رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

من (يهرول) تجاه الآخر.. إثيوبيا أم السودان؟

من على منصة وضعت في أعلى سد مروي (شمال السودان)، خاطب رئيس الوزراء الإثيوبي وبجانبه الرئيس عمر البشير الصحفيين معرباً عن اعتزازه بالعلاقات المتطورة بين بلاده والسودان.. هايلي مريم ديسالين أعرب كذلك عن إعجابه بالإنجاز السوداني الذي تم بإنشاء مشروع سد مروي أضخم وأكبر السدود السودانية على نهر النيل جنوب السد العالي في مصر.. الأربعاء الماضي زار المسؤول الإثيوبي الرفيع ولايتين سودانيتين برفقة الرئيس البشير ووقع في ختام الزيارة على (13) اتفاقية في عدة مجالات حيوية.. الزيارة تضمنت افتتاح الرئيسين للخط الناقل للكهرباء بين السودان وإثيوبيا في ولاية القضارف السودانية الحدودية بطول (321) متراً، وتبلغ قدرة هذا الخط (300) ميجاواط ومن المقرر أن يشتري السودان عبره بشكل مبدئي (100) ميجاواط من الكهرباء.. وتجاوز استهلاك السودان العام الماضي الألفي ميجاواط، ولم يستطع سد مروي الذي افتتح في مارس 2009 تغطية حاجة البلاد رغم أنه ينتج السد طاقة كهربائية تقدر بحوالي 1250 ميجاوات وهي تزيد على ثلاثة أرباع الطاقة المنتجة في البلاد قبل إنشائه. هذا الحراك الإثيوبي – السوداني لاشك يثير حفيظة القاهرة التي كانت قد أثارت جدلاً واسعاً حين بدأت إثيوبيا بتحويل مجرى النيل الأزرق في مايو الماضي لبناء سد الألفية أو سد النهضة، البالغة قدرته (6) آلاف ميجاواط والذي سيكون الأكبر في إفريقيا عند إنجازه في 2017.. البعض يقول إن (الهرولة) الإثيوبية تجاه السودان تحمل رسائل موجهة إلى كل من مصر وإريتريا؛ فإثيوبيا تريد الحيلولة دون أي تأثير سلبي على السودان بشأن سد النهضة الذي تخشى القاهرة من أنه يأتي على حساب مخزونها المائي وهذا خط أحمر، وكذلك الاطمئنان أكثر على موقف السودان المؤيد لقيام السد المثير للجدل، بل إن البعض نظر إلى تصدير الكهرباء الإثيوبية للسودان باعتباره (رشوة) أو (عربون محبة). وتقول مصر إن "حقوقها التاريخية" على النيل تضمنها معاهدتان عام 1929 و1959 منحتاها (87%) من مياه النيل وحق الاعتراض على تطوير مشاريع على مجرى النهر. بيد أن اتفاقية جديدة وقعتها دول حوض النيل بمن فيها إثيوبيا (عدا مصر والسودان) في 2010، تسمح للدول بالعمل على مشاريع على مجرى النهر دون موافقة مسبقة من القاهرة.. أديس أبابا تريد كذلك