رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
نحن اليوم في قطر النور، وبين حاضنة "دوحة الخير"، حيث تأتي الزيارة لوفد اعلامي متعدد التخصصات، والخبرات، أتينا إلى قطر لننهل من معين خبرات مؤسساتها التدريبية، ومن فيض إنسانية أبنائها الذين ينيخون ركاب المودة بين كل تقاسيم بلدهم، ليرسموا المحبة لمن يزورهم، ويحتضنوا الوافد لمن أتاهم، فقطر مساحة من الود والاخاء للقريب والبعيد، والى"دوحة الخير" تتقاطر الوفود مهرولة ركاب مطيها، حيث الأمن والاستقرار، والخير، والرخاء، والنماء.
معانٍ من الرشد الإنسانى الكبير يجدها الزائر لأول مرة، ويعرفها الزائر المستمر فى معانقته لـ"دوحة الخير"، ولعله من حسن الطالع لهذه الزيارة الأولى — اعتبرها — حيث الزيارة الاولى كانت فى عام 1983م، يوم ان كانت "دوحة الخير" تتقاسم مع البحر والبر مساحة البقاء، واستمرار الوفاء لأرض لا تزال تدفع بأبنائها الى سلم المجد والتقدم، معززين بدافع المعرفة، وبجهد المخلصين، وصدق العاملين، فالأوطان تراهن أبدا على جهد ابنائها الخيرين.
وحسن طالعنا هذا ان نعيش افراح "دوحة الخير"، وهى تعزف سمفونية الفرح الجميل، يتقدمها فى ذلك قائد مسيرتها الشاب الطموح المتوثب نحو الرقى بهذا البلد الرائع بابنائه، صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثانى — حفظه الله ورعاه — وسدد الى طريق الخير خطاه، تكلأه العناية عناية الله، وترفده سواعد ابناء شعبه الوفي، فاليوم الوطنى لـ قطر الشقيقة ترنيمة أمل لبناء مستقبل اكثر اشراقا، ومحطة مراجعة لما بعد هذه المرحلة، والمرحلة القادمة، بلا شك، اكثر طموحا، واكثر استبشارا، واكثر تفاؤلا، فالرؤية جد واضحة المعالم، وما هذه الاشتغالات التى نراها على ارض الواقع الا توظيفا جميلا لما يخطط له، ولما يرسم له، ولما يتوقع له، فـ "دوحة الخير" معطاءة لما يهب، هذه هى الصورة الماثلة عن قرب، والصورة المستوحاة عن بعد لا شك انها اكبر، واشمل، واعمق، واسمى.
عندما زرت الأستاذ الكريم جابر الحرمى رئيس تحرير هذه الجريدة الغراء، قرأت بين محياه مستقبل هذا البلد العزيز، فأقرب ما تستشف حقيقة البلد هى القراءات الانسانية المرتسمة على وجوه ابنائه، وجدته اكثر تفاؤلا، واكثر عزيمة، وكثر ادراكا لمهام ومسؤوليات المواطن القطرى الجميل، وهذا ما يعكس مستوى التقارب الوجدانى بين القيادة والشعب، واذا كان من واجب الصحفى ان يتسلح بسلاح (التقمص الوجداني) لقطاع عريض من المتلقين، حتى يوصل رسالته التى يود، فان فى قراءتى للملامح الانسانية على وجه احد ابناء هذا الوطن الكريم ما يغنى عن التقصى عن حقيقة الرسالة الموكولة الى كل قطرى ينشد الرفعة والتقدم والعزة لبلده، فهذا بلد كريم وجد ليبقى، ويستمر، ويسهم فى العطاء الانسانى على امتداد جغرافية الوطن العربى الكبير، الذى يتشكل من (22) لؤلؤة تشرق من الخليج الى المحيط، ولنتجاوز فى هذه اللحظة المثمنة للعطاء فى بلد عربى واحد مجموع الارهاصات التى تتم لتشكيل وطن جميل هنا او هناك.
