رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

هديل رشاد

صحفية فلسطينية

مساحة إعلانية

مقالات

978

هديل رشاد

حين تضل السهام طريقها !

05 مارس 2025 , 02:00ص

إلى فضيلة الشيخ الجليل د. عثمان الخميس، العالم الفاضل الذي أسبغ علينا من علمه، ووهب حياته للدعوة والبيان، أكتب هذه الكلمات وأنا أدرك تمامًا صعوبة أن أوجه رسالة لمن هو أرسخ علمًا وأوسع دراية، لكنني أجدني هُنا في هذا المقام كالشيطان الأخرس إن لم أسجل موقفي، لا مجادلة ولا مزايدة، وإنما انطلاقًا من غيرتي على ديني، ومن منطلق فلسطينيتي، ومن وعيي بأن هذا التوقيت العصيب لا يحتمل الانشغال بصراعات جانبية، بينما تقف مقاومتنا صامدة على الثغور، تواجه أعتى استعمار عرفه التاريخ المعاصر، مدعومًا بأقوى القوى العالمية، وأكرر في ظل صمت إسلامي وعربي مخزٍ.

إن الأمة اليوم في مفترق طرق، والعدو لا يفرق بين مسلم وآخر حين يستهدفنا جميعاً، فكيف يليق بنا أن ننشغل بصراعات داخلية، بينما تُسفك الدماء، وتُهدم البيوت، وتُستباح المقدسات ولا من يحرك ساكناً يا شيخنا الجليل، وإنَّ آخر ما أتوقعه هو أن تهاجم حركة مُقاومة تدافع عن أطهر بقعة على الأرض بكل بسالة وحيدة إلا من توفيق الله، ومع ذلك، لم تسلم من سهام النقد، التي تجاوزت حدود الموضوعية، لتبلغ حد التشكيك في عقيدتها ومواقفها.

ففي لقاءٍ إعلامي، قال الشيخ د. عثمان الخميس « إنَّ حماس فرقة من حزب الإخوان المسلمين، لكنها انحرفت كثيراً عن الجادة، خصوصاً في وضع يدها مع إيران»، وأضاف « صار عندهم انحراف كثير في هذا الجانب، لكنهم مسلمون، ومنحرفون”.!، والسؤال لماذا في هذا التوقيت العصيب؟، وما هو الهدف من هذه التصريحات؟ التي أشعلت نار الفتنة، وفرقت ولم تجمع، بل سمحت للأصوات المريضة والمتصيدة أن تجد لها مادة دسمة لتصب الزيت على النار، وتزيد من أوجه الاختلاف لا أوجه التقارب.

فلو فككنا الحُجة التي بسببها اتهم بها الشيخ د. الخميس «حماس» بالانحراف وهو وضع يدها مع إيران، فأظن أن شيخنا يعلم أنَّ العلاقة بين حماس وإيران مسألة سياسية بحتة، تمليها ضرورات الواقع، فمنذ نشأتها لم تكن «حماس» جزءًا من المحور الإيراني، بل سعت لبناء تحالفات استراتيجية تضمن استمرار دعمها العسكري والمالي في ظل الحصار والتضييق الدولي، فتلقي الدعم من دولة ما لا يعني تبني أيديولوجيتها أو الرضوخ لإملاءاتها، كما أن الحركات التحررية عبر التاريخ لجأت إلى استثمار جميع الفرص المتاحة لدعم نضالها، دون أن يؤثر ذلك على هويتها الفكرية.

الانحراف، كمصطلح شرعي، يعني الميل عن العقيدة الصحيحة أو السلوك المستقيم، مما يؤدي إلى الابتعاد عن الفطرة السليمة واتباع طريق خاطئ منهي عنه دينيا، فأين حماس من ذلك؟ هل خرجت عن ثوابت الدين؟ أم أنها لا تزال تتبنى خطابًا إسلاميًا واضحًا، يدعو إلى الجهاد، ويرتكز على الهوية السنية الصافية؟ إن إطلاق مثل هذه الأحكام على حركات المقاومة، دون أدلة قاطعة، يضر أكثر مما ينفع، ويسهم في تشتيت الجهود، بدلًا من توحيد الصفوف في مواجهة الاحتلال.

لا شك أن النقد حق مشروع، بل واجب إذا كان الغرض منه الإصلاح والتوجيه، لكن بشرط أن يكون قائمًا على العدل والإنصاف. فالدعاة والعلماء مسؤولون أمام الله عن كل كلمة تصدر عنهم، خصوصًا إذا كانت تتعلق بحركات تقف في خط المواجهة الأول مع العدو، وكان الأولى بالشيخ الخميس – وهو العالم الفاضل – أن يوجه نقده بأسلوب أكثر حكمة، وأن يراعي الظرف الصعب الذي تعيشه غزة، بدلًا من إصدار أحكام قد تُفهم على أنها اصطفاف مع أجندات لا تريد الخير للمقاومة، وفي ظل الأزمات التي تعصف بالأمة الإسلامية، من احتلال وعدوان وتشرذم، يصبح لزامًا على الجميع – علماء ومفكرين وقادة – أن يقدموا خطابًا جامعًا لا مفرقًا. فبدلًا من الطعن في نوايا المقاومة، يجدر بنا أن ندعمها، ونوجهها إن لزم الأمر، لا أن نحاربها بعبارات قاسية قد تُستغل من قبل الأعداء، وخير دليل على ما أقول هو سيل التغريدات التي غرد بها إيدي كوهين على صفحته الرسمية على منصة «X» دعماً وتأييداً لما قاله الشيخ الجليل د. عثمان الخميس بحق «حماس».

ختاماً

إن تصريحات الشيخ الجليل د. عثمان الخميس بحق «حماس» سهام قد ضلت الطريق وكانت صادمة لكثيرين، ليس لأن النقد مرفوض، ولكن لأن طبيعة الاتهام كانت قاسية ومجحفة بحق حركة مقاومة تخوض معركة وجودية، وإذا كان من دروس يمكن استخلاصها من هذا الجدل، فهو أن العلماء مطالبون اليوم أكثر من أي وقت مضى بالابتعاد عن لغة الإقصاء، وأن يوجهوا سهام نقدهم إلى العدو الحقيقي، بدلًا من التشكيك في من يقفون في وجهه، فالوحدة هي السبيل الوحيد للانتصار، وأي خطاب يُسهم في تمزيق الصف الداخلي لن يكون إلا خدمة مجانية للاحتلال

اقرأ المزيد

alsharq صيف سويسري ضائع

«سأعود مُعافَى من الشعارات المخزونة في طيات لساني، أترك التعصب الذي يستولي عليَّ ويحيلني ببغاء تكرر المحفوظات. تطرفت... اقرأ المزيد

405

| 06 نوفمبر 2025

alsharq بين الصحافة التقليدية ووسائل التواصل المتجددة

كانت المقالات في الصحف من أكثر الأشياء المؤثرة في صناعة الرأي العام والتوجيه المجتمعي، وكان كاتب المقال صاحب... اقرأ المزيد

525

| 06 نوفمبر 2025

alsharq مؤتمر الأمم المتحدة الثلاثون للأطراف بشأن تغيرات المناخ.. لحظة الحقيقة

تبدأ اليوم في منطقة الأمازون البرازيلية «قمة بيليم» التي تسبق مؤتمر الأمم المتحدة الثلاثين للأطراف بشأن تغير المناخ... اقرأ المزيد

216

| 06 نوفمبر 2025

مساحة إعلانية