أن تقول لإريتريا المجاورة التي دخلت معها في حرب ضروس إن علاقاتها مع السودان أقوى وقائمة على المصالح، ومعروف أن هناك تنافسا (إثيوبي – إريتري) على توثيق العلاقات مع السودان، وتسعى إثيوبيا لتعويض فقدانها للمنفذ البحري عبر إريتريا بإقامة علاقات قوية مع السودان الذي يهيئ لها الآن منفذا على البحر الأحمر فضلا عن وجود حوالي ثلاثة ملايين إثيوبي في السودان. السودان من جانبه ظل يعمل على تطمين كل من مصر وإريتريا من خلال تأكيده على أن العلاقات مع إثيوبيا لا تأتي لا على حساب مصر ولا على حساب إريتريا، وقال البشير تزامنا مع زيارة ديسالين للسودان إنه لا دوافع سياسية وراء موقف بلاده المؤيد لبناء سد النهضة في إثيوبيا، مؤكداً الفوائد الاقتصادية للسد على دول المنطقة. معلوم أن السودان عاتب من موقف مصر بعد اكتمال بناء السد العالي في العام 1970م حيث يرى أنها لم تلتزم بنصيب السودان من كهرباء السد العالي السد العالي الذي ينتج (2100) ميجاواط من 12 توربينة سعة الواحدة 175 ميجاواط. ومع ذلك لم يتسلم السودان حتى اليوم ولا ميجاواط واحد من الكهرباء. يشار إلى أن بناء السد العالي في مصر أدى إلى إغراق (24) قرية سودانية وتدمير مليوني نخلة وتهجير آلاف السكان. والحقيقة تقول إن الرجل الذي يتزوج ثلاث زوجات ولا يستطيع الاستغناء عن إحداهن عليه أن يكون عادلا وحصيفاً. والسودان لن يستطيع التضحية بعلاقاته بمصر أو إريتريا ويكتفي بإثيوبيا وعليه أن ينتهج نهجا محكما في التعامل مع الدول الثلاث (مصر، إريتريا وإثيوبيا)؛ فالعلاقات مع مصر علاقات إستراتيجية وتاريخية ربما تأثرت سلبا بعدم استقرار الأوضاع الآن في مصر لكنها تظل علاقات ذات خصوصية بالغة، أما إريتريا فلها تدخل قبلي واجتماعي بالغ التعقيد مع السودان كما أن لها أدوارا معروفة في تفاعلات الداخل السوداني السياسية ويحسب لها توقيع اتفاقية سلام شرق السودان التي أنهت تمردا مسلحا في شرق البلاد، وقد جاءت زيارة ديسالين بعد أسبوع على زيارة الرئيس الإريتري أسياس افورقي، مدينة بورسودان الواقعة على البحر الأحمر حيث افتتح مع الرئيس البشير مهرجانا سياحيا هناك. كذلك فإن إثيوبيا بالإضافة لأهميتها الاقتصادية للسودان فإنها لعبت ومازالت تلعب أدوارا مهمة على صعيد العلاقات بين السودان ودولة جنوب السودان فضلا عن أن لديها قوات ترابط في المناطق التنازع عليها تقدر بحوالي (6) آلاف جندي.

