رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في فترة الخمسينيات من القرن الماضي سيطرت أنظمة الانقلابات الثورية الشمولية على أكثر بلاد الشرق الإسلامي وحقق المد الماركسىي امتدادا في نصف الكرة الأرضية، وارتبطت به أنظمة ومجتمعات دارت في فلكه وكانت تدين له بالولاء الأيديولوجي، والمسلمون الذين هاجروا إلى الغرب كان بينهم وبين أنظمة بلادهم صدامات بسبب انتماءاتهم الدينية والأيديولوجية، وقد كان من مصلحة الغرب أن يستقبل هؤلاء المهاجرين ويؤويهم ليحقق بذلك أكثر من هدف في وقت واحد.
1. فوجودهم في بلاده يقدم للغرب دعاية مجانية ويصوره كملاذ آمن للحريات ويكتسب بوجودهم مصداقية في دفاعه عن حقوق الإنسان.
2. كان هؤلاء يشكلون طليعة المعارضة السياسية والقوى المضادة للانقلابات التي تتبنى النظم الاشتراكية في بلدانهم الأصلية، لذلك رأى الغرب فرصة الاستفادة منهم كورقة ضغط سياسية في مواجهة الأنظمة التي تعاديه، وكذلك يمكن توظيف وجودهم في صراع الأيديولوجيات.
3. وجود هؤلاء في مجتمع الغرب، خصوصا التيار الحركي منهم يجعل نشاطهم تحت سمعه وبصره، ومن ثم يأمن شرهم ويعمل على ترويضهم بعكس ما إذا تولى هؤلاء السلطة في بلادهم وكانوا خارج حدود السيطرة، فربما يشكلون تهديدا لمصالحه في المنطقة.
4. كان الغرب يرى أن خصائص هؤلاء وهوياتهم الإسلامية المتفردة والمتميزة ستذوب بعد جيل أو جيلين ومن ثم تنمحي وتتلاشى تلك الخصائص وتتم في هدوء عملية الدمج والذوبان.
• هذه هي بعض الأهداف- فيما أراه ـ وراء ترحيب الغرب بالوجود الإسلامي في النصف الثاني من القرن الماضي، لكن الرياح تأتي بما تشتهي السفن، وأحيانا تأتي عكس ما تشتهي السفن، فقد سقط القطب الشيوعي وتحلل الاتحاد السوفيتي، وانحصر المد الماركسي الذي كانت أمريكا والغرب تخافه وتخشاه.
• في الجانب الآخر انكمشت دول عدم الانحياز وانفرد قطب واحد بزمام العالم وسقطت شعارات "الإمبريالية و"قوى الرجعية والتخلف" "والاستعمار" وما إلى ذلك من الشعارات، وقدمت أكثر الأنظمة التي كانت ثورية أوراق اعتمادها لتخدم في بلاط النظام العالمي الجديد بعدما أعلنت توبتها وتطهرها من رجس الماركسية والشيوعية، والتحقت بقاطرة الغرب نفسه وأضحت تأخذ عنه وتتلقى منه، وتحولت العلاقة من العداء لتكون سمنا على عسل، ومن ثم فلم يعد الوجود الإسلامي يستعمل كورقة للضغط على تلك الأنظمة.
• وبذلك سقطت المبررات الثلاثة: الأول والثاني والثالث من حسابات الغرب في التعامل مع الوجود الإسلامي في مجتمع المهجر.
