رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
الوزارات مطالبة بتفعيل أدواتها واستثمار إمكانياتها لخدمة الوطن
التشكيل الجديد أهل لقيادة التنمية وتنفيذ توجيهات الأمير بالمحافظة على خدمات المواطنين
كل مرحلة تحتاج لدماء جديدة لتطوير الأداء وتقديم مبادرات نوعية لرفعة الوطن
قطر الدولة الوحيدة التي يتولى غالبية مناصب الجهاز التنفيذي فيها عناصر شابة
مشاركة الوزراء في أول اجتماع للمجلس بعد أداء القسم عنوان المرحلة في مواجهة التحديات
بداية نبارك لأصحاب السعادة الوزراء الثقة الكريمة التي منحهم إياها، سمو الأمير المفدى، حفظه الله ورعاه، بتعيينهم في هذه المناصب، ونحن على ثقة بأنهم أهل لها، ونتمنى لهم التوفيق والسداد في المهام الجديدة التي سيتولونها..، خاصة كما أشار سمو الأمير حفظه الله خلال لقائه مع مجلس الوزراء مخاطباً الوزراء " إن مسؤوليتكم في ظل انخفاض أسعار النفط أكبر، ولكن خدمة المواطنين وطريقة عيشهم يجب ألا تتأثر بهذه الأوضاع".
وفي نفس الوقت نشكر إخوانهم الذين سبقوهم في هذه المناصب أو غيرها، الذين بذلوا الجهد في سبيل رفعة هذا الوطن، وعملوا بجد وإخلاص..، ولا ننتقص من دورهم شيئاً.
من المؤكد أن كل مرحلة تحتاج لدماء جديدة، يُدفع بها من أجل تطوير أداء العمل، وتقديم مبادرات نوعية تهدف لرفعة شأن الوطن، وتقديم خدمات مميزة للمواطن.. فهم الوطن والمواطن وكيفية الارتقاء به، والحفاظ على رفاهية المواطن، هو الهاجس الأول والأخير لدى قيادة هذا الوطن، التي لا تألو جهداً في سبيل ذلك، وتُسخر في سبيل ذلك الغالي والنفيس.
هذا الحراك الوزاري سينعكس إيجابا على مسار التنمية في المجتمع، خاصة فيما يتعلق بإعادة هيكلة الوزارات، ودمج عدد منها، كون مهامها واختصاصاتها قريبة فيما بينها، تصل في مراحل أو إدارات وأقسام إلى حد التشابه، وربما إلى حد التضارب في الأدوار، مما استوجب إعادة النظر في وجود البعض منها كوزارة مستقلة، في وقت يمكن أن تقوم بأدوار متكاملة مع وزارة أخرى، ويجعلها أكثر " رشاقة " في الأداء، والبعد في نفس الوقت عن البيروقراطية في المراجعات المتعددة بين الوزارات، وهو ما أشار إليه سمو الأمير المفدى، في خطابه أمام مجلس الشورى في نوفمبر الماضي، عندما قال سموه : " من الضروري إزالة العقبات البيروقراطية من طريق الاستثمار، ولاسيما بعض الإجراءات التي أصبحت مجرد عثرات تعوق العمل. وينطبق ذلك أيضا على بعض الازدواجية بين الوزارات، وكثرة التغييرات في الإجراءات والمعاملات والنماذج اللازمة والتراخيص، مما يربك المواطن والمستثمر المحلي والأجنبي.. لن يقدم كثيرون على الاستثمار، إذا طُلِب من المستثمر كل يوم تعبئة نموذج جديد، وترخيص جديد؛ وإذا تغيرت الشروط عدة مرات خلال تقديم الطلب.. لابد من توحيد إجراءات الوزارات للمواطن والمستثمر، من خلال نافذة خدمية واحدة قدر الإمكان ".
في مرحلة ما ربما كان لعدد من هذه الوزارات التي أدمجت مع وزارات أخرى، دور حيوي، وهو أمر طبيعي، فما كنت بالأمس بحاجة ماسة له، قد يختلف الوضع بعد عام أو عامين، خاصة أن استحداث وزارات جديدة يكون لحاجة قائمة بالمجتمع، ومع مرور الوقت، وأداء العمل تتضح الصورة أكثر عن مدى إمكانية دمجها مع وزارة أو جهة أخرى أو امكانية بقائها وإضافة قطاعات لها..، هذا يحدث في كل الدول والمجتمعات.
