رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لعبت الصحافة دوراً مهماً في حياة الشعوب، وكشفت المستور في كثير من القضايا خاصة وقت الأزمات والحروب، كان دورها محورياً في تغيير توجهات الرأي العام، والمتابع للتاريخ وللأعمال الدرامية التوثيقية سيعرف حجم تأثير الصحافة على الشعوب أثناء الاستعمار والأزمات السياسية وأثرها في التحرير وتغيير المسارات السياسية، كما أن الصحافة بتحقيقاتها خاصة الاستقصائية تساهم في كشف قضايا الفساد والتجاوزات التي قد تقوم بها العصابات المتسترة تحت غطاء السلطة والمناصب النافذة، وتمكنت الصحافة والتي تُعد السلطة الرابعة من إسقاط كثير من القادة الذين كانوا يستغلون مناصبهم لمصالحهم الخاصة ويعيثون في الأرض فساداً، وتُعرف الصحافة الاستقصائية بالعمل الصحفي العميق والمبتكر، حيث يتم توظيف أساليب بحث منهجية وغالبا ما تفضح الأسرار، ويعتمد البحث الاستقصائي على السجلات العامة والبيانات بشكل مكثف وتركيزها على تحقيق العدالة الاجتماعية والمساءلة لمتجاوزي القانون، ودليل اليونسكو للتحقيقات الصحفية يُعرف الصحافة الاستقصائية « بأنها تكشف النقاب عن مسائل تهم العموم، كانت تخفيها عن قصد جهة ذات سلطة، أو يحجبها دون قصد ركام فوضوي من المعلومات والظروف التي تؤدي إلى الالتباس وذلك بالاعتماد على مصادر وسجلات قد تكون سرية أو علنية»، كما أنها منهج عمل وحرفة قد يتطلب إتقانها سنوات من البحوث والتقارير والمراقبة لكشف الانتهاكات الإدارية والفساد، وتختلف الصحافة التقليدية عن الاستقصائية، حيث إن في الصحافة التقليدية تُجمع المعلومات وفق إيقاع ثابت بشكل يومي أو أسبوعي، ويكتمل البحث سريعاً ونادراً ما تتم مواصلة البحث بعد نشر القصة أو التحقيق، وتُقدم معظم المعلومات للصحفي بسهولة، كما لابد من الموضوعية في التحقيق ونشر القصة ولا ضرورة لبنية درامية في التحقيق، في حين أن الصحافة الاستقصائية لا يمكن نشر المعلومات التي يتوصل إليها الصحفي إلاّ بعد ترابطها والتحقق منها، يستمر البحث حتى بعد النشر، ويتطلب التحقيق توثيقاً لدعم التصريحات، يضطر الصحفي إلى التخفي للحصول على بعض المعلومات التي غالباً ما يخفيها المسؤولون لأنها تضر مصلحتهم، يهدف الصحفي من قصته إلى فضح الأوضاع غير القانونية والمتعلقة بقضايا الفساد، ضروري اعتماد بناء درامي في القصة، يجب الحذر من الوقوع في الأخطاء لأنها تُعرض مصداقية الصحفي والمؤسسة الإعلامية لجزاءات غير محمودة.
وقد ظهرت الصحافة الاستقصائية في العالم العربي في مصر عام 1949 حيث كشف الصحفي إحسان عبدالقدوس فضيحة الأسلحة الفاسدة التي تم تزويد الجيش المصري بها عام 1948، وفي عصرنا هذا نحنُ في أمس الحاجة للصحافة الاستقصائية لكشف ملفات الفساد والخروقات التي قد تقوم بها بعض المؤسسات وبعض الحكومات، خاصة مع تطّور أدوات البحث وسهولة الوصول للبيانات في ظل وجود الإنترنت إلاّ أن للأسف القوانين لا تحمي الصحفيين مما يجعل بعض الصحفيين يتردد في الانخراط في التحقيقات الاستقصائية،
وبعد دخول البرامج التلفزيونية والوثائقيات الإخباريّة ربما تراجع نشاط الصحافة مؤخراً في تلك التحقيقات وذلك لاستخدام أدوات تلفزيونية مصورة أكثر إقناعاً في فضح التجاوزات والجرائم المُنفذة بطريقة مدروسة فساعد التصوير والتوثيق على انتشار تلك الحقائق أكثر من الصحافة ولم تعد القصص مقتصرة على حدود بلد معين بل ومع انتشار شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت تلك الأخبار تصلنا في اللحظة نفسها ونتابعها أولا بأول ولكبار المسؤولين في العالم، وقد تكون قناة الجزيرة الإخبارية من أهم القنوات التي قدمت التحقيقات الاستقصائية والتي فضحت كثيرا من المسؤولين في دول عدة بل ووصلت للحكومات وكانت سببا في محاسبتهم وتطهير الدول من فسادهم، ولهذا تتم محاربة قناة الجزيرة وتزدادُ المطالبات بإغلاق مكاتبها في بعض الدول لما تقوم به من تحقيقات تكشف فيها التجاوزات الدولية والانتهاكات القانونية.