• ثم إن فكرة الذوبان والتلاشي للمهاجرين المسلمين بعد جيل أو جيلين أو ثلاثة أجيال على الأكثر، كانت خاطئة، وكانت المفاجأة المذهلة أن أجيال الأخلاف نشأت أشد تمسكا بدينها وتماسكا في هوياتها، بل تحولت إلى جزء من النسيج الاجتماعي واللحمة الحضارية لمجتمعات الغرب وظهرت الخصوصيات أكثر فأكثر، وأضحت ظاهرة التمايز واضحة جلية، وبدلا من الذوبان والتلاشي كان التأثير المباشر في النسيج الاجتماعي الغربي، ومن ثم تم التداخل والمزج بين الديني والاجتماعي، حيث تزوج أبناء المسلمين من نساء غربيات وهؤلاء وجدن في الدين الإسلامي وتقاليد الشرق والتماسك الأسري ضالتهن فأسلمن وحسن إسلامهن، وارتبطت حركة التغيير الوجداني بحركة في تغيير المفاهيم والتصورات، صاحبها وأعقبها تغيير في السلوك والممارسة، الأمر الذي أضحى من المألوف أن ترى المرأة الأوروبية ترتدي الحجاب وتعتز وتفاخر به كخيار لها وكحق من حقوقها المدنية بجانب كونه واجبا دينيا لا يجوز لأحد أن يمنعها عنه، والأمر كذلك بالنسبة للرجال، حيث أصبح من المألوف أن ترى مسلما من أصل أوروبي هو الذي يجلس ليفاوض أو يحاور نيابة عن المسلمين في بعض المصالح الحكومية، ومن ثم سقط المبرر الرابع وجاءت الرياح على عكس ما تشتهي السفن.
• لكن اليمين المتطرف والذي تتنامى دعوته وتحتضنها بعض السياسات وبعض الأنظمة التي تستعمله ذراعا للضغط والسيطرة لم يُفَوِّتوا الفرصة طبعا، فقد اعتمدوا سياسة التخويف من الإسلام، وسعوْا في مجتمعات الغرب كله للتأكيد على أن الوجود الإسلامي يتمدد بسرعة خطيرة ويشكل عبئا على رفاهية الغرب ولا يضيف إليه شيئا جديدا، كما سعوا بكل الوسائل لتأزيم المواقف وصناعة الأزمات بين المسلمين وغيرهم وليسوقوا دليلا دامغا على أن المسلمين في الغرب شر كلهم، وأن وجودهم يشكل خطرا محتملا على المدى البعيد وحتى في القريب العاجل.
• كل هذه العوامل دفعت بالغرب إلى إعادة النظر في إستراتيجيته تجاه الوجود الإسلامي في مجتمع المهجر، ومن ثم كانت حالة التراجع في الحريات العامة وحالة الانتكاس في الحقوق المدنية، التي تمثلت وترجمت عنها ترسانة القوانين الجديدة التي تحد من حريات الناس وتحجم نشاطهم وتخول لأجهزة الأمن المختلفة وقف ومصادرة أي نشاط لمواطنيها تحت دعوى محاربة التطرف وتجفيف منابعه.
• ورغم قدرة بعض مراكز القرار في الغرب ومعهم اليمين المتطرف وبراعتهم في تغليف عدائهم بغشاء رقيق من الدبلوماسية وغطاء هش من حرية التعبير والإبداع والبحث العلمي، لكن هذا الغطاء لم يكن كافيًا لتغطية حالة العداء التي بدت وكأنها ظاهرة في كثير من الكتابات والتعليقات وحتى القرارات، ولم تكن قوافل الميديا في الساحة وحدها، وإنما كان خلفها من يقدم لها الدعم والمساندة والتأييد، كما كان يمدها بالدعم اللوجستي في مجال المعلومات كتيبة من الأكاديميين تقربهم مراكز القرار وتمولهم جهات استخباراتية وتمكنهم من نشر آرائهم التي تساعد على تبرير العدوان وتأجيج نيران الصراع والكراهية، وحاول اليمين المتطرف التركيز على أن التكوين الثقافي للجنس الأبيض يعتمد على نظرية نجابة الجنس ونقاء العرق وتقسيم البشر، وقد نجح إلى حد بعيد في إشاعة هذه الرؤية حتى نضحت في كتاباتهم رغم حديث القانون عن المساواة والحريات وحقوق الإنسان وبدرجة فاقت حدود الشعارات المرفوعة في الغرب ذاته، وبالطبع إنسان الشرق في تلك الرؤية يختلف عن إنسان الغرب، وإنسان الجنوب يختلف عن إنسان الشمال، حتى تجرأ بعضهم وأحيا في طرحه رؤية عنصرية قديمة، وحاول أن يروج لها من باب هندسة الرأي العام وتهيئته تمهيدًا للقبول بفكرة الاستعمار بناءً على نجابة الجنس ونقاء العرق وتقسيم الناس إلى سادة يجب أن يسيطروا ويسودوا، وإلى عبيد عليهم أن يخلصوا في خدمة السادة، ليلاً ونهارًا، والويل لهم إن تمردوا أو طالبوا بحقوق آدمية.
