رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في زمن تعددت فيه وسائل الإعلام وتنوعت فيه المنابر الإذاعية والتلفزيونية والرقمية أصبحت قصص الموتى تُروى على الهواء دون تدقيق أو مراعاة لمعاني الحديث الشريف “اذكروا محاسن موتاكم” الذي جاء توجيهاً نبوياً واضحاً يرسم للناس منهجاً أخلاقياً رفيعاً في التعامل مع من غادروا الدنيا، فهذا الحديث ليس مجرد عبارة تتردد أو حكمة تُذكر في مجالس العزاء، بل هو مبدأ شرعي يقوم على حفظ حرمة الميت وصيانة عرضه وحماية مشاعر أهله وذويه. والإنسان بعد رحيله يصبح عاجزاً عن الدفاع عن نفسه، ويكون ذكره أمانة في أعناق من بقي من قومه، ولذلك فإن أي كلمة تقال عنه يجب أن تكون بقدر المسؤولية والاحترام اللذين يليقان بإنسان رحل إلى ربه. ومع تزايد البرامج الإذاعية التي تستضيف قريباً أو صديقاً أو زميلاً للمتوفى نجد أن بعض هذه اللقاءات – دون قصد أحياناً – تتحول إلى مساحة مفتوحة لاسترجاع تفاصيل شخصية أو ذكر مواقف قد تحمل شيئاً من العيوب أو الزلات التي كان يجدر سترها لا نشرها، فبدلاً من أن تكون الإطلالة الإعلامية باباً للدعاء للميت وذكر ما يحبه الله ورسوله من مكارم الأخلاق تتحول إلى سرد قصص لا فائدة منها إلا إثارة الجدل أو زيادة المشاهدات، وكأن الموت أصبح مادة من مواد التسويق الإعلامي والصخب الذي لا يناسب قدسية الموت ولا حرمة من غادر الدنيا. إن الحديث الشريف يعلّمنا أن ستر الإنسان بعد وفاته أحق وأوجب من ستره في حياته، فالميت لا ذنب له بعد أن يغادر هذه الدنيا ولا ينتفع من مدح مادح ولا يتضرر من ذمّ ذام، لكن الذكر الحسن صدقة جارية على لسان الناس، أما كشف العيوب فليس فيه إلا أذى للميت وإساءة لأهله الذين يكفيهم ما هم فيه من حزن وفقد، وما من إنسان إلا وله لحظات ضعف وزلات سترها الله عنه في حياته، فكيف تُكشف بعد موته وهو بين يدي ربه؟ وإن من أعظم الوفاء أن يُترك ما ستره الله وأن يُقال الخير الذي يرفع قدره ويجبر خاطر أهله في مصابهم. ولأن الإعلام مسؤولية قبل أن يكون مهنة فإنه مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن يلتزم بالضوابط الأخلاقية المستمدة من ثقافتنا وديننا، وأول تلك الضوابط أن نُحسن الحديث عن موتانا وأن نبتعد عن تحويل سيرتهم إلى مادة للتحليل أو السرد أو الاستجواب الذي لا يليق، فالموت ليس مناسبة لتصفية الحسابات ولا فرصة لنبش الخصومات ولا مساحة لاستعراض ما طواه الزمن، بل هو لحظة اعتبار وتذكير، ولحظة رحمة ودعاء، ومحطة يتوقف عندها الإنسان متأملاً حاله وحال من حوله. ومن الواجب على الضيوف الذين تتم دعوتهم للحديث عن المتوفى أن يدركوا أن كلماتهم تُوثَّق وتُعاد وتُستمع من آلاف المتابعين، وأنها قد تبقى محفوظة ما بقيت المنصات الرقمية، فكل كلمة تُقال ستكون لها آثار تمتد طويلاً وقد تجرح أبناء المتوفى أو تسيء إلى سمعته وهو بين يدي رب العالمين. ولقد كان السلف الصالح يحرصون على ألا يذكروا عن الميت إلا خيراً ويعدّون ذكر عيوبه نوعاً من الغيبة المحرمة التي لا تجوز، حتى قال بعضهم: “الميت لا يملك أن يرد عن نفسه فمن ذكره بسوء فقد ظلمه مرتين”، وهذا مبدأ يُفترض أن يكون حاضراً بقوة في كل منصة إعلامية تستضيف أحداً للحديث عن الموتى. إن الوفاء الحقيقي للميت يكون بالدعاء له والتصدق عنه وذكر فضائله وما كان يقدمه من خير لا بذكر زلاته أو كشف خصوصياته التي سترها الله عليه، ولذلك فإن الأصل في الحديث الإعلامي أن يلتزم بالحديث النبوي الشريف وأن يكتفي بالدعاء والذكر الحسن وأن يتجنب الإسهاب في السرد الذي لا يعود بنفع على أحد. إن احترام الميت هو احترام لأنفسنا ولثقافتنا ولأخلاق ديننا، وكل مجتمع يعظم حرمة الموتى هو مجتمع يحفظ كرامة الأحياء أيضاً، فكم من كلمة غير محسوبة تحدثت عن عيب دفين فسببت ألماً كبيراً وأسهمت في خلق صور غير عادلة عن ذلك الراحل، وهنا