رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
برحيل المغفور له إن شاء الله الملك عبدالله بن عبدالعزيز، فقدت الأمة العربية والإسلامية قائدا ورجلا طالما سعى لتوحيد الصف، ونبذ الفرقة، والانفتاح على الآخر عبر حوار ذي أفق واسع، منطلقا من قوله تعالى " وجادلهم بالتي هي أحسن "
وهنا لا يسعنا بداية إلا أن نتقدم بالتعازي الحارة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولي العهد، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف ولي ولي العهد وللأشقاء بالمملكة وللأمة جمعاء لهذا المصاب الجلل، داعين الله عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، وأن يلهم قيادة المملكة وشعبها الكريم الصبر والسلوان .
لقد عرف الملك عبدالله منذ أن تولى سدة الحكم في 2005، وقبلها بنحو 10 سنوات عندما كان وليا للعهد ويدير شؤون المملكة العربية السعودية الشقيقة، نظرا للظروف الصحية التي كان آنذاك يعاني منها الملك فهد رحمهما الله تعالى، وأسكنهما فسيح جناته .. عرف بالحكمة والحنكة، والحرص على خدمة وطنه وأمته، وهو ما تثبته الإنجازات التي تحققت في المملكة في جميع القطاعات، مما أحدث نقلة نوعية، فالسنوات التي قضاها في الحكم رغم أنها قصيرة ـ أقل من 10 سنوات ـ إلا أنها كانت حافلة بالمنجزات في الداخل والخارج .
كان حريصا حتى أيامه الأخيرة على تدعيم الصف الخليجي والعربي والإسلامي، فهذا الحرص هو الذي دفعه لتتويج جهود المصالحة الخليجية بحكمته في لقاء الرياض الشهير في نوفمبر الماضي، لينهي بذلك واحدة من أخطر الأزمات التي تعرض لها مجلس التعاون الخليجي، بعد أن بذل سمو أمير دولة الكويت الشقيقة جهودا جبارة عبر جولات مكوكية وزيارات متعددة للأطراف الخليجية، لتفكيك الأزمة التي تعرض لها المجلس، ليلتقي هذا الجهد مع حكمة الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله وغفر له في إنهاء الأزمة في اجتماع الرياض الذي جمع قادة دول مجلس التعاون الخليجي .
ولم تغب قضايا الأمة العربية والإسلامية عن فكره وجهده، فكان لمواقف المملكة في عهده دور بارز في العديد من القضايا، كما كان لدعواته للحوار والانفتاح ونبذ الخلافات والتكاتف لمحاربة الإرهاب صدى بارز على المستوى العالمي .
وإذا كنا اليوم نستذكر هذه الأدوار الكبيرة التي قام بها الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله، فإننا كلنا ثقة بقيادة خادم الحرمين الشريفين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز خلال المرحلة المقبلة، فقد عرف سموه طوال مسيرته المباركة بالحكمة في إدارة مختلف الملفات الداخلية، والتعامل بحنكة مع الأحداث والتطورات الخارجية، وهو ما يعزز من الدور المتعاظم للمملكة، وحضورها القوي والفاعل في المشهد الإقليمي والدولي، فخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان خير خلف لخير سلف .
إن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز سيكمل المسيرة المباركة للشقيقة السعودية، ومن المؤكد أنه سيطرح بعدا جديدا في رؤية المملكة لمختلف القضايا، والمعالجات الجذرية للعديد من الملفات، وستواصل المملكة دورها المحوري في دعم قضايا الأمة العربية والإسلامية وقضايا الإنسانية بصورة عامة، وتصديها للمخاطر التي تواجه المنطقة ، فالملك سلمان رجل دولة ، وحضوره في المشهد ليس وليد اللحظة ، بل هو يمتد لحكم الملك فهد ثم الملك عبدالله رحمهما الله وقبل ذلك ، فقد تولى العديد من المناصب قبل ولاية العهد ، واسندت له ملفات مختلفة في الداخل والخارج ، كما انه خلال الفترة الاخيرة قام بترأس وفد المملكة الى مؤتمرات واجتماعات عديدة .
ويتمتع الملك سلمان برؤية مستقبلية ، ويحسب له اليوم انه قام بتهيئة الاجواء عبر خطوة اراها هي الاهم وهي وضع الثقة لدخول الجيل الثاني من الاسرة الى مناصب قيادية ، وهو تعيين الامير محمد بن نايف وليا لولي العهد .
والامير محمد بن نايف عرف عنه التواضع والانضباط والانتاجية في عمله ، وتاريخه بوزارة الداخلية شاهد على ما احدثه من نقلة في اداء هذه الوزارة الحيوية ، اضافة الى اشرافه على الحج ، وهو اكبر تجمع عالمي للبشر ، اضافة الى توليه ملفات خارجية استطاع انجازها بنجاح تام .
