رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

سعدية مفرح

كاتبة كويتية

مساحة إعلانية

مقالات

468

سعدية مفرح

الحياة حلوة.. بشروط!

24 مارس 2025 , 02:00ص

"الحياة حلوة، بس نفهمها".. كما تقول كلمات الأغنية القديمة. عبارة تختصر فلسفة بسيطة لكنها عميقة: الحياة مليئة بالجمال، ولكننا أحيانًا نعجز عن إدراكه، نفقد لحظات من السعادة والسلام لمجرد أننا لم نفهم المعنى الحقيقي للحياة.

إن فهم الحياة لا يعني بالضرورة الوصول إلى إجابات لكل الأسئلة الكبرى، أو العثور على تفسير واحد لأسرار الوجود. بل هو ببساطة أن نفتح أعيننا على جمال التفاصيل الصغيرة، أن نقدر قيمة الأشياء التي تحيط بنا كل يوم، وأن ننظر إلى تحدياتنا بطريقة مختلفة.

في كثير من الأحيان، نرى الحياة من زاوية ضيقة تجعلنا نركز على المشكلات والمعوقات، ونغفل عن لحظات الفرح التي يمكن أن نجدها حتى في أبسط الأشياء.

فالحياة ليست مجرد سلسلة من الأيام والليالي التي تمر علينا، بل هي رحلة ذات طابع خاص، مليئة بالتجارب والدروس. أن نفهم الحياة يعني أن نعيش بتوازن، أن ندرك أن للحزن نصيبه، وللفرح نصيبه أيضًا، وأن هذه الثنائية هي التي تجعلنا نقدر قيمة كل لحظة.

حين نتقبل أن هناك أوقاتاً صعبة وأخرى سعيدة، نصبح أكثر انسجامًا مع إيقاع الحياة. نتعلم ألا نحارب الزمن، بل أن نستمتع بما يقدمه لنا، حتى وإن بدا في بعض الأحيان قاسيًا أو مليئًا بالتحديات.

وإذا تأملنا أكثر، نجد أن الحياة تقدم لنا دروسًا كثيرة. قد تكون هذه الدروس في صورة أشخاص نلتقي بهم، تجارب نمر بها، أو لحظات خاصة نستشعر فيها معنى أعمق للأشياء.

نحن نعيش في عصر يتسم بالسرعة والتوتر، حيث يلهث الكثيرون خلف أهداف مادية أو أمان بعيدة. لكن أحياناً، كل ما نحتاجه هو لحظة تأمل، لحظة نستمع فيها إلى أنفسنا، ننصت لصوتنا الداخلي، ونسأل؛ ماذا نريد حقًا؟ ما الذي يجعلنا نشعر بالسلام الداخلي؟

حين نبدأ في فهم أنفسنا، نصبح قادرين على فهم الحياة بشكل أعمق.

الحياة حلوة فعلاً، لأنها تمنحنا فرصًا لا تُحصى، وتجدد أمامنا الأمل، وتفتح لنا أبوابًا جديدة حتى بعد الأزمات والانكسارات. فكل تجربة نخوضها، مهما كانت مؤلمة، تضيف إلى نضوجنا وتجعلنا أقوى. وإذا نظرنا إلى الحياة بهذه النظرة المتفائلة، سنجد أننا نتذوق طعم الحلاوة في كل يوم، ليس لأن الحياة خالية من الصعوبات، بل لأننا أصبحنا نفهمها، ونفهم أنفسنا معها.

الحياة تصبح أكثر حلاوة عندما نبدأ في تقدير الأشياء البسيطة؛ فنجان قهوة في الصباح، ضحكة صديق قديم، لقاء عائلي دافئ، أو حتى لحظة صمت نتأمل فيها غروب الشمس. إن فهم الحياة لا يتطلب منا سوى أن نتخلى عن ضغوطنا للحظات، أن ندع مخاوفنا جانبًا، ونعيش الحاضر بكل ما فيه من جمال. الحياة حلوة، حين نسمح لأنفسنا بأن نتذوقها، أن نعيشها بعيدًا عن التوقعات المثالية، بعيدًا عن الركض المستمر لتحقيق النجاح المادي.

نحن من نصنع طعم الحياة. فحين نفهم أن السعادة لا تكمن في امتلاك كل شيء، بل في الاكتفاء بما لدينا، نصبح أكثر امتنانًا وأقل قلقًا. الحياة لا تنتظر أحداً، وكل لحظة تمر هي فرصة جديدة لنكتشف فيها شيئًا جميلاً. ربما يكمن سر الحياة في البساطة، في عيش اللحظة، وتقدير النعم الصغيرة التي نملكها.

فالحياة حلوة، نعم، لكن بشرط أن نفهمها، وأن نتعلم من تجاربها، وأن نُدرك أن قيمتها ليست في طولها، بل في عمقها، ليست في كمية الأيام، بل في نوعية اللحظات التي نعيشها. وحين نصل إلى هذا الفهم، نكون قد بدأنا نكتشف الجمال الحقيقي في الحياة، ونبدأ في تذوق حلاوتها، بكل ما فيها من تناقضات وألوان.

مساحة إعلانية