تتأكد الحاجة إلى توعية الإعلاميين والضيوف معاً بضرورة تحري الدقة والتثبت والالتزام بقاعدة “اذكروا محاسن موتاكم” لأنها ليست مجرد عبارة بل هي منهج حياة وضابط أخلاقي يحمي العلاقات ويصون المجتمع من التراشق والكراهية. وفي زمن تتسع فيه المنصات لكل رأي يصبح التمسك بالأخلاق الشرعية ضرورة لا رفاهية، فالميت بين يدي ربه ينتظر دعوة صادقة أو كلمة خير لا حديثاً يعيد نبش ما طواه الزمن، ولذلك فإن السلوك الإعلامي الرشيد هو أن يكون الحديث عن الميت حديث رحمة وسكينة، وأن تُروى محاسنه ليكون ذلك عزاءً لأهله وصدقة جارية له، وأن يُترك الحديث عن العيوب لأنها لم تعد تُصلح شيئاً بعد أن انتهت حياته، فذكر العيب لا يغير الماضي ولكنه يجرح الحاضر ويظلم المستقبل. وهكذا يبقى الأصل أن الموت موطن رحمة لا موطن كشف، ومناسبة دعاء لا مناسبة حديث عن الزلات، وأن الوفاء الحقيقي هو أن نصون ذكرى الراحل وأن نترك للناس ما يطمئن أنفسهم ويجبر خواطر أهله، وأن يكون الإعلام باب خير لا باب تشهير، وأن تكون الكلمة التي نؤديها عنه صدقة ننال بها الأجر لا وزراً نحاسب عليه.
حرمة الميت بين توجيه السنة وخطاب الإعلام
في زمن تعددت فيه وسائل الإعلام وتنوعت فيه المنابر الإذاعية والتلفزيونية والرقمية أصبحت قصص الموتى تُروى على الهواء... اقرأ المزيد
54
| 27 نوفمبر 2025
خذلنا غزة ولا نزال
(غزة تواجه الشتاء بلا مأوى وهي تغرق اليوم بنداءات استغاثة جديدة في حين توقفت أصوات القصف وجاءت أصوات... اقرأ المزيد
45
| 27 نوفمبر 2025
الغائب في رؤية الشعر..
شاع منذ ربع قرن تقريبا مقولة زمن الرواية. بسبب انتشارها الأكبر في كل العالم. عام 1985 كتبت مقالا... اقرأ المزيد
39
| 27 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
نائب رئيس المجلس البلدي المركزي (سابقاً)
مساحة إعلانية



مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
13731
| 20 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1815
| 21 نوفمبر 2025
شهدت الجولات العشر الأولى من الدوري أداءً تحكيميًا مميزًا من حكامنا الوطنيين، الذين أثبتوا أنهم نموذج للحياد والاحترافية على أرض الملعب. لم يقتصر دورهم على مجرد تطبيق قوانين اللعبة، بل تجاوز ذلك ليكونوا عناصر أساسية في سير المباريات بسلاسة وانضباط. منذ اللحظة الأولى لأي مباراة، يظهر حكامنا الوطنيون حضورًا ذكيًا في ضبط إيقاع اللعب، مما يضمن تكافؤ الفرص بين الفرق واحترام الروح الرياضية. من أبرز السمات التي تميز أدائهم القدرة على اتخاذ القرارات الدقيقة في الوقت المناسب. سواء في احتساب الأخطاء أو التعامل مع الحالات الجدلية، يظل حكامنا الوطنيون متوازنين وموضوعيين، بعيدًا عن تأثير الضغط الجماهيري أو الانفعال اللحظي. هذا الاتزان يعكس فهمهم العميق لقوانين كرة القدم وقدرتهم على تطبيقها بمرونة دون التسبب في توقف اللعب أو توتر اللاعبين. كما يتميز حكامنا الوطنيون بقدرتهم على التواصل الفعّال مع اللاعبين، مستخدمين لغة جسدهم وصوتهم لضبط الأجواء، دون اللجوء إلى العقوبات القاسية إلا عند الضرورة. هذا الأسلوب يعزز الاحترام المتبادل بينهم وبين الفرق، ويقلل من التوتر داخل الملعب، مما يجعل المباريات أكثر جاذبية ومتابعة للجمهور. على الصعيد الفني، يظهر حكامنا الوطنيون قدرة عالية على قراءة مجريات اللعب مسبقًا، مما يسمح لهم بالوصول إلى أفضل المواقع على أرض الملعب لاتخاذ القرارات الصحيحة بسرعة. هذه المرونة والملاحظة الدقيقة تجعل المباريات أكثر انتظامًا، وتمنح اللاعبين شعورًا بالعدالة في كل لحظة من اللعب. كلمة أخيرة: لقد أثبت حكّامُنا الوطنيون، من خلال أدائهم المتميّز في إدارة المباريات، أنهم عناصرُ أساسيةٌ في ضمان نزاهة اللعبة ورفع مستوى المنافسة، ليكونوا مثالًا يُحتذى به على الصعيدين المحلي والدولي.
1263
| 25 نوفمبر 2025