رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في العام 1818 صدرت رواية خيال علمي اشتهرت بعنوان «فرانكشتاين»، وتدور حول شخص يريد معرفة إكسير الحياة حتى يبقى وعائلته أحياء للأبد، ولذلك يصنع مخلوقا يتحول وحشا ويخرج عن السيطرة. والآن يحيي أعداء الإنسانية هذه القصة من الركام بمسمى جديد هو «الذكاء الصناعي»- وهو صناعي وليس اصطناعيا، فهو مصنوع وليس مصطنعا- الذي يحاولون من خلاله اكتساب قدرات إلهية، ويحاولون إقناعنا بأنه قد يخرج عن سيطرة البشر. وهم يمهدون بذلك لكوارث يجهزونها لتنفيذ مخططاتهم لحكم العالم، التي يروجونها في المحافل الأكاديمية والسياسية تحت مسمى «الحوكمة العالمية». لذلك نقول إن قصة «الذكاء الصناعي» هي، باختصار، قصة فرانكشتاين العائد في ثوب جديد، أو قصة الصراع للسيطرة على العالم.
لا شك أننا نحن البشر نواجه مشكلة خطيرة إزاء فهم حقيقة «الذكاء الصناعي»، لأنهم صوروه وحشا مخيفا على غرار الكائنات الفضائية أو الأشباح أو فرانكشتاين. لكن نظرة متأنية توضح أن الذكاء الصناعي هو مجرد تطوير لعلوم الحاسب الآلي أو الكمبيوتر، أي تسخير الإنسان للآلة لأداء بعض المهام مهما بلغ تعقيدها. والمفترض والمنطقي أن الآلة التي يصنعها الإنسان لا يمكن بحال من الأحوال أن تتفوق عليه ويصبح لها تفكيرها الخاص وقراراتها المستقلة مهما بلغت من التطور، إلا إذا كان هو من يزودها بما يمكنها من التدمير والتخريب الذي يستهدفه هو ويخطط له.
ولأن أعداء الإنسانية يريدون صناعة الكفر ويريدون إقناع البشر بغياب الإله أو عدم سيطرته على خلقه (راجع القصص التلمودية)، فهم يريدوننا أن نقتنع بأن صنعة أيدينا يمكن أن تتحكم فينا؛ أي تصبح شيئا ما من قبيل الآلهة، في عالم المسيخ الدجال الذي أشرنا له سابقا. وهذه عملية تشبه صناعة الآلهة ثم عبادتها، ولا مستفيد منها إلا سدنة وكهنة تلك الآلهة الوهمية. لقد صنعوا «الذكاء الصناعي» ويريدوننا أن نصدق أنه ستكون له القدرة على التفكير المستقل وتدمير البشرية؛ حسنا، ولماذا لا يفكر في تطوير البشرية؟!
لقد ثار في الأيام الماضية كثير من اللغط والجدل بشأن «الذكاء الصناعي» بعد ظهور نموذج شركة «دييب سييك» الصينية التي وجهت ضربات مهمة للنظام الرأسمالي العالمي، أهمها أنها فضحت الكثير من كذب هذا النظام بشأن «جسامة» «الذكاء الصناعي»، وخاصة فيما يتعلق بالتهويل العجيب بشأن تكلفة تشغيله ومخاطره. ففي حين زعم سدنة «الذكاء الصناعي» الغربي أن الأمر يتكلف مليارات الدولارات، ظهر للجميع أن النسخة الصينية لم تتكلف سوى ستة ملايين. وكان أكبر دليل على زيف «سردية» الغرب كلها أن شركاته فقدت مئات المليارات من قيمتها السوقية خلال ساعات. وهذا يؤكد أن المبالغة في تسعير الخدمات والمنتجات أصل أصيل في صناعة الكفر والفقر كما بينت سالفا.
وكما يطبع البنك المركزي الأمريكي الدولارات بدون غطاء ذهب وبدون ضمانات، فهم (أصحاب رأس المال) يقدرون قيمة شركاتهم كما يحلو لهم ثم يفرضون على العالم قيمة المنتجات والسلع والخدمات كما يحلو لهم. وبما أنهم يملكون ويتحكمون في معظم شركات ومؤسسات الرقابة الدولية فالأمور بالنسبة لهم تبقى تحت السيطرة حتى تأتي شركة مثل «ديب سييك» وتفضح جزءا من مؤامراتهم. تماما مثل مؤامرة كورونا التي تواطأت فيها كل المؤسسات الطبية الدولية وعلى رأسها الصحة العالمية، والتي مهدت لها بدورها أعمال خيال علمي وأدبي منها رواية «عيون الظلام»، أو «eyes of Darknress The»، للأمريكي ديين نووتز،1981. وكأن تكنولوجيتهم مثل أوبئتهم، كل له «متحوراته» ونسخه المتطورة عبر الزمن.
