رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
على الرغم من قصرها، تسلّط هذه الرواية الضوء على حادثة قتل نكراء جرت أحداثها في القرن التاسع عشر وطوى التاريخ صفحتها كحقيقة منسية أخرى من التاريخ الدموي لليهود على أرض المسلمين!
بعد نكسة حزيران 1967 ومن وزارة العدل في دمشق، تصل إلى يد الروائي والطبيب المصري د.نجيب الكيلاني (1931-1995) صور من محاضر تحقيق ترجع لعام 1256هـ-1840م، عن اختفاء رجل دين مسيحي على حين غرّة في حارة اليهود، أسفرت عن مقتله غدراً على يد عدد من وجهائهم بعد أن تم استدراجه إلى حيّهم بتحريض من حاخاماتهم، وذلك من أجل خلط دمه بعجين لصنع فطير مقدس في عيد الفصح له أثر السحر في صنع المعجزات، حسب ما تورده نصوص التلمود، وقد أتبعوه بخادمه عندما قدم عليهم يتقصّى أثره!
توثّق هذه الرواية المعززة بالمخطوطات جريمة قتل (القسيس البادري توما)، وهو الذي -رغم أصله الإيطالي وهويته الفرنسية- عاش في دمشق أكثر من ثلاثين عاماً شهد أهلها على خير ما قدّم لهم لا سيما علاجهم طوعاً، وقد تكفّل بقتله وتقطيعه إرباً اليهودي (سليمان الحلاق) والذي كان يدفن في صدره ضغينة له خلاف ما كان يظهر له من بشاشة، حيث أفقده الزبائن الذين لم يكونوا يلجؤون إليه إلا لفصد الدم، وهو الذي لم يتورّع عن قتل خادمه (إبراهيم عمّار) بعده بنفس الوحشية. لقد كان يصرّح بما اعتمل في نفسه الدنيئة لزوجه فقط، وقد قال لها في ليلة: «أراني مضطراً لأن أكذب وأمالئ وأنافق وأسرق بل وأقتل في بعض الأحيان! ألا ترين كيف حكمت أوروبا العالم وسيطرت عليه؟ وكيف استطاع الإنجليز أن يثبتوا أقدامهم في الهند؟ لا بدّ من الخوض في دماء البشر وجثث الضحايا.. الأقوياء ينتصرون، وليست القوة سيفاً ومدفعاً ولكنها قوة إرادة تسحق هواجس النفس وضعفها، وتسخر من كل القيم النبيلة».
تعكس الرواية التاريخية عددا من الدلالات التي تفضح جبلّة اليهود وما يشهد عليهم واقع اليوم! فهم إذ يصنّفون غير اليهودي ضمن مرتبة (الأممين) أو (الأغيار) أو كما يُعرف لديهم بـ (الجوييم)، وهي مرتبة أدنى في الإنسانية من اليهودي الخالص قد تتدنى إلى مرتبة الحيوان، يصبح أي تصرّف مع هذا الكائن وفق ذلك مباح! وقد أظهرت الرواية قدرا من ذلك التطرّف العنصري والانحلال الخلقي والتعطّش للدماء في شخص التاجر اليهودي (داود هراري) وقد بارك صلب القسيس قبل سفك دمه والتلذذ بمشربه من أجل إعادة الفاعلية لرجولته، يؤازره أخوته (يوسف وإسحق وهارون)، ومعهم الحاخامان (سلانيكي) و(العنتابي). لا تقف دلالات الرواية عند هذا الحد، بل تعكس دأب اليهود على النفاذ في مفاصل الدولة من خلال تأسيسهم (حارة اليهود)، أو كما يُعرف اليوم بـ (الدولة العميقة)، وهو ما يكشف عن نشاط مبكّر لتأسيس حركة صهيونية عالمية، وقد جاء موقف ولاة المسلمين آنذاك خاضعاً ومتفقاً.
أمّا وقد فُضح أمر المجرمين على الملأ وتم اعتقالهم رهن التحقيق، يعلن أحد الحاخامات إسلامه وقد تفرّغ للاطلاع على الديانتين المسيحية والإسلامية أثناء سجنه، بينما تساقط الباقون تباعاً في اعترافات دامية تقشعرّ لها الأبدان، في قضية كانت أشبه بقضايا الرأي العام آنذاك! حينها، تدّخل قناصل بعض الدول الأوروبية الموالون لليهود في سير التحقيق، حيث تم بيع الدماء الطاهرة بالمال اليهودي في النهاية، والذي اتسعت له ذمة والي مصر والشام آنذاك (محمد علي باشا) وخزائنه التي ساءلتهم: هل من مزيد؟. فتم الإفراج عن أولئك القتلة، وقُتلت العدالة في المقابل.