نحنُ بحاجة إلى تعزيز دور الصحافة الاستقصائية وترغيب الصحفيين في العمل بها، وتطويع القوانين لحماية الصحفيين، ولعّل مسؤولية تحفيز الصحفيين تقع على القائمين على الصحف ودفعهم للتحقيقات والقصص التي تساهم في كشف الفساد فبذلك تتميز الصحيفة أولاً ولا تعد مجرد ناقل للخبر، ثانياً في ظل انتشار مواقع إخبارية متنوعة تنقل الأخبار بشكل أسرع من الصحيفة الرسمية.
• لابد من وضع خطة لاستقطاب الشباب من الجنسين للعمل الصحفي في الصحف والقنوات الرسمية وتسليحهم بالمهارات التي تؤهلهم للعمل في التحقيقات الصحفية خاصة الاستقصائية.
• تحية لهيئة الرقابة الإدارية والشفافية على تنظيمها دورة تدريبية بالتعاون مع المركز القطري للصحافة ومعهد الجزيرة للتدريب لتدريب الصحفيين على دورهم في كشف الفساد، وقد تكون خطوة إيجابية نحو التغيير لتعود للصحافة سلطتها وليكون دورها فعّالاً أكثر في كشف المستور.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
Amalabdulmalik333@gmail.com
@amalabdulmalik
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4149
| 05 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين برحيل معالي الأستاذ الدكتور الشيخ محمد بن علي العقلا، أحد أشهر من تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، والحق أنني ما رأيت أحدًا أجمعت القلوب على حبه في المدينة المنورة لتواضعه ودماثة أخلاقه، كما أجمعت على حب الفقيد الراحل، تغمده الله بواسع رحماته، وأسكنه روضات جناته، اللهم آمين. ولد الشيخ العقلا عليه الرحمة في مكة المكرمة عام 1378 في أسرة تميمية النسب، قصيمية الأصل، برز فيها عدد من الأجلاء الذين تولوا المناصب الرفيعة في المملكة العربية السعودية منذ تأسيس الدولة. وقد تولى الشيخ محمد بن علي نفسه عمادة كلية الشريعة بجامعة أم القرى، ثم تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1428، فكان مكتبه عامرا بالضيوف والمراجعين مفتوحًا للجميع وجواله بالمثل، وكان دأبه الرد على الرسائل في حال لم يتمكن من إجابة الاتصالات لأشغاله الكثيرة، ويشارك في الوقت نفسه جميع الناس في مناسباتهم أفراحهم وأتراحهم. خرجنا ونحن طلاب مع فضيلته في رحلة إلى بر المدينة مع إمام الحرم النبوي وقاضي المدينة العلامة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ وعميد كلية أصول الدين الشيخ عبد العزيز بن صالح الطويان ونائب رئيس الجامعة الشيخ أحمد كاتب وغيرهم، فكان رحمه الله آية في التواضع وهضم الذات وكسر البروتوكول حتى أذاب سائر الحواجز بين جميع المشاركين في تلك الرحلة. عرف رحمه الله بقضاء حوائج الناس مع ابتسامة لا تفارق محياه، وقد دخلت شخصيا مكتبه رحمه الله تعالى لحاجة ما، فاتصل مباشرة بالشخص المسؤول وطلب الإسراع في تخليص الأمر الخاص بي، فكان لذلك وقع طيب في نفسي وزملائي من حولي. ومن مآثره الحسان التي طالما تحدث بها طلاب الجامعة الإسلامية أن أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأفارقة اتصل بالشيخ في منتصف الليل وطلب منه أن يتدخل لإدخال زوجته الحامل إلى المستشفى، وكانت في حال المخاض، فحضر الشيخ نفسه إليه ونقله وزوجته إلى المستشفى، وبذل جاهه في سبيل تيسير إدخال المرأة لتنال الرعاية اللازمة. شرفنا رحمه الله وأجزل مثوبته بالزيارة إلى قطر مع أهل بيته، وكانت زيارة كبيرة على القلب وتركت فينا أسنى الأثر، ودعونا فضيلته للمشاركة بمؤتمر دولي أقامته جامعة الزيتونة عندما كنت مبتعثًا من الدولة إليها لكتابة أطروحة الدكتوراه مع عضويتي بوحدة السنة والسيرة في الزيتونة، فكانت رسالته الصوتية وشكره أكبر داعم لنا، وشارك يومها من المملكة معالي وزير التعليم الأسبق والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الوالد الشيخ عبدالله بن صالح العبيد بورقة علمية بعنوان «جهود المملكة العربية السعودية في خدمة السنة النبوية» ومعالي الوالد الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، العضو السابق بهيئة كبار العلماء في المملكة، وقد قرأنا عليه أثناء وجوده في تونس من كتاب الوقف في مختصر الشيخ خليل، واستفدنا من عقله وعلمه وأدبه. وخلال وجودنا بالمدينة أقيمت ندوة لصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد آل سعود حضرها أمير المدينة يومها الأمير المحبوب عبد العزيز بن ماجد وعلماء المدينة وكبار مسؤوليها، وحينما حضرنا جعلني بعض المرافقين للشيخ العقلا بجوار المستشارين بالديوان الملكي، كما جعلوا الشيخ جاسم بن محمد الجابر بجوار أعضاء مجلس الشورى. وفي بعض الفصول الدراسية زاملنا ابنه الدكتور عقيل ابن الشيخ محمد بن علي العقلا فكان كأبيه في الأدب ودماثة الأخلاق والسعي في تلبية حاجات زملائه. ودعانا مرة معالي الشيخ العلامة سعد بن ناصر الشثري في الحرم المكي لتناول العشاء في مجلس الوجيه القطان بمكة، وتعرفنا يومها على رئيس هيئات مكة المكرمة الشيخ فراج بن علي العقلا، الأخ الأكبر للشيخ محمد، فكان سلام الناس عليه دليلا واضحا على منزلته في قلوبهم، وقد دعانا إلى زيارة مجلسه، جزاه الله خيرا. صادق العزاء وجميل السلوان نزجيها إلى أسرة الشيخ ومحبيه وطلابه وعموم أهلنا الكرام في المملكة العربية السعودية، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، اللهم تقبله في العلماء الأتقياء الأنقياء العاملين الصالحين من أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. «إنا لله وإنا إليه راجعون».
