رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

5420

عين حليتان هل حفرها نيزك هبط من السماء؟

12 يناير 2023 , 07:00ص
alsharq
الدوحة - الشرق

ضيف مجلس الشرق هو رجل عصامي مكافح عاش أحداث فترة الثلاثينيات من القرن الماضي سافر بواسطة السفن الخشبية ذات الأشرعة التي كانت تمخر عباب البحر لعدة دول فمن مدينة الخور انطلق متوجهاً للكويت والبصرة وعبدان وساحل فارس، حتى وصل الى مسقط، ومنها الى صلالة وعدن وسقطرى ومنها السيمبا رنغا بزنجبار صادف العديد من المواقف الصعبة، حكاية ابن الخور، أحمد بن إبراهيم الهيل، وهو من مواليد 1931، يرويها لمجلس (الشرق) ويتحدث عن تفاصيل تنشر لأول مرة عن مدينة الخور جميلة الجميلات التي ولد ونشأ وترعرع فيها، ويتذكر مظاهر الحياة البسيطة فيها وكيف كان الناس يحبون بعضهم، وكيف كانت مركزاً تجارياً مزدهراً في تلك الحقبة الجميلة من الزمن الجميل، رجل أنعم الله عليه بذاكرة قوية تختزل الكثير من ذكريات الماضي ويسرد خيوط حكاية تلك الحقبة من الزمن الجميل بكل تفاصيلها، ويمتلك مخزونا كبيراً من الذكريات يرويها عبر مجلس الشرق.

 

ولادتي في مدينة الخور

أنا من مواليد مدينة الخور وذلك في عام 1931، مرضت والدتي بعد الولادة مباشرة فقامت بارضاعي والاهتمام بي (دولة بنت عوض بن بخيت اليامي) ابنة أكبر معمر قطري عاش في مدينة الخور فقد جاوز عمره (130) عاماً عند وفاته بمدينة الخور.

وأعتبر مدينة الخور جميلة الجميلات مسقط رأسي ومكان ولادتي والتي أتردد دائماً على زيارتها وأشتم فيها رائحة عبق الماضي الجميل، قضيت فيها أحلى أيام طفولتي وشبابي وترعرعت في حضنها الدافئ، وتعلّمت واكتسبت خبرة من أهلها الطيبين، وأتذكر أيامي الجميلة التي قضيتها فيها مع أقراني كنا نلهو ونلعب الألعاب الشعبية القديمة، مثل البلبول وكان يسويه لنا ماجد القلاف، ونلعب (التيله) وكان أشهر وأحسن لاعب في تلك الفترة هو حمد بن صقر المريخي، وكنا نحبل بالفخ وذلك لصيد الطيور بأنواعها مثل المدقي والأصرد والمخضرم والصعو والسلاحي وبوبريقش والقحافي والفقاق والسمّن وغيرها، وكنا نسبح في (عين حليتان) وماؤها البارد الصافي في فصل الصيف.

 

 

درست عن المطاوعة الحرمي والمحري

لقد درست القرآن الكريم عند المطوّع (ملا جابر الحرمي أخ علي بن محمد الحرمي في مدينة الخور، وتعلمنا على يديه حفظ القرآن الكريم، وأذكر كان معي الدكتور محمد بن علي الحرمي أول طبيب جراح قطري، وكذلك عند المرحوم راشد بن علي المحري المهندي الذي علمنا الكتابة والقراءة واستفدنا من تعليمه، وكنا ندفع مبالغ رمزية تسمى الخميسيه نسبة ليوم الخميس، والمبالغ زهيده جدا وكانت من صغار العملة الهندية المتداولة في دول الخليج (غران، آنه، آنتين، وست آنات" وهكذا.

النساء يردن الماء من أم سويه

أيام زمان كانت المياه العذبة تجلب من منطقة (أم سويه)، وكانت النساء في الخور هن الذين يردن المياه، وكانوا يملؤون (اليود) وهي القربة التي توضع فيها المياه ثم يضعنها على ظهور الحمير محملين بكميات كبيرة لاستعمالها في الشرب والطبخ لأنها مياه عذبة، أما غسيل الأواني والملابس فتستخدم مياه ( الجليب) أو (الجواجب) الموجودة على سيف الخور مياهها (خريج)، وكانت المياه تخزن في جرة كبيرة يطلق عليها (ليحله) وهي مصنوعة من الفخار، أما الحِب فهو مصنوع من الفخار أيضاً، وكن حجمه صغيرا ويوضع على خشبة مرتفعة ويوضع في الظل وبخاصة ظل الليوان في مكان مفتوح ليضربه الهواء في صيف وذلك لتبريد المياه، وهناك نوعان من الحب اللي طينته بيضاء وهو يأتي من العراق فهو يبرّد أكثر، واللي طينته حمراء تبريده أقل.