• نظرة الاستعلاء والفوقية هذه ليست جديدة، وحتى ما طرحه صموئيل هنتنتجنتون في كتابه صراع الحضارات لم يكن جديدا، وإنما كان نسخة معدلة مما طرحه من قبل الصحفي الأمريكي لوثروب ستودارد، فقد ذكر في كتابه الصادر في سنة 1921، بعنوان "المد الصاعد للون ضد السيادة البيضاء على العالم"
"The Rising: Tide of Color against White supremacy"
حيث يقرر الصحفي الأمريكي لوثروب ستودارد "lothrop Stoddard "
صلاحية الجنس الأبيض للسيادة على العالم، فيقول:
"من ظلال ما قبل التاريخ برزت العناصر البيضاء إلى المقدمة، وأثبتت بطرق لا تحصى صلاحيتها للهيمنة على النوع البشري، لقد شكلوا بالتدرج حضارة مشتركة، ثم حين أتيحت لهم فرصتهم الفريدة للهيمنة على المحيطات قبل أربعة قرون انتشروا في كل أنحاء الأرض فملأوا أماكنها الخالية بذريتهم المتفوقة، وضمنوا لأنفسهم التفوق في العدد والسيادة... وأخيرًا توحد الكوكب تحت هيمنة عرق واحد بحضارة مشتركة. هكذا!!
• ولم يكن ذلك الصحفي والتيار الذي ينتمي إليه في ساحة الهجوم على الإسلام وحده، وإنما رافقه آخرون أكاديميون من ذوي الشهرة والصيت ذاعت كتاباتهم في طول الأرض وعرضها تحاول النيل من الإسلام ونبيه، وكان في مقدمة هؤلاء المستشرق المعروف هاملتون جيب الذي كان يعمل في الولايات المتحدة الأمريكية مديراً لمركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة هارفارد والذي حاول أن ينفي عن النبي صفة الرسالة والنبوة ولم ير فيه إلا أنه مجرد مصلح اجتماعي عكس ضرورات البيئة العربية في مكة، وأنه صلى الله عليه وسلم صنعته بيئته الخاصة بمركزها الثقافي والديني والتجاري، وبحكم موقعها من العالم وصلتها بأرقى شعوبه. ثم جاء تلميذه النجيب برنارد لويس ليكمل المسيرة غير الميمونة وغير المأمونة، وليدلي بدلوه في تطوير وأداء الدور المطلوب.
• فإذا أضيف إلى ذلك رد الفعل على الحملة الشرسة التي تولت كبرها مصانع الكذب الإعلامي ودعايات إمبراطورية هوليوود بعد أحداث 11 سبتمبر والتكثيف الشديد على اعتماد التشويه والكذب، هذا الأمر المبالغ فيه جدا دفع الكثير من الناس إلى محاولة معرفة شيء عن هذا المارد المرعب والذي جاء ليحطم الحضارة ويطفئ أنوار الحياة، فنفدت كل الكتب التي تتحدث عن الإسلام كما نفدت جميع المصاحف من المراكز والمؤسسات الإسلامية، وبالإضافة إلى ما يتمتع به المواطن الأوروبي من الحرية ومع البحث والتحري ظهرت الحقائق، كل ذلك جعل الإسلام هو الخيار الأول لبعضهم بعدما اتضحت الصورة واكتشف الناس حجم المغالطات والتدليس والغش وصدقت حكمة الشاعر التي تقول:
وإذا أراد الله نشر فضيلة طويت …. أتاح لها لسان حسود
• لسان الحسود هنا قدم للإسلام دعاية لا تستطيع الدول الإسلامية مجتمعة أن تقوم بها وكان هذا الأمر من تدبير الله وحده.
