رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لم يكن الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي مضطرا لإعلان رفض السعودية للتهديد الإيراني الذي اعتبر إنجاز الاتحاد بين السعودية والبحرين بمثابة "إعلان حرب"، فهذا التهديد كما يراه المسؤول السعودي المخضرم "غير مقبول ومرفوض لأنه ليس لإيران أي دخل بما يجري بين البلدين من إجراءات حتى وإن قررا الوحدة". الرد السعودي هو رد خليجي عام، وحتى تلميحات الفيصل بأن السعودية وكل دول مجلس التعاون الخليجي لن تعيق قيام اتحاد إيران مع من تشاء من الدول، لأنه من حقها تشكيل اتحاد مع من تشاء. ولكن حتى لا يؤخذ الكلام على عواهنه، فهناك تحذير خليجي شامل هنا وهو ألا تضر إيران بمبادئ الجوار وأن عليها أن تبادلنا حسن الجوار.
يبدو أن فكرة قيام اتحاد سواء بين السعودية والبحرين أو اتحاد اشمل يضم كل دول مجلس التعاون قد أزعجت جيراننا في المنطقة، حتى وإن كان هذا الاتحاد في مراحل الدراسة والتقييم الآن كما أعلنت القمة التشاورية الخليجية الأخيرة في الرياض. ولكن الإيرانيين وكما هي عادتهم يستبقون الأحداث ليرهبونا باعتراضاتهم في الوقت الذي خرجت فيه القمة بضرورة تحقيق الاتحاد الإقليمي بكافة أضلعه الخارجية والسياسية والاقتصادية والدفاعية المشتركة.
ومهما كانت الاعتراضات الإيرانية، فلدى مجتمعنا الخليجي الأسباب الكافية لتأسيس هذا الاتحاد المرتقب من أجل الإسراع بتطبيق العملة الموحدة وتذليل كافة العقبات الاقتصادية والسياسية والعسكرية والأمنية. وإذا كان من الأفضل الارتكان إلى دراسات موثقة لتبيان أهمية هذا الاتحاد على كافة دول المجلس الخليجي، فقد نستعرض معا مضمون دراسة متخصصة للمعهد السعودي للدراسات الدبلوماسية، أكدت أن التحول إلى "الاتحاد" بديلا عن "التعاون" ليس مجرد خيار مطروح، بل مسألة مصير ووجود، في ظل تحولات إقليمية ودولية غير مسبوقة.
وتتحدث الدراسة عن التكامل الدفاعي الذي يمثل الضمانة الرئيسية لأمن دول الخليج بوصفه بديلا عن التحالفات الإقليمية والدولية التي تحقق توازنا ليست له صفة الديمومة. وتستند الدراسة إلى تقديرات أشارت إلى أن مجموع الجيوش الخليجية إذا اكتمل الاتحاد سيبلغ ما يقارب 360 ألف جندي. ولبلوغ هذه القوة،، يتطلب من الدول الخليجية التكامل الدفاعي وإعادة هيكلة ودمج المؤسسات الأمنية الخليجية، في سبيل تحقيق صيغة للأمن بالخليج العربي، انطلاقا من مبدأ "توازن القوى" الذي يعد ضمانة رئيسية لتوازن المصالح، وبما يعطي زخما أكبر للتعاون بينها ويمنحها القدرة على التحرك المشترك السريع لمساعدة دولة خليجية أخرى في المستقبل، قد تطلب مساندة تلك القوات.
وننتقل إلى النقطة الأخرى الأهم وهي التكامل الجغرافي، لأن حجم مساحة الاتحاد الجديد سيقارب 2.8 مليون كم مربع مما يجعله قادرا على التحكم في ممرات وفضاءات إقليمية إستراتيجية، ومنح دول المجلس الخليجي القدرة على التأثير على الصعيدين العربي والدولي. وهذا ينقلنا إلى الدوافع الإقليمية للاتحاد الخليجي، وتتعلق بتنامي القوة الإيرانية، الأمر الذي يعكس خللا في توازن القوى في العلاقات الخليجية – الإيرانية. وإذا أردنا التوضيح أكثر، فإن قوام قوات الجيش الإيراني العاملة تصل لنحو 545 ألفا، مقابل عدد قوات جيوش دول الخليج العربية العاملة مجتمعة الذي يقارب 360 ألف جندي، بالإضافة إلى سعي إيران لزيادة عتادها العسكري، وتطوير منظومتها الصاروخية، وسعيها لامتلاك السلاح النووي.
