رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لقد كانت فلسطين دوما في قلب الزعيم العربي الراحل جمال عبد الناصر، وما زالت كلماته القوية في رسالته التي وجهها لوزير الحربية المصري آنذاك إبان عملية إحراق المسجد الأقصى الآثمة في أغسطس من العام 1969، راسخة في الأذهان وستظل كذلك على مر الأجيال، حيث كتب الزعيم جمال عبد الناصر في رسالته ضمن ما كتب: "إن أنظارنا تتطلع الآن إلى المسجد الأقصى في القدس، وهو يعاني من قوة الشر والظلام ما يعاني، ولسنا نجد أن هناك فائدة في اللوم والاستنكار، وفي النهاية فإنني لم أجد غير تأكيد جديد للمعاني التي كانت واضحة أمامنا جميعا، منذ اليوم الأول لتجربتنا القاسية، وذلك أنه لا بديل، ولا أمل، ولا طريق إلا القوة العربية..".. ولقد قصدنا أن نقتبس عنوان هذا المقال من نهاية رسالته تلك لنستلهم بها بداية الحراك العربي اتجاه فلسطين والمقدسات الإسلامية والعربية في مدينة القدس، والذي لاحت بشائره باستضافة الدوحة للمؤتمر الدولي للدفاع عن القدس الذي انطلقت أعماله الأحد الماضي هنا بالدوحة.
لقد بدأ الزعيم جمال عبد الناصر المسيرة الطويلة نحو القدس قائلا: "سوف نعود إلى القدس وسوف تعود القدس إلينا"، وها هو صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني يكمل المسيرة بقوله ضمن خطابه في المؤتمر: "إن العودة إلى القدس لا تتم بالشعارات والخطابات والمؤتمرات، بل بالقيام بواجبنا للدفاع عنها وحمايتها من التهويد والتشويه".
إن مواقف القيادة القطرية من القضايا العربية والإسلامية، والترجمة العملية لرؤيتها لمسارات العمل العربي في تشخيص الواقع، وصفت ما عليه الحال في الوقت الراهن، دون محاولة إلقاء التبعات على الآخرين، عندما قال صاحب السمو: "وأستميحكم عذرا في القول إننا جميعا حكام مقصرون في معركة الحفاظ على الهوية العربية والإسلامية للقدس"، وأضاف سموه: "إنني من هذا المنبر أعلن أن عروبة القدس في خطر داهم وأنها تذوب وتتلاشى، لذا يتحتم علينا التحرك السريع من أجل وقف تهويد القدس ومن أجل ذلك فإنني أتقدم من مؤتمركم هذا باقتراح يرمي إلى التوجه إلى مجلس الأمن بغرض استصدار قرار يقضي بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في جميع الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل منذ احتلال عام 1967 في القدس العربية بقصد طمس معالمها الإسلامية والعربية".
ويذكرنا هذا بقول الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في رسالته: "إن هناك نتيجة واحدة، يجب أن نستخلصها لأنفسنا، ويتحتم أن نفرض احترامها مهما كلفنا ذلك، ألا وهو أن العدو لا ينبغي له، ولا يحق له أن يبقى حيث هو الآن". وفي هذا السياق أوضح صاحب السمو أنه ينبغي على الحكومات والدول في الغرب والشرق أن تدرك أن رأيا عاما عربيا قد نهض حاليا وأنه لا يقبل بالعجز جوابا على قضايا الأمة التي تؤرقها منذ أكثر من نصف قرن.
وليس غريبا أن يلتقي القائدان في العبارات، لأن العروبة هي هدفهما السامي، كما هي هدف الجميع من الخليج إلى المحيط. وإذا كانت مصر (ناصر) قد سخرت نفسها في الماضي خادمة لقضايا الوطن العربي، فإن قطر (حمد) هي حامية لملف القدس.
إن المخاطر التي تواجه الهوية العربية للقدس تستدعي تضافر الجهود العربية والأممية بحسبان القدس مدينة تقبع تحت الاحتلال وتنطبق عليها كافة الأحكام والأعراف الدولية التي تحكم المناطق المحتلة، ونشدد على أهمية أن توجه الدول العربية والإسلامية خطاباتها للرأي العام العالمي كي يقف مع هذه القضية العادلة ووقف ممارسات سلطات الاحتلال في الاعتداء على حرمات القدس، ولا بد لنا أن نؤكد على أن الوضع العربي الحالي لن يستمر وأن الأمة العربية والإسلامية إذا أفاقت من سباتها سيكون لها دور كبير ومسؤولية أكبر، ليس تجاه المدينة المقدسة وما تتعرض له من تحديات ومخاطر جمة فحسب، بل تجاه كل قضايا العالم.
ودعا صاحب السمو إلى وحدة الصف الداخلي الفلسطيني باعتباره المدخل الطبيعي لاستعادة الحقوق، "فالنصر المطلوب يأتي بالأيادي المتماسكة"، كما جدد دعوته للقيادة الفلسطينية إلى إنفاذ المصالحة قائلا: "لا معنى ولا جدوى لأي خلاف والقدس الشريف ترزح تحت نير الاحتلال البغيض".