صيد الغزلان

أتذكر راشد بن حمرور وهو من أهالي الخور وكان راعياً للغنم ويصيد الغزلان بالقرب من عين حليتان بالخور، وكان يأخذ معه الكلب أثناء الصيد، وكذلك يحمل بندقية اسمها (بوصمعه ) وكذلك لديه بندقية أخرى اسمها (ميدر)، وطلبنا منه لحم غزال، وذهب إلى بيته، وبعد نصف ساعة تقريباً جاء محملا بغزالين على ظهره حيث كان من صيد ذلك اليوم، وكنا عند القصاب إسماعيل الذي يقصب اللحم مرة وحدة في الأسبوع، وقام بذبح وبتقطيع الغزلان وقام بن حمرور ببيع اللحم حسب طلب كل زبون، واشترينا منه، وكذلك قام البعض بشراء لحم الغزلان اللذيذ، كانت الخيرات في قطر كثيرة قبل أن تصل لها السيارات.

 

التمر من القطيف

كانت سفن والدي تأتي محملّة بالتمر والمواد الغذائية من مدينة القطيف بالسعودية الى الخور مباشرة وتبيعه على الناس، وكان يوضع التمر في (قلّه ) تزن تقريبا (مَن) الذي يساوي حوالي أربعة عشرة ربعة، وكذلك يوضع التمر في يالوق وهو أكبر من القلّة، وهما مصنوعتان من خوص النخيل، ولكن مذاق تمر العراق أحلى ولذيذ جدا ويفضله كثير من الناس ويزداد الطلب عليه.

عمارتا الهيل وبومطوي

أذكر كانت مدينة الخور مزدهرة بالحركة التجارية إبان حقبة الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي، وكانت سفن الخليج تأتي مباشرة الى مدينة الخور، وكان مدير الجمارك يسمى ( قاسمي) قاسم فخرو وله بيت كبير يقع في منطقة الخريس في الخور واستخدم بعد ذلك في الخمسينيات كروضة أو تمهيدي للتعليم.

مدابس تخزين التمر

كانت هناك عدة بلوط في مدينة الخور ترسو بجانبها السفن في فترة المد، وكذلك كانت هناك عمارتان إحداهما تسمى عمارة الهيل وتقع بالقرب من بلط الهيل، وتضم العمارة تقريبا أربع أو خمس غرف وهي عبارة عن مخازن ومستودعات خصصت لتخزين المواد التي يحتاجها البحارة وأهل الغوص ولوازم السفن، وغرفة لتخزين التمر، ولدينا عدة مدابس بالخور لتخزين التمر، وغرفة لوضع وتخزين أشرعة سفننا لأننا في تلك الفترة كنا نعتمد على الشراع وليس المكائن ولدينا عدة سفن، وغرفة مخصصة لتخزين الأخشاب والدنجل والمنقرور ولوازم مواد البناء، وغرفة للمواد الغذائية وغرفة لتخزين سمك العوم (نوع من السمك الصغير المجفف )، وغيرها من احتياجات أهل الخور ولها باب رئيسي وهي ملك التاجر حسن بن جاسم الهيل الذي توفيّ في مدينة القطيف بالسعودية في ثلاثينيات القرن الماضي.

وفي منطقة شرق الخور تقع عمارة ( بومطوي) عند بلط حسن بومطوي وبها غرف عديدة خصصت كمخازن، كما يمتلك دكاناً قرب البلط مطل على البحر وكان لدى بومطوي وهو من الميسورين في تلك الحقبة عدة سفن خشبية للغوص ويمتلك بيتا كبيرا يتكون من طابقين ولديه مدابس للتمر، بعد ذلك انتقل الى الدوحة بعد كساد فترة الغوص على اللؤلؤ واستخدم الأهالي البلط لصيد السمك بطريقة الحداق.

 

بحر الخور يصير حلو !

من الذكريات الجميلة أنه إذا نزلت أمطار الخير في الماضي بغزارة كانت وديان العقدة تهد على (الجلته) التي كان لها سور مبني من الاسمنت لحجز مياه الامطار ولها فتحات لتسريب بعض مياه الأمطار للبحر ومن شدة قوة السيول انهدم السد وذهبت المياه للبحر، وكانت مياه الأمطار تختلط مع مياه البحر وتصل لمنطقة الفرجية عند مدخل الخور ويصير ماء البحر حلو وتكثر فيه الروبيان.