• ثم إن أحداث 11 سبتمبر أحدثت تطورا نوعيا في وعي المسلمين بحركة الصراعات وطبيعتها ومسارها، هذا التطور النوعي أكسب المسلمين خبرة في التعامل مع الأزمات وكيفية مواجهتها والقدرة على امتصاصها، كما حقق لهم حضورا ملحوظا وقبولا يحسب على أنه إنجاز ضخم في بناء جسور حيوية ومحترمة للتفاهم وتأكيد معنى التعددية الثقافية والحضارية وحتى الدينية وتفاعلهم معها، ومن ثم فقد بدأت قطاعات كبيرة من مجتمعات الغرب نتيجة الاحتكاك بالمسلمين في الداخل تتفهم قلق المسلمين وهمومهم وتشعر أن وجودهم إضافة حضارية وثقافية وليس عبئا ومن ثم بدأت تقف بجوار قضاياهم، لكن هذا الأمر مقلق طبعا لبعض الدوائر التي تقتات على الأزمات والكراهية وتسعى لضرب الجميع ببعضهم، وبالمناسبة يقال إن أحداث فرنسا أعلنت عنها وسائل إعلام إسرائيلية بعد وقوعها بثلاث دقائق، أي قبل أن تعلن عنها السلطات الفرنسية، كما أعلنت صحيفة تابعة لهم أسماء الجناة وحددت ديانتهم وجنسياتهم بعد أقل من 15 دقيقة !! فهل جاءت أحداث فرنسا نتيجة وثمرة لهذا التخطيط....؟ حتى الآن لست متأكدا من إجابة هذا السؤال "بلا" أو "بنعم".
لكني أحسب أن الوجود الإسلامي في مجتمع الغرب بدأ الدخول في مرحلة جديدة من التحديات خططت لها أعلى الدوائر سيادية وأكثرها حساسية وعما قريب ستراوده عن نفسه بين الرفـض والاحـتواء.
فهل يمكن أن تنتصر النفايات والمؤامرات على الخلق العظيم؟ هنا أقول بالقطع: "لا" ومبدأ الإنصاف الذي ربانا عليه ديننا الحنيف ونبينا العظيم محمد، صلى الله عليه وسلم، والذي جعلوه هدفا لنفاياتهم ـ وهيهات - يجعلني أقول بإصرار: "ليسوا سواء" وإذا كنا كلنا محمدا …. فليسوا كلهم شارلي.
المشهور الذي لم يعد مشهوراً
(ترويج «مشاهير التواصل» للسلع الرديئة يفقدهم المصداقية) جذبني هذا العنوان لدى تصفُّحي اليومي لموقع صحيفة الشرق القطرية وهو... اقرأ المزيد
153
| 25 نوفمبر 2025
معايير الجمال
منذ صغرنا ونحن نشاهد الأفلام والدعايات التي رسخت في عقولنا الشكل والجسم الذي يجب أن نظهر عليه. أتحدث... اقرأ المزيد
126
| 25 نوفمبر 2025
ارتفاع الإيجارات.. أزمة متنامية تستدعي حلولًا واقعية
يشهد سوق العقارات في دولة قطر ارتفاعاً متواصلاً في الإيجارات السكنية والتجارية على حد سواء، حتى أصبحت الإيجارات... اقرأ المزيد
225
| 25 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
- مفتي أستراليا
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
13530
| 20 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1791
| 21 نوفمبر 2025
شخصيا كنت أتمنى أن تلقى شكاوى كثير من المواطنين والمقيمين من أولياء أمور الطلاب الذين يدرسون في مدارس أجنبية بريطانية رائدة في الدولة بعضا من التجاوب من قبل وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي لا سيما وأن سعادة السيدة لولوة الخاطر وزيرة التربية والتعليم إنسانة تطّلع بمزيد من الاهتمام على ما يُنشر ويتم النقاش فيه فيما يخص الخطة التعليمية على مستوى المراحل الدراسية في قطر وتقوم بكل ما في وسعها لتحسين الأمور التي تحتاج للاهتمام ومعالجة كثير من المشاكل التي نوهنا عنها سابقا في سنوات سابقة ظلت معلقة لتأتي السيدة لولوة وتضع