ويضاف إلى هذا العنصر غير المتوازن، الأطماع الإيرانية الإقليمية التي تدفع طهران إلى تعزيز سيطرة إيران وهيمنتها المطلقة على منطقة الخليج العربي بتصدير الثورة الذي لم يتوقف.
ويدخل العراق بقوة إلى دائرة المخاطر الإقليمية على أمن دول مجلس التعاون الخليجي وضع العراق خاصة ما بعد الانسحاب الأمريكي، وذلك بسبب بتنامي الخلافات السياسية التي أعقبت عملية الانسحاب الأمريكي في ديسمبر 2011.
أما اليمن فهو ليس بعيدا عن دائرة المخاطر التي تهدد بقوة أمن الخليج وذلك حسب دراسة المعهد السعودي للدراسات الدبلوماسية، في ظل عدم وجود توافق سياسي بين الأطراف الرئيسية في اليمن، ليظل سيناريو الحرب الأهلية قائما انطلاقا من وجود مؤشراتها بالفعل.. والاضطرابات وعمليات القتال مستمرة بين الأطراف المختلفة، فضلا عن المواجهات بين الحوثيين وقوى المعارضة، وسيطرة تنظيم القاعدة على عدد من المدن اليمنية، وبالتالي تتصاعد وتيرة المخاوف من حقيقة بقاء اليمن دولة موحدة، وترشيح احتمالات التقسيم، الذي يعد الخيار الأسوأ بالنسبة للأمن الإقليمي الخليجي، خاصة إذا علمنا أن اليمن يمثل الامتداد الجيوإستراتيجي لأمن دول المجلس.
وبعد كل هذا، لم تقف إيران على مسافة واحدة من دول المنطقة، فما أن أفصح الخليجيون عن نيتهم بالانتقال إلى الاتحاد بعد اكتمال الدراسات اللازمة، حتى كشر الإيرانيون عن أنيابهم وشنوا هجوما غير مقبول بالمرة على مشروع الاتحاد ووصفوه بأنه " مشروع فوضوي"، ثم يخرج علينا المعتوه علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى الإيراني ليسمعنا كلاما لا قيمة له مثل " البحرين ليست لقمة سائغة يمكن ابتلاعها بسهولة " فهو وأسياده هنا يسترجعون اللهجة العنصرية الاستعلائية للشاه، ثم نراه مع نوابه يجاهرون بكلام متعجرف بضم البحرين إلى إيران. ثم من منح لاريجاني ونوابه التدخل في شؤوننا الداخلية، أليس هناك مواثيق وأعراف وقوانين دولية تمنع الدول من اقتحام سيادة الدول الأخرى، ألم يتعلم هؤلاء القانون الدولي وحق الدولة العضو في الأمم المتحدة، أم أن الإيرانيين يستقوون على الخليج بمشروعهم النووي وقدراتهم العسكرية والصاروخية والبحرية. والأهم لم يكن أمام النائب الذي طلب من بلاده اتخاذ إجراء جاد لمواجهة ما أسماه بخطة السعودية لضم البحرين لصرف الأنظار عن مشاكل أخرى داخلية في بلاده مثل أزمة الوقود وشح المواد التموينية وفتح وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت حقا من حقوق الإنسان في العالم المتحضر.
