رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
من واجبنا أن نرصد ما يطرأ هذه الأيام على العلاقات الدولية من تغييرات عميقة وجذرية تمس مصالحنا وتهدد حقوقنا ونستعرض في مقالنا مؤشرات هذه التغييرات. لعل أقربها لنا ذلك اللقاء العجيب الذي جمع بين الرئيس (ترامب) وقادة الدول الأوروبية الذي أثار موجات متتالية من التعليقات وكثرت التقييمات لإيجابياته وسلبياته وانطلقت الأقلام تحلل وتستخلص العبر من نتائج اللقاء واهتم أغلب الملاحظين بالديكور ومدى ملاءمته مع الأعراف البروتوكولية التقليدية وطبعا خرج بعض مشاهير الإعلاميين الأوروبيين بملاحظة مفادها أن رؤساء دول كان لها تاريخ إمبراطوري مثل فرنسا وبريطانيا شعروا أنهم عوملوا معاملة أقل ما يقال فيها إنها عرضتهم لإهانة مجانية لا يستحقونها ولا تليق بمقامهم. وأُذيعت من البيت الأبيض صور ستظل محل حديث طويل في السنوات القادمة.. ولم يعد خافيا أن سباق القوى العظمى في مجال الذكاء الاصطناعي أصبح أشد احتداما من أي وقت مضى حيث تتسابق الولايات المتحدة والصين على صعيد الابتكار التكنولوجي تماما كما تتنافسان على كسب التحالفات الاقتصادية والسياسية في جميع أنحاء العالم. وبينما تقدم كل دولة رؤيتها الخاصة يجد العالم نفسه أمام خيارات حاسمة ستحدد مسار التطور التكنولوجي في المستقبل. في هذا السياق أطلقت الإدارة الأمريكية خططا للفوز في سباق الذكاء الاصطناعي حيث ركَّزت على تصدير التكنولوجيا الأمريكية وتقديمها على أنها الخيار الأفضل للدول الأخرى. وعودة إلى لقاء البيت الأبيض لنقول إن موضوع الاجتماع كان مستقبل أوكرانيا ولكن الغائب الأكبر عن اللقاء كان الرئيس الروسي وهو الطرف الرئيسي في الحرب. وأعلن الرئيس (ترامب) أنه سيمثّل الرئيس (بوتين) في الاجتماع وسيطلعه لاحقا على ما دار فيه! ويقول أغلب المعلقين إن هذه المشاهد والصور وذلك الاجتماع سيبقى شاهدا في المستقبل كدلائل حية على نظام عالمي جديد بدأت تتحدد ملامحه الكبرى! وكما كان متوقعا فإن الصين لم تبق على الهامش بل نظمت مؤتمر منظمة شنغهاي للتعاون في مدينة (تيانجين) يومي 31 أغسطس و1 سبتمبر ودعا الرئيس الصيني (شي جين بينغ) لدى استقباله المشاركين في المؤتمر الدول الأعضاء في المنظمة إلى السعي لبناء توافق أكبر بشأن تعزيز المنظمة بطريقة تُظهر إحساسًا بالمسؤولية تجاه التاريخ والمستقبل. وفي افتتاح المؤتمر طرح وزير الخارجية الصيني السيد (وانغ) خمسة مقترحات بشأن تطوير المنظمة وقال إنه يتعين على الدول الأعضاء أن تظل وفية للتطلعات الأصلية وأن تمضي قدما بروح شانغهاي وأن تعزز أساس الأمن وأن تسعى لتحقيق المنفعة المتبادلة والنتائج المربحة للجميع لدفع المحرك الجديد للتنمية وأن تسعى إلى الصداقة وحسن الجوار وأن تصون النزاهة والعدالة. وأعرب (وانغ) عن تقديره لدعم الدول الأعضاء لدور الصين كرئيسة دورية للمنظمة، مضيفًا أن المنظمة مهيأة لدخول مرحلة جديدة من التنمية عالية الجودة من خلال الجهود المشتركة التي تبذلها الدول الأعضاء. وأشادت الأطراف المشاركة بالعمل المتميز الذي قامت به الصين والنتائج الإيجابية التي حققتها بصفتها الرئيسة الدورية للمنظمة معربة عن استعدادها للتنسيق والتعاون مع الصين