هنا تجب ملاحظة أن عالم المسيخ الدجال هذا لا يقوم على كذبة واحدة، فقد بات كل شيء فيه مغلفا بالكذب والتهويل. فالتهويل الصناعي، مثلا، يخدمه التهويل الاقتصادي، وفق ما كشفه الملياردير راي داليو الذي يقول إن الاندفاع المفرط للمستثمرين تجاه «الذكاء الصناعي» أدى لـ»فقاعة» في الأسهم الأمريكية تشبه فقاعة «دوت كوم» في أواخر التسعينيات، التي نتجت بسبب المبالغة في تقدير قيمة بعض الشركات، وهو ما يحدث الآن مع شركات «الذكاء الصناعي». ويلفت داليو إلى أن النظام الاقتصادي العالمي يتحرك نحو «سياسة أكثر توجهًا نحو «عسكرة الصناعة»، مشيرا للتدخل الحكومي القوي في الأنشطة الاقتصادية، (جمارك ترمب)، ومضيفا: «الرأسمالية وحدها، لا يمكنها الفوز في هذه المعركة».
هنا يتردد الحديث عن أن الصين انتصرت بالفعل في حرب الذكاء الصناعي وأن مشروع ترامب المسمى «ستارجيت» لن يلحق بها وسيكون إهدارا لمزيد من أموال الأمريكيين. وقد عزز ذلك إعلان شركة «علي بابا» الصينية، أيضا، إنتاجها تقنية جديدة من «الذكاء الصناعي» تسمى Owen 2.5 Max، وتتفوق على «تشات جي بي تي 4» و»ميتا أيه آي». وبات معلوما أن من ينتصر في حرب «الذكاء الصناعي» سينتصر في الحرب العسكرية وستكون له السيادة على العالم. فقد كانت «الآلة» عبر التاريخ هي وسيلة كسب الحروب، والذكاء الصناعي هو «أبو» كل الآلات الآن. وقد أشار لذلك ألفن توفلر في كتابه «الحرب وضد الحرب»،1993. ولا عجب أن ورد ذلك في تصريح للرئيس الأسبق جورج بوش قال فيه «حروبنا في المستقبل ستكون بلا دموع، لأننا لن نرسل أبناءنا للحرب وسنحارب بالجنود المُستنسخين». وربما كان يبشر وقتها بالجيوش الآلية أو الروبوتات، وهي فكرة أكدها إيلون ماسك بقوله إنه «بحلول 2040، ستكون هناك روبوتات مؤنسنة، وستكون أكثر عدداً من البشر، وقد تصل إلى 10 مليارات روبوت»، ما يجعلنا أمام عالم جديد يسكنه بنو البشر وبنو قردان (التطور) وأخيرا بنو الروبوت (الذكاء الصناعي)، ولم يبق إلا أن يخرج علينا بنو يأجوج ومأجوج.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
إعلامي وباحث سياسي
ماجستير العلوم السياسية
مساحة إعلانية



مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
13734
| 20 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1815
| 21 نوفمبر 2025
عندما أقدم المشرع القطري على خطوة مفصلية بشأن التقاضي في مجال التجارة والاستثمارات وذلك بإصدار القانون رقم 21 لسنة 2021 المتعلق بإنشاء محكمة الاستثمار مختصة للنظر في الدعاوى المتعلقة بالاستثمار والأعمال التجارية لتبت فيها وفق إجراءات وتنظيم يتناسب مع طبيعة هذه النوعية من القضايا. وتعكس هذه الخطوة القانونية الهامة حرص المشرع القطري على تطوير المناخ التشريعي في مجال المال والأعمال، وتيسير الإجراءات في القضايا التجارية التي تتطلب في العادة سرعة البت بها مع وجود قضاة متخصصين ملمين بطبيعتها، وهذه المميزات يصعب للقضاء العادي توفيرها بالنظر لإكراهات عديدة مثل الكم الهائل للقضايا المعروضة على المحاكم وعدم وجود قضاة وكادر إداري متخصص في هذا النوع من الدعاوى. وجاء القانون الجديد مكونا من 35 مادة نظمت المقتضيات القانونية للتقاضي أمام محكمة الاستثمار والتجارة، ويساعد على سرعة الفصل