هذه السلاسة في انتقال الحكم تؤكد ان مؤسسة الحكم بالمملكة مترسخة ، ومبنية على قواعد متينة ، وهو ما ارسل رسالة للداخل والخارج فيها طمأنينة عن مؤسسة الحكم ، اضافة الى خطوة ادخال الجيل الثاني من الاسرة الحاكمة الى تولي القيادة ، وهو ما كان البعض متخوف منه ، الا ان هذا الامر قد تم بكل سلاسة واريحية .
المملكة العربية السعودية هي الشقيقة الكبرى لنا في دول مجلس التعاون، وهي الحضن الدافئ الذي طالما كان الملاذ والجامع، وهي اليوم كذلك في هذا العهد الميمون لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف ولي ولي العهد، الذين هم أشد حرصا على تعزيز مسيرة مجلس التعاون الخليجي، ووحدة الصف والعمل العربي، ودعم قضايا الأمة الإسلامية، فهذه القيادة الحكيمة لن تتوانى عن بذل الجهد والوقت من أجل خدمة قضايانا الخليجية والعربية والإسلامية والإنسانية جمعاء .
إننا في الأسرة الخليجية كما آلمنا المصاب الجلل، فإننا نتطلع إلى قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز للمملكة العربية السعودية الشقيقة، وحكمته في إحداث نقلة نوعية على مختلف الأصعدة، وفي جميع المجالات، سواء كان ذلك في الداخل السعودي في مسيرة النهضة الشاملة، والتنمية المتكاملة، أو في المشهد الإقليمي والدولي، الذي ينتظر الدور السعودي لمعالجة العديد من الملفات المتفجرة، والتي هي بحاجة إلى معالجات جذرية، خاصة قضايا الأمة العربية والإسلامية، داعين الله عز وجل أن يلهم خادم الحرمين الشريفين التوفيق ، وأن يسدد على طريق الخير خطاه، وأن ينعم على المملكة العربية السعودية الشقيقة بالأمن والأمان ومزيد من الاستقرار .
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6546
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6429
| 24 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع في القلب وجعًا عميقًا يصعب نسيانه.. في الجولة الثالثة من دوري أبطال آسيا للنخبة، كانت الصفعة مدوية! الغرافة تلقى هزيمة ثقيلة برباعية أمام الأهلي السعودي، دون أي رد فعل يُذكر. ثم جاء الدور على الدحيل، الذي سقط أمام الوحدة الإماراتي بنتيجة ٣-١، ليظهر الفريق وكأنه تائه، بلا هوية. وأخيرًا، السد ينهار أمام الهلال السعودي بنفس النتيجة، في مشهد يوجع القلب قبل العين. الأداء كان مخيبًا بكل ما تحمله الكلمة من وجع. لا روح، لا قتال، لا التزام داخل المستطيل الأخضر. اللاعبون المحترفون الذين تُصرف عليهم الملايين كانوا مجرد ظلال تتحرك بلا هدف و لا حس، ولا بصمة، ولا وعي! أما الأجهزة الفنية، فبدت عاجزة عن قراءة مجريات المباريات أو توظيف اللاعبين بما يناسب قدراتهم. لاعبون يملكون قدرات هائلة ولكن يُزج بهم في أدوار تُطفئ طاقتهم وتشل حركتهم داخل المستطيل الأخضر، وكأنهم لا يُعرفون إلا بالاسم فقط، أما الموهبة فمدفونة تحت قرارات فنية عقيمة. ما جرى لا يُحتمل. نحن لا نتحدث عن مباراة أو جولة، بل عن انهيار في الروح، وتلاشي في الغيرة، وكأن القميص لم يعد له وزن ولا معنى. كم كنا ننتظر من لاعبينا أن يقاتلوا، أن يردّوا الاعتبار، أن يُسكتوا كل من شكك فيهم، لكنهم خذلونا، بصمت قاسٍ وأداء بارد لا يشبه ألوان الوطن. نملك أدوات النجاح: المواهب موجودة، البنية التحتية متقدمة، والدعم لا حدود له. ما ينقصنا هو استحضار الوعي بالمسؤولية، الالتزام الكامل، والقدرة على التكيّف الذهني والبدني مع حجم التحديات. نحن لا نفقد الأمل، بل نطالب بأن نرى بشكل مختلف، أن يعود اللاعبون إلى جوهرهم الحقيقي، ويستشعروا معنى التمثيل القاري بما يحمله من شرف وواجب. لا نحتاج استعراضًا، بل احترافًا ناضجًا يليق باسم قطر، وبثقافة رياضية تعرف كيف تنهض من العثرات لتعود أقوى. آخر الكلام: هذه الجولة ليست سوى بداية لإشراقة جديدة، وحان الوقت لنصنع مجدًا يستحقه وطننا، ويظل محفورًا في ذاكرته للأجيال القادمة.
3144
| 23 أكتوبر 2025