رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. سلوى حامد الملا

‏alsalwa2007@gmail.com

@salwaalmulla

مساحة إعلانية

مقالات

423

د. سلوى حامد الملا

العمل بعد الفجر..

03 يوليو 2025 , 01:00ص

* مع حلول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات غير مسبوقة في كثير من الدول والتحذيرات القادمة من دول أوروبا للسكان للمكوث في منازلهم بسبب موجة الحر الشديدة، وبين حرارة صيف متسارعة بين رطوبة مع ارتفاع الحرارة وبين رياح شديدة وغبار يرافق هذه الحرارة ؛ يبرز تحدٍ يومي يواجه الأفراد والمؤسسات على حد سواء!

* كيف نحقق إنتاجية فعّالة وسط طقس خانق تتجاوز فيه الحرارة الخمس والأربعين مئوية، وتصل إلى الخمسين ومع رياح ساخنة تعيق الحركة وتزيد من الإرهاق ويصعب فيها الإنجاز.. حتى وإن كانت هذه الحرارة لا تتعدى إلا دقائق في الخروج وركوب السيارة والنزول منها..

* في ساعات الصباح الأولى، التي يُفترض أن تكون الفترة المثالية للإنجاز والنشاط والعمل، أو فترة للاستمتاع بالسباحة البحرية والحدائق ؛يصطدم كثيرون بعوائق جوية وبيئية تمنعهم من أداء مهامهم أو حتى التنقل بسهولة والاستمتاع بالإجازة الصيفية،فالحرارة المرتفعة المصحوبة برياح محملة بالغبار تؤثر على صحة الأفراد وتزيد من حالات الأمراض التنفسية والصدرية وتؤثر على الراحة النفسية والجسدية، وتنعكس سلبًا على جودة العمل ودقته. وتجعل السياحة ترتكز على المجمعات التجارية ومراكز التسوق والمطاعم..

* هذه التحديات تدفعنا اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى إعادة النظر في نظم العمل الحالية، التي باتت لا تتماشى مع التغيرات المناخية والواقع البيئي الحالي والارتفاع في درجة الحرارة بشكل كبير. ففكرة تغيير التوقيت الرسمي خلال فصل الصيف لتبدأ ساعات العمل في وقت أبكر أو تنتهي في وقت أقصر، لم تعد رفاهية بل ضرورة حيوية لتخفيف العبء الحراري والذهني عن الموظفين.

* وإلى جانب تعديل التوقيت الرسمي، تأتي المرونة في العمل كحل ذكي وفعّال. إذ بات من المهم أن يُسمح للجهات باعتماد نظام العمل المرن، سواء عبر تقليل عدد ساعات العمل اليومية أو تحديد أيام للعمل عن بعد،، تحديدا للوظائف التي لا تتطلب الحضور الميداني. هذه المرونة لا تضمن فقط الحفاظ على راحة الموظف وصحته، بل ترفع من إنتاجيته ورضاه الوظيفي، وهو ما يصب في النهاية في مصلحة الجهة والمؤسسة.

* ومن ناحية أخرى، لا يمكن إغفال البُعد الإنساني والاجتماعي المرتبط بالإجازات السنوية. فهناك فئة من الموظفين ترتبط إجازاتهم بفصل الصيف بسبب التزاماتهم مع الأبناء والمدارس، بينما يفضل آخرون تأجيل إجازاتهم إلى فصل الخريف أو أوائل الشتاء، للاستمتاع بأجواء أكثر اعتدالًا داخل الدولة أو للسفر والسياحة في وقتٍ تكون فيه الوجهات أقل ازدحامًا وأكثر هدوءًا بعد انتهاء موسم العطلات العامة. هذه الفروقات تتطلب من جهة العمل أن تراعي مرونة التخطيط والإدارة، بما يضمن التوازن بين متطلبات العمل وراحة الموظف.

* وعلى ضوء هويتنا الإسلامية، لماذا لا تكون ثقافة العمل بعد صلاة الفجر وبعد الشروق مباشرة خاصة في فصل الصيف؟ فالبركة في البكور كما علّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث الشريف عنه صلى الله عليه وسل:" اللهم بارك لأمتي في بكورها" وبدء العمل في هذا التوقيت ينسجم مع الطبيعة المناخية للمنطقة، حيث تكون الأجواء ألطف، والذهن أكثر صفاء، والجسد أكثر نشاطا.

* إنّ إعادة هيكلة أوقات العمل لتبدأ بعد الفجر، مع تقليص عدد الساعات لاحقا، قد تكون حلا حضاريا وعمليا يُحقق التوازن بين الدين والواقع، ويقلل من أثر موجات الحر على الصحة العامة وكفاءة الأداء، ونجد هذه الثقافة في دول أوروبا وأمريكا في استيقاظهم وتوجههم لاعمالهم فجرا وما ينتج عنه من انجاز وابداع وبكرة في الوقت.

* لقد أثبتت التجارب العالمية، لا سيما بعد جائحة كوفيد-19، أن العمل عن بُعد والعمل المرن ليسا عبئًا بل فرصة لإعادة هيكلة بيئة العمل بما يتناسب مع المستجدات. وفي مناخنا الحار، يصبح هذا الخيار وسيلة وقائية ومهنية في وقت واحد.

* آخر جرة قلم: إن التكيف مع الأحوال الجوية والمناخ ؛لا يعني فقط الاستعانة بالتكييف وجعله الملاذ الأول في السكن والتجمعات الأسرية، والحل الأمثل في المجمعات والاماكن والمطاعم المفتوحة وجعل المكيفات الحل الارضي في تلك الأماكن المفتوحة، بل يتطلب تفكيرًا وتخطيطا إستراتجيا مرنا، يضع الإنسان في مركز الاهتمام، ويعتمد استراتيجيات مرنة في التوقيت والدوام، تراعي ظروفه وتدعم أداءه وتحقق الإنجاز والابتكار.

مساحة إعلانية