إن أهمية المصالحة الفلسطينية الفلسطينية كمقدمة لاستقطاب الدعم العربي والدولي لقضية القدس خاصة والقضية الفلسطينية بصفة عامة، وضرورة تنفيذ كافة بنود اتفاقية الدوحة الموقعة بين السلطة وحماس، إنما يصبان في هدف وحدة الفلسطينيين التي ستؤدي حتما لنيلهم كافة حقوقهم المشروعة المنشودة.
ولأن القضية الفلسطينية هي القضية المصيرية لكل العرب وليست قضية الفلسطينيين فحسب، فالمطلوب من أهل الديار الفلسطينية عدم خذلان العرب في جهودهم الرامية لاستعادة الحق الفلسطيني، وذلك بحسم الصراع الداخلي الفلسطيني والعمل بتناغم تام من أجل تحقيق الأهداف، والانتباه والحذر والوقف الفوري والحاسم لمسلسل الخيانة والعمالة والفساد الذي ظل ينهش في الجسد الفلسطيني والذي كاد أن يتسبب في انتكاسة عظيمة ويردي بهذه القضية إلى هوة سحيقة، ولا يخفى على الجميع قضايا الفساد التي طفت على السطح مؤخرا.
ويجب على الشعوب العربية أن تدعم الأردن باعتبارها الدولة الوحيدة التي ترعى المقدسات الإسلامية في القدس، حسب اتفاقية السلام الموقعة بين الأردن وإسرائيل، والتي أعطت الأردن حق الإشراف على المقدسات الإسلامية ممثلة بالأوقاف الإسلامية في القدس.
وألا ننسَ ما قدمه ويقدمه الأردن لأجل القدس طيلة السنوات الماضية، وأن الأردن ما زال يقف صامدا في مواجهة ما تتعرض له مدينة القدس من عمليات تهويد والمقدسات الإسلامية من انتهاكات واعتداءات. وفي ظل دعوتنا للدول العربية بأن تدعم صمود المدينة المقدسة، فإنه حري بنا دعوة الزعماء العرب لتنفيذ ما قررته مؤتمرات القمة العربية الأخيرة من إنشاء صندوق لدعم القدس بمبلغ نصف مليار دولار، والذي لم يتم تحصيل سوى نحو 37 مليون فقط منه.
وأن عمليات الهدم البربرية التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في القدس ما هي إلا هجمة استيطانية شرسة، وتحديات خطيرة تواجه المواطن المقدسي ومخططات تهويدية استعمارية لطمس هوية مدينة القدس العربية، وما تزال الاعتداءات على حرمة المسجد الأقصى المبارك تجري على قدم وساق، فلقد شرع الاحتلال في عمل جسر جديد فوق مسار طريق باب المغاربة بهدف توسيع ساحة الصلاة لليهود على حساب باب المغاربة الذي يعتبر أحد أقدس أبواب المسجد الأقصى ويقع في حائط البراق الذي ربط به سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) دابته ليلة الإسراء والمعراج.
كذلك هدمت الجرافات الإسرائيلية العام الماضي بيت ومقر الحاج أمين الحسيني المسمى "فندق شبرد" بحي الشيخ جراح في وسط مدينة القدس بهدف إقامة عشرين وحدة استيطانية لإسكان عائلات يهودية مكان الفندق، كمرحلة أولى من مخطط لبناء ثمانين وحدة استيطانية في المنطقة. إن عمليات الهدم هذه ليست سوى إجراء سياسي لعزل القدس وتغيير الأمر الواقع فيها واستهدافا منظما ومخططا له لمحو قيمة المقاومة التي كان يحملها شخص الحاج أمين الحسيني من ذاكرة المقدسيين.
إن إنقاذ هوية القدس، في ظل أوضاع الربيع العربي التي شهدت صعود قيادات جديدة في عدد من الدول العربية تعبر عن تطلعات الشعوب بعيدا عن القيادات التي كبلت الأمة بارتباطاتها الدولية والارتهان لأجندة خارجية غايتها المحافظة على كراسي الحكم وتكريس مصالحها الضيقة. وأوضاع اليوم أشبه بسنوات الستينيات التي استطاع خلالها الزعيم جمال عبد الناصر قيادة الأمة تحت زعامته الكاريزمية ورؤيته القومية، ويذكر تاريخنا العربي القريب كيف نجح الزعيم الراحل في إلهاب مشاعر الشعوب العربية وتوحيد كلمتها.
وما أجدر بكلمات صاحب السمو أن تجد آذانا صاغية من الخليج إلى المحيط بعد أن تحررت الشعوب العربية على وقع ثورات الربيع العربي وشعاراتها التي جاءت تعبيرا صادقا عن أحلام وتطلعات هذه الشعوب، وهذا ما أكده صاحب السمو في خطابه حينما قال: "هل يعقل أن الشعوب التي لم تعد تصبر على الضيم في داخلها سوف تقبل بظلم الاحتلال؟".