الذياب والضباع

أتذكر عندما تغيب الشمس تكثر الحيوانات المفترسة مثل الذياب والضباع، وقد رأيت ذلك بأم عيني عندما كنت أباري المسكر، وكانت منتشرة بكثرة حول مدينة الخور لأن البيئة كانت في تلك الفترة تسمح لهم وذلك لوجود حفر كبيرة وبعض المغارات والمقاطع التي تختفي فيها تلك الحيوانات، ولم تكن هناك أصوات آليات في تلك الحقبة تزعجهم.

 

طيور القطا المهاجرة

كانت (عين حليتان) من العيون المشهورة بمدينة الخور وماؤها نصف مالح والنصف الآخر حلو وكان الأهالي يسبحون ويستحمون فيها أثناء فصل الصيف، وكذلك كانت النسوة تغسل ملابس البيت كله وأيضاً كن يسبحن في حليته المخصصة للسيدات والأطفال، كما كان للعين مجرى مائي يصب في البحر يطلق عليه (الساب) وتكثر بجانبه الطيور المهاجرة، وبخاصة طيور (القطا) التي تأتي بأعداد كبيرة جداً لشرب الماء، وأثناء طيرانها تغطي سماء مدينة الخور من كثافتها.

وكما يقال أن عين حليتان أحد المعالم المشهورة اكتشفت من قبل بعض رجال المهاندة القادمين من (لخوير) على مطاياهم وذلك بحثاً عن إيجاد منطقة للسكن تتميّز بوجود الماء والخضرة والبحر، ووجدوا العين مغطاة بجلد سميك ويتسرب منه الماء، وعندما اكتشفوا طعم الماء فرحوا بذلك، وجاءت القبيلة وسكنت في الخور واتخذته موطناً لها وأطلقوا عليه خور المهاندة، ويقال إن المياه كانت تأتي من عروق مائية من ناحية "الجلته"، وهناك من يقول بأن نيزك نزل من السماء للأرض وأوجد تلك العين.

صناعة السفن

كما أذكر خلال فترة الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي كانت السفن تصنع في مدينة الخور بوسطة القلاليف وأذكر كان هناك القلاف خميس القعاطري وسعد القعاطري الذي كان مشهوراً بالقلافة مع أفراد اسرته، وكانوا يجلسون عدة شهور من أجل تكملة صناعة السفن، وكانوا يصنعون السفينة من البيص حتى يكملونها وكانت لديهم مهارات عالية في صناعة السفن القلافة، وقد صنعت عدة سفن في الخور وبخاصة من نوعية الجلبوت وكان هناك قلاليف من البحارنه يأتون من الدوحة وعمل السفن، وكان الناس يأتون لمشاهدة القلاليف وفي وقت الفطور يتناولون معهم فطورهم المكون من بلاليط وبيض وقهوة وشاي وتمر.

 

سكن بن عساف

أتذكر كان حسن بن عساف الفضاله يسكن في مدينة الخور، وكان يمتلك سنبوك كبير، وكان كثير السفر ويجوب البحار ويذهب لبيع البضائع في كل مكان، وعند العودة لمدينة الخور يأتي كذلك محملا بالبضائع، وبعد فترة رحل مع أهله للكويت ليستقر هناك فيها، وباع بيته اللي في مدينة الخور الى التاجر (محمد حسين ) بمبلغ ثلاثين روبية، كان ذلك في فترة بداية الأربعينيات من القرن الماضي.

 

الخريس سوقاً تجارياً

بعد زيادة عدد السكان في الخور فتح بعض التجار دكاكين لهم في منطقة الخريس بمدينة الخور وأصبح سوقاً تجارياً يعج بالحركة والنشاط يبدأ يومه منذ الصباح الباكر وحتى قبل المغرب حيث كانت المحلات تقفل أبوابها بسبب عدم وجود الكهرباء، كانت هناك محلات تجارية للمواد الغذائية وغيرها من المواد الاستهلاكية وما يتعلق باحتياجات أهل البحر وأصحاب السفن، هناك دكان عبدالرحمن دامان ودكان باكر الهيدوس ودكان محمد عبدالله هيدوس الملقب (بالزبيري) ودكان محمود العوضي ومخبز الخور الوحيد وكان صاحبه رجب أحمد، ثم جاء في أواخر الخمسينيات علي الخباز، وكان يباع في الخريس السمك وفي بعض الأحيان اللحم وغيره، وكانت تفد للخور مجموعة من أهل البادية يبيعون اليقط والدهن وبعض الماشية، وأحياناً يشترون منهم التجار وفي الستينيات جاءت سيارات الشام الكبيرة محملة ببضائع سورية مختلفة وارده من بلاد الشام.

