رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

طارق الهاشمي

● سياسي من العراق

مساحة إعلانية

مقالات

300

طارق الهاشمي

فضيحة ( لافون ) 1954.. حادثة قد تتكرر !!

27 نوفمبر 2025 , 04:00ص

يشهد العالم في العامين الأخيرين تحوّلًا لافتًا في وعي الشعوب واتجاهاتها الأخلاقية إزاء القضية الفلسطينية، وبخاصة ما يجري في غزة. فقد خرجت الملايين في ساحات العالم، وتقدّمت الأصوات المساندة للضحايا والمندّدة بالاحتلال، ووجدت الرواية الإسرائيلية نفسها للمرة الأولى أمام مساءلة حقيقية، بعدما اعتادت لعقود طويلة احتكار تفسير الأحداث والتأريخ وتصدير خطاب المظلومية، رغم ما تحمله أيديولوجيتها وسلوكها من نزعة عنصرية وإقصائية واضحة تجاه الآخر.

وجاء قرار المحكمة الجنائية الدولية بتجريم عدد من قادة إسرائيل واتهامهم بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ليُشكّل ضربة قاسية غير مسبوقة لسمعة هذا الكيان. فقد وثّقت المحكمة منهجيّة القتل واسع النطاق، واستهداف الأطفال والنساء والعجزة، عبر القصف أو التجويع أو الحرمان من مقومات الحياة الأساسية، وهو ما كشف بصورة لا لبس فيها حجم الفجوة بين الادعاءات الإسرائيلية الزائفة وصورة “الدولة الضحية” !!! وبين الواقع الذي يعيشه أهل غزة منذ سنتين في عدوان همجي بربري غير مسبوق يستهدف وجودهم ولا يستثني احدا.

هذا التحوّل العالمي، الذي شمل النخب الفكرية والأكاديمية والفنية وقطاعات واسعة من الجمهور، يمثل انتصارًا أخلاقيًا وإنسانيًا للشعب الفلسطيني، لكنه في الوقت ذاته يثير قلقًا لدى العديد من المتابعين للشأن الدولي وحركات التضامن العالمي.

فالتجارب السابقة تُظهر أن إسرائيل – ومعها أذرعها الأمنية وعلى رأسها الموساد – عندما تجد نفسها في مأزق وتعجز أدواتها الدبلوماسية والإعلامية وكل ما يمكن ادراجه تحت عنوان القوة الناعمة !! فإنها لا تتردد في اللجوء إلى الإجراءات الميدانية القاسية أو العمليات السرّية بهدف اختلاق حدث صادم، يحرف الأنظار عن الابادة وحملات التجويع ويعمل بنفس الوقت على شيطنة الضحية او المدافعين عنها..!!

وعلى الرغم من أن مؤيدي إسرائيل في الغرب ردوا على الفور، بالعزف بشدة على وتر الاسلامفوبيا، او اتهام الحركات والتيارات الشعبية المناصرة للقضية الفلسطينية بالإرهاب ! كما حصل مع شبكة احتجاجات «فلسطين اكشن Palestine Action «! في بريطانيا، او التضييق على الطلبة الدارسين في جامعات معتبرة في الولايات المتحدة وفصلهم من الدراسة، او اعتقالهم او تسفيرهم …الخ او عدم الترخيص لمؤتمرات عالمية تعنى بالقضية الفلسطينية كما حصل في فرنسا مؤخراً …لكن جميع هذه المساعي لم تثمر في تعطيل زخم الوعي الجماهيري المتصاعد حول العالم.

ومن هنا تنشأ المخاوف من ردّة فعل معاكسة، قد تأخذ شكل حدث عنيف يستهدف مرفقًا يهوديًا معروفًا في إحدى العواصم الغربية، على غرار ما حدث عقب هجمات 11 سبتمبر 2001 فمثل هذا الحادث المفترض – إن وقع – قد يُوظَّف بسرعة لتشويه صورة الضحايا، وإعادة خلط الأوراق، وإلصاق تهمة “الإرهاب” بكل جهة تتعاطف مع غزة أو تدافع عن حقوق الفلسطينيين.

هذه “الاستراتيجية” ليست غريبة على قاموس الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية، وقد شهد التاريخ الحديث أمثلة عديدة على توظيف أعمال عنف بطريقة تُعيد صياغة الرأي العام، وتحوّل الأنظار من الاعتداءات الاسرائيلية إلى “الخطر المزعوم القادم من الضحية”.

نعم يمكن الحديث عن حوادث كبرى في التاريخ وُجِّهت ضد أطراف معيّنة، بينما ظلّت الدوافع الحقيقية موضع جدل أو اتهامات “بالفعل المدبَّر” (False Flag).

