رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

تقارير وحوارات

968

النظام الرئاسي الجديد هل يقود تركيا لتحقيق طموحاتها السياسية والاقتصادية

01 يوليو 2018 , 05:58م
alsharq
أنقرة - قنا

لم تكن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي شهدتها تركيا في الرابع والعشرين من يونيو الماضي، حدثا عاديا كغيره من الأحداث العابرة في بلاد الأناضول، وإنما كانت ميلادا لفصل جديد يراد كتابته في تاريخ "الجمهورية" توازيا مع انتهاء مئويتها الأولى وإعلان الثانية في العام 2023، بكل متطلباتها للصعود والإنجاز.

اللافت في هذا المشهد أن العام 2023 الفاصل بين المئويتين، يتزامن تقريبا مع انتهاء الولاية الجديدة التي يمنحها الاستحقاق الانتخابي الأخير الذي فاز فيه الرئيس أردوغان بفترة رئاسية جديدة مدتها خمس سنوات.

لكن هل يكسب الرئيس التركي هذا الرهان كما فعل حتى الآن، ويضيف إلى رصيده السياسي والاقتصادي، ما نصت عليه الأهداف الاقتصادية المرسومة للعام 2023، للارتقاء باقتصاد البلاد، إلى قائمة أعلى 10 اقتصادات على مستوى العالم، ورفع الناتج المحلي التركي إلى 2 تريليون دولار أمريكي سنويا، فضلا عن رفع دخل المواطن إلى 25 ألف دولار أمريكي سنويا، وخفض معدلات البطالة لتصل إلى 5% وزيادة نسبة التجارة الخارجية لتصل إلى تريليون دولار سنويا.

من الواضح أن الأهداف المرسومة طموحة إلى حد التحدي، لكن الأوضح أن الانتخابات الأخيرة التي طوت صفحة النظام البرلماني رسميا في البلاد وحولتها إلى النظام الرئاسي، جعلت في يد الرئيس التركي ميكانيزمات كسب التحدي بالصلاحيات الواسعة، التي أقرها استفتاء 2017، بما يضمن له، تولي السلطة التنفيذية ومهمة تشكيل حكومته بشكل مباشر، ودعم تحالف في البرلمان يساهم معه في قيادة البلاد.

وقال الخبير الاستراتيجي طه داغلي في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إنه بعد اختيار رئيس جديد للبرلمان التركي وتنظيم بعض الإجراءات القانونية سيدعى الرئيس أردوغان لأداء اليمين الدستورية في البرلمان. ومع انتهاء القسم ينتهي منصب رئيس الوزراء رسميا ليكون السيد بن علي يلدريم آخر رئيس للوزراء في تركيا وستقع مهمة تشكيل الحكومة على الرئيس أردوغان شخصيا.

وأضاف داغلي أنه مع أداء أردوغان لليمين الدستورية سيشرع في تشكيل حكومته التي أكد قبيل الانتخابات أنها ستتألف من 16 وزارة، بدمج وزارات مع بعضها البعض وتقليل البيروقراطية، فضلا عن تشكيله هيئات ومكاتب ترتبط به مباشرة في مسعى لتبسيط عملية اتخاذ القرار.

ويمثل نظام الحكم الجديد في تركيا تغييرا جذريا في بنية وشكل الحكم الذي أرساه مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك قبل أكثر من تسعة عقود.

وقد شملت التعديلات الدستورية التي وافق الناخبون الأتراك عليها في استفتاء جرى العام الماضي، 18 مادة من الدستور وأهمها اعتماد النظام الرئاسي في الحكم بدلا من النظام البرلماني الذي كان سائدا منذ ولادة تركيا الحديثة عام 1923.

وتقضي هذه التعديلات الدستورية بنقل الجزء الأساسي من الصلاحيات التنفيذية إلى الرئيس الذي سيعين بنفسه الوزراء وكبار الموظفين الحكوميين وسيختار نائبا له أو أكثر، وستسمح التعديلات للرئيس بالتدخل مباشرة في عمل القضاء إذ سيختار بشكل مباشر أو غير مباشر ستة أعضاء في المجلس الأعلى للقضاة والمدعين، الذي يتولى التعيينات والإقالات في السلك القضائي فيما يعين البرلمان سبعة أعضاء.

وبموجب النظام الجديد سيرتفع عدد النواب من 550 إلى 600 كما سيتم تنظيم انتخابات تشريعية مرة كل خمس سنوات بدلا من أربع وبالتزامن مع الاستحقاق الرئاسي.

