رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. محمد علي الهرفي

د. محمد علي الهرفي

مساحة إعلانية

مقالات

915

د. محمد علي الهرفي

ماذا يريد المالكي من الأنبار؟

31 ديسمبر 2013 , 12:00ص

من كربلاء وبمناسبة أربعينية الحسين - رضي الله عنه - أعلن نوري المالكي أنه سيرسل جيشه لإنقاذ محافظة الأنبار من الإرهابيين والتكفيريين الذين تغلغلوا في ساحات الاعتصام!! وقال أيضا: إما أن نكون أنصارا للحسين أو أنصارا ليزيد!! رمزية المكان الذي أطلق المالكي منه تهديداته واتهاماته كانت واضحة وكذلك رمزية تقسيم العراقيين مابين واقف مع الحسين - أي مع المالكي - وما بين واقف مع يزيد - وهم خصومه في الأنبار - الذين اتهمهم بالإرهاب والتكفير وأن القاعدة اخترقتهم وبالتالي فإن واجبه الوطني يلزمه بالدفاع عنهم وعن العراقيين! وفعلا بدأ المالكي بتنفيذ تهديداته وأرسل مقاتليه إلى الأنبار لفض الاعتصامات التي استمرت لبضعة أشهر وبدأت المعركة التي أرجح أنها لن تكون لصالحه أبدا وأنها لن تحقق أهدافه التي يتطلع إليها.

ولاية المالكي الثانية أوشكت على الانتهاء وهو يعرف جيدا أن أداءه خلال الثماني سنوات الماضية كان سيئا إلى درجة كبيرة وبالتالي فهو يرجح أنه لن ينتخب لولاية ثالثة وهذا أن حصل فسيكون بمثابة القضاء عليه تماما؛ فهناك آلاف التهم بالفساد ومن كل الأنواع ستلاحقه منذ أن يترك الحكم كما ستلاحق كل الفاسدين المقربين منه والذين حماهم طيلة مدة حكمه ولهذا قرر أن يفعل كل شيء يتوقع أنه سيحقق أحلامه حتى لو كان هذا الشيء هو قتل آلاف العراقيين أو حتى تقسيم العراق لاسيَّما وهو يعرف أن هناك دولا ستقف إلى جانبه كما فعلت في السابق لأنه يحقق لها مصالحها حتى ولو كانت هذه المصالح على حساب مصالح العراقيين.

ولاية الأنبار السنية كانت وجهته الرئيسة لتحقيق مآربه، وتهمة الإرهاب والتكفير حاضرة، والدماء السنية رخيصة، وقتل السنة في الأنبار سيحقق له ولمن يقف معه مصالح كثيرة كما يعتقد!!

يعتقد المالكي أن تأجيج العداوة بين سنة العراق وشيعتها سيجعل الشيعة الذين يترددون في الوقوف معه يحسمون أمورهم لصالحه خوفا من السنة، وهو يعتقد أيضا أن عملية الأنبار ستجعله بطلا في أعين غلاة الشيعة وهو بهذا سيجعل كل الشيعة يقفون إلى جانبه في الانتخابات القادمة!!

شيئ آخر جعل المالكي يختار الأنبار لعمليته الإرهابية هو أن أهالي الأنبار لم يقفوا معه في مساعداته للطاغية بشار الأسد ولأن حدود ولايتهم هي الأقرب لسوريا فقد جعلتهم قادرين على تعطيل وصول كثير من مساعداته لجيش بشار، ولأن إيران من أكبر الداعمين له وهي في الوقت نفسه من أكبر الداعمين للأسد كان لزاما عليه لكي يبقى أن يستجيب لكل طلبات إيران مهما كان الثمن الذي سيدفعه من دماء العراقيين ومصالحهم!! وهو يعتقد - ومثله إيران - أن حرب الأنبار ستخفف الضغط عن الأسد سواء بانشغال كثير من الدول بهذه الحرب عن الجرائم التي يرتكبها الأسد وكذلك تسهيل وصول المساعدات العراقية والإيرانية للنظام السوري، وفعله - أيضا - يتفق مع مصالح الأمريكان - وهم أيضا سادته وأولياء نعمته - ولأنه يحقق لهم كل مصالحهم فقد وعده نائب الرئيس الأمريكي بالمساعدة لكي يقضي على الإرهاب!! ومن الإرهاب الذي وعدهم بالمساعدة في القضاء عليه هو إرهاب الجماعات الإسلامية في سوريا التي تهدد امن إسرائيل فيما لو وصلت إلى الحكم!!

ولأن أهداف المالكي مكشوفة ولأن حربه على الأنباريين ستكون كارثية على العراق والعراقيين فقد عارضها عدد من علماء الشيعة ومراجعهم - وهذا يحسب لهم - ومن هؤلاء السيد السستاني الذي وجه رسالة للمالكي يحذره فيها من أن هجومه على الأنبار سيشعل حربا أهلية وعندها سيكون القادة الدينيون والسياسيون عاجزين عن فعل أي شيء إزاءها!! كما عارضها كذلك السيد مقتدى الصدر وحذر الجيش من الوقوف إلى جانب المالكي في هذه الحرب.

شيوخ الأنبار وقادة عشائرها وقفوا جميعا ضد أطماع المالكي مع أنه ادعى كذبا أن بعضهم طلب منه إرسال جيشه للقضاء على الإرهابيين، وكانت مقاومتهم عنيفة وأعتقد أن هذه المقاومة ستزداد عنفا كلما أوغل في محاربتهم ومعروف أن الأنباريين الذين دوخوا الأمريكان لن يعجزهم الدفاع عن أنفسهم تجاه جند المالكي.

مشكلة المالكي أنه أوغل في الفساد ولم يقدم شيئا للعراق غير الفتنة والإذلال للغير مع أن العراق تملك كل المقومات التي تجعلها في مصاف الدول المتحضرة ولكن المالكي جعلها ثاني أسوأ دولة في العالم من حيث انتشار الفساد فيها بحسب تصنيف منظمة الشفافية الدولية، كما جعل دخل الفرد فيها من أقل الدخول عالميا مثل الصومال وجيبوتي بسبب الفساد والسرقات المنتشرة في كل مفاصل الدولة ومعروف أن العراق من أغنى الدول العربية وتملك من العقول المتميزة مايؤهلها لتكون في مصاف الدول القوية ولكن المالكي لا يريد إلا أن يجعلها فقيرة ممزقة لكي ينفرد بحكمها وحده!!

المالكي سيفشل قطعا لأنه لم يسلك طريق الإصلاح والعدالة التي يطالب بها المتظاهرون في الأنبار وتحقيق الرفاهية للعراقيين وإنما سلك الطريق الأسوأ الذي يحقق مصالحه وفريقه كما يحقق مصالح الداعمين له أما العراقيين فهم ليسوا في دائرة اهتمامه حتى الآن.

مساحة إعلانية