فى واحدة — كما هو معروف منذ ما يقارب الـ(30) عاما — "من أروع القصائد التى كتبها الشاعر والأديب السعودى غازى عبدالرحمن القصيبي" رحمه الله، التى حملت عنوان «درب من العشق» جسد فيها الشاعر اجمل معانى الود، والاخاء بين اللحمة الخليجية الرائعة التى تسجل اليوم عمرا زمنيا لأكثر من ثلاثين عاما، شهدت (34) قمة خليجية كان آخرها هنا فى "دوحة الخير"، فى مطلع الشهر الحالي، والتى قال فيها القصيبي:
نسيت اين أنا ان الرياض هنا: مع المنامة مشغولان بالسفر
ام هذه جدة جاءت بأنجمها: ام المحرق زارتنا مع القمر
وهذه ضحكات الفجر فى الخبر: ام الرفاع رنت فى موسم المطر
ام انها مسقط السمراء زائرتي: ام انها الدوحة الخضراء فى قطر
ام الكويت التى حيت فهمت بها؟: اما انها العين كم فى العين من حور؟
بدو وبحارة مالفرق بينهما: والبر والبحر ينسابان من مضر
خليج ان حبال الله تربطنا: فهل يقربنا خيط من البشر؟
لحمة اجتماعية قياسية بعمر الزمن، ولا نلتفت الى الزعيق هنا او هناك، فالعلاقات المتجذرة بين ابناء الخليج العربى علاقات ممتدة، جسدتها، ولا تزال، حميمية اجتماعية، ونشاط انسانى كبير، لنا ان نقول فيه الشيء الكثير، ولنا ان نقول عنه الاكثر، ازمنة من الدهر كونت جسورا من التلاحم، والتعاضد، والتكامل، وما زلنا نحتاج الى هذه الصورة الابداعية التى جسدها القصيبى فى رائعته، ولا نزال كذلك يدفعنا الى هذا البقاء حضارة وتاريخ، قيم ومبادئ، سلوك وصور خاصة بخصوصية ابناء الخليج الذى تقاطرت دوله عبر تاريخ بعيد، حيث مولد الحضارة الانسانية فى كل بلد على حدة.
وما بين "مسقط السمراء" و"الدوحة الخضراء" قصة تواصل رائعة التكوين، يظللها نسيج اجتماعي قبل كل شيء، ويتوغل بين مفاصلها تاريخ مشترك، ويضفى على افياء مودتها هذا التقارب الانساني فى مختلف اوجه الحياة، انها قصة شعب تتعدد فصولها، وتكبر مبادئُها، وتؤتى اكلها كل حين باذن ربها تباركها قيادتا البلدين، نسأل الله تعالى ان يمد فى عمرهما، ويوهبهما الصحة والعافية والعمر المديد، وان يكلل مساعيهما نحو الصلاح والتقدم لخيرى البلدين الشقيقين.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6540
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6423
| 24 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع في القلب وجعًا عميقًا يصعب نسيانه.. في الجولة الثالثة من دوري أبطال آسيا للنخبة، كانت الصفعة مدوية! الغرافة تلقى هزيمة ثقيلة برباعية أمام الأهلي السعودي، دون أي رد فعل يُذكر. ثم جاء الدور على الدحيل، الذي سقط أمام الوحدة الإماراتي بنتيجة ٣-١، ليظهر الفريق وكأنه تائه، بلا هوية. وأخيرًا، السد ينهار أمام الهلال السعودي بنفس النتيجة، في مشهد يوجع القلب قبل العين. الأداء كان مخيبًا بكل ما تحمله الكلمة من وجع. لا روح، لا قتال، لا التزام داخل المستطيل الأخضر. اللاعبون المحترفون الذين تُصرف عليهم الملايين كانوا مجرد ظلال تتحرك بلا هدف و لا حس، ولا بصمة، ولا وعي! أما الأجهزة الفنية، فبدت عاجزة عن قراءة مجريات المباريات أو توظيف اللاعبين بما يناسب قدراتهم. لاعبون يملكون قدرات هائلة ولكن يُزج بهم في أدوار تُطفئ طاقتهم وتشل حركتهم داخل المستطيل الأخضر، وكأنهم لا يُعرفون إلا بالاسم فقط، أما الموهبة فمدفونة تحت قرارات فنية عقيمة. ما جرى لا يُحتمل. نحن لا نتحدث عن مباراة أو جولة، بل عن انهيار في الروح، وتلاشي في الغيرة، وكأن القميص لم يعد له وزن ولا معنى. كم كنا ننتظر من لاعبينا أن يقاتلوا، أن يردّوا الاعتبار، أن يُسكتوا كل من شكك فيهم، لكنهم خذلونا، بصمت قاسٍ وأداء بارد لا يشبه ألوان الوطن. نملك أدوات النجاح: المواهب موجودة، البنية التحتية متقدمة، والدعم لا حدود له. ما ينقصنا هو استحضار الوعي بالمسؤولية، الالتزام الكامل، والقدرة على التكيّف الذهني والبدني مع حجم التحديات. نحن لا نفقد الأمل، بل نطالب بأن نرى بشكل مختلف، أن يعود اللاعبون إلى جوهرهم الحقيقي، ويستشعروا معنى التمثيل القاري بما يحمله من شرف وواجب. لا نحتاج استعراضًا، بل احترافًا ناضجًا يليق باسم قطر، وبثقافة رياضية تعرف كيف تنهض من العثرات لتعود أقوى. آخر الكلام: هذه الجولة ليست سوى بداية لإشراقة جديدة، وحان الوقت لنصنع مجدًا يستحقه وطننا، ويظل محفورًا في ذاكرته للأجيال القادمة.
3138
| 23 أكتوبر 2025