2884

| 07 ديسمبر 2013

الدعاء وتهيئة الأسباب

لا يعني الدعاء وإنزال حاجتنا وتفريج كرباتنا بربنا أبدا أن نقصر في العمل والجهد..ولا أن نركن إلى الوعد بالفرج.. فإن تهيئة الأسباب من الدين. ولو فهم الصالحون من المبشرات أنها دعوة للتقاعس لما قام نبي ببيان الحق ولا بالدعوة إليه ولما اجتهد العلماء في التبيين والتبصير.. ولأمسك الدعاة عن البلاغ.. ولتراخى المجاهدون عن الجهاد ولكن ذلك لا يحدث أبدا فنحن نثق في النصر نعم ؛ لكننا نعلم أن له أسبابا أرادها الله تعالى كذلك فالله تعالى جعل للرزق أسباباً ومفاتيح، وأمر عباده ان يطلبوا رزقه من خلال هذه الأسباب. (فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ) الملك/ 15. وكذلك الأمر في النصر، فإن النصر من عند الله لا ريب في ذلك، ولكن الله تعالى جعل للنصر مفاتيح وأبواباً وأسباباً وأُمرنا أن نطلب النصر من خلالها. وليس معنى الإيمان والثقة بنصر الله إهمال الأسباب والشروط والإعداد الميداني لعوامل النصر. وإن من الشطط أن نفهم ما تقدم من الآيات أن الله يرزق النصر لمن يشاء من عباده، من دون نظام وسنن فمن أسباب النصر إعداد القوة للمعركة، والتخطيط لها، والإعداد لها إعداداً كاملاً. (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ، وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ، تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ، وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ، لاَ تَعْلَمُونَهُمُ) الانفال/ 60. إن إعداد القوة على وجه الأرض، وفي الميدان من ضرورات الحياة والتمكين فيها، لابد من هذا الإعداد والتحضير، ولكن لا يجوز الاعتماد عليه، فإن الاعتماد على الله تعالى فلنجتهد قدر طاقتنا في نصرة قضيتنا ولنهيئ الأسباب جهدنا ولا نألو في ذلك ونترك العون والتوفيق والسداد لله تعالى ليسد عنا ثغرات التقصير ثم نتأمل بعد ذلك في أن الله غالب على أمره فلا يعجزه شيء وهذه حقيقة أخرى في القرآن: إنّ الله غالب على أمره، فلا يُعْجِزُنَّ الله تعالى أحد من خلقه وعباده، فإذا أراد النصر لقوم نصرهم لا محالة، وإن اجتمع الناس لإبطال هذا النصر، وإن أراد الله تعالى بقوم هزيمة، هزمهم لا محالة، وإن اجتمع الناس على نصرهم، ولقد جربنا هذا في بداية ثورتنا فأرانا الله تعالى من نعمه وفضله الكثير لكنا قصرنا في حفظ النعمة فكان ما كان..ولكن طريق العودة لا يزال مفتوحا قال تعالى:إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ) آل عمران/ 160 و يقول تعالى"إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا))، غافر/ 51.) والنصر هنا للرسل وللذين آمنوا، وفي الحياة الدنيا، والوعد من الله تعالى الذي لا يخلف وعده، فيقرأ الإنسان هذه الآية من كتاب الله فيطمئن قلبه بوعد الله، ويستهين بما يلقاه من العذاب والعنت في سبيل تحقيق وعد الله. (وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ))، الروم/ 47.) ولقد نصر الله تعالى موسى (عليه السلام) على فرعون وجنده وهو في أوج سلطته وجبروته قال تعالى: "وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ * وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ * وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ)، الصافات/ 114 — 116. وهذا هو الوعد الحق الذي وعد الله تعالى به عباده المؤمنين حقاً، وبعد هذا الوعد الإلهي الحق لا يدخل اليأس عن النصر قلب عبد مؤمن يثق بالله تعالى ووعده.

