رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
اللهم اجعلها سقيا رحمة لا سقيا عذاب، هكذا تم استقبال أولى قطرات الغيث منذ صباح الأمس، فالتحذيرات كانت مستمرة منذ عدة أيام لأخذ الحيطة والحذر، ومع ذلك وقع المحذور! وما يهمني في هذا الموضوع أمران هما:
أولا: بخصوص طلاب وطالبات المدارس يوم أمس، حيث سببت حركة السير يوم أمس درجة كبيرة من الارتباك المروري والزحمة التي صاحبت الأمطار، فكانت مؤشرا على عدم الارتياح لذهاب أبنائهم وبناتهم للمدارس، وفيهم من عاد في منتصف الطريق، ومنهم من اتصلت بهم إدارات المدارس لكي يأتوا ويأخذوا أبناءهم أو بناتهم بعد أقل من ساعه! وجاء بعد طول انتظار تعميم من "الأعلى للتعليم" بأن المدارس تستمر فقط حتى الحصة الرابعة أو الخامسة، مع علمي بأن أكثر الآباء والأمهات أخذوا أبناءهم وبناتهم قبل هذا الموعد بكثير! لماذا لم يتم منح جميع الطلبة إجازة رسمية يومي الأربعاء والخميس، أسوة ببعض الدول المجاورة، هل ننتظر وقوع الكارثة، بعدها نحاول أن نعمل على ترقيع ما يمكن ترقيعه! أحيي وزير التعليم السعودي عزام الدخيل الذي كان الجميع يتابع تحركاته وتغريداته من خلال حسابه على تويتر، وكان يُعلن بنفسه أنه تم تعليق الدراسة في محافظة كذا، وبعدها بدقائق يُعلن أن تم تعليق الدراسة في المنطقة الفلانية، وهو على هذا الحال منذ وقت مبكر حتى تأكد الجميع وكل في منطقته بأنه توجد دراسة أو لا في المكان الذي يقيم فيه وبفترة كافية وقبل أن يناموا، ولكن المجلس الأعلى عندنا ينتظر أن تقع الكارثة بعدها يتم العمل! جميع الجهات الحكومية كانت حاضرة وتدعو لأخذ الحيطة والحذر، إلا المجلس الأعلى كان يسعى لحضور الطلاب إلى مدارسهم ويعودوا بعد دقائق، ولكن مثلما قالت لي إحدى الأخوات مساء أمس وقبل كتابة هذا المقال، أنها وحتى لحظتها لم تسمع عن تعليق الدراسة اليوم الخميس، وأنها أخذت القرار هي وقريباتها بأنهن قررن بأن لا يذهب أولادهن وبناتهن للمدرسة اليوم الخميس، حتى وإن لم يكن هناك إعلان مسبقا من الجهة ذات الاختصاص، فيكفيهن على حد تعبيرهن ما رأوه وعانوه يوم أمس!
ثانيا: بعد الحديث عن فلذات أكبادنا وثروة الوطن الحقيقية، نتوجه إلى موضوع لا يقل أهمية عنهم، وهو موضوع البنية التحتية، والأبنية والصروح الحديثة التي تعتبر من واجهات الوطن الرئيسية، والتي ظللنا نتحدث عنها لفترة طويلة عبر وسائل الإعلام المختلفة، وأهمها مطار حمد الدولي الواجهة الجوية الوحيدة للدولة، التي تم الإنفاق عليها بمبالغ طائلة وكبيرة، وما زلنا نحتفل به وبمراحله التي لم تنته بعد، ومع ذلك كانت الفضيحة الكبرى مع الأسف! هناك دول كثيرة في العالم العربي وخرجه تملك مطارات قديمة جدا ولم نسمع أو نشاهد أن الأمطار تسربت إليها وجعلتها مجمعا للماء في دقائق معدودة! حتى وإن حصلت في مطارات محدودة فعمرها الإفتراضي يسمح بذلك، فقد يمتد عمرها لأكثر من ثلاثة عقود أو أربعة عقود دون صيانة، وليست في مستوى مطار حمد الدولي الذي ما زلنا ننتشي بفرحة افتتاحه حتى الآن؛ ولكن يا فرحة ما تمت، وقس على ذلك غرق الشوارع والسيارات والأرصفة، لدرجة وصلنا فيها أن نسير بمركباتنا دون أن نعي بالمسار الصحيح في الطريق! وأيضا الفنادق الحديثة التي تم إنشاؤها وترميمها وتطويرها، ولا نغفل الأبراج، خاصة الحكومية منها، والتي غرقت أرضياتها، فما بالكم بمواقفها التحتية في القبو الأول والثاني! فلقد تم إغلاقها ومنع النزول إليها، مما سبب أزمة حقيقية للموظفين والموظفات الذين وصلوا متأخرين أيضا ليفاجأوا بعدم استطاعتهم الوقوف في أمكانهم المخصصة لسياراتهم، أو حتى الوصول إلى المدخل الرئيسي للسيارات بسبب الزحمة والاختناقات عند المداخل.
