رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
شاركت الأسبوع الماضي في الكويت بدعوة من مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية في جامعة الكويت ومركز الخليج للأبحاث في المملكة العربية السعودية- بندوة: «تعزيز الأمن وفق رؤية مجلس التعاون للأمن الإقليمي في ضوء التحديات والفرص الراهنة»، بحضور زملاء أكاديميين من قسم العلوم السياسية في جامعة الكويت وأقسام عديدة وباحثين وأكاديميين ورؤساء ومديري مراكز دراسات بحثية ودبلوماسيين من وزارات الخارجية الخليجية - لمناقشة رؤية الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي للأمن الإقليمي.
قدم أمين عام مجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي «رؤية مجلس التعاون للأمن الإقليمي»-في مارس 2024-وكانت سابقة تقديم دول مجلس التعاون رؤيتها للأمن الإقليمي، لكن دون تحديده ب»الأمن الخليجي»!! مؤكداً تعد «الرؤية التزاما سياسيا، وأخلاقيا يجمعنا جميعاً. فأمننا المشترك هو الأساس الذي نبني عليه آمالنا وأحلامنا لمستقبل أفضل، ونؤمن في مجلس التعاون، أن الحوار والتعاون والتنسيق واحترام وجهات النظر من الأساسيات لمواجهة كافة التحديات».
تشمل رؤية الأمن الإقليمي: المبادئ والدوافع والمنطلقات برؤية أمن دول مجلس التعاون كل لا يتجزأ خاصة لحالة عدم الاستقرار في المنطقة والنظام العالمي. بالمجمل تؤكد الرؤية الخليجية على أهمية الحفاظ على الأمن الإقليمي واستقرار دول المنطقة وازدهار شعوبها وتعزيز الأمن والسلم الدوليين.
تُولي الرؤية الأمنية أولوية للحوار والتعاون والتنسيق واحترام وجهات النظر، وأن «أمننا المشترك هو الأساس لنبني عليه آمالنا وأحلامنا لمستقبل أفضل. ويقف المجلس على أرضية ثابتة في دعم وتعزيز الأمن والسلم الدوليين، كما أكد قادة دول المجلس في مناسبات عديدة، آخرها قمة الدوحة، على الالتزام الراسخ بمواجهة التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية، ليس فقط ضمن حدود المنطقة بل وعلى الصعيد العالمي... متمسكين بالحوار كجسر للتواصل والتفاهم. مع الحرص على توسيع آفاق التعاون مع كافة شركائنا حول العالم».
* كما شرحت في مقالي في الشرق في مارس الماضي: تتضمن الرؤية الأمنية لدول مجلس التعاون 15 بنداً:
البناء على جهود دول المجلس في حلّ الخلافات عبر المفاوضات وبالطرق الدبلوماسية، وتكثيف الجهود لاستمرار الدور الريادي الفاعل لتجنيب المنطقة تداعيات الحروب ومعالجة الأزمات الإقليمية.
ودعم جهود تفعيل مبادرة السلام العربية والجهود الدولية لإيجاد حلّ عادل للقضية الفلسطينية. وتعزيز القدرات الذاتية، وتعميق الشراكات الإقليمية والدولية، ومكافحة الإرهاب والتطرف، وتجفيف منابعه. والعمل المكثف لضمان استقرار أسواق الطاقة العالمية. ودعم ضمان حق الدول في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية وحظر انتشارها.
وتكثيف العمل لإيجاد حلول فاعلة للتعامل مع تحديات التغير المناخي، وتنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون وتعزيز تطوير وتوظيف مصادر الطاقة المتجددة. وتكثيف العمل لمواجهة التحديات المستقبلية في مجالات الأمن المائي والأمن الغذائي ومكافحة عمليات التهريب بأنواعها ومساراتها.
وتجريم جميع الجماعات التي تقوم بأعمال إرهابية. والتنسيق وتعزيز الشراكات الدولية للمساهمة بمواجهة الجرائم الإلكترونية لتعزيز ورفع مستوى الأمن السيبراني.