إن الذين دخلوا إلى مجلس الوزراء وأضيفت لهم وزارات بعد عملية الدمج، عرف عنهم الجدية والتميز في العمل، وسجلهم يشهد بحضور لافت لهم في عدد من الملفات، وهو ما يعني بأنهم سيشكّلون مع إخوانهم في المجلس نقلة في الأداء خلال المرحلة المقبلة، دون التقليل بالطبع من إنجازات وأدوار إخوانهم ممن كانوا قبلهم.
اليوم من اللافت للنظر أن قطر ربما هي الدولة الوحيدة التي يتولى غالبية مناصب الجهاز التنفيذي فيها عناصر شابة، لم تتول هذه المناصب جزافا، إنما اختيرت عن كفاءة وأداء مميز، وقدمت صورة مشرفة في أكثر من منصب تولته، وهو ما أهلها لاسناد مناصب وزارية أو مناصب عليا لها، لتقدم قطر بذلك نموذجاً في كيفية تنمية قدرات الطاقات الشابة، واستثمارها بصورة مثلى قدر الإمكان، واعطائها الثقة، واستيعابها في مختلف القطاعات، والدفع بها لتولي مناصب قيادية.
نتذكر جيداً عندما قدّم سمو الأمير الوالد، حفظه الله ورعاه أروع نموذج بتنازله عن الحكم وهو في قمة عطائه وتسليم مقاليد الحكم لسمو الشيخ تميم، حين قال سموه " فها هو المستقبل يا أبناء الوطن أمامكم إذ تنتقلون إلى عهد جديد ترفع الراية فيه قيادة شابة تضع طموحات الأجيال القادمة نصب عينها وتعمل دون كلل أو ملل من أجل تحقيقها مستعينة في ذلك بالله أولاً ثم بأبناء الوطن وبما اكتسبته من خبرة ودراية في الحكم وإدارة شؤون البلاد ومعرفة عميقة بالواقع في منطقتنا وعالمنا العربي بالذات "، وهو ما يترجم اليوم على أرض الواقع، من خلال الكثير من الكوادر المؤهلة التي تتولى اليوم مناصب قيادية في مختلف القطاعات، وهو ما يحرص سمو الأمير المفدى، عليه دائما، وما أكد عليه بالأمس أمام مجلس الوزراء عندما طالب سموه الوزراء بضرورة تأهيل قيادات في كل وزارة وذلك للمستقبل.
نحن اليوم أمام مرحلة جديدة، ومتغيرات طرأت على الساحة الإقليمية والدولية، وهو ما ينعكس بالضرورة على الساحة المحلية، ليس بالضرورة على الجانب الاقتصادي فحسب، فهناك استحقاقات كبرى أمام الدولة، وهو ما يفرض الحزم والجدية نحو تطبيق رؤية قطر 2030، وهناك الاستراتيجية الوطنية 2017 — 2022، التي تدفع نحو ايجاد تنمية مستدامة، بعيداً عن الاعتماد بشكل أساسي على الطاقة، التي تشهد تقلبات متسارعة بين فترة وأخرى، وهو ما يعني الالتفات إلى القطاعات الأخرى، وأهمية الدفع بها للمشاركة الإيجابية في عجلة الاقتصاد، مع ضرورة التحوّل إلى الاقتصاد المعرفي، الذي أصبح العالم يسارع الخطى نحو ذلك.
نعم هناك تحديات تواجه دول المنطقة جميعها وليس قطر، وليست المرة الأولى التي نتعرض لأزمات مالية جراء انخفاض أسعار الطاقة. لكن من المهم أن نعي الدرس جيداً هذه المرة، فالبحث عن البدائل الحقيقية عبر مشاريع تنموية، ومشاركة فاعلة لقطاعات المجتمع المختلفة، والتوجه نحو اقتصاديات المعرفة، هو النهج الذي من المفترض التوجه إليه.
هذا الأمر لن يتأتى إلا بمشاركة المواطن أيضا في تحمل المسؤولية، فالمواطنة ليست حقوقا فقط، إنما أيضا واجبات تجاه الوطن، وقبل السؤال والبحث عن الحقوق يجب علينا تأدية الواجب تجاه الوطن.
مطلوب اليوم من كل وزارة تفعيل أدواتها، واستثمار امكانياتها، وتوظيفها بصورة صحيحة ومنطقية، بما يعود بالنفع على الوطن والمواطن، والسعي لتكامل الأدوار فيما بين أجهزة الدولة المختلفة، والعمل ضمن منظومة متجانسة، يكمل أحدها الآخر.