لضمان نجاح قمة تيانجين. كما أشادت كافة الأطراف بالدور المهم الذي تلعبه المنظمة في تعزيز الثقة الإستراتيجية المتبادلة بين الدول الأعضاء وتعزيز التنمية والازدهار على المستوى الإقليمي والحفاظ على الأمن المشترك وتعميق الروابط بين شعوبها. ونرى من جهتنا أن هذا التحرك الصيني جاء كرد طبيعي على محاولة واشنطن الانفراد بالريادة ولتأكيد (بيجين) أنها جاهزة لكل منافسة وأنها قوة تلتف حولها أمم عديدة. المؤشر الأخطر قي مؤتمر شنغهاي هو مفاجأة للعالم بكل المقاييس وتمثل في احتفال الصين بالذكرى الثمانين لنهاية الحرب العالمية الثانية باستعراض عسكري مهيب في ساحة (تيان أن مين) وحضور أبرز ضيوف بيجين هذا الاستعراض من المنصة الرسمية وهم طبعا الرئيس الصيني وإلى جانبه (بوتين) ورئيس كوريا الشمالية (كيم جونغ أون) والرئيس الإيراني (مسعود بازكشيان) وهم كما لا يخفى من أعداء الغرب الرافضين لما يسمونه «هيمنة القطب الواحد» وكأن الرئيس الصيني أراد بهذه المناسبة إرسال إشارة إلى الغرب تتضمن تهديدا عسكريا حين استعرض أمام الحاضرين المصفقين وأمام شاشات العالم أحدث صاروخ بالستي عملاق يصل مداه إلى 12 ألف كلم ويحمل 4 رؤوس نووية! كأنما الرئيس الصيني أصر على إرسال تهديد عسكري إلى الغرب فتـضمن البيان الختامي لمؤتمر شنغهاي عبارات «الاتفاق حول الاشتراك في حماية كل الدول الموقعة في حماية أمنها والرد المشترك على أي عدوان مسلح يستهدف أيا منها». مؤشر إضافي جاء هذه الأيام يؤكد أن التغيير الحاصل في العلاقات الدولية أصبح أوضح وهو ردّ الرئيس الفرنسي (إيمانويل ماكرون) على اتهام رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) له بتأجيج معاداة السامية في فرنسا بتعهده بالاعتراف بدولة فلسطينية. ففي رسالة موجهة إلى (نتنياهو) سرد (ماكرون) العديد من الإجراءات التي اتخذها لمكافحة معاداة السامية قائلاً إن مزاعم التقاعس غير مقبولة وتُسيء إلى فرنسا بأكملها. كان (ماكرون) يرد على رسالة بعث بها (نتنياهو) إليه في وقت سابق من الشهر الماضي وجاء فيها: «إن دعوتك لدولة فلسطينية تُؤجج نار معاداة السامية. إنها ليست دبلوماسية، بل استرضاء. إنه مكافأة «إرهاب حماس» وتُشجع كراهية اليهود التي تجوب شوارعكم». وشرح الرئيس الفرنسي غايات الاعتراف بدولة فلسطين فكتب: إن قرارنا ينبع من قناعتنا الآن «وتصميمنا على أن يكون للشعب الفلسطيني دولة أمر ضروري لأمن دولة إسرائيل ولتكاملها الإقليمي الكامل في شرق أوسط ينعم بالسلام أخيرًا ولعملية التطبيع التي ندعمها والتي يجب أن تكتمل في أسرع وقت ممكن»، كما انتقد (ماكرون) استيلاء إسرائيل الوشيك على مدينة غزة واحتلالها بالإضافة إلى الإجراءات الأخرى التي تتخذها حكومة (نتنياهو) ضد الفلسطينيين وقال: «إن احتلال غزة والتهجير القسري للفلسطينيين وتجويعهم ونزع الصفة الإنسانية عن خطاب الكراهية وضم الضفة الغربية لن يحقق النصر لإسرائيل أبدًا بل على العكس سيعزز عزلة بلدكم ويغذي أولئك الذين يجدونها ذريعة لمعاداة السامية ويعرضون الجاليات اليهودية في جميع أنحاء العالم للخطر». واختتم الرئيس الفرنسي رسالته بحثّ (نتنياهو) على التخلي عن «الاندفاع القاتل وغير القانوني نحو حرب دائمة في غزة».
