رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. جاسم الجزاع

* باحث وأكاديمي كويتي
Jassimaljezza@hotmail.com

مساحة إعلانية

مقالات

465

د. جاسم الجزاع

إذا تحرّكت القاهرة.. تنفّست غزة

30 يوليو 2025 , 01:43ص

منذ أن تأسست الأمة والدولة الإسلامية وظهورها على مسرح التاريخ العالمي، كانت مصر قلبها النابض، وسورها المتين، وبوابتها الشرقية إلى بيت المقدس وفلسطين التي كانت قديما وحديثا مراد القوى العالمية العظمى من الروم وانتهاء بالصهاينة المدعومين من القوى البريطانية والامريكية، ومن عبور الصحابي عمرو بن العاص الفاتح للديار المصرية ونشر الاسلام والعروبة وتحرير المصريين من الاستبداد الروماني الغربي، إلى رسوخ الأزهر الشريف كمنارة تهدي العقول والقلوب المحبة للعلوم والفكر والتطور، وانتهاء بدور مصر والمصريين في فتح بيت المقدس وتحرير غزة وعسقلان من براثن القوى الاوروبية الغربية الصليبية، لذلك فقد كانت مصر الحاضن الطبيعي لغزة، والحامي الغريزي للأقصى، ولا تمر أزمة في الشام، إلا ويهتز لها نهر النيل، ولا تُغلق أبواب النصر للأمة إلا حين تغيب القاهرة عن الواجهة.

ولأن غزة اليوم جريحة، ومكلومة، محاصرة بالجوع والنار، فإن البوابة الوحيدة التي يمكن أن يمرّ منها خلاصها، هي البوابة المصرية. لا لأن غيرها لا يريد، بل لأن التاريخ والجغرافيا والدور لا يتجسد إلا فيها، ومهما تعقّدت المعادلات، فإن حلّها يبدأ من القاهرة، لا من العواصم البعيدة، وهنا تتجلّى عدة أسباب تجعل من مصر رأس الحربة، لا مجرد وسيط إن أرادت لغزة حلا ومن تلك الأسباب كما يذكر أرباب التحليل السياسي: أن حدود غزة لا تفتح إلا بمعبر رفح، الذي بيد مصر، فقطاع غزة لا يملك منفذًا بريًا مفتوحًا إلى العالم سوى معبر رفح الواقع على الحدود مع مصر، وبما أن المعبر تحت السيادة المصرية، فإن قرار فتحه أو إغلاقه يمنح مصر دورًا حاسمًا في تخفيف الحصار أو تشديده، وأيضا أن القاهرة تمسك بخيوط التواصل مع حماس والسلطة، ولعلها مع دولة قطر قادرتان على القيام بدور الوسيط لحلحلة الأمور، وأيضا تملك مصر علاقة فريدة بإسرائيل، تخولها ممارسة ضغط ذكي بعيدًا عن الصخب الإعلامي، فبحكم اتفاقية السلام والمصالح المتبادلة، تستطيع مصر التأثير على إسرائيل بوسائل دبلوماسية وأمنية هادئة وفعالة، دون اللجوء إلى التصعيد العلني، هذا يمنحها ميزة في تحقيق نتائج حقيقية لصالح الفلسطينيين دون أن تُستفز الحسابات الإسرائيلية المتوحشة، وكذلك الوجود المباشر للمخابرات العامة المصرية في الملف الفلسطيني، ومتابعتها الدقيقة لتطورات غزة، يمنحها قدرة استباقية على احتواء التوترات والتفاوض بسرعة مع كل الأطراف قبل تفجّر الأوضاع، وأيضا تملك القاهرة إدارة ملف المساعدات والمعابر بواقعية مباشرة وغير ذلك من الأسباب.

فمن هنا، فإن الأمانة اليوم عظيمة. لم يعد الأمر مجرد وساطة سياسية، ولا مجرد معبر مغلق أو مفتوح، بل هو اختبار لمركزية مصر في وعي الأمة وذاكرتها.

مساحة إعلانية