إننا اثقون من الأخوة الأفاضل الذين يتولون المناصب الوزارية، وانهم أهل لهذا الاختيار، ولن يدخروا جهداً في سبيل خدمة الوطن والارتقاء بالخدمات المقدمة للمواطنين، وفي نفس الوقت يجب عدم السماح بالممارسات غير المسؤولة أن تطل برأسها، فسمو الأمير المفدى في كل خطوة يرسخ دولة القانون والمؤسسات، ورأينا ذلك في أكثر من صورة، فليس هناك من هو فوق القانون.
إن السياسة الحكيمة للقيادة الرشيدة والرؤية الثاقبة في التعامل مع الأحداث في مجرياتها المختلفة، أكدت صوابية هذه النظرة، ليس فقط في بعدها السياسي، إنما في جوانب مختلفة بما فيها الاقتصادي، عندما عمدت على احتساب سعر البترول في الموازنات العامة بأقل من السعر العالمي بنحو النصف، لكي تستثمر الفوائض في قطاعات متعددة في الداخل والخارج، بما يحفظ للأجيال حياة معيشية كريمة، وهو ما نجحت فيه، وهو ما يجعلنا اليوم نطمئن لسياسات قيادتنا الحكيمة، ونثق بمسؤولينا الذين لن يتوانوا عن بذل الجهود لكي يكونوا عند حسن ظن سمو الأمير حفظه الله، وحسن ظن المواطنين فيهم.
نحن أمام تحديات تتعلق بإنجاز العديد من المشاريع الكبرى، واستمرار النمو، وخلق سياسة تنموية مستدامة..، ومن المؤكد أن الفريق الوزاري أهل لهذه التحديات، وسنجد منهم ما يسر إن شاء الله خلال المرحلة المقبلة.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6582
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6480
| 24 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع في القلب وجعًا عميقًا يصعب نسيانه.. في الجولة الثالثة من دوري أبطال آسيا للنخبة، كانت الصفعة مدوية! الغرافة تلقى هزيمة ثقيلة برباعية أمام الأهلي السعودي، دون أي رد فعل يُذكر. ثم جاء الدور على الدحيل، الذي سقط أمام الوحدة الإماراتي بنتيجة ٣-١، ليظهر الفريق وكأنه تائه، بلا هوية. وأخيرًا، السد ينهار أمام الهلال السعودي بنفس النتيجة، في مشهد يوجع القلب قبل العين. الأداء كان مخيبًا بكل ما تحمله الكلمة من وجع. لا روح، لا قتال، لا التزام داخل المستطيل الأخضر. اللاعبون المحترفون الذين تُصرف عليهم الملايين كانوا مجرد ظلال تتحرك بلا هدف و لا حس، ولا بصمة، ولا وعي! أما الأجهزة الفنية، فبدت عاجزة عن قراءة مجريات المباريات أو توظيف اللاعبين بما يناسب قدراتهم. لاعبون يملكون قدرات هائلة ولكن يُزج بهم في أدوار تُطفئ طاقتهم وتشل حركتهم داخل المستطيل الأخضر، وكأنهم لا يُعرفون إلا بالاسم فقط، أما الموهبة فمدفونة تحت قرارات فنية عقيمة. ما جرى لا يُحتمل. نحن لا نتحدث عن مباراة أو جولة، بل عن انهيار في الروح، وتلاشي في الغيرة، وكأن القميص لم يعد له وزن ولا معنى. كم كنا ننتظر من لاعبينا أن يقاتلوا، أن يردّوا الاعتبار، أن يُسكتوا كل من شكك فيهم، لكنهم خذلونا، بصمت قاسٍ وأداء بارد لا يشبه ألوان الوطن. نملك أدوات النجاح: المواهب موجودة، البنية التحتية متقدمة، والدعم لا حدود له. ما ينقصنا هو استحضار الوعي بالمسؤولية، الالتزام الكامل، والقدرة على التكيّف الذهني والبدني مع حجم التحديات. نحن لا نفقد الأمل، بل نطالب بأن نرى بشكل مختلف، أن يعود اللاعبون إلى جوهرهم الحقيقي، ويستشعروا معنى التمثيل القاري بما يحمله من شرف وواجب. لا نحتاج استعراضًا، بل احترافًا ناضجًا يليق باسم قطر، وبثقافة رياضية تعرف كيف تنهض من العثرات لتعود أقوى. آخر الكلام: هذه الجولة ليست سوى بداية لإشراقة جديدة، وحان الوقت لنصنع مجدًا يستحقه وطننا، ويظل محفورًا في ذاكرته للأجيال القادمة.
3165
| 23 أكتوبر 2025