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي يجمع المنتخبين الأردني والمغربي على استاد لوسيل، في مواجهة تحمل كل مقومات المباراة الكبيرة، فنيًا وبدنيًا وذهنيًا. المنتخب الأردني تأهل إلى النهائي بعد مشوار اتسم بالانضباط والروح الجماعية العالية. كما بدا تأثره بفكر مدربه جمال السلامي، الذي نجح في بناء منظومة متماسكة تعرف متى تضغط ومتى تُغلق المساحات. الأردن لم يعتمد على الحلول الفردية بقدر ما راهن على الالتزام، واللعب كوحدة واحدة، إلى جانب الشراسة في الالتحامات والقتالية في كل كرة. في المقابل، يدخل المنتخب المغربي النهائي بثقة كبيرة، بعد أداء تصاعدي خلال البطولة. المغرب يمتلك تنوعًا في الخيارات الهجومية، وسرعة في التحولات، وقدرة واضحة على فرض الإيقاع المناسب للمباراة. الفريق يجمع بين الانضباط التكتيكي والقوة البدنية، مع حضور هجومي فعّال يجعله من أخطر منتخبات البطولة أمام المرمى. النهائي يُنتظر أن يكون مواجهة توازنات دقيقة. الأردن سيحاول كسر الإيقاع العام للمباراة والاعتماد على التنظيم والضغط المدروس، بينما يسعى المغرب إلى فرض أسلوبه والاستفادة من الاستحواذ والسرعة في الأطراف. الصراع في وسط الملعب سيكون مفتاح المباراة، حيث تُحسم السيطرة وتُصنع الفوارق. بعيدًا عن الأسماء، ما يجمع الفريقين هو الروح القتالية والرغبة الواضحة في التتويج. المباراة لن تكون سهلة على الطرفين، والأخطاء ستكون مكلفة في لقاء لا يقبل التعويض. كلمة أخيرة: على استاد لوسيل، وفي أجواء جماهيرية منتظرة، يقف الأردن والمغرب أمام فرصة تاريخية لرفع كأس العرب. نهائي لا يُحسم بالتوقعات، بل بالتفاصيل، والتركيز، والقدرة على الصمود حتى اللحظة الأخيرة.
1134
| 18 ديسمبر 2025
في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن عشر من ديسمبر، تتجدد في القلوب مشاعر الفخر والولاء والانتماء لدولة قطر، ونستحضر مسيرة وطنٍ بُني على القيم، والعدل، والإنسان، وكان ولا يزال نموذجًا في احتضان أبنائه جميعًا دون استثناء. فالولاء للوطن ليس شعارًا يُرفع، بل ممارسة يومية ومسؤولية نغرسها في نفوس أبنائنا منذ الصغر، ليكبروا وهم يشعرون بأن هذا الوطن لهم، وهم له. ويأتي الحديث عن أبنائنا من ذوي الإعاقة تأكيدًا على أنهم جزء أصيل من نسيج المجتمع القطري، لهم الحق الكامل في أن يعيشوا الهوية الوطنية ويفتخروا بانتمائهم، ويشاركوا في بناء وطنهم، كلٌ حسب قدراته وإمكاناته. فالوطن القوي هو الذي يؤمن بأن الاختلاف قوة، وأن التنوع ثراء، وأن الكرامة الإنسانية حق للجميع. إن تنمية الهوية الوطنية لدى الأبناء من ذوي الإعاقة تبدأ من الأسرة، حين نحدثهم عن الوطن بلغة بسيطة قريبة من قلوبهم، نعرّفهم بتاريخ قطر، برموزها، بقيمها، بعَلَمها، وبإنجازاتها، ونُشعرهم بأنهم شركاء في هذا المجد، لا متلقّين للرعاية فقط. فالكلمة الصادقة، والقدوة الحسنة، والاحتفال معهم بالمناسبات الوطنية، كلها أدوات تصنع الانتماء. كما تلعب المؤسسات التعليمية والمراكز المتخصصة دورًا محوريًا في تعزيز هذا الانتماء، من خلال أنشطة وطنية دامجة، ومناهج تراعي الفروق الفردية، وبرامج تُشعر الطفل من ذوي الإعاقة أنه حاضر، ومسموع، ومقدَّر. فالدمج الحقيقي لا يقتصر على الصفوف الدراسية، بل يمتد ليشمل الهوية، والمشاركة، والاحتفال بالوطن. ونحن في مركز الدوحة العالمي لذوي الإعاقة نحرص على تعزيز الهوية الوطنية لدى أبنائنا من ذوي الإعاقة من خلال احتفال وطني كبير نجسّد فيه معاني الانتماء والولاء بصورة