رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
التغيير الثقافي هو تغيير في نمط حياة مجموعة بشرية أو مجتمع. كما أوضحنا في المقال السابق، يمكن أن يحدث التغيير الثقافي بسبب الظروف المادية أو غير المادية (المعنوية). وتشمل الظروف المعنوية المعتقدات الدينية أو حتى الأيديولوجيات أو المذاهب العلمانية. مثلا؛ أدى ظهور الإسلام إلى موجة ضخمة من التغيرات الثقافية في جميع أنحاء العالم. كما أثر ظهور الشيوعية في دول كثيرة وعلى وجهات نظر الناس حول العالم. إن تفضيل أيديولوجية أو هوية واحدة مثل القومية أو الطائفية يمكن أن يكون له تأثير خطير على كيفية رؤية الناس للعالم والجماعات الأخرى.
للحكومات الحالية تأثير كبير على تعريف هوية المواطنين وأيديولوجيتهم من خلال المناهج المدرسية ووسائل الإعلام الحكومية حيث إنها تضع تعريفا "للمواطن الصالح". وقد مر العالم الإسلامي بأنواع مختلفة من التعليم التي فرضها الاستعمار الغربي في آسيا وأفريقيا خلال القرنين الماضيين، مما أثر على ثقافته بشكل طفيف أحيانًا وبشكل قوي أحيانًا أخرى. وحتى بعد الاستقلال استمر النمط الغربي للتعليم في التأثير على المجتمعات الإسلامية مما خلق ردود فعل عكسية واضحة. إن التقبل الرسمي وغير الرسمي للثقافة الغربية أو رفضها لازال يثير جدلاً في المجتمعات العربية والإسلامية.
تتغير الثقافات من خلال الانتشار الثقافي حيث يمكن أن ينتشر دين أو أيديولوجية أو فكرة من منطقة إلى أخرى. وتشمل السمات الثقافية الملموسة مثل الأكل واللباس إلى السمات الرمزية (المعنوية) مثل المعتقدات والقيم. على سبيل المثال؛ القيم الأخلاقية هي الأهداف العامة للتغيير في عصر الاتصالات والتكنولوجيا. وبطبيعة الحال فإن الهيمنة الغربية على التكنولوجيا والمنتجات الثقافية (مثل الأفلام والموسيقى وغيرها) في السوق العالمي تمنحهم ميزة بعكس الثقافات الأخرى. على الجانب الآخر فإن الثقافات الأخرى ليست منعدمة تمامًا حيث أنها تجد أيضًا مساحة عبر الإنترنت للمقاومة أو لإثبات نفسها ضد هيمنة الثقافات الغربية.
للهجرة دور في تغير الثقافات من خلال الاتصال الثقافي حيث تجتمع الثقافات المختلفة، خاصة عندما تهاجر أعداد كبيرة من الناس. على سبيل المثال؛ عندما ذهب العمال الأتراك إلى ألمانيا في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين تعرض كلا الجانبين لصدمة ثقافية. وعلى حد تعبير الكاتب السويسري ماكس فريش في عام 1965 "لقد طلبنا العمالة ولكن جاءنا الناس" ما يعني أنهم جاءوا مع عائلاتهم وثقافاتهم. يمكن أن يؤدي الاتصال الثقافي بين ثقافتين مختلفتين إلى التعايش الثقافي أو الاندماج أو حتى إلى الصراع.
يتحدثون في الغرب عن الاستيعاب أو التكيف أو التكامل أو الإدماج كطرق مختلفة للتغيير الثقافي. ونلاحظ أمثلة على جميع أشكال التغير الثقافي في الغرب وفي منطقة الخليج وفي تركيا التي امتلأت بالمهاجرين لفترة طويلة. تعيد كل من دول الخليج وتركيا تعريف نفسها، بعد وصول أعداد كبيرة من المهاجرين وتضيف إلى ثقافتها ثقافات مختلفة وطرق مختلفة في الأكل والتفكير وغيرها.
التغيرات الاجتماعية لا تحدث بسهولة لأنها تلقى مقاومة أو رد فعل من قطاعات معينة في المجتمع. ولأن الثقافة تركز على النظام الاجتماعي والاستقرار، فإن أي تغييرات ثقافية ستؤدي بالضرورة إلى تغيير التصورات والعادات والتقاليد. ويربط البعض المقاومة بتحدي الأفكار الجديدة لطرق التفكير التقليدية، ولكنها تتعلق أيضًا بالمصالح الحالية لبعض قطاعات المجتمع. تعد الحركات الاجتماعية أيضًا عاملاً رئيسيًا في التغيير الثقافي، بمعنى أن بعض الفئات الاجتماعية ترغب في تغيير أساليب الحياة والقيم والمعتقدات و/أو السياسات في المجتمع (التغيير الجذري).
