رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
جاء انعقاد المؤتمر العالمي للتنمية في الدوحة خلال الفترة من 4- 6 /11 2025 في لحظة دولية مضطربة، تتقاطع فيها الأزمات الاقتصادية والسياسية والإنسانية، وتتراجع فيها قضايا العدالة الاجتماعية أمام صراعات القوة والمصالح. في هذا السياق حمل خطاب سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وخطاب سمو الشيخة موزا بنت ناصر، رؤية متكاملة شامله للتنمية، رؤية تجعل للإنسان قيمة وأهمية ومركزا، ولا يتحقق ذلك إلا من خلال البداية ليكون للأسرة دور وللتعليم نقطة الانطلاق، وتتحقق التنمية في إطار العدالة والسلام.
انطلق خطاب سمو الأمير من التأكيد على أن قضايا التنمية ليست مجالًا للخلاف بين الدول، فهي تتصل مباشرة بكرامة الإنسان وحقه في العيش الكريم. لتأتي استضافة قطر للمؤتمر ليس باعتباره مجرّد حدث دبلوماسي، بل هو تعبير عن التزام أخلاقي وسياسي بمساندة الجهود الدولية لمكافحة الفقر، والبطالة، والإقصاء الاجتماعي، وتعزيز الحماية للفئات الهشة. وتقدم دولة قطر سنويا تقريرا بما تحقق من أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر.. ويكون للدور القطري الدور في مساندة الدول الفقيرة والمتضررة، اضافة إلى دعم التعليم والأسرة والتنمية الاجتماعية التي تحفظ الحقوق وتقدمها لمستحقيها. كما جاء في خطاب سموه أن التنمية الاجتماعية لا يمكن عزلها عن السياق السياسي والأمني؛ فلا تنمية حقيقية يمكن أن تزدهر تحت القصف أو في ظل الاحتلال والحصار. ومن هنا جاء الربط الواضح بين أجندة التنمية وبين قضايا العدالة في العالم، وفي مقدمتها معاناة الشعب الفلسطيني وما يتعرض له من عدوان وحرمان من أبسط حقوقه، إلى جانب الإشارة إلى المآسي الإنسانية في مناطق نزاع أخرى، مثل السودان.
هذه الإشارات لم تكن هامشية، بل جاءت لتقول إن الحديث عن تنمية بدون عدالة هو حديث منقوص.كما استعرض الخطاب ملامح التجربة القطرية في التنمية الاجتماعية، بدءًا من الارتقاء بمؤشرات التنمية البشرية، وتحسين جودة الحياة، وصولًا إلى تبنّي رؤية واضحة لانتقال السياسات الاجتماعية من مجرد «رعاية» إلى «تمكين». فالمواطن ليس متلقيا سلبيا للخدمات، بل هو شريك في صنع التنمية، عبر سياسات تستهدف الأسرة، والشباب، والمرأة، وكبار السن، والفئات الأكثر احتياجا، ضمن إطار رؤية قطر الوطنية 2030.
وننطلق إلى خطاب سمو الشيخة موزا بنت ناصر، بأن الإنسان غاية التنمية وليس وسيلتها، لقد انطلق خطاب سمو الشيخة موزا بنت ناصر، من قاعدة واضحة: لا معنى لأي مشروع تنموي إذا لم يكن الإنسان هو غايته الأولى. الإنسان ليس رقما في الإحصاءات أو مستهدفا في الخطط، بل هو جوهر التنمية ومعيار نجاحها؛ بقدر ما ترتقي بسعادته وكرامته وفرصه في الحياة، يمكن الحكم على جدّيتها. لقد وضعت سموها التعليم في قلب النقاش التنموي؛ ليس بوصفه قطاعا من القطاعات، بل باعتباره «العقد الناظم «لبقية القطاعات. فالتعليم هو الذي يهيّئ الإنسان ليكون فاعلا اقتصاديا، ومواطنا مشاركا ومسؤولا وايجابيا، وشريكا في صياغة المستقبل. لذلك لم يُقدَّم التعليم كرفاهية أو خيار ثانوي، بل كاستثمار استراتيجي طويل المدى، لا يقل أهمية عن الاستثمار في البنية التحتية أو الطاقة أو الاقتصاد الرقمي. قدمت سمو الشيخة موزا بنت ناصر جانبًا من التجربة القطرية في جعل التعليم محورًا للتنمية، سواء عبر إنشاء مؤسسات تعليمية رائدة ومتميزة جعلت دولة قطر في مصاف الدول الأعلى جدوى في التعليم، أو احتضان جامعات عالمية، أو دعم البحث العلمي والابتكار. هذه التجربة لا تركز فقط على الكمّ بعدد المدارس والجامعات ؛ بل على الكيف، من خلال بناء منظومة تعليم تُنمّي الفضول، والقدرة على التفكير النقدي، والاهتمام بطلب العلم والمعرفة وتنمي روح المبادرة لدى الشباب.