عملية وقريبة من قلوبهم. حيث نُشرك أبناءنا في أجواء اليوم الوطني عبر ارتداء الزي القطري التقليدي، وتزيين المكان بأعلام دولة قطر، وتوزيع الأعلام والهدايا التذكارية، بما يعزز شعور الفخر والاعتزاز بالوطن. كما نُحيي رقصة العرضة القطرية (الرزيف) بطريقة تتناسب مع قدرات الأطفال، ونُعرّفهم بالموروث الشعبي من خلال تقديم المأكولات الشعبية القطرية، إلى جانب تنظيم مسابقات وأنشطة وطنية تفاعلية تشجّع المشاركة، وتنمّي روح الانتماء بأسلوب مرح وبسيط. ومن خلال هذه الفعاليات، نؤكد لأبنائنا أن الوطن يعيش في تفاصيلهم اليومية، وأن الاحتفال به ليس مجرد مناسبة، بل شعور يُزرع في القلب ويترجم إلى سلوك وهوية راسخة. ولا يمكن إغفال دور المجتمع والإعلام في تقديم صورة إيجابية عن الأشخاص ذوي الإعاقة، وإبراز نماذج ناجحة ومُلهمة منهم، مما يعزز شعورهم بالفخر بذواتهم وبوطنهم، ويكسر الصور النمطية، ويؤكد أن كل مواطن قادر على العطاء حين تتوفر له الفرصة. وفي اليوم الوطني المجيد، نؤكد أن الولاء للوطن مسؤولية مشتركة، وأن غرس الهوية الوطنية في نفوس أبنائنا من ذوي الإعاقة هو استثمار في مستقبل أكثر شمولًا وإنسانية. فهؤلاء الأبناء ليسوا على هامش الوطن، بل في قلبه، يحملون الحب ذاته، ويستحقون الفرص ذاتها، ويشاركون في مسيرته كلٌ بطريقته. حفظ الله قطر، قيادةً وشعبًا، وجعلها دائمًا وطنًا يحتضن جميع أبنائه… لكل القدرات، ولكل القلوب التي تنبض بحب الوطن كل عام وقطر بخير دام عزّها، ودام مجدها، ودام قائدها وشعبها فخرًا للأمة.
1074
| 22 ديسمبر 2025
إنه احتفال الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، ها قد عاد اليوم الذي نفتخر به كمواطنين ليس كتاريخ الذي فيه تأسست قطر على يد مؤسسها في عام 1878 فحسب، بل بإنجازات تواصلت عبر أكثر من 150 عاماً بمختلف ظروفها لبنة لبنة، حتى أصبح البناء صلبا شامخا بوصولنا إلى هذا اليوم الذي سبقه 365 يوما من العمل الدؤوب قيادة وحكومة وشعبا، ليلا ونهارا صبحا ومساء ليس على أرض الوطن فحسب بل اتسعت دائرة العمل والعطاء لتشمل دائرة أكثر اتساعا من جغرافية الوطن، الحركة التي لم تتوقف ولم يتوقف رجالها ونساؤها يوما ويستسلموا وإن كان بعض منهم قد أوقفتهم الحياة ولكن سرعان ما استبدلوا بخلفهم من يؤمن بحب الوطن كما الحاليون، فقد نقل إليهم أجدادهم وغرسوا فيهم حب هذه الأرض المعطاء، فكلهم أسياد في خدمة الوطن العزيز في مجالات الحياة المختلفة. خلال السنة التي بدأنا في طي صفحاتها الأخيرة، يمكنني أن أسجل بكل فخر، جوانب من إنجازات للوطن تستحق الإشادة والاحتفال: ففي الجانب السياسي محليا، أيد غالبية المواطنين عند استفتائهم توجهات سمو الأمير بعودة أداة تعيين أعضاء مجلس الشورى، بعد التجربة التي خاضتها الدولة قبل أربع سنوات بانتخاب ثلثيهم، حيث رأى حكماء البلد وعلى رأسهم سمو الأمير أن التجربة لم تكن إلا لتزيد من التأثير على اللحمة الوطنية العامة والخاصة، والتي بنيت وثبتت بين مواطنين منذ الاستقلال وقبله والأجيال التي تعاقبت واجتهدت في البناء، ولم يتخلف منهم أحد، وكان ملبيا الواجب في البناء والتطور. وقطر بقيادتها وشعبها مؤمنون وهم يدعون في سياساتهم بالحفاظ على الهوية والتي تنطلق من خلالها لرسم حاضرها ومستقبلها على إرث غني تركه من سجلوا تاريخا كدولة عربية إسلامية، لا تتزعزع عنها، وبذلك لا يخاف عليها من رياح عوامل الخارج والتي مرت خلال تاريخنا حاولت النَّيْل منها، إلا أن صمودها كان بترابط المنتمين المخلصين. وخارجيا، تابعت