رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كيف تنظر للحياة؟، سؤال بسيط تعكس كيفية إجابتك عنه أسلوبك في التفكير وسلوكك تجاه نفسك، وما إذا كنت متفائلًا أم متشائمًا، حيث يبدأ التفكير دائماً بالحديث مع النفس، كتدفق ليس له نهاية للأفكار الخفية التي تجري في رأسك، وقد تكون تلك الأفكار التلقائية إيجابية أو سلبية، ويكون بعض حديثك مع النفس نتاجاً للعقل والمنطق وهذا أمر جيد وطبيعي.
ولكن قد يأتي حديث آخر إلى النفس نتيجة مفاهيم خاطئة تشكلت لديك بسبب نقص المعلومات، أو توقعات ناتجة عن أفكار مسبقة نتجت عن خبرات قديمة، أو مخاوف واستنتاجات مسبقة لمستقبل مجهول.
فإذا كانت معظم الأفكار التي تدور في رأسك سلبية، فسوف تكون نظرتك للحياة متشائمة على الأرجح، أما إذا كانت معظم الأفكار التي تدور في رأسك إيجابية، فإنك على الأرجح شخص متفائل، أي أنك شخص يمارس التفكير الإيجابي.
ولا يعني التفكير الإيجابي أن تتجاهل مواقف الحياة المزعجة، بل المقصود بالتفكير الإيجابي أن تتعامل مع المواقف المزعجة بطريقة أكثر إيجابية وإنتاجية، بحيث تعتقد أن الأفضل سيحدث وليس الأسوأ، وتبني أفكارك وتجاربك القديمة على النوايا الحسنة وليس السلوكيات المتباينة.
وهناك سمات للتفكير السلبي، فيمكننا من خلالها تحديد النمط الذي نتبعه في تحليل الأمور، منها تضخيم النواحي السلبية لموقف ما وتجاهل جميع النواحي الإيجابية فيه، بالإضافة لشخصنة الأمور وتأنيب الذات بمحاسبتها على أبسط الأمور، وأن تتوقع الأسوأ تلقائياً دون أن تكون هناك حقائق تدل على أن الأسوأ سيحدث، أو أن تلقى اللوم دوماً على الآخرين بالبحث عن شماعة لأخطائك، أو بالتركيز على النواقص والبحث عن الكمال.
والخبر الجميل هو أنه يمكنك أن تتعلم كيف تحوِّل هذا التفكير السلبي إلى تفكير إيجابي، وهو عملية بسيطة، لكنها تحتاج إلى وقت وممارسة لتكتسب عادة جديدة في نهاية الأمر، كأن تحدد أولاً جوانب الحياة التي تفكر فيها بطريقة سلبية والبدء بشكل بسيط بالتركيز على أحد الجوانب لتتعامل معه بطريقة أكثر إيجابية، بالإضافة إلى ضرورة أن تقيّم نفسك يومياً وأن تكون منفتحاً على المزاح والضحك ولست متجهماً طوال اليوم ولا يكون ذلك إلا بمخالطة الأشخاص الإيجابيين والتعود على الحديث الإيجابي مع النفس، كأن تُذكر نفسك كل يوم بكمية النعم والمميزات الجميلة التي تمتلكها، وتبتعد عن تأنيب الذات.
لذا ابدأ بهذه القاعدة البسيطة: لا تُحدِّث نفسك بأي شيء لم تكن لتقوله للآخرين، كن لطيفاً مع نفسك وشجعها.
ولكن التحدي الأكبر هنا هو الاعتراف، هل يمكنك أن تجاهر مع ذاتك وتقر بأنك تفكر بسلبية؟ أو أنك تتصنع الإيجابية؟.
قد تكون هذه الخطوة غامضة بعض الشيء، ولكن عليك أن تلاحظ أفكارك وتقيم حياتك لتحدد تحديداً دقيقاً مدى سعادتك ورضاك عن مُحيطك وحياتك بشكل عام، وجميعنا يعلم أن قلب الحقائق وتجاهلها لن يضيف لحياتنا سوى المصاعب والتعقيدات التي ستفاقم سلبياتنا، فأسهل طريق للوصول لبر الأمان هو الاعتراف مع الذات والتعاطي بشفافية مع أفكارنا محاولة منا لرؤية الأمور من منظور مختلف، لعل هذه الزوايا الجديدة تفتح لنا آفاقا من التغييرات وتمهد لدرجات أعلى من الوعي.
