رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أولاً- أخلاقٌ ترتقي بالإنسان
حضارتنا الإسلامية لا تقتصر على العبادة فقط، بل فيها ما يسمو بالأخلاق، ويرتقي بالإنسان، والمقومات الأخلاقية هي ما يميزنا عن الحضارات الأخرى، التي ربما سبقتنا في التقنيات وبناء المصانع، واتساع الصادرات، وتقدمت علينا في التكنولوجيا، لكن أخلاقها في الحضيض، فهي لم تراع هذا الجانب.
ولأهمية الأخلاق في بناء المجتمع الإسلامي قال النبي (((إِنَّكُمْ لَنْ تَسَعُوا النَّاسَ بِأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَسَعُهُمْ مِنْكُمْ بَسْطُ الْوَجْهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ)) رواه البيهقي في شعب الإيمان.
وقال الشاعر المتنبي موصياً بحسن الخلق وإن كان المرء فقيراً معدماً:
لا خَيلَ عِندَكَ تُهديها وَلا مالُ فَليُسعِدِ النُطقُ إِن لَم تُسعِدِ الحالُ
وقد بينت مرارا أن الفكرة المنتشرة بأن الغرب يتفوق علينا أخلاقيا هي فكرة باطلة إنما هو يتقيد بقوة القانون فإن تلاشت قوته ظهرت عوراته، وقد ظهرت عوراته في مواطن كثيرة لا يجهلها متابع.
- منهج الإسلام في بناء الأخلاق
للإسلام منهجيته الفريدة في بناء الأخلاق التي ترتقي بالإنسان، وتقوم هذه المنهجية على مجموعة من الأسس أهمها:
(1) ربط الأخلاق بالإيمان وبالمصير في الآخرة، وفي هذا يقول النبي محفزاً على الأخلاق الحسنة ((أَتَدْرُونَ أَكْثَرَ مَا يُدْخِلُ الْجَنَّةَ؟ تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ)) أحمد
وفي حديث آخر يقول رسول الله (((أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا)) أبو داود
ويقول (رابطاً الأخلاق بالآخرة ((إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إلي وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا)) الترمذي.
2) جعل الإسلام تحسين الأخلاق من مقاصد العبادات، فنحن لم نؤمر بالصلاة أو الصيام أو الحج فقط لأجل العبادة، بل لينعكس أثرها على سلوكنا وحياتنا، لذا قال ربنا تبارك وتعالى عن الصلاة (.. وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ )العنكبوت/45
وقال تعالى عن الزكاة وحكمة مشروعيتها (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا.. )التوبة/103
وقال تعالى واصفاً الحج المبرور المقبول (الْحَجُّ أشهر مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ )البقرة/197
وقال النبي عن شهادة الزور وأثرها على عبادة الصيام ((مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ بِأَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ)) الترمذي
(3) الأخلاق ثابتة وليست متغيرة أو نسبية، فالمسلم –مثلاً- لا يغدر، لا في حالة السلم ولا في حالة الحرب، لأن الغدر خيانة وخلق ذميم، نهى الإسلام عنه، والحرب لا تُعتبر سبباً كافياً، أو عذراً مقبولاً لتغيير الأخلاق أو تبديل القيم، ففي حال وجود معاهدة بين المسلمين والكفار، وخشي المسلمون من غدر الكفار وانقلابهم، فإن هذا السبب لا يُعدّ كافياً لنخون العهد ونهجم عليهم ونحاربهم، بل طالبنا الله تعالى بأن نعلمهم بانتهاء المعاهدة التي بيننا وبينهم، فقال جلّ وعلا (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ )الأنفال/58
- قيمة الأخلاق تحكم كل شيء
كان معاوية بن أبي سفيان (يسير في أرض الروم، وكان بينه وبينهم أمد (عهد)، فأراد أن يدنو منهم، فإذا انقضى الأمد غزاهم، فإذا شيخ على دابة يقول: الله أكبر.. الله أكبر، وفاء لا غدراً، إن رسول الله (قال: ومن كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلَّنَّ عقدة ولا يشدها، حتى ينقضي أمدها، أو ينبذ إليهم على سواء"
فبلغ ذلك معاوية، فرجع، وإذا الشيخ عمرو بن عبسة )"رواه أبو داود الطيالسي.