وسيحتفظ البرلمان بسلطة إقرار وتعديل وإلغاء القوانين والتشريعات، وستكون لديه صلاحيات الإشراف على أعمال الرئيس، لكن الأخير يحظى بسلطة إصدار المراسيم الرئاسية حول كل المسائل المتعلقة بصلاحياته التنفيذية ولا يمكن بالمقابل للرئيس إصدار مراسيم في مسائل ينظمها القانون بشكل واضح.

وستطرأ تغيرات عديدة على هيكلية ومؤسسات الدولة خصوصا في المجال الاقتصادي. ومن المتوقع أن تتم إعادة هيكلة الإدارة الاقتصادية بما يحقق السرعة في اتخاذ القرارات كما سيتم دمج إدارات الخزانة والمالية والصناعة والتكنولوجيا والتجارة في ثلاث وزارات رئيسية.

ومن المنتظر إجراء بعض التغييرات والتعديلات في بنية وأنشطة الوزارات المعنية بالاقتصاد وذلك بغرض زيادة التنسيق والفاعلية في هذا المجال.

 

ويرى المراقبون أن تركيا بعد تخطيها مطبات القطيعة مع روسيا والانقلاب الفاشل وفتحها أسواقا وعلاقات اقتصادية جديدة، باتت أقرب لتحقيق الأهداف التي وضعتها لعام 2023، لتبدأ أنقرة بذلك من جديد، طريق الآمال نحو المئوية الثانية لتأسيس الدولة، بعد أن تعدت نسبة النمو فيها جميع الدول الأوروبية، بل وحلت ثالثا بعد الصين والهند.

وإذا كان أردوغان قد ترك خلال 16 عاما من الحكم في تركيا، بصمة لا تمحى على تاريخ تركيا الحديث بسبب الإنجازات العديدة التي حققها برفع دخل المواطن التركي من نحو ثلث دخل نظيره الأوروبي، إلى ثلثي ذلك الدخل، وفي مشاريع البنى التحتية العملاقة بالبلاد وانتقال أنقرة إلى حلبة اللاعبين الأساسيين في المشهد السياسي العالمي، وحرية المظاهر الدينية، فإن ولايته الجديدة لن تكون خالية تماما من المنغصات، ولا تبدو طريقه سهلة وممهدة كليا لمواصلة مسيرته وإنجازاته، وتحقيق الأهداف والآمال التي فوضه الشعب التركي بالعمل من أجلها.

فعلى الصعيد الداخلي، ورغم حسم الرئيس أردوغان الانتخابات الرئاسية الأخيرة بفوزه في الجولة الأولى منها، عكس التوقعات التي رجحت جولة ثانية بينه وبين محرم إنجه أبرز منافسيه فإن نتائج التصويت في الانتخابات البرلمانية أظهرت تراجعا لحزبه، (العدالة والتنمية) بسبع نقاط، وخسارته الأغلبية البرلمانية التي احتفظ بها منذ اعتلائه سدة الحكم عام 2002، يضاف إلى هذا أن الاقتصاد التركي يجتاز مرحلة صعبة نتج عنها تراجع قيمة الليرة التركية وارتفاع عجز الميزانية.

وعلى الصعيد الخارجي، وكما هو معروف فإن تركيا تنهض بدور نشط ورئيسي في منطقة مضطربة تشوبها الصراعات والفوضى، وهو ما أوجد أمامها الكثير من التحديات التي سترافق الرئيس أردوغان في عهده الجديد، ومنها الملف السوري بتداعياته العسكرية والأمنية وموضوع اللاجئين السوريين في الأراضي التركية، وكذلك العلاقات المضطربة مع الغرب والولايات المتحدة حول العديد من القضايا والملفات، والخلاف بين واشنطن وأنقرة حول صفقات صواريخ /أس أس 400/ التي تنوي تركيا شراءها من روسيا، ومصير المعارض التركي فتح الله غولن الذي تصر أنقرة على تسليمه لها كونها تتهمه بالتورط في الانقلاب الفاشل في يوليو 2016.

كما تمر العلاقات بين أنقرة والاتحاد الأوروبي الذي تسعى تركيا للانضمام إليه، بفترة صعبة خصوصا منذ الانقلاب الفاشل المذكور.

ومما لاشك فيه أن مجمل هذه التحديات ستفرض التزامات كبرى وستتطلب جهودا مضاعفة من الرئيس أردوغان وطاقمه الحكومي المرتقب في ولايته الجديدة.

مساحة إعلانية