شهدت منطقتنا والنظام العالمي عام 2024 تحولات ملفتة غيرت جيبوبولتيك النظام الشرق أوسطي والعالمي. شكلت تداعيات عملية «طوفان الأقصى» تغييرات في موازين القوى. وتعرضت إيران وحلفاؤها لضربات هي الأقسى منذ قيام الجمهورية قبل 45 عاماً. شنت إسرائيل هجمات مدمرة على إيران مرتين وكذلك انتقمت إيران بعلميتي الوعد الصادق 1 و2 - بقصف صاروخي وبالمسيرات على إسرائيل دون إلحاق إضرار كبيرة، سوى تأثيرها النفسي والمعنوي. وتعرض حلفاء إيران في لبنان وسوريا واليمن والعراق لضربات مؤلمة أفقدت إيران نفوذها على محور المقاومة ومشروعها. وتعمقت انتكاسات إيران بسقوط نظام الأسد في سوريا نهاية العام الماضي. واغتالت إسرائيل القيادات السياسية والأمنية والعسكرية لمحور المقاومة-حسن نصرالله أمين عام حزب الله-وفرقة النخبة العسكرية الرضوان-وإسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قلب طهران في الصيف الماضي، وقادة حماس في غزة يحيى السنوار ومحمد الضيف.
كما شكّل عودة الرئيس الأمريكي ترامب بمواقفه وقراراته وتهجمه المستفز على الحلفاء تحديا حقيقيا لهم من غربيين وعرب من المتوسط إلى الخليج. حول حرب الإبادة على غزة ومخططه تهجير سكان غزة والسيطرة على القطاع وتبني السردية الإسرائيلية. وحتى عدم ممانعته بفرض سيادة إسرائيل على الضفة الغربية ومعه حل الدولتين وتصفية القضية الفلسطينية.
وأعاد ترامب فرض أقسى العقوبات على إيران والتصعيد. ويخشى من تصعيد عسكري بتحريض ودعم إسرائيلي، ما يشكل تهديداً حقيقيا للأمن الخليجي.
*أكدت في ندوة الأسبوع الماضي-برغم تأخر بلورتها وتقديمها، لكنها تُعد خطوة مقدرة بكونها الأولى منذ قيام مجلس التعاون الخليجي في مايو 1981، ويجب البناء عليها. لكنها تحتاج لمزيد من الوضوح والتفاصيل والشفافية والتحديث بعيداً عن لغة العموميات. بذكر أمن منطقة الخليج العربي بالتحديد وإضافة التأكيد على الأمن الشامل! وعدم الاكتفاء «بالأمن الإقليمي»!! وطالبت بالعمل الجاد لتقليص الاعتماد على «الأمن المستورد» الخارجي، والاعتماد أكثر على الأمن الذاتي الخليجي وبلورة مشروع خليجي جماعي رادع يتصدى لجميع المتغيرات والتحولات والتهديدات الجيو-بولتيكية الإقليمية والدولية في منطقتنا والعالم منذ إطلاق الرؤية، وتستمر بالتفاعل بديناميكية متسارعة ومهددة.
خاصة أن المبادرات الأمريكية والروسية، تشير مباشرة لأمن منطقة الخليج العربي، وحتى المبادرات الإيرانية، قدمها الرئيس روحاني عام 2019 واضحة بمسماها مبادرة أمل هرمز بحماية الأمن الخليجي، وكذلك مبادرة «مودة» الإيرانية-قدمها نائب الرئيس الإيراني محمد جواد ظريف العام الماضي. وعلقت عليها بمقال في الشرق.
كما طالبت بتوظيف مجلس التعاون قوانا الناعمة قدرات النفط والغاز، والصناديق السيادية، ودبلوماسية الوساطة النشطة. والاجماع حول الأولويات ومصادر التهديدات الأمنية، والاتفاق الجماعي لدولنا على مقارباتنا تجاه إيران والتطبيع وغزة والقضية الفلسطينية وأمن الطاقة وعودة ترامب.
** أكرر التحدي يكمن بنجاحنا بتفعيل الرؤية الأمنية لمشروع أمني خليجي جماعي يفرض توازن قوى رادعا يتصدى للتهديدات الأمنية ويحصن أمننا الجماعي!