أمور كثيرة لا يتسع المجال لذكرها ولسنا في صدد عدها وحصرها بقدر ما نتحسّر على ما وصلت إليه الأمور في وطننا الحبيب، يجب إتخاذ القرار في وقته ومحاسبة جميع المقصرين على تقصيرهم ليكونوا عبرة في قادم الأيام، إلا أن تضميد الجروح جاءت في وقتها، وذلك في قرار معالي الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، بإحالة جميع الجهات المعنية والشركات المنفذة للمشاريع التي كشفت عيوبها الأمطار والأحوال الجوية التي تتعرض لها البلاد حالياً إلى التحقيق، ومن ثم إلى النيابة العامة، وهو قرار أعاد إلى مسامعنا خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى حفظه الله ورعاه في مجلس الشورى الموافق للثالث من نوفمبر الماضي في افتتاح دور الانعقاد العادي الرابع والأربعين لمجلس الشورى حين شدد على محاسبة المقصرين وعدم التسامح مع الفساد المالي والإداري"، وما جرى يوم أمس فساد وإفساد وتفريط لحقوق الدولة"، وأكثر ما بث روح الأمل بعد قرار معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، ما أوضحه مكتب الاتصال الحكومي اليوم أنه تقرر إحالة خمس شركات حتى الآن إلى التحقيق، وسوف يتم محاسبة الجهات المسئولة عن التقصير أو الإهمال سواءً أكانت حكومية أو خاصة، وهذا هو المطلوب فالمتهاونين بحق الدولة سيتهاونون في الحقوق الأخرى.
وأختم بأن يحفظ الله قطر أميرا وحكومة وشعبا من كل مكروه، وأن يرزقنا وإياكم البر والتقوى ومن العمل ما يرضى.
جوهر الكلام: صرخات ثقيلة تحت سماء ملبّدة!
تتنوع مُسمّيات (المطر) في لغة العرب تبعا لشدته وغزارته، ومنها الرشّ: وهو أول المطر، والطّلّ: المطر الضعيف، والرذاذ:... اقرأ المزيد
372
| 21 نوفمبر 2025
«ثورة الياسمين حرّرت العصفور من القفص»
عَبِقٌ هُو الياسمين. لطالما داعب شذاه العذب روحها، تلك التّي كانت تهوى اقتطافه من غصنه اليافع في حديقة... اقرأ المزيد
462
| 21 نوفمبر 2025
ظلّي يسبقني
في الآونة الأخيرة، بدأت ألاحظ أن ظلّي صار يسبقني. لا أعلم متى بدأ ذلك، ولا متى توقفت أنا... اقرأ المزيد
231
| 21 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
11025
| 20 نوفمبر 2025
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام ارتفاعًا في تقييماتها دفعها إلى منطقة الفقاعة. فقد وصلت مضاعفات الأرباح المتوقعة إلى مستويات نادرًا ما شوهدت من قبل، لذلك، لم يكن التراجع في التقييمات منذ منتصف أكتوبر مفاجئًا. وقد يعكس هذا الانخفاض حالة من الحذر وجني الأرباح. وقد يكون مؤشرًا على تراجع أكبر قادم، أو مجرد استراحة في سوق صاعدة طويلة الأمد تصاحب ثورة الذكاء الاصطناعي. وحتى الآن، لا يُعدّ الهبوط الأخير في سوق الأسهم أكثر من مجرد "تصحيح" محدود. فقد تراجعت الأسواق في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها سجلت ارتفاعًا طفيفًا خلال الأسبوع الذي بدأ يوم الاثنين 10 من الشهر نفسه، لكنها عادت وانخفضت في نهاية الأسبوع. وما تزال السوق إجمالاً عند مستويات مرتفعة مقارنة بشهر أبريل، حين شهدت انخفاضًا مرتبطًا بإعلان الرئيس دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية. فعلى سبيل المثال: تراجعت أسهم شركة إنفيديا بنحو 10% في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها بقيت أعلى بنحو 60% مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أشهر فقط. مؤشر S&P 500 انخفض إلى 6700 في الرابع عشر من نوفمبر، مقارنة بذروة بلغت 6920، وما زال أعلى بنحو سبعين بالمئة مقارنة بنوفمبر 2022. هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى على القيمة السوقية الإجمالية أصبحت واضحة. فمع نهاية أكتوبر، ورغم ارتفاع المؤشر طوال العام، باستثناء التراجع في أبريل، شهدت نحو 397 شركة من شركات المؤشر انخفاضًا في قيمتها خلال تلك الفترة. ثماني من أكبر عشر شركات في المؤشر هي شركات تكنولوجية. وتمثل هذه الشركات 36% من إجمالي القيمة السوقية في الولايات المتحدة، و60% من المكاسب المحققة منذ أبريل. وعلى عكس ما حدث لشركات الدوت كوم الناشئة قبل 25 عامًا، تتمتع شركات التكنولوجيا اليوم بإيرادات قوية ونماذج أعمال متينة، حيث تتجاوز خدماتها نطاق الذكاء الاصطناعي لتشمل برمجيات تطبيقات الأعمال والحوسبة السحابية. وهناك حجّة قوية مفادها أن جزءًا كبيرًا من الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي يأتي من شركات كبرى مربحة تتمتع بمراكز نقدية قوية، ما يجعل هذه الاستثمارات أقل عرضة للمخاطر مقارنة بموجات الحماس السابقة في قطاع التكنولوجيا. غير أن حجم الاستثمارات المخطط لها في مراكز البيانات أثار مخاوف لدى بعض المستثمرين. كما أن هناك 10 شركات ناشئة خاسرة متخصصة في الذكاء الاصطناعي تقدر قيمتها مجتمعة بنحو تريليون دولار. وهناك ايضاً تراجع صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية بسبب الإغلاق الحكومي الذي دخل شهره الثاني، فلم تُنشر أي بيانات وظائف رسمية منذ 5 سبتمبر، ما دفع المحللين للاعتماد على بيانات خاصة. هذه البيانات أظهرت أعلى مستوى لتسريح الموظفين منذ 2003 في أكتوبر. كما جاءت نتائج أرباح بعض الشركات التقليدية مخيبة، حيث هبط سهم مطاعم تشيبوتلي بنحو 13% في نهاية أكتوبر بعد إعلان نتائج دون توقعات السوق.
2454
| 16 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1677
| 21 نوفمبر 2025