6013

| 25 ديسمبر 2012

حين يكون الدعاء هو سلاحنا الأكبر 1 — 3

في أحلك لحظات الشدائد في الإسلام كان الدعاء سلاحاً ماضياً ينتبه إليه الصالحون فيجب علينا أن نتواصى به.. يجب أن ننهض ونستنهض همم الدعاة في مساجدهم، والعمال في مصانعهم، والفلاحين في مزارعهم، والنساء في خدورهن، والأطفال في مراتعهم.. يجب أن ننهض جميعا للدعاء والذكر فما نمر به ليس له من دون الله كاشفة.. وإننا ننتظر ومن ورائنا أمتنا الإسلامية والعربية.. فإما النصر وإما الضياع.. فهلم للدعاء مع تهيئة الأسباب، فلندع الله تعالى كثيرا ولنكثر من أدعية تفريج الكرب وأذكار النوازل: مثل الإكثار من الاستغفار فإن الله تعالى يجعل بها من كل ضيق فرجاً ومخرجاً — وقول لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها من كنوز الجنة — وقول حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلنا وهو رب العرش العظيم، فإن بها التجاء وتوكل ومن قالها كان في عناية الله تعالى — وقول لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين وهو دعاء يونس عليه السلام حتى أتاه الفرج — وقول لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش الكريم لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم، وذلك كما كان يوصي رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الكربات، فلعل الله تعالى يكشف عنا كرباتنا، ويحبط كيد المفسدين.. ومن ذلك أيضا الدعاء بما ورد في القرآن الكريم، كقوله تعالى: "رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ" (البقرة/250)، وقوله تعالى: "عَلَى اللّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ" (الأعراف/89).. ويُردّد المؤمنون هذه الآيات من كتاب الله، فتطمئن قلوبهم بنصر الله، ويجأرون إلى الله تعالى في طلب النصر في ساحات القتال، ويعطون ثقتهم ورجاءهم ودعاءهم لله دون غيره، ومن شروط النصر أن ينتصر المؤمنون لله تعالى، وينصروا الله، فإذا وجد الله منهم الصدق والجدّ في نصر دينه نصرهم: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ" (محمد/ 7).. "وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ" (الحج/ 40).. ومن أهم أسباب النصر: الصبر والصلاة. "وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ" (البقرة/ 45).. "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ" (البقرة/ 153).. والصبر معنى واسع وشامل يشمل الصبر على الأذى والاضطهاد، والمقاومة لوسائل الظالمين في اضطهاد المؤمنين وتعذيبهم وملاحقتهم.. "وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا" (الانعام/ 34).