ونذكر بعض الحوادث التاريخية كدليل على صحة ما ذهبنا إليه:

*عملية سوزانا (فضيحة لافون) – إسرائيل في مصر (1954)

• شبكة استخبارات إسرائيلية فجّرت مراكز خدمية وثقافية ودبلوماسية مصرية وغربية في القاهرة والإسكندرية، للإيحاء بأن الدافع وطني، لكن الهدف الحقيقي كان ينصرف إلى سعي إسرائيل لإحراج النظام الوطني في مصر وخلق ازمة بين مصر والدول الغربية.

• انكشف الأمر واعتُقل عناصر الشبكة من اليهود.

( وسجلت الحادثة من ضمن العمليات “القذرة” الموثّقة في تاريخ الموساد)

*عملية نورثوودز – الولايات المتحدة (1962)

• خطة اقترحها البنتاغون على الرئيس الراحل جون كينيدي؛ تضمنت تنفيذ هجمات داخل أمريكا أو ضد مصالحها بأياد أمريكية !! ثم اتهام كوبا بها.

• الهدف: تبرير غزو كوبا.

• الوثائق رُفعت عنها السرية وتأكد وجود الخطة، مع العلم ان الرئيس كينيدي رفض تنفيذها.

*عديد من التفجيرات ضد يهود في مناطق مختلفة (قيتوات المغرب، العراق، أوروبا)

– بعض التحقيقات التاريخية (خاصة في العراق والمغرب) أظهرت تورط عناصر صهيونية في تنفيذ تفجيرات استهدفت مرافق يهودية وأماكن عبادة وقتلت واصابت عددا من اليهود المحليين لتخويف الجالية اليهودية ودفعها للهجرة القسرية إلى فلسطين المحتلة.

– عملية « علي بابا « و حادثة تفجير قاعة “مسعودة شمعون” في بغداد 1950-1951 تُعد مثالًا متداولًا.

الحكومة العراقية في حينه وجّهت الاتهام إلى حزب “يوتن” الصهيوني السري.

*حادثة قصف السفينة الأمريكية “يو إس إس ليبرتي” (USS Liberty) – 1967

حادثة “ليبرتي” تُعد اليوم من أبرز الأمثلة الحديثة على عمليات قد تكون مفتعلة أو ذات دوافع خفية، رغم وقوعها في سياق حرب 1967

ففي 8 حزيران / يونيو 1967 وبينما كانت السفينة “ليبرتي” وهي سفينة استطلاع إلكتروني أمريكية (Technical Research Ship) تُجري مراقبة اتصالات في شرقي المتوسط. تبحر في المياه الدولية شمال سيناء، خلال حرب الأيام الستة تعرضت لهجوم جوي وبحري إسرائيلي استمر أكثر من ساعة ونصف أوقع خسائر 34 قتيلًا من البحارة الأمريكيين و 171 جريحًا، كما أُصيبت السفينة بأضرار شديدة وكادت أن تغرق، إسرائيل كذبت حين ادعت أنّ الهجوم كان “خطأً غير مقصود” نتيجة تشخيص خاطئ للسفينة، ظنها الإسرائيليون “سفينة مصرية”. بينما كانت الغاية الحقيقية هي اغراق السفينة وما تحمل من ادلة على تورط اسرائيل هي وليست مصر بالشروع بالعمليات العسكرية ضد الآخر.

وفي الجعبة الكثير ….

وعلى الرغم من أن هذه المخاوف تبقى في إطار التحذير والتحليل، إلا أن التحسّب واجب، فلكل فعل ردة فعل، والكيان الذي وجد نفسه في الزاوية بعد اتهامات الإبادة، ودمار سمعته العالمية، قد يلجأ إلى خطوات غير متوقعة لإعادة إنتاج سرديته القديمة.

إنّ العالم اليوم يقف أمام لحظة مفصلية:

إما أن يستمر في دعم العدالة وحقوق الإنسان، أو يسمح بإعادة تدوير الخوف وتغيير الأولويات عبر افتعال أزمات تُربك المشهد وتعيد نبضًا لسرديات فقدت شرعيتها ومصداقيتها.

والمطلوب هو الوعي، واليقظة، والمساءلة المستمرة، حتى لا تضيع الحقيقة مرة أخرى تحت ركام حدثٍ مُفبرك.

اقرأ المزيد

alsharq كيف يُساهم المجتمع في بناء نفسه؟

اهتمت الدول الغربية بنظام الوقف، وقد ساهم ذلك بفعالية في بناء المجتمع واستقلاله في إدارة شؤونه عن الدولة؛... اقرأ المزيد

42

| 08 ديسمبر 2025

alsharq اليوم الوطني.. مسيرة بناء ونهضة

أيام قليلة تفصلنا عن واحدٍ من أجمل أيام قطر، يومٌ تتزيّن فيه الدوحة وكل مدن البلاد بالأعلام والولاء... اقرأ المزيد

45

| 08 ديسمبر 2025

alsharq أنصاف مثقفين!

حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة، ولا يطالبك بأن تصفق له. أما نصف المثقف فيقف بينك... اقرأ المزيد

51

| 08 ديسمبر 2025

مساحة إعلانية