رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

صلاح الدباس

صلاح الدباس

مساحة إعلانية

مقالات

721

صلاح الدباس

وانتهى الدرس التونسي..!!

29 نوفمبر 2014 , 01:50ص

تظل تجربة تونس في الثورة والسياسة نموذجا فريدا وملهما في ذات الوقت، فقد استطاع التونسيون أن يحتفظوا بوطنهم فيما فقده آخرون ولا يزالون يبحثون عنه، لأن الثورات لا يمكن أن تنجح في إزالة سلطة حاكمة وتمتنع عن الصرف السياسي بعد ذلك، وإنما تؤكد نجاحها بأن تصل بالدولة إلى بر الأمان من خلال التوافق على عملية سياسية تحترم فيها جميع الأطياف نتائج صندوق الاقتراع دون غبن أو أحقاد أو محاصصات غير واقعية.

أثبت التونسيون في انتخاباتهم البرلمانية والرئاسية أنهم ناجحون بدرجة امتياز في أدائهم السياسي الذي جنّب بلادهم الهيجان والفوضى والقفز بالزانات على الواقع، فعملوا لتحقيق عملية إحلال وإبدال سلسة إلى حد كبير، انتهت بهم آمنين وهم يقترعون ويمارسون حقوقهم السياسية بسهولة، يذهبون إلى أعمالهم ومراكز الاقتراع بكل أمان ويعودون إلى بيوتهم وأعمالهم بذات الأمان دون أن يصطادهم إرهابي أو تقتلهم سيارة مفخخة.

وصول الحالة التونسية إلى هذا المستوى من الوعي الوطني يؤكد أن خلل الثورات في دول أخرى يعود إلى النخب السياسية ويحملها مسؤولية الخراب والارتباك الذي حدث فيها وتعطلت معه الحياة، لأن ما قدمته النخب التونسية من تنازلات من أجل عيون الوطن يؤكد أن ذات الشيء كان بالإمكان أن يحدث في الدول الأخرى، ولكنهم لم يفعلوا فأدخلوا شعوبهم وأوطانهم في أنفاق مظلمة ولا تزال فيها ولا يتوقع أن تخرج منها دون ارتفاع مستوى الوعي السياسي للجميع.

تونس نموذج ثورة حقيقية، حققت أغراضها وانتهت إلى نهايات سعيدة كان بالإمكان أن تتحقق في غيرها، ولا تزال هناك فرص لاستلهام النموذج بتنازلات مريرة وتوافقات نخبوية تعيد للعقل السياسي رشده لأجل استقرار الشعوب التي تكتوي بالخلافات والاختلافات والحصص السياسية غير الواقعية، فالعملية السياسية دورية، يمكن لخاسر اليوم أن يكسب غدا والعكس، وليس الأمر نهائيا، بحيث يواصل الناجح حصد الصناديق إلى الأبد وأن يفقد الخاسر مزيدا من النتائج إلى ما لا نهاية، ودون توافق وإيمان بالوطن وحق المواطنين في الاستقرار بعيدا عن المزايدات والكيد السياسي ستتحول الثورات إلى نار تحرق الأخضر واليابس وتضيع معها الأوطان، وذلك ما نراه في الربيع الذي تحول إلى حريق ليس بفعل فاعل بالضرورة وإنما بأيدينا ومن أخطائنا التي لا نتعلم منها.

مساحة إعلانية