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تويتر @docshayji
@docshyji
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6387
| 24 أكتوبر 2025
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6282
| 27 أكتوبر 2025
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين لم يتقنوا الجلوس في أماكنهم. كم من مقعدٍ امتلأ جسدًا، وظلّ فارغًا فكرًا، وإحساسًا، وموقفًا. الكرسي لا يمنح الهيبة، بل من يجلس عليه هو من يمنح المكان معناه. المدرب… حين يغيب التأثير: المدرب الذي لا يملأ مقعده، هو من يكرّر المعلومات دون أن يُحدث تحولًا في العقول. يشرح بجمود، ويتحدث بثقة زائفة، ثم يغادر دون أن يترك بصمة. الحل أن يفهم أن التدريب رسالة لا مهنة، وأن حضوره يقاس بتغيير الفكر والسلوك بعده. وعندما يغيب هذا الإدراك، يتحول التدريب إلى ترفٍ ممل، ويفقد المجتمع طاقاته الواعدة التي تحتاج إلى من يشعل فيها شرارة الوعي. المدير… حين يغيب القرار: المدير الذي لا يملأ كرسيه، يهرب من المسؤولية بحجة المشورة، ويُغرق فريقه في اجتماعات لا تنتهي. الحل: أن يدرك أن القرار جزء من القيادة، وأن التردد يقتل الكفاءة. وعندما يغيب المدير الفاعل، تُصاب المؤسسة بالجمود، وتتحول بيئة العمل إلى طابور انتظار طويل بلا توجيه. القائد… حين يغيب الإلهام: القائد الذي لا يملك رؤية، لا يملك أتباعًا بل موظفين. الحل: أن يزرع في فريقه الإيمان لا الخوف، وأن يرى في كل فرد طاقة لا أداة. غياب القائد الملهم يعني غياب الاتجاه، فتضيع الجهود، ويضعف الولاء المؤسسي، ويختفي الشغف الذي يصنع التميز. المعلم… حين يغيب الوعي برسالته: المعلم الذي يجلس على كرسيه ليؤدي واجبًا، لا ليصنع إنسانًا، يفرغ التعليم من رسالته. الحل: أن يدرك أنه يربّي أجيالًا لا يلقّن دروسًا. وحين يغيب وعيه، يتخرّج طلاب يعرفون الحروف ويجهلون المعنى، فيُصاب المجتمع بسطحية الفكر وضعف الانتماء. الإعلامي… حين يغيب الضمير: الإعلامي الذي لا يملأ كرسيه بالمصداقية، يصبح أداة تضليل لا منبر وعي. الحل: أن يضع الحقيقة فوق المصلحة، وأن يدرك أن الكلمة مسؤولية. وعندما يغيب ضميره، يضيع وعي الجمهور، ويتحول الإعلام إلى سوقٍ للضجيج بدل أن يكون منارة للحق. الطبيب… حين يغيب الإحساس بالإنسان: الطبيب الذي يرى في المريض رقمًا لا روحًا، ملأ كرسيه علمًا وفرّغه إنسانية. الحل: أن يتذكر أن الطب ليس مهنة إنقاذ فقط، بل مهنة رحمة. وحين يغيب هذا البعد الإنساني، يفقد المريض الثقة، ويصبح الألم مضاعفًا، جسديًا ونفسيًا معًا. الحاكم أو القاضي… حين يغيب العدل: الحاكم أو القاضي الذي يغفل ضميره، يملأ الكرسي رهبة لا هيبة. الحل: أن يُحيي في قراراته ميزان العدالة قبل أي شيء. فحين يغيب العدل، ينهار الولاء الوطني، ويُصاب المجتمع بتآكل الثقة في مؤسساته. الزوج والزوجة… حين يغيب الوعي بالعلاقة: العلاقة التي تخلو من الإدراك والمسؤولية، هي كرسيان متقابلان لا روح بينهما. الحل: أن يفهما أن الزواج ليس عقداً اجتماعياً فحسب، بل رسالة إنسانية تبني مجتمعاً متماسكاً. وحين يغيب الوعي، يتفكك البيت، وينتج جيل لا يعرف معنى التوازن ولا الاحترام. خاتمة الكرسي ليس شرفًا، بل تكليف. وليس مكانًا يُحتل، بل مساحة تُملأ بالحكمة والإخلاص. فالمجتمعات لا تنهض بالكراسي الممتلئة بالأجساد، بل بالعقول والقلوب التي تعرف وزنها حين تجلس… وتعرف متى تنهض.
5103
| 20 أكتوبر 2025