتخبط فيها البشر ويأخذون ما يشاءون دون شعور بمدى ملاءمة هذه الأهداف لحياتهم وواقعهم ومستقبلهم، فهم في ذلك بين فكي كماشة الرغبات التي حاولوا عبثاً أن تتحقق، وهيهات لها أن ترى النور وهي لا تني تسير خلف بائعي السراب.

لا شك أن بعض الأهداف تتحقق وقد تفوق التوقعات ولكن ما هو مهم هو استكشاف السبيل الصحيح لتحقيق هذه الأهداف وما تشتمل عليه من نوايا قد تكون خافية بين طيات النفس، فتؤثر في سفر تكوينها، وكذا فإن معرفة الطريق السوي، تستوجب تبديلاً في الطريقة الإدراكية للمعتقدات والأفكار، واكتناه حقيقة مغزاها، التي عبثت بها أيدي الحداثة فنأت بها عن جذورها، لتتعلق بجذور وعروق لم تألفها، ولا تزال محاولاتها للعبث في ما تبقى من تربتها الصالحة مستمرة، فتتصور وجوهاً شتى لغاية واحدة أزلية، ومعرفة ذلك ووضعه في الحسبان ضرورة إذا ما أردنا التقدم والنمو بالطريقة التي يريدها ويرضاها مالك الملك.

فهنيئا لنا ولكم قدوم 2022 وأسأل الله فواتح الخير وخواتمه، اللهم اشغلنا بما يقربنا إليك، ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، اللهم نور قلوبنا ودروبنا وبصيرتنا، اللهم اغفر تطاولنا وجرأتنا عليك واغفر ذنوبنا وتقصيرنا في أمور ديننا ودنيانا، فأنت الحليم الغفور، وصلى الله على حبيبنا وشفيعنا محمد صلى الله عليه وسلم.

alkhatershaika@gmail.com

 

مساحة إعلانية