قطر دورها المشهود لها عربيا ودوليا بماء من ذهب، في إنكار واضح دون تردد تلك الممارسات التي قامت بها إسرائيل في غزة، ومتابعتها من على شتى المنابر في لوم الدولة المعتدية في التسبب، فالحقوق إن ضاعت سيكون حتما وراءها مطالبون. وهذه حقيقة لا ينكرها إلا جاهل، ومطالب قطر كانت مستمدة عليها، والتي عرفها أحرار العالم كذلك، مطالبة كبريات القوى العالمية بالضغط للاعتراف بحل الدولتين. وعلى موقفها الثابت هذا، تعرضت قطر لهجومين شديدين لم تألفهما، ولكنها صمدت وعززت بالحادثتين موقفها دوليا، ولم تتزعزع وتثنِها عن قول الحق، واستطاعت فعلا بخبرتها الدبلوماسية أن تجمع حولها دول العالم بتأييد منقطع النظر. أما اقتصاديا، يؤكد المتابعون للشأن الاقتصادي القطري المحلي، أن قطر تسير سيرا حسنا في تطوير إمكانياتها الاقتصادية سنة بعد سنة، ولم تقف متفرجة، بل يشهد الجميع بتنوع مبادراتها الاقتصادية بشكل ناجح، فقطاع الغاز على سبيل المثال، على وشك أن يسدل الستار خلال أشهر على مرحلة كبيرة للتوسع في إنتاج الغاز المسال بقيادة قطر للطاقة، والذي كما تقول التقارير الدولية المختصة بأنه سيؤدي إلى معدلات نمو في الناتج المحلي بشكل كبير، قد يرتقي إلى أكثر من 5 % خلال السنوات حتى 2030، مما يعزز المكانة المالية. وفي مجال الاقتصاد السياحي ارتقت السياسات والمبادرات والممارسات المنفذة، بناء على الإستراتيجيات التي أقرت منذ أكثر من عقد من الزمان، ولامستها أيدي المطورين أن أصبح القطاع السياحي المحلي بالدرجة الأولى، تتطور خريطته بحرا وبرا، بل أصبح القطاع يحقق نموا كبيرا لم يكن متوقعا في تنميته. وعالميا، توسعت جغرافية الاستثمارات القطرية الخارجية خلال السنة الماضية بأكثر من 10 % حسب مراقبتي للإحصائيات الدولية، بل تشهد تنوعا في القطاعات لتشمل التكنولوجيات المتقدمة ذات التأثير الكبير في المستقبل، وفي نفس الوقت ازدادت دخول الاستثمارات الخارجية في قطاعات كثيرة من صناعية وزراعية وطبية وتعليمية أثرت في إثراء الواقع الاقتصادي والاجتماعي. ومن ناحية أخرى، لقد زخرت مسارح الوطن على اختلافها خلال العام، بالحيوية منقطعة النظير، بما هيأتها الدولة من بنية تحتية متكاملة وأنظمة مساندة وتقنيات، في الساحات سواء كانت علمية أو تعليمية واجتماعية أو ثقافية ورياضية، حقق كلها لقطر مكانة ومحطة متميزة يشهد لها الجميع، وستدعم التوجه العالمي لقطر وتحقيق أهدافها التنموية. وأخيرا وليس آخرا، تشهد التنمية البشرية التي تؤمن بها قطر في كل سياساتها منذ عقود بأنها آتت أكلها، والتي تحقق آمال وتطلعات القيادة عندما تشير في كل مناسبة بأن «الإنسان القطري هو الركيزة الأساسية للتنمية المنشودة»، ولم تخل صفحات المؤلفات العالمية والتقارير الدولية، من ذكر جوانب من إنجازاتها وتأثيرها محليا وعالميا. فأبناء الوطن رجالا ونساء يمتلكون أعلى المؤهلات ومن مختلف جامعات العالم الرائدة، والجامعات المحلية وعلى رأسها جامعة قطر المتفوقة على نفسها، بدأوا يساهمون في النهضة التي ترتضيها قطر، كماً ونوعاً، فليبارك الله مساعيهم. فكم هي حلوة تلك الصور التي تجمع القيادة بأبناء الوطن المتميزين والمنابر العالمية بهم. وختاما، فالاحتفال باليوم الوطني، وقد أنجز الكثير مما يتطلع له المواطنون والمقيمون ومحبو قطر، من العرب والمسلمين في نهضة تحققها واجب وحق، فإلى الأمام أيتها اللؤلؤة، دائما وأبدا، والله يرعاك ويحفظك يا قطر يا من تطلعين كما شعار يومك الوطني «بكم تعلو ومنكم تنتظر».
699
| 18 ديسمبر 2025