ينقل الروائي خاتمة تلك الجريمة البشعة التي تم تطهيرها بجريمة أكثر بشاعة، قائلاً في نبرة جنون: «عندما قرأ شريف باشا والي دمشق ذلك «الفرمان» الغريب لهثت أنفاسه ودارت به الأرض. اشتد به الضيق وأقعده الخطب الجسيم عن النهوض، ورنت في رأسه كلمة «العدالة». لم يذبح البادري وخادمه وحدهما، وإنما قُطّع جسد العدالة إربا إرباً.. سبعة شهور من التحري والتدقيق والتحقيق.. اعترافات كاملة، شهادات ثابتة.. حتى البلاطة المنفسخة التي حطمت عليها جمجمة البادري وقطع طربوشه وعظامه والسكين، ويد الهاون.. تعاليم التلمود الصريحة، أقوال الحاخامات، التفاصيل الدقيقة الصغيرة لكل شيء.. يا ضيعة العدالة.. قناصل الدول الذين شهدوا كل شيء وتحققوا من كل شيء، قضية الرشوة الأخيرة.. العدالة.. العدالة.. هاهاها!! وأخذ شريف باشا يضحك في هستيرية ثم صاح فحضر العسكر، فقال لهم بصوت عال أجش: (أفرجوا عن جميع اليهود المسجونين.. تلك إرادة الوالي باشا الأعظم.. وليحيى للعدل). كان ذلك في يوم 5 سبتمبر (أيلول) عام 1840 ميلادية».
وبما أن التاريخ لا يزال يعيد نفسه ولم يعتبر من عليه أن يعتبر، فلا أبلغ من تصوير حسرة البائع البسيط المنادي في أنحاء دمشق كما أوردها الروائي: «وبالقرب من المسجد الأموي، وقف بائع الكتب والمخطوطات القديمة يتحدث مع بعض الشباب: انظروا! هذه كتب قديمة عن ذبائح اليهود، وهذه مخطوطات ألفها علماؤنا الأقدمون عن فظائعهم وتاريخهم، ولكن للأسف أنتم لا تقرؤون».
العقل التبريري - قراءة أخلاقية بمنظور إسلامي
العقل التبريري آفة من آفات القلوب قبل أن يكون خللا في التفكير؛ لأنه يعطل فريضة المحاسبة، ويصادم مقصد... اقرأ المزيد
81
| 21 ديسمبر 2025
الموضوع القديم الجديد
لقد أيقنت بعض الدول المتقدمة والسريعة النمو ضرورة المحافظة على نسبة وتناسب القوى البشرية والمتمثلة بالأخص بعدد مواطنيها... اقرأ المزيد
105
| 21 ديسمبر 2025
قطر والوسطاء متمسكون بوقف حرب غزة.... وإسرائيل تصعّد وتهدد بانهيار الهدنة!!
حذر رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن في منتدى الدوحة مطلع شهر ديسمبر، وبعد اجتماعه... اقرأ المزيد
66
| 21 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي يجمع المنتخبين الأردني والمغربي على استاد لوسيل، في مواجهة تحمل كل مقومات المباراة الكبيرة، فنيًا وبدنيًا وذهنيًا. المنتخب الأردني تأهل إلى النهائي بعد مشوار اتسم بالانضباط والروح الجماعية العالية. كما بدا تأثره بفكر مدربه جمال السلامي، الذي نجح في بناء منظومة متماسكة تعرف متى تضغط ومتى تُغلق المساحات. الأردن لم يعتمد على الحلول الفردية بقدر ما راهن على الالتزام، واللعب كوحدة واحدة، إلى جانب الشراسة في الالتحامات والقتالية في كل كرة. في المقابل، يدخل المنتخب المغربي النهائي بثقة كبيرة، بعد أداء تصاعدي خلال البطولة. المغرب يمتلك تنوعًا في الخيارات الهجومية، وسرعة في التحولات، وقدرة واضحة على فرض الإيقاع المناسب للمباراة. الفريق يجمع بين الانضباط التكتيكي والقوة البدنية، مع حضور هجومي فعّال يجعله من أخطر منتخبات البطولة أمام المرمى. النهائي يُنتظر أن يكون مواجهة توازنات دقيقة. الأردن سيحاول كسر الإيقاع العام للمباراة والاعتماد على التنظيم والضغط المدروس، بينما يسعى المغرب إلى فرض أسلوبه والاستفادة من الاستحواذ والسرعة في الأطراف. الصراع في وسط الملعب سيكون مفتاح المباراة، حيث تُحسم السيطرة وتُصنع الفوارق. بعيدًا عن الأسماء، ما يجمع الفريقين هو الروح القتالية والرغبة الواضحة في التتويج. المباراة لن تكون سهلة على الطرفين، والأخطاء ستكون مكلفة في لقاء لا يقبل التعويض. كلمة أخيرة: على استاد لوسيل، وفي أجواء جماهيرية منتظرة، يقف الأردن والمغرب أمام فرصة تاريخية لرفع كأس العرب. نهائي لا يُحسم بالتوقعات، بل بالتفاصيل، والتركيز، والقدرة على الصمود حتى اللحظة الأخيرة.
