رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. ياسر عبد التواب

د. ياسر عبد التواب

مساحة إعلانية

مقالات

2271

د. ياسر عبد التواب

حالمون بالقيادة

23 مايو 2012 , 12:00ص

حين يرى الإنسان أبهة الملك وصولجان القيادة وتحكم القادة في غيرهم وشهرتهم واحترام الناس لهم وإجلالهم لهم أو خوفهم منهم.. حين يرون كل ذلك فإن نفوس الكثيرين منهم تتشوف نحو ذلك المنصب الذي يظنون تحكم صاحبه في غيره بما يحقق لهم لذة الشعور بالأهمية.

بل تجد من القيادات الذين وصلوا بالفعل لتحقيق هذا الحلم من يتطلعون لصناعة التاريخ وتخليد أسمائهم فيه فيتهورون وينحرفون ويجبرون غيرهم على عونهم.

وفي سبيل تحقيق ذلك فلا مانع لديهم من خرق كل القوانين وتجاوز كل الأعراف والتغاضي عن المظالم وعدم الانصياع لحكم شرع ولا لنصح مخلص ولا لمشورة عاقل قد يكون هذا في أقل مراتب القيادة أو أعلاها فكل ذلك سواء والأمراض في ذلك متشابهة.

قال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه "إنه لا إسلام إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمارة، ولا إمارة إلا بطاعة، فمن سوده قومه على الفقه كان حياة له ولهم، ومن سوده قومه على غير فقه كان هلاكا له ولهم" رواه الدارمي، انظر كيف جعل مسؤولية مشتركة بين القيادة والقاعدة في كل أحوال القيادة ويقصد الفقه هنا أي العلم ومعناه توفير شروط الإمامة المناسبة وعدم الانفراد بالرأي.. وقال الماوردي رحمه الله: "الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا، وعقدها لمن يقوم بها من الأمة واجب بالإجماع".

فلا بد من اجتماع الحرص على الدين وشؤونه مع الحرص على الدنيا وإصلاحها، هنا عند هذا الاجتماع تنصلح الأمور ويصلح الشخص للمهمة، وولاية أمر المسلمين في الشريعة لها شروط يجب توافرها فيمن يترشح للحكم، من شروطها: التكليف (البلوغ والعقل)، الإسلام، العدالة، الحرية، الذكورة، وأن يكون عالما، مجتهدا، شجاعا، ذا رأي وكفاية.

ومعنى أن يكون عالما مجتهدا أي يستطيع الاجتهاد فيما يعرض عليه من شؤون البلاد، ويسوس الدولة سياسة شرعية، فكما أن العلماء ورثة الأنبياء، فكذلك الحكام يسيرون في سياسة الدولة بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وهديه، ولا يمكن لمن يجهل أحكام الشريعة أن يسوس البلاد والعباد سياسة شرعية، ولهذا فالواجب أن يكون الإمام عالما مجتهدا يقود الناس على علم وبصيرة، وأن يكون له من أهل العلم من يستشيرهم ليصدر عن رأي موافق للشريعة لا أن يقوم بالفعل غير عابئ بحكمه شرعا كما اعتاد الحكام في زماننا وقد قال تعالى عن بني إسرائيل حين اختار لهم الله تعالى طالوت ملكا: (قَالُواْ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ ٱلْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِٱلْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ ٱلْمَالِ قَالَ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي ٱلْعِلْمِ وَٱلْجِسْمِ وَٱللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)

ولا يدعي أحد أننا نقول بولاية الفقيه فهذا ليس من تراثنا ولم يك لأي حاكم مسلم أن يدعي ذلك وإنما غاية الأمر هو العلم والاستعانة بالعلماء في كل المجالات لا أن تدار الأمور بطريقة أبوية يستحيي معها الناس من إبداء رأيهم بل القيادة لها شأن آخر: مؤهلات شخصية ذاتية مثل: قوة الرأي ومرونته — القدرة على اتخاذ القرار — القدرة على التفكير في عدة مواضيع وبكفاءة عالية — قوة البدن والصحة النفسية،

مؤهلات علمية مثل: اطلاع واسع على السياسة والاقتصاد والقانون والشريعة والجغرافيا والتاريخ،

مؤهلات في الممارسة: اطلاع عميق على الواقع الداخلي والخارجي وممارسة دور ما يمكن الاتكاء عليه دون إغراق في التنظير — القدرة على التعامل مع الأزمات — القدرة على الابتكار والتعامل مع الأفكار الإبداعية والمختلفة، مؤهلات إدارية: النجاح في إدارة العمل بشكل مؤسسي يراعي التخطيط والتنظيم والتنسيق والاتصال والرقابة بشكل ناجح وصارم ومرن في نفس الوقت القدرة على التعامل مع فرق العمل المختلفة وإدارتها بسلاسة وإزالة الاشتباكات بين التخصصات المتشابهة ومعرفة مواطن القوة ودعمها ومواطن الضعف وتجنبها.

وفوق كل هذا أن تكون لديه رؤية عملية واضحة لعلاج أزمات البلد من جهة وللنهوض بها من جهة أخرى لا يعتمد على نفسه فقط وإنما يستمد العون من ربه ثم من فرق عمل مخلصة تسعى لتحقيق هدفها لوجه الله تعالى هنا فقط يكون شخصا مؤهلا للرئاسة وإلا قلنا له كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر — وهو من هو في الإيمان والصدق — (إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها) رواه مسلم.

مساحة إعلانية