1740
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه أكثر مما ينظر إلى ما يملكه. ينشغل الإنسان بأمنياته المؤجلة، وأحلامه البعيدة ينشغل بما ليس في يده، بينما يتجاهل أعظم ما منحه الله إياه وهي موهبته الخاصة. ومثلما سأل الله موسى عليه السلام: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى﴾، فإن السؤال ذاته موجّه لكل إنسان اليوم ولكن بطريقة أخرى: ما هي موهبتك؟ وما عصاك التي بيدك؟ جوهر الفكرة ان لكل إنسان عصا. الفكرة الجوهرية لهذا المفهوم بسيطة وعميقة، لا يوجد شخص خُلق بلا قدرة وبلا موهبة وبلا شيء يتميز به، ولا يوجد إنسان وصل الدنيا فارغ اليدين. كل فرد يحمل (عصاه) الخاصة التي وهبه الله ليتكئ عليها، ويصنع بها أثره. المعلم يحمل معرفته. المثقف يحمل لغته. الطبيب يحمل علمه. الرياضي يحمل قوته. الفنان يحمل إبداعه. والأمثلة لا تنتهي ….. وحتى أبسط الناس يحملون حكمة، أو صبرًا، أو قدرة اجتماعية، أو مهارة عملية قد تغيّر حياة أشخاص آخرين. الموهبة ليست مجرد ميزة… إنها مسؤولية في عالم الإعلام الحديث، تُقدَّم المواهب غالبًا كوسيلة للشهرة أو الدخل المادي، لكن الحقيقة أن الموهبة قبل كل شيء أمانة ومسؤولية. الله لا يمنح إنسانًا قدرة إلا لسبب، ولا يضع في يدك عصا إلا لتفعل بها ما يليق بك وبها. والسؤال هنا: هل نستخدم مواهبنا لصناعة القيمة، وترك الأثر الجميل والمفيد أم نتركها مدفونة ؟ تشير الملاحظات المجتمعية إلى أن عددًا كبيرًا من الناس يهملون مواهبهم لعدة أسباب، وليس ذلك مجرد انطباع؛ فبحسب تقارير عالمية خلال عام 2023 فإن نحو 80% من الأشخاص لا يستخدمون مواهبهم الطبيعية في حياتهم أو أعمالهم، مما يعني أن أغلب البشر يعيشون دون أن يُفعّلوا العصا التي في أيديهم. ولعل أهم أسباب ذلك هو التقليل من قيمة الذات، ومقارنة النفس بالآخرين، والخوف من الفشل، وأحيانا عدم إدراك أن ما يملكه الشخص قد يكون مهمًا له ولغيره، بالإضافة إلى الاعتقاد الخاطئ بأن الموهبة يجب أن تكون شيئًا كبيرًا أو خارقًا. هذه الأسباب تحوّل العصا من أداة قوة… إلى مجرد منحوتة معلقة على جدار الديوان. إن الرسالة التي يقدمها هذا المقال بسيطة ومباشرة، استخدم موهبتك فيما يخدم الناس. ليس المطلوب أن تشق البحر، بل أن تشقّ طريقًا لنفسك أو لغيرك. ليس المطلوب أن تصنع معجزة، بل أن تصنع فارقًا. وما أكثر الفروق الصغيرة التي تُحدث أثرًا طويلًا، تعلُم وتعليم، أو دعم محتاج، خلق فكرة، مشاركة خبرة، حل مشكلة… كلها أعمال نبيلة تُجيب على السؤال الإلهي حين يُسأل الإنسان ماذا فعلت بما أعطيتك ومنحتك؟ عصاك لا تتركها تسقط، ولا تؤجل استخدامها. فقد تكون أنت سبب تغيير في حياة شخص لا تعرفه، وقد تكون موهبتك حلًّا لعُقدة لا يُحلّها أحد سواك. ارفع عصاك اليوم… فقد آن لموهبتك أن تعمل.
1599
| 02 ديسمبر 2025