حقا لقد قرأنا كلاما لا أستطيع وصفه مثل أن البحرين من حق إيران وليس السعودية، ولكن لا يهم هذا الكلام فهو يخرج من حاقد وربما من شخص أبله يعيش خارج حدود العقل، ولكن أن تصل الأمور أن يخرج البعض في بلادنا للتظاهر ضد فكرة الاتحاد، فهذا أمر غير معقول بالمرة. ونحن لا نصدق من يقول إن حراك المعارضة هو أمر محلي بحت وليس له صلة بأي دولة في حين أن كل الدلائل تشير إلى أن هؤلاء يتلقون تعليماتهم من أسيادهم في إيران متناسين أن الاتحاد سيضيف إلى قوة البحرين مكونات اقتصادية وسياسية وعسكرية ودفاعية.
والتساؤل.. ألم يع هؤلاء البحرينيون ما يتردد عن دعوات أطلقها مسؤولون بارزين في النظام الإيراني بشأن حتمية إقامة اتحاد بين إيران والعراق، لتأتي منسجمة مع تصريح أطلقه مقتدى الصدر رجل الدين الشيعي العراقي، شبه فيه العراق والجمهورية الإسلامية بأنهما "روح في جسدين"، الأمر الذي أثار جدلا واسعا في الأوساط العراقية عن مغزاه وتوقيته.
ثم لم يقرأ هؤلاء اتهام أبو بكر القربي وزير الخارجية اليمني لإيران بالتدخل في الشأن الداخلي اليمني ومطالبتها بالكف عن التدخلات وعدم إثارة الفتن أو الصراعات الطائفية لأن ذلك لا يهدد دولة بعينها وإنما المنطقة برمتها.
إلى من يسمون أنفسهم معارضة سؤال...... معارضة ماذا؟! وضد ماذا؟ معارضة من أجل الوطن معارضة؟ تودي بهذا الوطن إلى الضياع؟ ألم يروا وهم الأعلم بالأوضاع بإيران من خلال زياراتهم المتكررة سواء للزيارات الدينية أو لأي سبب آخر، ألم يروا بأعينهم ويسمعوا بأذانهم ما يتعرض إليه الشعب الإيراني من ضيم العيش يا...... من تسمون أنفسكم معارضة اتعظوا.. اتعظوا.. واعلموا أن الاتحاد قادم شاء من شاء وأبى من أبى.
كيف يُساهم المجتمع في بناء نفسه؟
اهتمت الدول الغربية بنظام الوقف، وقد ساهم ذلك بفعالية في بناء المجتمع واستقلاله في إدارة شؤونه عن الدولة؛... اقرأ المزيد
84
| 08 ديسمبر 2025
اليوم الوطني.. مسيرة بناء ونهضة
أيام قليلة تفصلنا عن واحدٍ من أجمل أيام قطر، يومٌ تتزيّن فيه الدوحة وكل مدن البلاد بالأعلام والولاء... اقرأ المزيد
174
| 08 ديسمبر 2025
أنصاف مثقفين!
حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة، ولا يطالبك بأن تصفق له. أما نصف المثقف فيقف بينك... اقرأ المزيد
213
| 08 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4116
| 05 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين برحيل معالي الأستاذ الدكتور الشيخ محمد بن علي العقلا، أحد أشهر من تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، والحق أنني ما رأيت أحدًا أجمعت القلوب على حبه في المدينة المنورة لتواضعه ودماثة أخلاقه، كما أجمعت على حب الفقيد الراحل، تغمده الله بواسع رحماته، وأسكنه روضات جناته، اللهم آمين. ولد الشيخ العقلا عليه الرحمة في مكة المكرمة عام 1378 في أسرة تميمية النسب، قصيمية الأصل، برز فيها عدد من الأجلاء الذين تولوا المناصب الرفيعة في المملكة العربية السعودية منذ تأسيس الدولة. وقد تولى الشيخ محمد بن علي نفسه عمادة كلية الشريعة بجامعة أم القرى، ثم تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1428، فكان مكتبه عامرا بالضيوف والمراجعين مفتوحًا للجميع وجواله بالمثل، وكان دأبه الرد على الرسائل في حال لم يتمكن من إجابة الاتصالات لأشغاله الكثيرة، ويشارك في الوقت نفسه جميع الناس في مناسباتهم أفراحهم وأتراحهم. خرجنا ونحن طلاب مع فضيلته في رحلة إلى بر المدينة مع إمام الحرم النبوي وقاضي المدينة العلامة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ وعميد كلية أصول الدين الشيخ عبد العزيز بن صالح الطويان ونائب رئيس الجامعة الشيخ أحمد كاتب وغيرهم، فكان رحمه الله آية في التواضع وهضم الذات وكسر البروتوكول حتى أذاب سائر الحواجز بين جميع المشاركين في تلك الرحلة. عرف رحمه الله بقضاء حوائج الناس مع ابتسامة لا تفارق محياه، وقد دخلت شخصيا مكتبه رحمه الله تعالى لحاجة ما، فاتصل مباشرة بالشخص المسؤول وطلب الإسراع في تخليص الأمر الخاص بي، فكان لذلك وقع طيب في نفسي وزملائي من حولي. ومن مآثره الحسان التي طالما تحدث بها طلاب الجامعة الإسلامية أن أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأفارقة اتصل بالشيخ في منتصف الليل وطلب منه أن يتدخل لإدخال زوجته الحامل إلى المستشفى، وكانت في حال المخاض، فحضر الشيخ نفسه إليه ونقله وزوجته إلى المستشفى، وبذل جاهه في سبيل تيسير إدخال المرأة لتنال الرعاية اللازمة. شرفنا رحمه الله وأجزل مثوبته بالزيارة إلى قطر مع أهل بيته، وكانت زيارة كبيرة على القلب وتركت فينا أسنى الأثر، ودعونا فضيلته للمشاركة بمؤتمر دولي أقامته جامعة الزيتونة عندما كنت مبتعثًا من الدولة إليها لكتابة أطروحة الدكتوراه مع عضويتي بوحدة السنة والسيرة في الزيتونة، فكانت رسالته الصوتية وشكره أكبر داعم لنا، وشارك يومها من المملكة معالي وزير التعليم الأسبق والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الوالد الشيخ عبدالله بن صالح العبيد بورقة علمية بعنوان «جهود المملكة العربية السعودية في خدمة السنة النبوية» ومعالي الوالد الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، العضو السابق بهيئة كبار العلماء في المملكة، وقد قرأنا عليه أثناء وجوده في تونس من كتاب الوقف في مختصر الشيخ خليل، واستفدنا من عقله وعلمه وأدبه. وخلال وجودنا بالمدينة أقيمت ندوة لصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد آل سعود حضرها أمير المدينة يومها الأمير المحبوب عبد العزيز بن ماجد وعلماء المدينة وكبار مسؤوليها، وحينما حضرنا جعلني بعض المرافقين للشيخ العقلا بجوار المستشارين بالديوان الملكي، كما جعلوا الشيخ جاسم بن محمد الجابر بجوار أعضاء مجلس الشورى. وفي بعض الفصول الدراسية زاملنا ابنه الدكتور عقيل ابن الشيخ محمد بن علي العقلا فكان كأبيه في الأدب ودماثة الأخلاق والسعي في تلبية حاجات زملائه. ودعانا مرة معالي الشيخ العلامة سعد بن ناصر الشثري في الحرم المكي لتناول العشاء في مجلس الوجيه القطان بمكة، وتعرفنا يومها على رئيس هيئات مكة المكرمة الشيخ فراج بن علي العقلا، الأخ الأكبر للشيخ محمد، فكان سلام الناس عليه دليلا واضحا على منزلته في قلوبهم، وقد دعانا إلى زيارة مجلسه، جزاه الله خيرا. صادق العزاء وجميل السلوان نزجيها إلى أسرة الشيخ ومحبيه وطلابه وعموم أهلنا الكرام في المملكة العربية السعودية، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، اللهم تقبله في العلماء الأتقياء الأنقياء العاملين الصالحين من أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. «إنا لله وإنا إليه راجعون».
