رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

المهندس إبراهيم بن هاشم السادة

ialsada63@gmail.com

مساحة إعلانية

مقالات

1050

المهندس إبراهيم بن هاشم السادة

«الذكاء الاصطناعي» وانتخابات عربستان 2050

30 أبريل 2025 , 02:00ص

بعد مرور أكثر من ثلاثة عقود على استخدام الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته الهائلة، مرشح الحزب التكنولوجي المسمى بـ «الذكاء الاصطناعي» يمنى بخسارة فادحة في الانتخابات البرلمانية والتي جرت في عربستان هذا العام «2050م»، ومع أن النتيجة كانت مفاجأة للبعض إلا أن الكثير من المحللين السياسيين لم تخب توقعاتهم عندما رجحوا إمكانية أن يخسر المرشح المستقل وبخسارة مزلزلة على حد تعبير البعض، وقد عزى المحللون ذلك لأسباب عدة منها أسباب داخلية تتعلق بطبيعة «الذكاء الاصطناعي» وأخرى خارجية ليس له سيطرة مباشرة عليها ولا يمكن مواجهتها بأي نسخة من نسخ الذكاء الاصطناعي.

فمن أهم الأسباب التي ساهمت في خسارة «الذكاء الاصطناعي» هي المبالغة في المهنية والدقة عند إعداده لبرنامجه الانتخابي، وتجنبه للتصريحات النارية المستهلكة، وتلك التي تدغدغ مشاعر الناخب، وعدم إعطاء أي اعتبار للعلاقات الشخصية ولا للمحسوبية، وعدم المرونة الكافية في قبول تمرير بعض الطلبات والمصالح الضيقة كشرط لانتخابه من قبل بعض الكتل الانتخابية.

لقد اشتكى بعض الناخبين من أن “الذكاء الاصطناعي” لم يزر مناطقهم، ولم يطرح أي وعود انتخابية تخصهم كما فعل منافسوه، وكان حديثه شموليًا عندما تحدث عن الوطن والمواطن، وكان مقره الانتخابي فارغًا من الولائم المعهودة عدا بعض المشروبات، ولم يتفاعل مع المادحين له بسخاء، الأمر الذي جعل البعض يصفه بالبرود العاطفي والانفصال عن المزاج الشعبي.

ومن ناحية أخرى، لعبت الموروثات السياسية والاجتماعية المتراكمة دوراً محورياً في تقويض فرص الفوز، حيث لا تزال شريحة واسعة من الناخبين في عربستان تعتقد بأن “الذكاء الاصطناعي” صنيعة غربية، ولا يُؤتمن، كما أن وجوده في البرلمان سيجعل البلاد تُدار من قبل آلات بلا قلب، بحسب ما ورد في أحد الخطابات النارية لأحد منافسيه الشعبويين. وقد كان خصمه الأبرز، المرشح “أبوعرب”، نموذجاً تقليدياً للبرلماني العربي؛ فهو يميل للمبالغة في الوعود، والخطابات الجوفاء، ويستشهد بالأمثال الشعبية أكثر من استشهاده بالقوانين، ويتفنن في استخدام العبارات العاطفية مثل “نحن أبناء القبيلة الواحدة”، و”الناس أمانة في عنقي”، وهو ما لاقى صدىً واسعاً في صفوف القواعد الانتخابية التقليدية. أما «الذكاء الاصطناعي»، فبرغم جهوده في تحليل البيانات، وفهم حاجات المجتمع عبر الخوارزميات المتقدمة، وتقديم حلول علمية دقيقة لمشكلات مثل البطالة، وسوء التخطيط الحضري، والخدمات العامة، ومحاربة الفساد، والهدر المالي، إلا أنه لم ينجح في اختراق جدران القناعات الراسخة المبنية على الولاء لا الكفاءة.

وقد أظهرت النتائج أن 70٪ من الناخبين فضلوا المرشحين الذين ينتمون إلى قبائلهم أو طوائفهم، في حين لم يحصد “الذكاء الاصطناعي” سوى 5٪ من الأصوات، معظمها من فئة الشباب المتعلم والعائد من الخارج، والباقين صوتوا لمن تواصل معهم أولًا بغض النظر عن برنامجه الانتخابي، على طريقة «من سبق لبق».

الغريب في الأمر أن بعض الناخبين الذين صوتوا للمرشح «أبوعرب»، عادوا ليشتكوا بعد الانتخابات من تردي الخدمات، وازدحام الشوارع، وانقطاع الكهرباء، وكأنهم لم يدركوا أن كفاءة المرشح ليست مجرد شعار بل برنامج قابل للتنفيذ، لو أنهم فقط منحوا الثقة لشيء مختلف.

المفارقة الأهم أن «الذكاء الاصطناعي» نفسه توقع هذه النتيجة بدقة، لكنه لم يحاول تغيير استراتيجيته لأنه “ملتزم بالقيم البرمجية”، ولا يستطيع أن يتصنع الشعبوية أو يتلون حسب الأهواء، وبالرغم من خسارته فقد خرج من التجربة مرفوع الرأس، تاركاً وراءه سؤالاً مفتوحاً: “هل نحن مستعدون لقبول الكفاءة، حتى لو جاءت من دون عباءة القبيلة؟”.

هكذا تنتهي ملحمة “الذكاء الاصطناعي” في انتخابات عربستان 2050م، لكنها قد تكون مجرد بداية لسؤال أعمق: من الذي يجب أن يتطور أولاً؟ الذكاء الاصطناعي، أم ذكاء الناخب؟

اقرأ المزيد

alsharq قرار يستحق الدراسة مسبقاً

حينما صدر القرار الوزاري في عام 2023 بإعفاء أبناء الأئمة والمؤذنين من رسوم الكتب والمواصلات في المدارس الحكومية... اقرأ المزيد

165

| 30 ديسمبر 2025

alsharq أصالة الجمال الحق !

ما أثمن أن يصل الإنسان إلى لحظة صفاء، تلك اللحظة النادرة التي تهدأ فيها ضوضاء الداخل، ويخفّ فيها... اقرأ المزيد

120

| 30 ديسمبر 2025

alsharq الدوحة.. هوية تُبنى بهدوء وتُخاطب العالم بثقة

في زمنٍ تتسابق فيه المدن على ناطحات السحاب، وتتنافس الدول على مظاهر القوة الخشنة، اختارت الدوحة طريقًا مختلفًا:... اقرأ المزيد

63

| 30 ديسمبر 2025

مساحة إعلانية