2704

| 20 نوفمبر 2012

حالمون بالقيادة

حين يرى الإنسان أبهة الملك وصولجان القيادة وتحكم القادة في غيرهم وشهرتهم واحترام الناس لهم وإجلالهم لهم أو خوفهم منهم.. حين يرون كل ذلك فإن نفوس الكثيرين منهم تتشوف نحو ذلك المنصب الذي يظنون تحكم صاحبه في غيره بما يحقق لهم لذة الشعور بالأهمية. بل تجد من القيادات الذين وصلوا بالفعل لتحقيق هذا الحلم من يتطلعون لصناعة التاريخ وتخليد أسمائهم فيه فيتهورون وينحرفون ويجبرون غيرهم على عونهم. وفي سبيل تحقيق ذلك فلا مانع لديهم من خرق كل القوانين وتجاوز كل الأعراف والتغاضي عن المظالم وعدم الانصياع لحكم شرع ولا لنصح مخلص ولا لمشورة عاقل قد يكون هذا في أقل مراتب القيادة أو أعلاها فكل ذلك سواء والأمراض في ذلك متشابهة. قال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه "إنه لا إسلام إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمارة، ولا إمارة إلا بطاعة، فمن سوده قومه على الفقه كان حياة له ولهم، ومن سوده قومه على غير فقه كان هلاكا له ولهم" رواه الدارمي، انظر كيف جعل مسؤولية مشتركة بين القيادة والقاعدة في كل أحوال القيادة ويقصد الفقه هنا أي العلم ومعناه توفير شروط الإمامة المناسبة وعدم الانفراد بالرأي.. وقال الماوردي رحمه الله: "الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا، وعقدها لمن يقوم بها من الأمة واجب بالإجماع". فلا بد من اجتماع الحرص على الدين وشؤونه مع الحرص على الدنيا وإصلاحها، هنا عند هذا الاجتماع تنصلح الأمور ويصلح الشخص للمهمة، وولاية أمر المسلمين في الشريعة لها شروط يجب توافرها فيمن يترشح للحكم، من شروطها: التكليف (البلوغ والعقل)، الإسلام، العدالة، الحرية، الذكورة، وأن يكون عالما، مجتهدا، شجاعا، ذا رأي وكفاية. ومعنى أن يكون عالما مجتهدا أي يستطيع الاجتهاد فيما يعرض عليه من شؤون البلاد، ويسوس الدولة سياسة شرعية، فكما أن العلماء ورثة الأنبياء، فكذلك الحكام يسيرون في سياسة الدولة بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وهديه، ولا يمكن لمن يجهل أحكام الشريعة أن يسوس البلاد والعباد سياسة شرعية، ولهذا فالواجب أن يكون الإمام عالما مجتهدا يقود الناس على علم وبصيرة، وأن يكون له من أهل العلم من يستشيرهم ليصدر عن رأي موافق للشريعة لا أن يقوم بالفعل غير عابئ بحكمه شرعا كما اعتاد الحكام في زماننا وقد قال تعالى عن بني إسرائيل حين اختار لهم الله تعالى طالوت ملكا: (قَالُواْ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ ٱلْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِٱلْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ ٱلْمَالِ قَالَ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي ٱلْعِلْمِ وَٱلْجِسْمِ وَٱللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) ولا يدعي أحد أننا نقول بولاية الفقيه فهذا ليس من تراثنا ولم يك لأي حاكم مسلم أن يدعي ذلك وإنما غاية الأمر هو العلم والاستعانة بالعلماء في كل المجالات لا أن تدار الأمور بطريقة أبوية يستحيي معها الناس من إبداء رأيهم بل القيادة لها شأن آخر: مؤهلات شخصية ذاتية مثل: قوة الرأي ومرونته — القدرة على اتخاذ القرار — القدرة على التفكير في عدة مواضيع وبكفاءة عالية — قوة البدن والصحة النفسية، مؤهلات علمية مثل: اطلاع واسع على السياسة والاقتصاد والقانون والشريعة والجغرافيا والتاريخ، مؤهلات في الممارسة: اطلاع عميق على الواقع الداخلي والخارجي وممارسة دور ما يمكن الاتكاء عليه دون إغراق في التنظير — القدرة على التعامل مع الأزمات — القدرة على الابتكار والتعامل مع الأفكار الإبداعية والمختلفة، مؤهلات إدارية: النجاح في إدارة العمل بشكل مؤسسي يراعي التخطيط والتنظيم والتنسيق والاتصال والرقابة بشكل ناجح وصارم ومرن في نفس الوقت القدرة على التعامل مع فرق العمل المختلفة وإدارتها بسلاسة وإزالة الاشتباكات بين التخصصات المتشابهة ومعرفة مواطن القوة ودعمها ومواطن الضعف وتجنبها. وفوق كل هذا أن تكون لديه رؤية عملية واضحة لعلاج أزمات البلد من جهة وللنهوض بها من جهة أخرى لا يعتمد على نفسه فقط وإنما يستمد العون من ربه ثم من فرق عمل مخلصة تسعى لتحقيق هدفها لوجه الله تعالى هنا فقط يكون شخصا مؤهلا للرئاسة وإلا قلنا له كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر — وهو من هو في الإيمان والصدق — (إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها) رواه مسلم.

