رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لم أستغرب تصريح الشيخ فيصل بن جاسم آل ثاني في احتفالية راف بسفراء الرحمة عندما قال إن (قطر أحدثت ثورة في العمل الخيري التطوعي).
وأضيف لذلك: ليس على الصعيد القطري ولا الإقليمي، بل على الصعيد الدولي.
واجهة قطر في هذا النشاط هي المؤسسات الخيرية التطوعية إلى جانب ما تضيفه الوزارات والمؤسسات الحكومية في هذا المجال، والملاحظ بمرور الوقت هو التوسع أفقيا وعموديا، التنوع، التنافس المحمود، التواصل والاستمرارية على مدى العام، رغم أن رمضان يحظى بأهمية خاصة.
من الصعب التصور أن بلدا إسلاميا أو جالية إسلامية في بلاد الله الواسعة لم يصلها خير قطر، ولا يقتصر ذلك على غزة وسوريا وإلى حد ما العراق، بل يمتد لكافة الشعوب الفقيرة في إفريقيا وآسيا، بل يشمل حتى آسيا الوسطى وأوروبا وغيرها.
لم يعد النشاط الخيري محصورا في إطاره التقليدي (إطعام جائع) (إفطار صائم) (سلة رمضان) (كفالة يتيم) (كسوة العيد) (كفالة طالب علم) (تزويج شباب) (أضاحي العيد)، بل تنوع كما وكيفا، نسمع لأول مرة عن حملات وظفت لإغاثة شرائح مجتمعية بعينها (رمضان وياهم) للتذكير بالعجزة وكبار السن، (لمستك لونت حياتك) رسائل في متناول المتبرعين، (هذه أمنيتي) للأطفال المرضى الراقدين في المستشفيات، (تحدي العطاء) دعم تعليم الأطفال في العالم (رتل وارتق) تكريم حفظة القرآن، (حملة تعاضد) عائلة قطرية تكفل عائلة سورية، (السكن البديل) مشروع بيوت رخيصة للمهجرين.. (مشروع حفظ النعمة) ترشيد استهلاك الطعام بضم الفقراء إلى موائد الأغنياء..
أما آخر الابتكارات فكانت (حملة فك كرب الغارمين) لمساعدة المديونين في تسديد ديونهم المستحقة تمهيدا لإطلاق سراحهم وعودتهم الكريمة للحرية.
النقلة النوعية كانت في التحول من اليد السفلى إلى اليد العليا، أي تحويل الأسر الفقيرة المتعففة بدل أن تكون آخذة مكسورة إلى معطية ومنتجة وفاعلة (مشروع الانتقال من الإغاثة إلى التنمية) بإقراض الأسر برأسمال يكفي لإدارة مشروع صغير يسدد من أرباح المشروع نفسه.. كما تحققت نقلة نوعية أخرى بالتحول من الغذاء والدواء إلى بناء المرافق الخدمية، مثال المراكز الصحية، المخابز، آبار ماء صالحة للشرب، بناء مدارس، ملاجئ للأيتام والمشردين، مراكز تحفيظ القرآن..
ربما منظمات تابعة للأمم المتحدة تنشط في مجالات مشابهة، لكن ميزة قطر أنها لا تبغي سد الحاجة فحسب، بل تعمل على تجسيد روح التكافل والتضامن وإشاعة المحبة والمودة وبالتالي تمتين وشد نسيجها الاجتماعي.
أقف مشدوها، داعيا ومباركا لوقائع جرت وتجري من وقت لآخر، ولم لا، أليس هذا جدير بمحسن قطري يتبرع لوحده - ويمناه لا تعلم بيسراه - بتمويل 60 مشروعا تنمويا في سبع دول إفريقية، ويتبرع آخر بتنفيذ 24 مشروعا بكلفة 2 مليون ريال أو عندما يتبرع عدد من المحسنين في احتفالية واحدة وخلال 40 دقيقة ببناء 70 مسجدا في مناطق متفرقة من العالم... أو عندما تستهدف 12 دولة (مبادرة نماء) لتمويل مشاريع بكلفة 10 ملايين ريال لدعم الفقراء القادرين على العمل، ومؤسسة لوحدها تتكفل بإفطار 500 ألف صائم فقير في 36 دولة.
ليست البحبوحة المادية ولا الوفرة الاقتصادية السبب وراء هذا السخاء والكرم وهناك دول عديدة تضارع قطر ثراءها وغناها وأكثر، بل هو سمت هذا الشعب وأصالته ونبله وتمسكه بالكتاب والسنة.
نعمة الله على قطر لن تزول، إذ بالشكر تدوم النعم، مصداقا لقول الله عز وجل: (لئن شكرتم لأزيدنكم).
ولا أدري كيف يكون الشكر غير أن تنفق بما تحب وفوق حق الله في المال زكاة أو صدقة.
أتابع هذه الأنشطة مشدوها ومعجبا ومباركا، وبت مقتنعا بأن العمل الخيري التطوعي جعل من قطر (علامة فارقة) على الصعيد الدولي، ولهذا لم تعد قطر هي قناة الجزيرة الفضائية فحسب، ولا مونديال عام 2022، ولا الأعلى في الدخل السنوي للفرد، ولا الأغنى في الغاز الطبيعي المسال، بل هي كل ذلك وأكثر، إنها كعبة المضيوم وملاذ الملهوف وغوث المحتاج.
ألا يستحق هذا العمل الجبار صرحا مناسبا تتعهد به وزارة البلدية والتخطيط العمراني وتنصبه شامخا في الواجهة البحرية للدوحة، كما فعلت الولايات المتحدة عندما شيدت نصب الحرية على مدخل نيويورك تميزا بريادتها للديمقراطية (رغم ملاحظات أبو الديمقراطية الفرنسي أليكس توكفيل)؟
بهذا ترمز دولة قطر إلى تفردها، عربيا وإسلاميا ودوليا، بالعمل التطوعي الخيري وتذكر العالم والأجيال اللاحقة والزائرين من القادمين والمغادرين بالأيادي البيضاء لهذه الدولة على العالم أجمع.
ملاحظة أخرى، وهي الحاجة إلى مؤتمر سنوي لجميع المعنيين بهذا النشاط من مؤسسات أو شخصيات يوظف لتبادل المعلومات والتجارب والخبرات، المصاعب والحلول، تحليل وتقييم السنة الماضية ووضع الخطط بصورة مشتركة للسنة القادمة، بما يعني توزيع المهام والمسؤوليات والمناطق والمشاريع بما يحقق التكامل ويمنع الازدواجية والهدر، أي ترشيد الإنفاق بما يحقق أفضل عائد إغاثي ممكن، كخطوة أولى نحو تكامل الأنشطة الإغاثية على الصعيدين العربي والإسلامي.
وأخيرا، كنت قد عاصرت الجمعية الخيرية العالمية وجهود الكويتي رائد العمل الخيري الدكتور عبد الرحمن السميط، طيب الله ثراه وأسكنه الفردوس الأعلى، وعشت مبهورا بإنجازاته وفريق العمل معه خلال سني حياتي في الكويت، إبان الثمانينيات من القرن الماضي.
لكني لا أخفي انبهاري اليوم بما تنجزه المؤسسات الخيرية القطرية رغم شدة الظروف وعظم التحديات.
بارك الله في جهود الجميع، السابقون منهم واللاحقون.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
● سياسي من العراق
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6588
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6480
| 24 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع في القلب وجعًا عميقًا يصعب نسيانه.. في الجولة الثالثة من دوري أبطال آسيا للنخبة، كانت الصفعة مدوية! الغرافة تلقى هزيمة ثقيلة برباعية أمام الأهلي السعودي، دون أي رد فعل يُذكر. ثم جاء الدور على الدحيل، الذي سقط أمام الوحدة الإماراتي بنتيجة ٣-١، ليظهر الفريق وكأنه تائه، بلا هوية. وأخيرًا، السد ينهار أمام الهلال السعودي بنفس النتيجة، في مشهد يوجع القلب قبل العين. الأداء كان مخيبًا بكل ما تحمله الكلمة من وجع. لا روح، لا قتال، لا التزام داخل المستطيل الأخضر. اللاعبون المحترفون الذين تُصرف عليهم الملايين كانوا مجرد ظلال تتحرك بلا هدف و لا حس، ولا بصمة، ولا وعي! أما الأجهزة الفنية، فبدت عاجزة عن قراءة مجريات المباريات أو توظيف اللاعبين بما يناسب قدراتهم. لاعبون يملكون قدرات هائلة ولكن يُزج بهم في أدوار تُطفئ طاقتهم وتشل حركتهم داخل المستطيل الأخضر، وكأنهم لا يُعرفون إلا بالاسم فقط، أما الموهبة فمدفونة تحت قرارات فنية عقيمة. ما جرى لا يُحتمل. نحن لا نتحدث عن مباراة أو جولة، بل عن انهيار في الروح، وتلاشي في الغيرة، وكأن القميص لم يعد له وزن ولا معنى. كم كنا ننتظر من لاعبينا أن يقاتلوا، أن يردّوا الاعتبار، أن يُسكتوا كل من شكك فيهم، لكنهم خذلونا، بصمت قاسٍ وأداء بارد لا يشبه ألوان الوطن. نملك أدوات النجاح: المواهب موجودة، البنية التحتية متقدمة، والدعم لا حدود له. ما ينقصنا هو استحضار الوعي بالمسؤولية، الالتزام الكامل، والقدرة على التكيّف الذهني والبدني مع حجم التحديات. نحن لا نفقد الأمل، بل نطالب بأن نرى بشكل مختلف، أن يعود اللاعبون إلى جوهرهم الحقيقي، ويستشعروا معنى التمثيل القاري بما يحمله من شرف وواجب. لا نحتاج استعراضًا، بل احترافًا ناضجًا يليق باسم قطر، وبثقافة رياضية تعرف كيف تنهض من العثرات لتعود أقوى. آخر الكلام: هذه الجولة ليست سوى بداية لإشراقة جديدة، وحان الوقت لنصنع مجدًا يستحقه وطننا، ويظل محفورًا في ذاكرته للأجيال القادمة.
3177
| 23 أكتوبر 2025