في القضايا التجارية وضمان حقوق أطراف الدعوى كما بينت لنا المادة 19 من نفس القانون، أنه يجب على المدعى عليه خلال ثلاثـين يوماً من تـاريخ إعلانه، أن يقدم رده إلكترونياً وأن يرفق به جميع المستندات المؤيدة له مع ترجمة لها باللغة العربية إن كانـت بلغة أجنبية، من أسماء وبيانات الشهود ومضمون شهاداتهم، وعناوينهم إذا كان لذلك مقتضى، ويجب أن يشتمل الرد على جميع أوجه الدفاع والدفوع الشكلية والموضوعية والطلبات المقابلة والعارضة والتدخل والإدخال، بحسب الأحوال. وعلى مكتب إدارة الدعوى إعلان المدعي أو من يمثله إلكترونياً برد المدعى عليه خلال ثـلاثـة أيام ولكن المادة 20 توضح لنا أنه للمدعي أن يُعقب على ما قدّمه المدعى عليه من رد وذلك خلال (خمسة عشر يوماً) من تاريخ إعلان المدعي برد المدعى عليه إلكترونياً. ويكون للمدعى عليه حق التعقيب على تعقيب المدعي (خلال عشرة أيام على الأكثر) من تـاريخ إعلانه إلكترونياً وبعدها يُحال ملف الدعوى إلكترونياً للدائرة المختصة في أول يوم . لانتهاء الإجراءات المنصوص عليها في المواد (17)، (19)، (20) من هذا القانون، وعلى الدائرة إذا قررت إصدار حكم تمهيدي في الدعوى أن تقوم بذلك خلال مدة لا تتجاوز عشرة أيام من تاريخ الإحالة، ليتضح لنا اهتمام المشرع بضمان تحقيق العدالة الناجزة. وتتألف هذه المحكمة من دوائر ابتدائية واستئنافية، وهيئ لها مقر مستقل ورئيس ذو خبرة في مجال الاستثمار والتجارة كما هيئ لها موازنة خاصة وهيكل إداري منظم، وسينعقد الاختصاص الولائي لها حسب المادة 7 في نزاعات محددة على سبيل الحصر تدور كلها في فلك القطاع التجاري والاستثماري. وإيمانا منه بطابع السرعة الذي تتطلبه النزاعات التجارية كما حدد هذا القانون مددا قصيرة للطعون، إذ بخلاف المدد الزمنية للطعن بالاستئناف في القضايا العادية أصبح ميعاد الاستئناف أمام هذه المحكمة (15 يوما) من تاريخ الإعلان، و7 أيام بالنسبة للمسائل المستعجلة والتظلم من الأوامر على العرائض والأوامر الوقتية، (و30 يوما بالنسبة للطعن بالتمييز). ومن أهم الميزات التي جاء بها أيضا قانون إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة ما سمته المادة 13 «النظام الإلكتروني» والذي بموجبه سيكون أي إجراء يتخذ في الدعوى يتم إلكترونيا سواء تعلق بتقييد الدعوى أو إيداع طلب أو سداد رسوم أو إعلان أو غيره، وذلك تعزيزا للرقمنة في المجال القضائي التجاري، وتحقيقا للغاية المنشودة من إحداث قضاء متخصص يستجيب لرؤية قطر المستقبلية. ونؤكد ختاما أن فكرة إنشاء محكمة خاصة بالمنازعات الاستثمارية والتجارية في دولة قطر يعطي دفعة قوية للاقتصاد الوطني منها العوامل التي جعلت دولة قطر وجهة استثمارية مميزة على مستوى المنطقة والعالم وجعلها تتمتع ببيئة تشريعية قوية متقدمة تدعم الاستثمارات وتحمي حقوق المستثمرين. وتساهم في جلب الاستثمارات الأجنبية الكبرى، وتعزز من مكانتها الدولية في المجال الاقتصادي لكن هذا المولود القضائي يجب أن يستفيد من التجارب المقارنة في المحاكم التجارية بالبلدان الأخرى لتفادي الإشكالات والصعوبات التي قد تطرح مستقبلاً ليكون رمزاً للعدالة الناجزة التي تسعى إليها الدولة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
1266
| 25 نوفمبر 2025