رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عبدالعزيز الحمادي

كاتب وصحفي

مساحة إعلانية

مقالات

783

عبدالعزيز الحمادي

انخفاض معدلات المواليد في قطر

27 أكتوبر 2025 , 02:11ص

بينت إحصاءات حديثة أن دولة قطر شهدت على غرار العديد من الدول المتقدمة والنامية، ظاهرة انخفاض معدلات الخصوبة، وهي قضية حساسة لها انعكاسات اجتماعية واقتصادية مستقبلية ومن الغريب أن تصبح مثل هذه المشكلة موجودة في مجتمع تتوفر له جميع سبل الراحة والقدرة المالية على تجاوز الكثير من المشاكل التي تعاني منها مجتمعات أخرى لا يتوفر لمواطنيها القدرة على تلبية متطلباتهم المعيشية المختلفة، على العكس من مجتمعنا الذي يلقى الدعم الكبير من الدولة وتتوفر له مختلف متطلبات الحياة من مساكن ووظائف وتعليم وخدمات صحية مجانية وغيرها من الخدمات الكثيرة التي من المفترض أن تساهم في زيادة المواليد بشكل كبير  ، بخلاف المجتمعات التي تسمى بالعجوزة، كما هو الحال في أوروبا التي بات سكانها من كبار السن .وبحسب تقارير رسمية ودراسات محلية، فإن متوسط عدد المواليد لكل امرأة في قطر شهد تراجعًا تدريجيًا خلال العقود الأخيرة رغم توفر كل اسباب الراحة والرفاهية التي كانت لا تتوفر للجيل السابق، مما يثير تساؤلات حول أسباب هذه الظاهرة وتأثيراتها المستقبلية، وطرق التعامل معها خاصة ونحن مجتمع عدد سكانه لا يزال متواضعا.

وتعرف الدراسات معدل الخصوبة الإجمالي بانه عدد الأطفال الذين يُتوقع أن تنجبهم المرأة خلال سنوات حياتها الإنجابية، ويُعتبر المعدل الطبيعي اللازم لاستقرار عدد السكان هو 2.1 طفل لكل امرأة في قطر، وتشير الإحصاءات إلى أن المعدل انخفض إلى ما دون هذا المستوى ويتناقص باستمرار وبشكل ملحوظ وكأن المجتمع يسير على خطى المجتمعات العجوزة في بعض الدول المتقدمة التي أصبحت مجتمعاتها عبارة عن غالبية من العجزة، وهذا مؤشر خطير ومقلق يحتاج إلى متابعة جدية من قبل الدولة والجهات المختصة ذات العلاقة وكذلك من قبل المجتمع بشكل عام، والبحث عن حلول مجدية على أرض الواقع تضاف الى الكثير من الحلول التي قامت الدولة بتقديمها واقرارها في سبيل توفير أسباب تكوين الأسرة والحفاظ على استقرارها واستمرارها كلبنة اساسية للمجتمع.

ومن أبرز العوامل المؤثرة في انخفاض الخصوبة ونسبة المواليد في قطر هي التغيرات الاقتصادية ونمط الحياة فمع التطور الاقتصادي القطري وتوسيع فرص التعليم والعمل، شهد المجتمع تحولات كبيرة في نمط الحياة، خاصة بين النساء، فزيادة مشاركة المرأة في سوق العمل، وتأخر سن الزواج، وتفضيل الأسرة الصغيرة لأسباب اقتصادية رغم ان الدولة لا تقصر ولم تترك مجالا لاي نقص في المجال الاقتصادي والمعيشي، ومع ذلك فهذه العوامل جميعها ساهمت وتساهم في تقليل عدد المواليد.