 

جمارك في الخور !!

أتذكر كانت هناك في الخور (جمارك) وكان المسؤول عنها هو محمد قاسمي، وكانت تفرض ضرائب ورسوم على السفن التي تدخل الخور محملة بالبضائع، كانت تجبى من قبل مسؤولين بالدولة، ولا تفرض على سفن البحارة والصيادين المحليين من أهالي الخور، كانت هناك محاولة فرض رسوم على سفن الغوص ولكنهم وقفوا لهم أصحاب السفن بالمرصاد ولم يدفعوا تلك الرسوم !!.

الأمانات تحفظ عند التجار

كانت الأمانات في تلك الحقبة توضع عند التجار ليحفظوها، وتسجل في دفتر خاص يسمى (دفتر الأمانات )، وأنا أحتفظ بنسخة من تلك الدفاتر، كذلك توضع في بيوت التجار داخل صناديق خشبية يطلق عليها (المشتخته)، وبعض الناس كانت تضعها في جرات فخارية وتدفنها تحت في الغرفة.

 

بناؤون الخور مشهورون

أذكر كان في الخور بناؤون قطريون مشهورون مثل علي بن ناصر الفضالة وعوض بن بخيت اليامي، وبارود، وكانوا هم أساتذة ولديهم عمال يشتغلون باليومية، وقد قاموا ببناء أغلب بيوت الخور والمساجد، وكانوا يأتون بالحجارة من مقاطع الخور وكذلك يستخرجون الفروش من البحر، والرمل متواجد بجانب سواحل البحر.

"الغسيّ" أشهر نهام

يقال إن أشهر (نهام ) في مدينة الخور هو ( عبدالله الغسيّ ) وكان صاحب صوت جميل ولد في الخور وعاش فيها ثم في حقبة خمسينيات القرن الماضي سافر للبحرين مع ياقوت طلباً للرزق، ثم عاد في أواخر الستينيات واستقر بمدينة الخور، وكان من فناني الفرق الشعبية بمدينة الخور، وهناك كانت أيضاً فرق للفنون الشعبية وأذكر البعض منهم ممن تختزله ذكرتي وهم دهام بن رماي وفرقة الغسيّ وياقوت، والغمري، وسالمين بن جوهر وغيرهم.

السفن تنقل أهالي الخور للدوحة

كانت في تلك الحقبة الجميلة وسيلة المواصلات من الخور للدوحة هي المطايا، وكذلك السفن الخشبية الصغيرة، كما كانت تنقل المؤن واحتياجات أهالي المنطقة، وكذلك عندما فتحت شركة البترول أبوابها كانت السفن الخشبية هي التي تنقل العمال الى الدوحة يوم الجمعة ومنها الى مدينة دخان، والعودة يوم الخميس، وكانت عملية مرهقة للعاملين في دخان، وكان أصحاب السفن يأخذون مبالغ رمزية على كل عامل إلى أن جاءت السيارات متأخرة وبدأت تحل محل السفن في نقل العمال الى دخان وامسيعيد.

انتظرونا لنتابع الجزء الثاني مع الوالد أحمد الهيل في عدد الخميس القادم.

 

 

اقرأ المزيد

alsharq مونديال العرب.. حسن ربيعة الكواري: نجاح النهائي جاء بتكاتف الجميع

أعرب السيد حسن ربيعة الكواري، المدير التنفيذي للتسويق والترويج والشؤون التجارية باللجنة المنظمة، عن شكره وحمده لله تعالى... اقرأ المزيد

76

| 19 ديسمبر 2025

alsharq مونديال العرب.. جاسم الجاسم: جاهزية البنية التحتية وراء سير الأمور بسلاسة

أكد السيد جاسم الجاسم الرئيس التنفيذي للجنة المحلية المنظمة لكأس العرب قطر 2025، أن الجاهزية العالية للبنية التحتية... اقرأ المزيد

42

| 19 ديسمبر 2025

alsharq جمال السلامي مدرب المنتخب الأردني: فخور بما قدمه النشامى

أعرب المغربي جمال السلامي مدرب المنتخب الأردني عن فخره بالمستوى الذي قدمه اللاعبون، رغم عدم التمكن من التتويج... اقرأ المزيد

88

| 19 ديسمبر 2025

مساحة إعلانية