ولتتأكد من تحليل تفكيرك أخبرني هل تنظر إلى نصف الكوب الممتلئ أم الفارغ؟،
فبإجابتك على هذا السؤال بشفافية وتجرد ستنتبه لتلك الأفكار المتراكمة منذ عقود والتي كانت جزءاً أساسياً من مصادر التوتر والقلق، والتي قد تؤدي إلى حالة من الاكتئاب بسبب اجترارك لمخاوف قديمة أو استرسالك لمستقبل مجهول ووضع تصورات مربكة لما قد يحدث مما سيفاقم من حالة الإحباط والتشاؤم لديك، وذلك بسبب تركيزك على النصف الفارغ من الكوب.
لذا.. تعلم أن توقف أفكارك السلبية بتوجيه اهتماماتك إلى أنشطة محفزة بالتحرك وعدم الاستسلام لهذه الأفكار، والتدرب على عدم الحكم على الأحداث بسلبية، كيلا تغدو متشائماً فتفقد الحظوظ الجميلة التي لا تفارق الأشخاص الإيجابيين والذين يتمتعون بمنافع صحية ويتأقلمون بطريقة أفضل مع المواقف المسببة للتوتر، فيتجاوزونها بطريقة أسهل وأسرع، ولا يسمحون لها بالتأثير على أفكارهم المستقبلية، ليقينهم التام بأن نصف الكوب الممتلئ نعمة وعليهم المحافظة عليها بتقديرها والتمتع بتوفرها وكذلك بالطموح إلى زيادتها من خلال حسن ظنهم بمستقبل يفيض به الكوب ليغدو كوباً ممتلئاً.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام ارتفاعًا في تقييماتها دفعها إلى منطقة الفقاعة. فقد وصلت مضاعفات الأرباح المتوقعة إلى مستويات نادرًا ما شوهدت من قبل، لذلك، لم يكن التراجع في التقييمات منذ منتصف أكتوبر مفاجئًا. وقد يعكس هذا الانخفاض حالة من الحذر وجني الأرباح. وقد يكون مؤشرًا على تراجع أكبر قادم، أو مجرد استراحة في سوق صاعدة طويلة الأمد تصاحب ثورة الذكاء الاصطناعي. وحتى الآن، لا يُعدّ الهبوط الأخير في سوق الأسهم أكثر من مجرد "تصحيح" محدود. فقد تراجعت الأسواق في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها سجلت ارتفاعًا طفيفًا خلال الأسبوع الذي بدأ يوم الاثنين 10 من الشهر نفسه، لكنها عادت وانخفضت في نهاية الأسبوع. وما تزال السوق إجمالاً عند مستويات مرتفعة مقارنة بشهر أبريل، حين شهدت انخفاضًا مرتبطًا بإعلان الرئيس دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية. فعلى سبيل المثال: تراجعت أسهم شركة إنفيديا بنحو 10% في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها بقيت أعلى بنحو 60% مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أشهر فقط. مؤشر S&P 500 انخفض إلى 6700 في الرابع عشر من نوفمبر، مقارنة بذروة بلغت 6920، وما زال أعلى بنحو سبعين بالمئة مقارنة بنوفمبر 2022. هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى على القيمة السوقية الإجمالية أصبحت واضحة. فمع نهاية أكتوبر، ورغم ارتفاع المؤشر طوال العام، باستثناء التراجع في أبريل، شهدت نحو 397 شركة من شركات المؤشر انخفاضًا في قيمتها خلال تلك الفترة. ثماني من أكبر عشر شركات في المؤشر هي شركات تكنولوجية. وتمثل هذه الشركات 36% من إجمالي القيمة السوقية في الولايات المتحدة، و60% من المكاسب المحققة منذ أبريل. وعلى عكس ما حدث لشركات الدوت كوم الناشئة قبل 25 عامًا، تتمتع شركات التكنولوجيا اليوم بإيرادات قوية ونماذج أعمال متينة، حيث تتجاوز خدماتها نطاق الذكاء الاصطناعي لتشمل برمجيات تطبيقات الأعمال والحوسبة السحابية. وهناك حجّة قوية مفادها أن جزءًا كبيرًا من الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي يأتي من شركات كبرى مربحة تتمتع بمراكز نقدية قوية، ما يجعل هذه الاستثمارات أقل عرضة للمخاطر مقارنة بموجات الحماس السابقة في قطاع التكنولوجيا. غير أن حجم الاستثمارات المخطط لها في مراكز البيانات أثار مخاوف لدى بعض المستثمرين. كما أن هناك 10 شركات ناشئة خاسرة متخصصة في الذكاء الاصطناعي تقدر قيمتها مجتمعة بنحو تريليون دولار. وهناك ايضاً تراجع صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية بسبب الإغلاق الحكومي الذي دخل شهره الثاني، فلم تُنشر أي بيانات وظائف رسمية منذ 5 سبتمبر، ما دفع المحللين للاعتماد على بيانات خاصة. هذه البيانات أظهرت أعلى مستوى لتسريح الموظفين منذ 2003 في أكتوبر. كما جاءت نتائج أرباح بعض الشركات التقليدية مخيبة، حيث هبط سهم مطاعم تشيبوتلي بنحو 13% في نهاية أكتوبر بعد إعلان نتائج دون توقعات السوق.
2454
| 16 نوفمبر 2025
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
1569
| 20 نوفمبر 2025
يحتلّ برّ الوالدين مكانة سامقة في منظومة القيم القرآنية، حتى جعله الله مقرونًا بعبادته في قوله تعالى: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: 23]، فجمع بين التوحيد والإحسان إليهما في آية واحدة، ليؤكد أن البرّ بهما ليس مجرّد خُلقٍ اجتماعي، بل عبادة روحية عظيمة لا تقلّ شأنًا عن أركان الإيمان. القرآن الكريم يقدّم برّ الوالدين باعتباره جهادًا لا شوكة فيه، لأن مجاهد النفس في الصبر عليهما، ورعاية شيخوختهما، واحتمال تقلب مزاجهما في الكبر، هو صورة من صور الجهاد الحقيقي الذي يتطلّب ثباتًا ومجاهدة للنفس. قال تعالى: ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: 15]، فحتى في حال اختلاف العقيدة، يبقى البرّ حقًا لا يسقط. وفي الآية الأخرى ﴿وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 24]، يربط القرآن مشاعر الإنسان بذاكرته العاطفية، ليعيده إلى لحظات الضعف الأولى حين كان هو المحتاج، وهما السند. فالبرّ ليس ردّ جميلٍ فحسب، بل هو اعتراف دائم بفضلٍ لا يُقاس، ورحمة متجددة تستلهم روحها من الرحمة الإلهية نفسها. ومن المنظور القرآني، لا يتوقف البرّ عند الحياة، بل يمتدّ بعد الموت في الدعاء والعمل الصالح، كما قال النبي ﷺ: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث... « وذكر منها «ولد صالح يدعو له» (رواه مسلم). فالبرّ استمرارية للقيم التي غرساها، وجسر يصل الدنيا بالآخرة. في زمن تتسارع فيه الإيقاعات وتبهت فيه العواطف، يعيدنا القرآن إلى الأصل: أن الوالدين بابان من أبواب الجنة، لا يُفتحان مرتين. فبرّهما ليس ترفًا عاطفيًا ولا مجاملة اجتماعية، بل هو امتحان للإيمان وميزان للوفاء، به تُقاس إنسانية الإنسان وصدق علاقته بربه. البرّ بالوالدين هو الجهاد الهادئ الذي يُزهر رضا، ويورث نورًا لا يخبو.
1383
| 14 نوفمبر 2025