1740
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه أكثر مما ينظر إلى ما يملكه. ينشغل الإنسان بأمنياته المؤجلة، وأحلامه البعيدة ينشغل بما ليس في يده، بينما يتجاهل أعظم ما منحه الله إياه وهي موهبته الخاصة. ومثلما سأل الله موسى عليه السلام: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى﴾، فإن السؤال ذاته موجّه لكل إنسان اليوم ولكن بطريقة أخرى: ما هي موهبتك؟ وما عصاك التي بيدك؟ جوهر الفكرة ان لكل إنسان عصا. الفكرة الجوهرية لهذا المفهوم بسيطة وعميقة، لا يوجد شخص خُلق بلا قدرة وبلا موهبة وبلا شيء يتميز به، ولا يوجد إنسان وصل الدنيا فارغ اليدين. كل فرد يحمل (عصاه) الخاصة التي وهبه الله ليتكئ عليها، ويصنع بها أثره. المعلم يحمل معرفته. المثقف يحمل لغته. الطبيب يحمل علمه. الرياضي يحمل قوته. الفنان يحمل إبداعه. والأمثلة لا تنتهي ….. وحتى أبسط الناس يحملون حكمة، أو صبرًا، أو قدرة اجتماعية، أو مهارة عملية قد تغيّر حياة أشخاص آخرين. الموهبة ليست مجرد ميزة… إنها مسؤولية في عالم الإعلام الحديث، تُقدَّم المواهب غالبًا كوسيلة للشهرة أو الدخل المادي، لكن الحقيقة أن الموهبة قبل كل شيء أمانة ومسؤولية. الله لا يمنح إنسانًا قدرة إلا لسبب، ولا يضع في يدك عصا إلا لتفعل بها ما يليق بك وبها. والسؤال هنا: هل نستخدم مواهبنا لصناعة القيمة، وترك الأثر الجميل والمفيد أم نتركها مدفونة ؟ تشير الملاحظات المجتمعية إلى أن عددًا كبيرًا من الناس يهملون مواهبهم لعدة أسباب، وليس ذلك مجرد انطباع؛ فبحسب تقارير عالمية خلال عام 2023 فإن نحو 80% من الأشخاص لا يستخدمون مواهبهم الطبيعية في حياتهم أو أعمالهم، مما يعني أن أغلب البشر يعيشون دون أن يُفعّلوا العصا التي في أيديهم. ولعل أهم أسباب ذلك هو التقليل من قيمة الذات، ومقارنة النفس بالآخرين، والخوف من الفشل، وأحيانا عدم إدراك أن ما يملكه الشخص قد يكون مهمًا له ولغيره، بالإضافة إلى الاعتقاد الخاطئ بأن الموهبة يجب أن تكون شيئًا كبيرًا أو خارقًا. هذه الأسباب تحوّل العصا من أداة قوة… إلى مجرد منحوتة معلقة على جدار الديوان. إن الرسالة التي يقدمها هذا المقال بسيطة ومباشرة، استخدم موهبتك فيما يخدم الناس. ليس المطلوب أن تشق البحر، بل أن تشقّ طريقًا لنفسك أو لغيرك. ليس المطلوب أن تصنع معجزة، بل أن تصنع فارقًا. وما أكثر الفروق الصغيرة التي تُحدث أثرًا طويلًا، تعلُم وتعليم، أو دعم محتاج، خلق فكرة، مشاركة خبرة، حل مشكلة… كلها أعمال نبيلة تُجيب على السؤال الإلهي حين يُسأل الإنسان ماذا فعلت بما أعطيتك ومنحتك؟ عصاك لا تتركها تسقط، ولا تؤجل استخدامها. فقد تكون أنت سبب تغيير في حياة شخص لا تعرفه، وقد تكون موهبتك حلًّا لعُقدة لا يُحلّها أحد سواك. ارفع عصاك اليوم… فقد آن لموهبتك أن تعمل.
1593
| 02 ديسمبر 2025