رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

أحمد بن سالم الفلاحي

أحمد بن سالم الفلاحي

مساحة إعلانية

مقالات

3152

أحمد بن سالم الفلاحي

أَمْ أَنَّهَا الدَّوْحَةُ الْخَضْرَاءُ فِيْ قَطَرِ

21 ديسمبر 2014 , 02:21ص

نحن اليوم في قطر النور، وبين حاضنة "دوحة الخير"، حيث تأتي الزيارة لوفد اعلامي متعدد التخصصات، والخبرات، أتينا إلى قطر لننهل من معين خبرات مؤسساتها التدريبية، ومن فيض إنسانية أبنائها الذين ينيخون ركاب المودة بين كل تقاسيم بلدهم، ليرسموا المحبة لمن يزورهم، ويحتضنوا الوافد لمن أتاهم، فقطر مساحة من الود والاخاء للقريب والبعيد، والى"دوحة الخير" تتقاطر الوفود مهرولة ركاب مطيها، حيث الأمن والاستقرار، والخير، والرخاء، والنماء.

معانٍ من الرشد الإنسانى الكبير يجدها الزائر لأول مرة، ويعرفها الزائر المستمر فى معانقته لـ"دوحة الخير"، ولعله من حسن الطالع لهذه الزيارة الأولى — اعتبرها — حيث الزيارة الاولى كانت فى عام 1983م، يوم ان كانت "دوحة الخير" تتقاسم مع البحر والبر مساحة البقاء، واستمرار الوفاء لأرض لا تزال تدفع بأبنائها الى سلم المجد والتقدم، معززين بدافع المعرفة، وبجهد المخلصين، وصدق العاملين، فالأوطان تراهن أبدا على جهد ابنائها الخيرين.

وحسن طالعنا هذا ان نعيش افراح "دوحة الخير"، وهى تعزف سمفونية الفرح الجميل، يتقدمها فى ذلك قائد مسيرتها الشاب الطموح المتوثب نحو الرقى بهذا البلد الرائع بابنائه، صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثانى — حفظه الله ورعاه — وسدد الى طريق الخير خطاه، تكلأه العناية عناية الله، وترفده سواعد ابناء شعبه الوفي، فاليوم الوطنى لـ قطر الشقيقة ترنيمة أمل لبناء مستقبل اكثر اشراقا، ومحطة مراجعة لما بعد هذه المرحلة، والمرحلة القادمة، بلا شك، اكثر طموحا، واكثر استبشارا، واكثر تفاؤلا، فالرؤية جد واضحة المعالم، وما هذه الاشتغالات التى نراها على ارض الواقع الا توظيفا جميلا لما يخطط له، ولما يرسم له، ولما يتوقع له، فـ "دوحة الخير" معطاءة لما يهب، هذه هى الصورة الماثلة عن قرب، والصورة المستوحاة عن بعد لا شك انها اكبر، واشمل، واعمق، واسمى.

عندما زرت الأستاذ الكريم جابر الحرمى رئيس تحرير هذه الجريدة الغراء، قرأت بين محياه مستقبل هذا البلد العزيز، فأقرب ما تستشف حقيقة البلد هى القراءات الانسانية المرتسمة على وجوه ابنائه، وجدته اكثر تفاؤلا، واكثر عزيمة، وكثر ادراكا لمهام ومسؤوليات المواطن القطرى الجميل، وهذا ما يعكس مستوى التقارب الوجدانى بين القيادة والشعب، واذا كان من واجب الصحفى ان يتسلح بسلاح (التقمص الوجداني) لقطاع عريض من المتلقين، حتى يوصل رسالته التى يود، فان فى قراءتى للملامح الانسانية على وجه احد ابناء هذا الوطن الكريم ما يغنى عن التقصى عن حقيقة الرسالة الموكولة الى كل قطرى ينشد الرفعة والتقدم والعزة لبلده، فهذا بلد كريم وجد ليبقى، ويستمر، ويسهم فى العطاء الانسانى على امتداد جغرافية الوطن العربى الكبير، الذى يتشكل من (22) لؤلؤة تشرق من الخليج الى المحيط، ولنتجاوز فى هذه اللحظة المثمنة للعطاء فى بلد عربى واحد مجموع الارهاصات التى تتم لتشكيل وطن جميل هنا او هناك.

فى واحدة — كما هو معروف منذ ما يقارب الـ(30) عاما — "من أروع القصائد التى كتبها الشاعر والأديب السعودى غازى عبدالرحمن القصيبي" رحمه الله، التى حملت عنوان «درب من العشق» جسد فيها الشاعر اجمل معانى الود، والاخاء بين اللحمة الخليجية الرائعة التى تسجل اليوم عمرا زمنيا لأكثر من ثلاثين عاما، شهدت (34) قمة خليجية كان آخرها هنا فى "دوحة الخير"، فى مطلع الشهر الحالي، والتى قال فيها القصيبي:

نسيت اين أنا ان الرياض هنا: مع المنامة مشغولان بالسفر

ام هذه جدة جاءت بأنجمها: ام المحرق زارتنا مع القمر

وهذه ضحكات الفجر فى الخبر: ام الرفاع رنت فى موسم المطر

ام انها مسقط السمراء زائرتي: ام انها الدوحة الخضراء فى قطر

ام الكويت التى حيت فهمت بها؟: اما انها العين كم فى العين من حور؟

بدو وبحارة مالفرق بينهما: والبر والبحر ينسابان من مضر

خليج ان حبال الله تربطنا: فهل يقربنا خيط من البشر؟

لحمة اجتماعية قياسية بعمر الزمن، ولا نلتفت الى الزعيق هنا او هناك، فالعلاقات المتجذرة بين ابناء الخليج العربى علاقات ممتدة، جسدتها، ولا تزال، حميمية اجتماعية، ونشاط انسانى كبير، لنا ان نقول فيه الشيء الكثير، ولنا ان نقول عنه الاكثر، ازمنة من الدهر كونت جسورا من التلاحم، والتعاضد، والتكامل، وما زلنا نحتاج الى هذه الصورة الابداعية التى جسدها القصيبى فى رائعته، ولا نزال كذلك يدفعنا الى هذا البقاء حضارة وتاريخ، قيم ومبادئ، سلوك وصور خاصة بخصوصية ابناء الخليج الذى تقاطرت دوله عبر تاريخ بعيد، حيث مولد الحضارة الانسانية فى كل بلد على حدة.

وما بين "مسقط السمراء" و"الدوحة الخضراء" قصة تواصل رائعة التكوين، يظللها نسيج اجتماعي قبل كل شيء، ويتوغل بين مفاصلها تاريخ مشترك، ويضفى على افياء مودتها هذا التقارب الانساني فى مختلف اوجه الحياة، انها قصة شعب تتعدد فصولها، وتكبر مبادئُها، وتؤتى اكلها كل حين باذن ربها تباركها قيادتا البلدين، نسأل الله تعالى ان يمد فى عمرهما، ويوهبهما الصحة والعافية والعمر المديد، وان يكلل مساعيهما نحو الصلاح والتقدم لخيرى البلدين الشقيقين.

مساحة إعلانية