تتصارع الحركات الاجتماعية حول ما هو جيد وما هو سيئ كما هي طبيعة المشاكل والحلول دائما. فبينما تحاول إحدى المجموعات إقناع الآخرين بالمشكلة، ربما يختلفون حول طبيعة المشاكل والحلول. فمثلا؛ في تركيا حاولت النخب العلمانية المدعومة من الجيش تعريف ارتداء الحجاب على أنه مشكلة، بينما اعتبر المجتمع هذا الرأي بمثابة مشكلة. ولذا فإن النضال من أجل التغيير يمكن أن يتأثر بنخب السلطة، ووصولهم إلى وسائل الإعلام وتصرفات المجموعات المعارضة للتغيير الاجتماعي والثقافي.
قمة وايز.. الإنسان أولاً وكيف لا يكون؟
صباح الاثنين ٢٤ نوفمبر٢٠٢٥م وبحضور فارع علما ومعرفة تم افتتاح القمة العالمية للابتكار في التعليم «وايز» بدولة قطر.... اقرأ المزيد
75
| 26 نوفمبر 2025
مشاهير.. وترندات
عندما سئل الشخص الذي بال في زمزم عن سبب فعله؟... فرد معللا بأنه أراد الشهرة فاشتهر، ولكن بهذا... اقرأ المزيد
96
| 26 نوفمبر 2025
«وين فلانة ؟» سؤال خرج مني هذه المرة بإصرار بعد أن اكتشفت فجأة أن سنوات طويلة مرت دون... اقرأ المزيد
129
| 26 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أستاذ العلاقات الدولية بجامعة إسطنبول
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
13656
| 20 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1800
| 21 نوفمبر 2025
في لحظة تاريخية، ارتقى شباب المغرب تحت 17 عاماً إلى أسمى آفاق الإنجاز، حين حجزوا مقعدهم بين عمالقة كرة القدم العالمية، متأهلين إلى ربع نهائي كأس العالم في قطر 2025. لم يكن هذا التأهل مجرد نتيجة، بل سيمفونية من الإرادة والانضباط والإبداع، أبدعها أسود الأطلس في كل حركة، وفي كل لمسة للكرة. المغرب قدم عرضاً كروياً يعكس التميز الفني الراقي والجاهزية الذهنية للاعبين الصغار، الذين جمعوا بين براعة الأداء وروح التحدي، ليحولوا الملعب إلى مسرح للإصرار والابتكار. كل هجمة كانت تحفة فنية تروي قصة عزيمتهم، وكل هدف كان شاهداً على موهبة نادرة وذكاء تكتيكي بالغ، مؤكدين أن الكرة المغربية لا تعرف حدوداً، وأن مستقبلها مزدهر بالنجوم الذين يشقون طريقهم نحو المجد بخطوات ثابتة وواثقة. هذا الإنجاز يعكس رؤية واضحة في تطوير الفئات العمرية، حيث استثمر الاتحاد المغربي لكرة القدم في صقل مهارات اللاعبين منذ الصغر، ليصبحوا اليوم قادرين على مواجهة أقوى المنتخبات العالمية ورفع اسم بلادهم عالياً في سماء البطولة. وليس الفوز وحده، بل القدرة على فرض أسلوب اللعب وإدارة اللحظات الحرجة والتحلي بالهدوء أمام الضغوط، ويجعل هذا التأهل لحظة فارقة تُخلّد في التاريخ الرياضي المغربي. أسود الأطلس الصغار اليوم ليسوا لاعبين فحسب، بل رموز لإصرار أمة وعزيمة شعب، حاملين معهم آمال ملايين المغاربة الذين تابعوا كل لحظة من مغامرتهم بفخر لا ينضب. واليوم، يبقى السؤال الأعمق: هل سيستطيع هؤلاء الأبطال أن يحولوا التحديات القادمة إلى ملحمة تاريخية تخلّد اسم الكرة المغربية؟ كل المؤشرات تقول نعم، فهم بالفعل قادرون على تحويل المستحيل إلى حقيقة، وإثبات أن كرة القدم المغربية قادرة على صناعة المعجزات. كلمة أخيرة: المغرب ليس مجرد منتخب، بل ظاهرة تتألق بالفخر والإبداع، وبرهان حي على أن الإرادة تصنع التاريخ، وأن أسود الأطلس يسيرون نحو المجد الذي يليق بعظمة إرادتهم ومهارتهم.
1176
| 20 نوفمبر 2025