نقاطا على الحروف وهو امتياز حظت به الوزارة منذ أن تبوأت السيدة لولوة سدة الوزارة فيها باقتدار وحكمة ودراية دون قصور بمن سبقها لهذا المنصب التي رأت فيه تكليفا لا تشريفا وأبدت سعادتها به بمعالجة كثير من الأمور العالقة فيه فيما يخص المدارس والجامعات، ولذا نكتب اليوم وكلنا أمل في أن يحظى ما كتبناه سابقا شيئا من اهتمام سعادة وزيرة التربية التي لم نعهد فيها سوى ما يجعلها في مراتب عالية من الاحترام لشخصها والتقدير لعملها الدؤوب الذي أثبتت من خلاله إنها الشخص المناسب في المكان المناسب، بالنظر الى عقليتها والتزامها وتواضعها وقدرتها على تيسير الأمور في الوقت الذي يراها كثيرون أنه من العسر التعامل معها ولذا نجدد المناشدة في النظر لما أشرت له وكثير من المغردين على منصة X في الرسوم المالية العالية التي أقرتها إحدى المدارس الأجنبية البريطانية على بداية الفصل الدراسي الثاني بواقع زيادة عشرة آلاف ريال على كل طالب في حين كان يدفع أولياء الأمور من المقيمين ما يقارب 35 ألف ريال لتصبح بعد الزيادة هذه 45 ألف ريال، بينما كانت الكوبونات التعليمية الخاصة بالمواطنين تخفف من عاتق أولياء الأمور بواقع 28 ألف ريال فكانوا يدفعون إلى جانب الكوبون التعليمي سبعة آلاف ريال فقط ليصبح ما يجب أن يدفعه القطريون 17 ألف ريال بعد الزيادة المفاجئة من هذه المدارس التي باغتت كل أولياء الأمور سواء من المواطنين أو حتى المقيمين بالزيادة المالية للرسوم المدرسية بحيث يتعذر على معظم أولياء الأمور البحث عن مدارس أخرى في بداية الفصل الثاني من العام الدراسي لنقل أبنائهم لها، حيث لن يكون بإمكانهم دفع الرسوم الجديدة التي قالت إن الوزارة قد اعتمدت هذه الزيادات التي تأتي في وقت حرج بالنسبة لأولياء الأمور حتى بالنسبة للطلاب الذين قد تتغير عليهم الأجواء الدراسية إذا ما نجح آباؤهم في الحصول على مدارس أخرى مناسبة من حيث الرسوم الدراسية وهي شكوى يعاني منها أولياء الأمور سواء من المقيمين أو حتى المواطنين الذين يلتحق لهم أكثر من طالب في هذه المدارس التي يتركز موادهم الدراسية على إتقان اللغة الإنجليزية للطالب منذ التحاقه فيها أكثر من المدارس المستقلة التي لا شك تقوم موادها الدراسية على التوازن ولا يجب أن ننسى في هذا الشأن القرار الوزاري لسعادة السيدة لولوة الخاطر بتشكيل لجنة تأسيسية لتطوير وتعزيز تعليم القرآن الكريم واللغة العربية في مدارس الدولة برئاسة الدكتور سلطان إبراهيم الهاشمي وهذا يدل على حرص سعادتها بما بتنا نفتقر له في زحمة العولمة الثقافية والإلكترونية وعالم الذكاء الصناعي والتكنولوجيا المخيفة التي بدأت تطغى على مفاهيم وأركان وعادات وتقاليد وتعاليم دينية ومجتمعية كبرت عليها الأجيال المتتالية ولذا فإن الأمل لازال مركونا بالوزارة وعلى رأسها سعادة السيدة لولوة الخاطر في الالتفات لما تتضمنه شكاوى أولياء أمور، يأملون في تغيير مسار حل مشكلتهم الموصوفة أعلاه إلى مسار يطمئنهم معنويا وماديا أيضا ولا زلنا نأمل في جهود وزارة التربية والتعليم على سد فراغات تظهر مع القرارات المباغتة التي لا تخدم الطلاب وتؤثر بشكل عكسي على آبائهم بطريقة أو بأخرى، «اللهم إنَا بلغنا اللهم فاشهد».
1413
| 18 نوفمبر 2025