رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

دين ودنيا

11710

"الأحاديث المكذوبة".. تداولها والاستناد إليها في القضايا العقائدية خطر يهدد الأمة

06 يونيو 2017 , 10:45ص
alsharq
هديل صابر

الكذب على رسول الله، هو في حقيقة الأمر جريمة، ولكن هناك الكثير ممن لا يدركون أبعادها، لأن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم، ولأن الدين في الأصل نقلٌ، وأخطر ما في النقل صحته، "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ."، فهذه دلالة واضحة وبرهان دامغ على ضرورة تحري الدقة فيما يتم نقله ونسبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وفي الأسطر المقبلة يحذر الدعاة وأصحاب الاختصاص من تلفيق بعض الأدعية والأحاديث بالرسول صلى الله عليه وسلم، مؤكدين أنَّ بعض الأدعية يجوز الدعاء بها حتى مع تبيان ضعفها في فضائل الأعمال، ولكن مع التأكيد على عدم اتباعها كسنة من السنن، وعدم الاستناد إليها في القضايا العقائدية.

قال الدكتور محمد حسن المريخي — إمام وخطيب بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: إنَّ على المسلم الحق أن يتبين ويتحقق من كل ما يصل له عبر وسائل التواصل الاجتماعي لاسيما ما يتعلق بالعقيدة، لافتا إلى أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي باتت خاصة في شهر رمضان المبارك ساحة للتنافس في إرسال الأدعية والأحاديث التي تكون في غالب الأمر مغلوطة ومكذوبة على الرسول صلى الله عليه وسلم، مشددا على أنه لا يصح التهاون في أمر يتعلق بالله ورسوله، مستشهدا بالحديث الشريف "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ."

وأشار الدكتور المريخي في حديثه لـ"رمضانيات الشرق" إلى أنَّ كل مسلم عليه أن يتحقق من أهل العلم إذا ما التبس عليه الأمر قال الله تعالى: " فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ"، واستعرض في حديثه بعض الأدعية التي لم ترد على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم "اللهم إني لك صمت وعلى رزقك أفطرت.."، لافتا إلى أنَّ هذا من الأدعية لم ترد على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن لا حرج في الدعاء بها، ولكن على المسلم أن يحتاط وأن لا ينسبها إلى الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام.

المسلمون بعثوا ميسرين لا معسرين

وانتقل الدكتور المريخي في حديثه إلى محور النصح عندما ترد إلينا وعبر هواتفنا مثل هذه الأدعية وأنها منسوبة للرسول صلى الله عليه وسلم، مؤكدا أنَّ على الناصح أن يتبع أسلوب الدعوة التي أمر بها الله تعالى لقوله تعالى "وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ"، وقال الله تعالى "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ"، وماذكر دلالة واضحة على أنَّ هذا الأسلوب هو الأقدر أن يثمر، وهذا ما يتماشى مع الفطرة، مضيفا أن لنا في الرسول صلى عليه وسلم أسوة حسنة، وساردا قصة الأعرابي الذي تبول في المسجد، أن رجلاً أعرابياً دخل المسجد فبال في طائفة المسجد، فزجره الناس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزرموه)، ونهاهم أن يتعرضو له وقال: (إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين)، فلما فرغ الأعرابي من بوله، أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصب على بوله سجل من ماء، يعني: دلو من ماء، واكتفى بذلك، وهذا الأمر يدل على فوائد منها، الرفق بالجاهل وعدم العجلة عليه، وأن المسلمين بعثوا ميسرين لا معسرين، وأن الرفق بالجاهل من التيسير، وأن الشدة عليه من التعسير.

شروط

ومن جانبه أوضح الداعية خالد أبو موزة، أنَّ الأحاديث تنقسم إلى صحيحة، حسنة وضعيفة، وقسم آخرون الأحاديث إلى متواترة، لافتا إلى أنَّ الأحاديث الضعيفة يرى البعض أن العمل بها في فضائل الأعمال، كجواز الدعاء بها، ولكن مع الحرص على عدم نسبها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.

وأشار الداعية أبو موزة إلى أنَّ الأحاديث الضعيفة درجات الضعف فيها متفاوتة، فهناك ضعف بسيط، وهناك ضعف شديد عندما يتبين أن الراوي معروف عنه الكذب فلا يجوز الأخذ بها.

تحري الدقة

وشدد الداعية أبو موزة على أهمية أن يتحرى المسلم الصحيح من الأحاديث والأدعية لاتباعها، لأن هناك وعدا من الرسول صلى الله عليه وسلم عَنْ الْمُغِيرَة بْن شُعْبَة قَالَ: سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول" إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى غَيْرِ، فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَده مِنْ النَّار"، فالرسول صلوات الله وسلامه عليه أداة من أدوات التشريع، وعليه أن يتحرى المسلم الصحة والدقة فيما ينشر وفيما يتلقى من رسائل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في ظل ما تتيحه شبكة الانترنت من سرعة في تحري الدقة فيما ذكر ونقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم فلم يعد الأمر معقدا كما من ذي قبل.

ودعا الداعية أبو موزة كل شخص أراد نصح الآخرين الى أن يشخص الحالة، ويوجه بأسلوب محبب، وأن يوضح الخطأ فقط، ولا يهاجم صاحب الخطأ، حتى تؤتي النصيحة أوكلها.

الوعي المجتمعي

وانتقل الحديث للدكتور أحمد المحمدي — داعية إسلامي — الذي مشددا على جزيئة غاية في الأهمية تتعلق بضرورة عدم التعبد على جهل، ففي ظل الثورة التكنولوجية التي سمحت باختلاط الغث مع السمين، على المسلم أن لا يجد حرجا، أو يتكاسل عن البحث والاجتهاد في كل ما ينقل على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم، فالكثير من الأحاديث التي تصل مكذوبة، فعلى المسلم أن يتحقق مما يصل إليه من خلال كتب الصحاح، والاستفسار من أهل العلم، مشددا على قضية الوعي بين أفراد المجتمع.

فعلى سبيل المثال لا الحصر حديث "صوموا تصحوا" من الأحاديث الضعيفة، ولكن لا مانع من قولها على سبيل الحكمة وليس على سبيل أنها قول عن الرسول صلى اله عليه وسلم، أو دعاء "اللهم إني لك صمت...." فلا بأس من الدعاء به ولكن لا ينسب إلى السنة في شيء، فالضعف ضعفا بسيطا لابد أن يكون موافقا لكليات الدين، وأن يعمل به على مستوى الأخلاق والرقائق في الدين، ولا يجوز الاستناد إليه في مجال العقيدة.

عالجوا الداء ولا تقتلوا المريض

ولفت الدكتور المحمدي إلى قضية مهمة وهو أنَّ لو كل شخص تصله رسالة محملة بالأدعية يسأل المرسل عن سند كل حديث، لتلاشت مثل هذه الظواهر، وهذا التهاون الذي يصدر عن البعض متعمدا وعن البعض الآخر عن جهل.

وأوصى الدكتور المحمدي في ختام حديثه أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولكن باتباع المنهج الديني "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ"، قائلا " كونوا مع الناس كالأطباء، عالجوا الداء، ولا تقتلوا المريض، إلا أنه وللأسف باتت المصيبة تتجلى في قتل المريض وترك الداء يستشري حتى تجذر في الأرض.

مساحة إعلانية