(4) التخلية قبل التحلية، أي التخلي عن الخلق السيئ، تمهيداً للتحلي بحسن الخلق، فقبل أن تغرس الأخلاق الحسنة في الإنسان، لا بدّ أن نصفيه من الأخلاق السيئة.
ثانياً- الحرية الخادمة للفضيلة
الأخلاق في حضارتنا ترتقي بالإنسان، مما ينعكس إيجابياً على سلوكه وعلاقته بالآخرين، أما في الغرب فانسلخ الناس عن الأخلاق باسم التقدم والحرية، مع أن الحرية كلمة جميلة ورائعة ومطلب حرص عليه الإسلام، لكنها حرية تخدم الفضيلة ولا تحاربها، وتكون عوناً على الخير لا الشر.
لا حضارة فاعلة بلا حرية، والحضارة الإسلامية تتيح حرية التدين، وتكفل حرية التعبير، لكنها حرية مسؤولة لا تنفصل عن الأخلاق، وحرية مشروطة بعدم الانحلال والإساءة إلى الآخرين، وهذه الحرية المنضبطة غير موجودة في الحضارات الأخرى، وهذا أمر واضح لا يحتاج إلى دليل.
- المرأة في الغرب
يتغنى الغرب بحريته في شتى المجالات، وباسم هذه الحرية تنتهك خصوصيات الناس، وباسم الحرية ينتشر الانحلال الأخلاقي، وباسم الحرية تنحط قيمة الإنسان، وقضية المرأة خير مثال على الحرية الخادمة للرذيلة، والمعينة على الانحلال الأخلاقي، المرأة في الغرب عبارة عن سلعة تباع وتشترى كما تباع السلع الأخرى، وصارت رمزاً للجسد والجنس، بدل الرقي والعفة، وفي أحسن الأحوال يُنظر للمرأة في الغرب على أنها وسيلة لبيع السلع واستقطاب الزبائن، ودائما ما أتساءل ما العلاقة بين أن ينزل إعلان لمشروب غازي ويكون معه امرأة شبه عارية، حتى لو أرادوا أن يعلنوا عن سيارة جديدة أقحموا المرأة في الإعلان، فالرسالة إذن استجلبوا نظر الرجل للسيارة من خلال المرأة العارية، وخلاصة الأمر أن المرأة في الغرب تحولت إلى سلعة جنسية ومتعة جسدية.
- شاهد من أهلها
عن وضع المرأة في الغرب نكتفي بشهادة " غورباتشوف" الرئيس الأسبق للاتحاد السوفييتي سابقاً، حيث يقول ".. في غمرة مشكلاتنا اليوميّة الصعبة كدنا ننسى حقوق المرأة ومتطلباتها المتميّزة المختلفة بدورها أماً وربّة أسرة، كما كدنا ننسى وظيفتها التي لا بديل عنها مربّية للأطفال"
ويتابع فيقول: "... فلم يعد لدى المرأة العاملة في البناء والإنتاج وقطاع الخدمات، وحقل العلم والإبداع، ما يكفي من الوقت للاهتمام بشؤون الحياة اليومية، كإدارة المنزل وتربية الأطفال، وحتى مجرّد الراحة المنزليّة، وقد تبيّن أن الكثير من المشكلات في سلوك الفتيان والشباب، وفي قضايا خلقية واجتماعية وتربويّة وحتى إنتاجية، إنما يتعلّق بضعف الروابط الأسرية والتهاون بالواجبات العائلية".