2271

| 23 مايو 2012

رحلة رجال إلى الله "2 — 3"

تكلمنا أولا عن عثمان بن طلحة رضي الله عنه وكيف كان نبيلا كريما وكيف بأمانة كان يسند إليه سدانة الكعبة والإشراف على شؤونها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.. خطنا في الحديث أن لكل دوره الذي يمكن أن يميزه عن غيره ويحسنه أكثر من غيره ثانيهم هو عمرو بن العاص الذي قال الرسول صلى الله عليه وسلم عنه: "أسلم الناس وآمن عمرو بن العاص" رواه الإمام أحمد والترمذي. وكان عمـرو بن العاص حاد الذكاء، قوي البديهة عميق الرؤية، حتى ان أمير المؤمنين عمر كان إذا رأى إنسانا عاجز الحيلة، صـكّ كفيه عَجبا وقال: {سبحان الله! إن خالق هذا وخالق عمرو بن العاص إله واحد}. كما كان عمرو بن العاص جريئا مِقْداما، يمزج ذكاءه بدهائه في سعة حيلة يُخرج بها نفسه من المآزق المهلكة، وكان عمر بن الخطاب يعرف ذلك فيه، وعندما أرسله الى الشام قيل له: {إن على رأس جيوش الروم بالشام أرطبونا}. أي قائدا وأميرا من الشجعان الدُّهاة، فكان جواب أمير المؤمنين: {لقد رمينا أرْطَبون الروم بأرْطَبون العرب، فلننظر عمَّ تنفَرج الأمور}. ولقد انفرجت عن غلبة ساحقة لأرطبون العرب وداهيتهم عمرو بن العاص على أرطبون الروم الذي ترك جيشه للهزيمة وولى هاربا الى مصر. فذلك الرجل الشجاع والذكي المؤمن كان يحمل قدرا كبيرا من الخلق والصفات التي تجعله خليقا بالإمارة. وتبرز فروسية عمرو رضي الله عنه في وقت وقوع المواجهة بينه وبين المقوقس إذ وقعت ابنته أرمانوسة في الأسر وهي ببلبيس وخافت من معها من النساء من تسلط جنود المسلمين عليهن خوفا قسنه على تسلط جنود الرومان الذين يحاربهم عمرو ليحرر منهم قبط مصر فقالت المرأة: (لأنْ تخاف المرأة على عِفَّتِها من أبيها أقربُ من أن تخاف عليها من أصحاب هذا النبي). وقد صدقت فِراسَةُ أرمانوسة؛ إذ إنَّ عمرو بن العاص أرسل أرمانوسة وجميعَ مالِها وخدمها معزَّزَةً مكرَّمة إلى أبيها المقوقس، في حراسة جند الإسلام، بقيادة قَيْسِ بن أبي العاص السَّهْمِيّ. ذاك رجل يعرف أسس القيادة والتأثير والتفاوض.. ولو شاء لاستغلها ورقة ضغط ولا يلام.. فقد وقعت في أسره والأسير يفدى.. لكن اطلاقها أقرب للخلق الحسن وأفضل للتأثير ولقد صرح بهذا الفاروق — الذي يعرف أقدار الرجال ولا يجامل أحدا — فقال حين رآه وهو مقبل فابتسم لِمَشْيَته وقال: {ما ينبغي لأبي عبد الله أن يمشي على الأرض إلا أميرا}. ولقد حكم مصر بعدما فتحها وظل حكمه عليها خيرا؛ أسس المدن ونظم الزراعة وابتكر القنوات والترع وضبط السقيا وأغنى الناس وكسب ودهم وأظهر التسامح مع النصارى فلم يأمنوا على أنفسهم إلا في عهده ودخل الناس في دين الله تعالى أفواجا بعد أن كان قوام جنده لا يتعدى ثمانية آلاف مجتمعين وكان فتح مصر — ولا يزال — محل خير وبركة على مصر وعلى إفريقيا وعلى العالم كله فجزاه الله تعالى خير الجزاء.. ولئن كان منه بعض التجوز بمقاييس عمر فإن عمر رضي الله عنه كان يقومه ولا يعزله لأن صفاته الكريمة وحسن قيادته تغلب ما سواها. وفي السنة الثالثة والأربعين من الهجرة، أدركت الوفاة عمرو بن العاص بمصر حيث كان واليا عليها، وراح يستعرض في لحظات الرحيل حياته فقال: {كنت أول أمري كافرا، وكنت أشد الناس على رسول الله، فلو مِتّ يومئذ لوجَبَت لي النار، ثم بايعت رسول الله، فما كان في الناس أحد أحبّ إلي منه، ولا أجلّ في عيني منه، ولو سُئِلْتُ أن أنْعَتَه ما استطعت، لأني لم أكن أقدر أن أملأ عيني منه إجلالا له، فلو مِتّ يومئذ لرجوت أن أكون من أهل الجنة، ثم بُليت بعد ذلك بالسلطان، وبأشياء لا أدري أهي لي أم عليّ}. ثم رفع بصره الى السماء في ضَراعة مناجيا ربه الرحيم قائلا: {اللهم لا بريء فأعْتذِر، ولا عزيز فأنْتَصر، وإلا تُدْركني رحمتك أكن من الهالكين}. وظل في ضراعاته حتى صعدت الى الله روحه وكانت آخر كلماته: لا إله إلا الله.. وتحت ثَرَى مصر ثَويت رُفاتُه...فذاك ثاني الرجال الذين نتحدث عنهم.