والمشكلة الأخرى هي تأخر سن الزواج حيث تشير البيانات إلى ارتفاع متوسط سن الزواج لدى الجنسين في الدولة، وهو ما يقلل من سنوات الإنجاب المتاحة، ويؤدي غالبًا إلى تقليل عدد الأطفال في كل أسرة، هذا بالاضافة الى أن بعض الأزواج يعانون من تأخر الإنجاب أو مشاكل الخصوبة وقد تكون مرتبطة بنمط الحياة، أو تأخر سن الزواج، أو عوامل صحية أخرى، مما يقلل فرص الإنجاب المتكرر، ومع ذلك فالدولة توفر جميع المتطلبات التي من شأنها التقليل من آثار مثل هذه الصعوبات بل إن غالبيتها قد أوجدت له حلولا جيدة وتبقى الكرة في ملعب المجتمع الذي يجب أن يقوم بما عليه في هذا الشأن.

ومن الحلول اقرار مادة دراسية في المرحلة الثانوية على أقل تقدير لكيفية تكوين الاسرة وبنائها بالشكل السليم وكذلك أهميتها القصوى للشباب من الجنسين وتقديمها على ما سواها من الشكليات التي أصبحت سببا رئيسيا في دمار الاسر وأبعدت الكثير من الجنسين من الاساس في تكوين أسرة جديدة، وكل ذلك باسباب وحجج واهية لا تستند الى أي حقائق مقنعة على أرض الواقع، وكل ما في الأمر أن هناك غشاوة على أعين كثيرين من الشباب والشابات وقد يكون التقليد الاعمى لمظاهر حضارية غربية عقيمة لا تناسبنا ولا تناسب قيمنا وعاداتنا هى السبب، وفي نهاية المطاف يكتشف هؤلاء أنهم كانوا يسيرون خلف سراب خادع ولا يعرفون الحقيقة الا بعد أن يفوتهم قطار العمر وان يصبحوا في حسرة وألم على ما ضيعوه من الفرص لتكوين أسر كبقية أقرانهم وهذا أمر ملحوظ لدى كثيرين ممن ضيعوا الفرصة من ايديهم مرات عديدة.

ان هذه الظاهرة رغم أنها متعددة الأسباب، الا أن انخفاض معدلات الخصوبة في قطر يحتاج إلى معالجة استراتيجية، من خلال دمج السياسات السكانية مع الخطط الاجتماعية والاقتصادية، للحفاظ على التوازن المطلوب، وضمان استدامة التنمية في الدولة، فالأسرة ليست فقط نواة المجتمع، بل حجر الأساس في أمنه واستقراره وتقدمه، ولقد وضعت الدولة في مختلف سياساتها الأسرة القطرية في صميم أولوياتها، باعتبارها الحصن الأول في حماية المجتمع من التحديات، ومصدر القوة الأخلاقية والوطنية، والاستجابة لهذه الدعوة ليست مسؤولية الحكومة فقط، بل هي التزام مشترك يقع على عاتق الجميع سواء الآباء، المؤسسات، والمجتمع ككل، فالمجتمع القوي يبدأ من الأسرة المتماسكة، وإذا صلُحت الأسرة، صلح الوطن كله، ويجب أن يبدأ العمل على أرض الواقع من أجل التغيير المنشود وتعديل المسار.

اقرأ المزيد

alsharq قضايـانا المتسـارعة تباعاً

السودان يستغيث وسوريا تستغيث وفلسطين تستغيث واليمن يستغيث وليبيا تستغيث وماذا بعد؟! وأنا جادة في السؤال لأنني بتُّ... اقرأ المزيد

21

| 29 أكتوبر 2025

alsharq قطر.. حين تتحدث الحكمة في زمن الحرب

في زمنٍ ارتفعت فيه أصوات الصواريخ، اختارت قطر أن يكون صوتها سلاماً يعلو على الضجيج، ليُثبت للعالم أن... اقرأ المزيد

21

| 29 أكتوبر 2025

alsharq المثقف في محكمة التاريخ.. الحقيقة أم الولاء؟

منذ أقدم الأزمنة، كان المثقف يقف على خط النار بين السلطة والجماهير، بين إغراء الولاء وضغط الضمير. وفي... اقرأ المزيد

21

| 29 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية