رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

رمضان فريد

- كاتب وأكاديمي في أكاديمية المها للبنين

مساحة إعلانية

مقالات

327

رمضان فريد

نجاة المجتمع من التهلكة هي غاية الإسلام

03 يونيو 2025 , 02:00ص

لا يتصوّر أحد أن الدّنيا خلت يومًا من الصّراع، وإنما هو طابع أزلي ظهر في الأرض وليس في السّماء صراع، وهذا الصّراع الّذي في الأرض هو شيء من الكبد الّذي خُلق فيه الإنسان، وهناك نتيجتان حتميّتان لهذا الصّراع وهما: النّجاة أوالهلاك، والنّجاة كانت دائما للمجتمع الرّاشد ولم تكن يومًا لفرد يصارع وحده دون الآخرين، وكأنّها رسالة تقييم وتمجيد لعمل مجتمعي ولسعي المجتمع عندما يأخذ موقفًا إيجابيّا موحّدًا ويتبع نظامًا واضحًا شرعته السّماء حتى يبلغ مقصده وهو الحماية ودفع الأذى، فمثل هذا المجتمع سينجو في كلّ صراع يخوضه في الحقّ، طال أمد الصّراع أو قصر.

إنّ هذه النّجاة لا ترتبط بالإمكانات الماديّة بقدر ما ترتبط بإرادة الخير في المجتمع؛ لأنّ الخير قوّة في ذاته وقوّة لمن أراده، والخير هو إرادة الله لعباده، فإن كان هناك جمع من النّاس أرادوا الخير سخّر الله لهم سبل الوصول إليه حتى وإن كانت إمكاناتهم محدودة، وإن وجدوا في كلّ طريق يسلكونه أسدًا رابضًا فلن يخيفهم ذلك ولن يعطّلهم عن تحقيق الخير.

إنّ إرادة الخير لمجموعة صالحة تخرّ لها الجبال وتنتصر إرادتهم بعيدًا عن عدّتهم وعتادهم إذا ما قارنّاها بعدّة وعتاد المجرمين الّذين يسعون إلى الفساد، وعندما أخبرنا القرآن بأن الرّوم قد غُلبت في أدنى الأرض وكان ذلك في أوج قوّتهم التي يعرفها العرب وغير العرب لم تكن الغاية من الآية مجرّد نقل الخبر لمجموعة المسلمين وهم ما زالوا في أوّل عهدهم، يتكوّنون ويتعرّفون على منهج الخير من رسول الرّحمة-صلّى الله عليه وسلّم-

وإنما كانت هناك حكمة بالغة وراء نقل خبر هزيمة الرّوم وهي أن يعرف المجتمع الجديد الّذي يحمل الخير للبشريّة بأنّهم سيقودون مرحلة من الصّراع بين الخير والشّر ويخوضون معارك ضارية في مواجهة جيوش عاتية وأنّ النّصر لا يرتبط بقوة وعتاد وإنّما هناك حالة للمجتمع المنتصر وهي الحالة ذاتها الّتي كان عليها المجتمع المسلم في ذلك الوقت، حالة من الالتفاف الرّوحي حول عقيدة ثابتة تشرّبها المجتمع المسلم من الكتاب والسّنة ورغم قلّة عددهم وضعف عتادهم أمام جيوش دانت لها الأرض انتصروا وهذا الانتصار لأنّهم حملوا الخير للنّاس، فكان الإخبار لهم بغلبة الرّوم رسالة تهيئة وتثقيف وتوعية بأن هناك أمما ستُهلك، فحافظوا على أمّة الخير من الهلاك...

مساحة إعلانية