996
| 18 ديسمبر 2025
لم يكن ما فعلته منصة (إكس) مؤخرًا مجرّد تحديثٍ تقني أو خطوةٍ إدارية عابرة، بل كان دون مبالغة لحظةً كاشفة. فحين سمحت منصة (إكس) بقرارٍ مباشر من مالكها إيلون ماسك، بظهور بيانات الهوية الجغرافية للحسابات، لم تنكشف حسابات أفرادٍ فحسب، بل انكشفت منظوماتٌ كاملة، دولٌ وغرف عمليات، وشبكات منظمة وحسابات تتحدث بلسان العرب والمسلمين، بينما تُدار من خارجهم. تلك اللحظة أزاحت الستار عن مسرحٍ رقميٍّ ظلّ لسنوات يُدار في الخفاء، تُخاض فيه معارك وهمية، وتُشعل فيه نيران الفتنة بأيدٍ لا نراها، وبأصواتٍ لا تنتمي لما تدّعيه. وحين كُشفت هويات المستخدمين، وظهرت بلدان تشغيل الحسابات ومواقعها الفعلية، تبيّن بوضوحٍ لا يحتمل التأويل أن جزءًا كبيرًا من الهجوم المتبادل بين العرب والمسلمين لم يكن عفويًا ولا شعبيًا، بل كان مفتعلًا ومُدارًا ومموّلًا. حساباتٌ تتكلم بلهجة هذه الدولة، وتنتحل هوية تلك الطائفة، وتدّعي الغيرة على هذا الدين أو ذاك الوطن، بينما تُدار فعليًا من غرفٍ بعيدة، خارج الجغرافيا. والحقيقة أن المعركة لم تكن يومًا بين الشعوب، بل كانت ولا تزال حربًا على وعي الشعوب. لقد انكشفت حقيقة مؤلمة، لكنها ضرورية: أن كثيرًا مما نظنه خلافًا شعبيًا لم يكن إلا وقودًا رقميًا لسياسات خارجية، وأجندات ترى في وحدة المسلمين خطرًا، وفي تماسكهم تهديدًا، وفي اختلافهم فرصةً لا تُفوّت. فتُضخ التغريدات، وتُدار الهاشتاقات، ويُصنع الغضب، ويُعاد تدوير الكراهية، حتى تبدو وكأنها رأي عام، بينما هي في حقيقتها رأيٌ مُصنَّع. وما إن سقط القناع، حتى ظهر التناقض الصارخ بين الواقع الرقمي والواقع الإنساني الحقيقي. وهنا تتجلى حقيقة أعترف أنني لم أكن أؤمن بها من قبل، حقيقة غيّرت فكري ونظرتي للأحداث الرياضية، بعد ابتعادي عنها وعدم حماسي للمشاركة فيها، لكن ما حدث في قطر، خلال كأس العرب، غيّر رأيي كليًا. هنا رأيت الحقيقة كما هي: رأيت الشعوب العربية تتعانق لا تتصارع، وتهتف لبعضها لا ضد بعضها. رأيت الحب، والفرح، والاحترام، والاعتزاز المشترك، بلا هاشتاقات ولا رتويت، بلا حسابات وهمية، ولا جيوش إلكترونية. هناك في المدرجات، انهارت رواية الكراهية، وسقط وهم أن الشعوب تكره بعضها، وتأكد أن ما يُضخ في الفضاء الرقمي لا يمثل الشعوب، بل يمثل من يريد تفريق الأمة وتمزيق لُحمتها. فالدوحة لم تكن بطولة كرة قدم فحسب، بل كانت استفتاءً شعبيًا صامتًا، قال فيه الناس بوضوح: بلادُ العُرب أوطاني، وكلُّ العُربِ إخواني. وما حدث على منصة (إكس) لا يجب أن يمرّ مرور الكرام، لأنه يضع أمامنا سؤالًا مصيريًا: هل سنظل نُستدرج إلى معارك لا نعرف من أشعلها، ومن المستفيد منها؟ لقد ثبت أن الكلمة قد تكون سلاحًا، وأن الحساب الوهمي قد يكون أخطر من طائرةٍ مُسيّرة، وأن الفتنة حين تُدار باحتراف قد تُسقط ما لا تُسقطه الحروب. وإذا كانت بعض المنصات قد كشفت شيئًا من الحقيقة، فإن المسؤولية اليوم تقع علينا نحن، أن نُحسن الشك قبل أن نُسيء الظن، وأن نسأل: من المستفيد؟ قبل أن نكتب أو نشارك أو نرد، وأن نُدرك أن وحدة المسلمين ليست شعارًا عاطفيًا، بل مشروع حياة، يحتاج وعيًا، وحماية، ودراسة. لقد انفضحت الأدوات، وبقي الامتحان. إما أن نكون وقود الفتنة أو حُرّاس الوعي ولا خيار ثالث لمن فهم الدرس والتاريخ.. لا يرحم الغافلين
915
| 16 ديسمبر 2025
يوماً بعد يوم تكبر قطر في عيون ناظريها من كأس العالم الذي أبهر وأدهش وأتقن، الى احتضان فعاليات كأس العرب. نعم نجحت قطر في جمع العرب في ملتقى استثنائي، بدأ بافتتاح مهيب وأسطوري اجتمعت فيه حضارة العرب وعاداتهم وأحلامهم ونجحت في تقديم فلسفة الاستاد خلال الأيام الماضية على أنه البيت العربي الكبير الذي يجمع العرب متجاوزين الحدود والفوارق. لقد تبيّن لنا أن هناك الكثير مما يجمع العرب، وليس حرف الضاد وحده، فها هي كرة قدم أظهرت أنهم يقفون ويستطيعون البناء وتقديم الأفضل، وأن هناك جيلا متفائلا يؤمن بالمستقبل وبأنه قادر على أن ينهض من تحت الركام، جيل جديد يتنفس عطاءً ويضع لبنات البناء الذي يعيد المجد لهذه الأمة. أما فلسطين فكانت حاضرة في هذا المهرجان الكروي، في تضامن ليس جديدا أو غريبا على قطر وشعبها، ولعل الأوبريت المؤثر حين جمع قصص الاناشيد الوطنية للدول العربية عبّر لكل الحاضرين والمشاهدين أن تحريرها ممكن وان وحدتنا ممكنة. قطر ومن جديد تجمع العرب في كأس العرب للمرة الثانية من المحيط الى الخليج في هذه الاحتفالية الكروية التي تعد الأكبر في العالم العربي، والسؤال الذي يطرح نفسه عن سرّ نجاح قطر مرة تلو الأخرى؟ لقد وضعت قطر بصمتها على خريطة العرب والعالم فأصبح يشار إليها بالبنان لما تمتلكه من قدرات استثنائية على استضافة الأحداث الرياضية الكبرى وتمثل كأس العرب فصلاً جديداً في هذا الإرث الرياضي الغني والمتنوع. قطر وخلال أعوام مضت وضعت رؤيتها، وحددت هدفها وسخرت امكاناتها، وبذلت كل ما تستطيع لتحقيق ما رأيناه من ترتيبات لإقامة كأس العالم على أرض صغيرة حجما، كبيرة بالفعل فكان لها ما أرادت واستقر الهدف وجاءت في هذه البطولة لتبني على ما تم انجازه وتعطي أكثر وأكثر. تمتلئ ملاعب قطر بالجماهير التي تحول ملاعب المونديال الأيقونية إلى مسرح جديد للإثارة الكروية العربية يستفيد فيها المشاركون والجماهير من منظومة متكاملة، أسست على أرقى المعايير البيئية العالمية، فهي لم تعتمد بناء ملاعب يطلق عليها مصطلح الأفيال البيضاء ببناء أبنية ضخمة لا داعي لها بل شيدت على مبدأ الاستدامة واستخدام أدوات صديقة للبيئة بحيث يمكن تفكيك وإعادة استخدام الملاعب وفق خطة مدروسة بمجرد الانتهاء منها سواء بإعادة تدويرها في مشروعات داخلية أو بالتبرّع بها وإهدائها إلى دول أخرى لرفع كفاءة منشآتها الرياضية إضافة الا أنها ملاعب بلا