وسنتابع في المقال القادم بمشيئة الله الحديث عن الحرية في الإسلام.
قطر وتركيا.. شراكة استثنائية في المجال الدفاعي
جاءت مشاركة سعادة الشيخ سعود بن عبدالرحمن بن حسن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون... اقرأ المزيد
414
| 29 أكتوبر 2025
هل الوجاهة مطلب إنساني أم مرضٌ اجتماعي في ثقافتنا الخليجية؟
في نوادينا اليوم ودواويننا في الخليج العربي، نجد أنه أصبح لكلمة «برستيج» وجود في اللهجة الدارجة اليومية، فتُستخدم... اقرأ المزيد
417
| 29 أكتوبر 2025
عمرانٌ بلا روح: كيف نخسر هويتنا في سباق التنمية؟
نقف اليوم أمام صروحٍ زجاجية تناطح السحاب، ونمشي في مدنٍ ذكية تَعِدُ باليُسر والكفاءة، نحتفي بلغة الأرقام، ونحتفل... اقرأ المزيد
456
| 29 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6600
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6480
| 24 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع في القلب وجعًا عميقًا يصعب نسيانه.. في الجولة الثالثة من دوري أبطال آسيا للنخبة، كانت الصفعة مدوية! الغرافة تلقى هزيمة ثقيلة برباعية أمام الأهلي السعودي، دون أي رد فعل يُذكر. ثم جاء الدور على الدحيل، الذي سقط أمام الوحدة الإماراتي بنتيجة ٣-١، ليظهر الفريق وكأنه تائه، بلا هوية. وأخيرًا، السد ينهار أمام الهلال السعودي بنفس النتيجة، في مشهد يوجع القلب قبل العين. الأداء كان مخيبًا بكل ما تحمله الكلمة من وجع. لا روح، لا قتال، لا التزام داخل المستطيل الأخضر. اللاعبون المحترفون الذين تُصرف عليهم الملايين كانوا مجرد ظلال تتحرك بلا هدف و لا حس، ولا بصمة، ولا وعي! أما الأجهزة الفنية، فبدت عاجزة عن قراءة مجريات المباريات أو توظيف اللاعبين بما يناسب قدراتهم. لاعبون يملكون قدرات هائلة ولكن يُزج بهم في أدوار تُطفئ طاقتهم وتشل حركتهم داخل المستطيل الأخضر، وكأنهم لا يُعرفون إلا بالاسم فقط، أما الموهبة فمدفونة تحت قرارات فنية عقيمة. ما جرى لا يُحتمل. نحن لا نتحدث عن مباراة أو جولة، بل عن انهيار في الروح، وتلاشي في الغيرة، وكأن القميص لم يعد له وزن ولا معنى. كم كنا ننتظر من لاعبينا أن يقاتلوا، أن يردّوا الاعتبار، أن يُسكتوا كل من شكك فيهم، لكنهم خذلونا، بصمت قاسٍ وأداء بارد لا يشبه ألوان الوطن. نملك أدوات النجاح: المواهب موجودة، البنية التحتية متقدمة، والدعم لا حدود له. ما ينقصنا هو استحضار الوعي بالمسؤولية، الالتزام الكامل، والقدرة على التكيّف الذهني والبدني مع حجم التحديات. نحن لا نفقد الأمل، بل نطالب بأن نرى بشكل مختلف، أن يعود اللاعبون إلى جوهرهم الحقيقي، ويستشعروا معنى التمثيل القاري بما يحمله من شرف وواجب. لا نحتاج استعراضًا، بل احترافًا ناضجًا يليق باسم قطر، وبثقافة رياضية تعرف كيف تنهض من العثرات لتعود أقوى. آخر الكلام: هذه الجولة ليست سوى بداية لإشراقة جديدة، وحان الوقت لنصنع مجدًا يستحقه وطننا، ويظل محفورًا في ذاكرته للأجيال القادمة.
3189
| 23 أكتوبر 2025