رئيس تحرير جريدة البننسولا khalid@pen.com.qa
جوهر الكلام: صرخات ثقيلة تحت سماء ملبّدة!
تتنوع مُسمّيات (المطر) في لغة العرب تبعا لشدته وغزارته، ومنها الرشّ: وهو أول المطر، والطّلّ: المطر الضعيف، والرذاذ:... اقرأ المزيد
369
| 21 نوفمبر 2025
«ثورة الياسمين حرّرت العصفور من القفص»
عَبِقٌ هُو الياسمين. لطالما داعب شذاه العذب روحها، تلك التّي كانت تهوى اقتطافه من غصنه اليافع في حديقة... اقرأ المزيد
453
| 21 نوفمبر 2025
ظلّي يسبقني
في الآونة الأخيرة، بدأت ألاحظ أن ظلّي صار يسبقني. لا أعلم متى بدأ ذلك، ولا متى توقفت أنا... اقرأ المزيد
228
| 21 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
10602
| 20 نوفمبر 2025
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام ارتفاعًا في تقييماتها دفعها إلى منطقة الفقاعة. فقد وصلت مضاعفات الأرباح المتوقعة إلى مستويات نادرًا ما شوهدت من قبل، لذلك، لم يكن التراجع في التقييمات منذ منتصف أكتوبر مفاجئًا. وقد يعكس هذا الانخفاض حالة من الحذر وجني الأرباح. وقد يكون مؤشرًا على تراجع أكبر قادم، أو مجرد استراحة في سوق صاعدة طويلة الأمد تصاحب ثورة الذكاء الاصطناعي. وحتى الآن، لا يُعدّ الهبوط الأخير في سوق الأسهم أكثر من مجرد "تصحيح" محدود. فقد تراجعت الأسواق في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها سجلت ارتفاعًا طفيفًا خلال الأسبوع الذي بدأ يوم الاثنين 10 من الشهر نفسه، لكنها عادت وانخفضت في نهاية الأسبوع. وما تزال السوق إجمالاً عند مستويات مرتفعة مقارنة بشهر أبريل، حين شهدت انخفاضًا مرتبطًا بإعلان الرئيس دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية. فعلى سبيل المثال: تراجعت أسهم شركة إنفيديا بنحو 10% في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها بقيت أعلى بنحو 60% مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أشهر فقط. مؤشر S&P 500 انخفض إلى 6700 في الرابع عشر من نوفمبر، مقارنة بذروة بلغت 6920، وما زال أعلى بنحو سبعين بالمئة مقارنة بنوفمبر 2022. هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى على القيمة السوقية الإجمالية أصبحت واضحة. فمع نهاية أكتوبر، ورغم ارتفاع المؤشر طوال العام، باستثناء التراجع في أبريل، شهدت نحو 397 شركة من شركات المؤشر انخفاضًا في قيمتها خلال تلك الفترة. ثماني من أكبر عشر شركات في المؤشر هي شركات تكنولوجية. وتمثل هذه الشركات 36% من إجمالي القيمة السوقية في الولايات المتحدة، و60% من المكاسب المحققة منذ أبريل. وعلى عكس ما حدث لشركات الدوت كوم الناشئة قبل 25 عامًا، تتمتع شركات التكنولوجيا اليوم بإيرادات قوية ونماذج أعمال متينة، حيث تتجاوز خدماتها نطاق الذكاء الاصطناعي لتشمل برمجيات تطبيقات الأعمال والحوسبة السحابية. وهناك حجّة قوية مفادها أن جزءًا كبيرًا من الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي يأتي من شركات كبرى مربحة تتمتع بمراكز نقدية قوية، ما يجعل هذه الاستثمارات أقل عرضة للمخاطر مقارنة بموجات الحماس السابقة في قطاع التكنولوجيا. غير أن حجم الاستثمارات المخطط لها في مراكز البيانات أثار مخاوف لدى بعض المستثمرين. كما أن هناك 10 شركات ناشئة خاسرة متخصصة في الذكاء الاصطناعي تقدر قيمتها مجتمعة بنحو تريليون دولار. وهناك ايضاً تراجع صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية بسبب الإغلاق الحكومي الذي دخل شهره الثاني، فلم تُنشر أي بيانات وظائف رسمية منذ 5 سبتمبر، ما دفع المحللين للاعتماد على بيانات خاصة. هذه البيانات أظهرت أعلى مستوى لتسريح الموظفين منذ 2003 في أكتوبر. كما جاءت نتائج أرباح بعض الشركات التقليدية مخيبة، حيث هبط سهم مطاعم تشيبوتلي بنحو 13% في نهاية أكتوبر بعد إعلان نتائج دون توقعات السوق.
2454
| 16 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1614
| 21 نوفمبر 2025