2955

| 07 مايو 2012

في سجون الوهم

تكلمت في المقال السابق عن أن الله تعالى يمهل ولا يهمل وذكرت كيف يرقد الآن مبارك وأعوانه أذلة في محابسهم بعدما كانوا يظلمون الناس ويحبسون الدعاة ومن خالفهم من المعارضين والشرفاء ويتوهمون ألا حساب.ومن ذلك قلنا ان هناك مساجين آخرين.. مساجين وهم الفكر.. ولئن كان الجسد يسجن ويتأذى فإن العقل عندما يسجنه صاحبه وراء فكرة ظالمة فهو أجنى عليه من سجن الظالمين لجسده.قلنا هذا عن مساجين الفكر العلماني الذين يريدون قصرنا معهم في فكرهم وتصوراتهم بأن ديننا لابد أن يكون كالمسيحية المحرفة التي أقصت العقل وادعت أن الحكم الكنسي وتصورات رجالها هو حكم الدين الذي لايحاد عنه وأن الحاكم الذي ترشحه الكنيسة هو ظل الله الذي لا يجوز محاسبته.ومهما قلت لهم هذا لم ولن يكون في دين الإسلام لم يعيروك التفاتا ولم يفهموا ما تقول لأنهم سجنوا عقولهم خلف الفكرةقل مثلهم فيمن تأثروا بالفكر الشيوعي سواء في المادية الجدلية أو التصور المادي والاقتصادي للتاريخ وهم أسارى هذه الأوهام ولا يريدون الخروج منها وقد أنفق بعضهم عمره كله وزهرة شبابه في أمر بدا لهم من بعد أنه كان وهدة فكرية بشرية رأت التاريخ وحركة المجتمع من منظور واحد ومع ذلك شق عليهم التحلي بشجاعة التراجع فحبسوا أنفسهم أسارى لحظتهم الفائتة.وبنفس المنطق يرى بعض اليساريين وحركاتهم المتفاعلة مع مجتمعنا أن التصورات الفكرية القائمة على الصدام الثوري الدموي حتمية أساسية لفرض التغيير لذا فبعض الشباب الثوريين الآن لا يريدون أن يحرموا أنفسهم من لذة المواجهة حتى لو تحقق التغيير بالطرق السلمية التي هي درة ثورتنا ومناط عظمتها وبلاغة حراكها.لكن التاريخ وحركة الجماهير تثبت دائما أن التغيير قد يأتي بطرق أخرى وعلى يد أشخاص آخرين.. وثوراتنا العربية أحد أدلة هذا.لم يسألوا أنفسهم يوما عن مخالفة الشيوعيين لعقائدهم وتفضيلهم الانتماء القومي والمصلحة الوطنية على الامتثال لتصورات الشيوعية في مواجهة حرب الرأسمالية: فقبلوا بالتعدد الشيوعي بين الصين والاتحاد السوفييتي وقبلوا باقتصاد السوق في التعامل المالي وقبلوا بترك الحرب خوفا من التفوق التكنولوجي لغيرهم نفس منطق ماركس الذي توقع التغيير من خلال ثورات صادمة — أو قل فوضى خلاقة بتعبير الرأسماليين — يتم فيها إسالة الدماء أنهارا.سجنونا — وحق الله — معهم.. وأرغمونا قهرا وقسرا على الرضوخ لتصوراتهم وحكمونا بغير شرع الله تعالى سنوات وسنوات وأذاقونا ذل البعد عن دين الله تعالى وهيجونا على التصالح مع أنفسنا بالرضا بالله ربنا مشرعا وحاكما وبإسلامنا دينا ومنهجا.فدخلنا معهم في التيه مرغمين.. لأنهم السادة والنخبة ونحن — زعموا — العامة والغوغاء والدهماء.. أضلونا سنوات ليس مذ عهد مبارك وحده لكن من عهد محمد علي أبرز العلمانيين المعاصرين ومن بعده.. ونحن من وقتها نتقلب معهم في التيه والتبعية والفقر والعوز لأن الالتزام بالدين جهل وتخلف وما ارتضوه هم — أقصد أسيادهم — هو الحق المبينحتى الفنانون أسارى أفكار توجوها في تصوراتهم مفادها أن الفن يجب أن يعمل بمعزل الالتزام بالشرع مع أنهم لو تأملوا لوجدوا مساحات من الفن المباح يمكنهم أن يثوبوا إليها.أما أوهام المتدينين فأبرزها الغلو في الأشخاص أحياء أو أمواتا وما الصوفية الغالية وموالدها ونذورها ودعاء المقبورين من ذلك ببعيد.لن تكون لنا كيانات حقيقية ومستقلة إلا عندما تخرج النخب الفكرية من سجون الأوهام وتعود لفكرنا الأصيل.

2457

| 27 فبراير 2012

alsharq
من فاز؟ ومن انتصر؟

انتهت الحرب في غزة، أو هكذا ظنّوا. توقفت...

7071

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
الكرسي الفارغ

ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...

2991

| 20 أكتوبر 2025

alsharq
معرفة عرجاء

المعرفة التي لا تدعم بالتدريب العملي تصبح عرجاء....

2856

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
النعش قبل الخبز

لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...

2613

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
نموذج قطر في مكافحة المنشطات

يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...

2556

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
العنابي يصنع التاريخ

في ليلةٍ انحنت فيها الأضواء احترامًا لعزيمة الرجال،...

2127

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
قادة العالم يثمّنون جهود «أمير السلام»

قمة شرم الشيختطوي صفحة حرب الإبادة في غزة.....

1623

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
ملف إنساني على مكتب وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة

في زحمة الحياة وتضخم الأسعار وضيق الموارد، تبقى...

1401

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
مواجهة العزيمة واستعادة الكبرياء

الوقت الآن ليس للكلام ولا للأعذار، بل للفعل...

1251

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
العطر الإلكتروني في المساجد.. بين حسن النية وخطر الصحة

لا يخفى على أحد الجهود الكبيرة التي تبذلها...

1128

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
وجبات الدايت تحت المجهر

لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...

960

| 20 أكتوبر 2025

alsharq
أين ربات البيوت القطريات من القانون؟

واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...

873

| 21 أكتوبر 2025

أخبار محلية