تدخين وملاعب يصدح فيها صوت الأذان انجاز مختلف ومقدر. يضاف إلى هذه الملاعب المونديالية، أنها استفادت من البنية التحتية الرياضية الواسعة التي أولت قطر اهتماما كبيرا بها بما في ذلك مرافق التدريب الحديثة، ومناطق المشجعين التي توفر تجربة ترفيهية متكاملة وفي نقطة تحسب لهذه الجهود تتضمن الملاعب خيارات أماكن مخصصة للمشجعين من ذوي الإعاقة. وهنا لا بد من ذكر تسهيلات حركة المشجعين من خلال شبكة منظمة من المواصلات فنجاحها يعد حجر الزاوية في انجاح البطولة فهي توفر شبكة نقل حديثة ومتكاملة تتمتع بسلاستها وفعاليتها مع وجود مترو الدوحة العمود الفقري للدوحة الذي يربط غالبية الملاعب والمناطق الحيوية في قطر خلال دقائق معدودة، بجانب منظومة نقل عام فعالة سلسة الحركة خلال الفعاليات الكبرى، فضلا عن طرق حديثة تساهم بصورة كبيرة في تقليل الازدحام وتعزيز انسيابية حركة الجماهير. وإلى جانب ذلك، يتوفر أسطول حديث من الحافلات الكهربائية الصديقة للبيئة لتقليل الانبعاثات الكربونية، وكذلك خدمة نقل عام مستدامة وفعالة تشمل "مترولينك"، والتي تتمثل في شبكة حافلات فرعية مجانية تربط بين محطات المترو والأماكن المحيطة. لقد ركزت قطر على الاستدامة عبر استخدام حافلات كهربائية وتقليل الاعتماد على السيارات الخاصة، وتوفير تجربة سلسة في نقل المشجعين مع الأخذ في الاعتبار احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة عند تصميم وسائل النقل والمحطات، وهو الأمر الذي يساعد على ترك إرث مستدام لقطر يعزز من مكانتها كمركز للفعاليات العالمية. وبينما تدار المباريات من جهة تقام مجموعة من الفعاليات الثقافية والترفيهية لتعزيز تجربة المشجعين وخلق أجواء إيجابية وبناء جسور بينهم حيث ترحب قطر بهم بطريقتها وبحسن وكرم الاخلاق والضيافة. أي انجاز هذا، خطوة ٌتحسب وتقدر ونقطةٌ بألف هدف، فقطر تربط استثمارها بالرياضة بتحقيق نمو اقتصادي وسياحي وفي نفس الوقت وفي هذا المحفل العربي الاخوي تزيل اسباب الفرقة وتقرب المسافات في تجمع لم نكن نراه او يشهد له في من سبقها من فعاليات لكأس العرب. أي انجازٍ هذا في أكبر تجمع عربي، إذا هي الارادة الجادة والحقيقية المنتمية، تغلفها الشجاعة والاقتدار الساعية لبث الخير. قطر لا تمتلك المال فقط، إنما هي تتبع قواعد النجاح وتركز على الإنسان وفكره وتطويره، لا تترك جهدا ً في الاستفادة من خبرات الآخرين والتعلم منها والبناء عليها، وتعطي الفرص وتمنح المساحات للعطاء لمن يريد من القطريين أو غيرهم ممن يعيشون على أرضها. من استاد ملعب البيت كان الافتتاح، ولن تكون النهاية، لقد أصبحت قطر على الدوام البيت الذي يجمع ولا يفرق يلم الجراح ويبث الطمأنينة. الأمل يحدونا لأن نزيد ما تم بناؤه فكريا وروحيا ومعنويا في قطر، وفي غيرها من شقيقاتها من الدول العربية والإسلامية، حتى نغدو منارة يهتدى بنا.
693
| 15 ديسمبر 2025