من أهم رسائل الخطاب الإصرار على أن التعليم لا يمكن أن يتوقف في أوقات الحرب. الأطفال الذين تُقصف مدارسهم، والطلاب الذين يُهجَّرون من قاعات الدراسة، هم في الحقيقة مستقبل يُصادَر. لذلك شددت سموها على ضرورة أن يكون التعليم جزءًا من أي خطة للإغاثة وإعادة الإعمار في مناطق الصراع، لاسيما في فلسطين والسودان وغيرهما من دول تتعرض لأشكال الحروب والتشريد، لأن إعادة البناء المادي بلا بناء الإنسان لا تنتج تنمية حقيقية. لم يغفل خطاب سموها كذلك من الإشارة إلى التحوّلات العميقة التي يشهدها العالم في ظل الثورة الرقمية والذكاء الاصطناعي. فالتعليم المطلوب اليوم ليس تعليمًا يكدّس المعلومات، بل هو تعليم يصقل المهارات، ويعلّم الإنسان كيف يتعلّم باستمرار، ويتعامل مع التقنيات الجديدة بوعي وأخلاق ومسؤولية. هنا، يصبح التعليم بمثابة «عقد اجتماعي جديد» يضبط علاقة الإنسان بالمعرفة والعمل والتكنولوجيا.
آخر جرة قلم: يقدّم الخطابان معًا تصورًا عميقًا لمفهوم التنمية، يتجاوز فكرة النمو المادي أو زيادة الدخل إلى رؤية أوسع تجعل كرامة الإنسان، وعدالة الفرص، وحق الشعوب في السلام والتعليم، عناصر لا يمكن فصلها. وفي الوقت نفسه يرسّخان صورة قطر كدولة تسعى إلى أن تكون منصّة للحوار حول قضايا العالم، لا من منطلق استعراض سياسي، بل من منطلق شعور بمسؤولية أخلاقية وإنسانية. وكما كنا نسترشد ونعود إلى إعلان» كوبنهاجن» في عام 1995» الذي انبثق من مؤتمر القمة العالمي للتنمية الاجتماعية، 6-12 مارس 1995، كوبنهاجن، الذي كان: « وضعت الناس في قلب الجهود المبذولة لتحقيق التنمية المستدامة حتى لا يتخلف أحد عن الركب» ليأتي «إعلان الدوحة 2025 « دليلا ومرجعا لسنوات ثلاثين قادمة تضع الأسس لمعنى التنمية والبيئة لتنفيذها وفرص العدالة والنمو والتعليم والعيش بكرامة من مقوماتها.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو الأصول الأوغندية، صار اليوم عمدة نيويورك. لم يولد هناك، بل جاءها مهاجرًا يحمل حلمه في حقيبة سفر، بلا جنسية ولا انتماء رسمي. حصل على الجنسية الأمريكية عام 2018، وبعد سبع سنوات فقط أصبح نائبًا في برلمان ولاية نيويورك وأحد أبرز الأصوات الشابة في المشهد السياسي الأمريكي. عمره اليوم 34 سنة فقط، لكنه أصبح نموذجًا يُثبت أن الإرادة حين تتجذر في النفس وتُروّى بالجد والاجتهاد، تصنع المعجزات.ولا حاجة لأن احكي عن معاناة شابٍ مهاجرٍ في مدينةٍ كـنيويورك، بكل ما تحمله من صعوباتٍ وتحدياتٍ اجتماعية واقتصادية. والآن ماذا عنك أنت؟ ما الذي ينقصك؟ هل تفتقد التعليم؟ قطر وفّرت لك واحدًا من أفضل أنظمة التعليم في الشرق الأوسط والعالم، وجلبت إليك أرقى الجامعات العالمية تخدمك من امام عتبة بيتك، بينما آلاف الشباب في نيويورك يدفعون مبالغ طائلة فقط ليحصلوا على مقعد جامعي… وربما لا يجدونه. هل تفتقد الأمان؟ قطر تُعد من أكثر دول العالم أمانًا وفقًا لمؤشرات الأمن الدولية لعام 2025، بينما تسجّل نيويورك معدلات جريمة مرتفعة تجعل من الحياة اليومية تحديًا حقيقيًا. هل تفتقد جودة الحياة؟ قطر من أنظف وأجمل دول العالم، ببنية تحتية حديثة، وطرق ذكية، ومترو متطور يربط المدن بدقة ونظام. أما نيويورك، فتعاني من ازدحامٍ وضوضاءٍ وتراجعٍ في الخدمات العامة، والفرق يُرى بالعين المجردة. هل تفتقد الدعم والرعاية؟ قطر من أعلى دول العالم في متوسط دخل الفرد، بينما في شوارع نيويورك ترى المشردين والمدمنين ينامون على الأرصفة. أما في قطر، فالدعم لا يقتصر على الجانب المادي فقط، بل يمتد إلى الرعاية الصحية المتقدمة التي أصبحت من الأفضل عالميًا. فالنظام الصحي القطري يُعد من الأكثر تطورًا في المنطقة، بمستشفياتٍ حديثةٍ ومعايير طبيةٍ عالمية، ورقمنةٍ شاملةٍ للخدمات الصحية تسهّل وصول كل مواطنٍ ومقيمٍ إلى العلاج بأعلى جودة وفي أسرع وقت. وتُعد مؤسسة حمد الطبية ومستشفى سدرة للطب ومراكز الأبحاث والمراكز الصحية المنتشرة في كل مدينة نموذجًا لاهتمام الدولة بصحة الإنسان باعتبارها أولوية وطنية. إنها دولة تجعل من كرامة الإنسان وصحته وتعليمه أساسًا للتنمية، لا ترفًا أما الفرص، فحدّث ولا حرج. بلدك تستثمر في شبابها بلا حدود وتفتح لهم كل الأبواب داخلياً وخارجياً في كل مؤسسات الدولة وقطاعاتها. وهذا ليس كلاماً نظرياً بل هناك تطبيق عملي وقدوة حاضرة. فقطر أميرها شاب، ووزيرها شباب، وأركان دولتها شباب محاطون بالخبرات والكفاءات. أما هناك، في نيويورك، فالشباب يقاتلون وسط منافسة شرسة لا ترحم، فقط ليجدوا لأنفسهم مكانًا… أو فرصةً ليتنفسوا الهواء. فما هو عذرك إذًا؟ ممداني نجح لأنه عمل على نفسه، ولأن أسرته زرعت فيه حب المسؤولية والاجتهاد. أما أنت، فأنت اليوم في وطنٍ منحك ( الجنة التي في الأرض ) وكل ما يتمناه غيرك: الأمن والأمان والرغد في العيش والتعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية التي تُحلم بها شعوب الأرض. الفرق ليس في الظروف، بل في القرار. هو قرر أن يبدأ… وأنت ما زلت تنتظر “اللحظة المناسبة”. لا تنتظر الغد، فالغد لا يصنعه إلا من بدأ اليوم. لا تقول ما أمداني.. لأنه لن يمديك بعد هذا كله.. وإذا تقاعست نفسك تذكر ممداني الحقيقي.
16938
| 11 نوفمبر 2025
ماذا يعني أن يُفاجأ أولياء أمور بقرار مدارس أجنبية رائدة في الدوحة بزيادة تتراوح بين 30% و75% أُعلن عنها في تاريخ 20 أكتوبر الماضي ويجب تطبيقها في الفصل الدراسي الثاني على وجه السرعة؟! ماذا يعني أن يجد هؤلاء الآباء أنفسهم أمام قرار لا يساعدهم على نقل أبنائهم لمدارس أجنبية أخرى في الفصل الدراسي الثاني ومن المفترض أن يدفعوا مبلغ 17 ألف ريال قطري عوضا عن سبعة آلاف ريال كانت تدفع بجانب الكوبون التعليمي لكل طالب قطري الذي يُقدّر بـ 28 ألف ريال وباتت زيادة العشرة آلاف ريال تمثل عبئا على رب الأسرة فجأة بعد أن أصبحت 17 ألف ريال ودون إشعار مسبق؟! ولم هذا القرار والطلاب على وشك إنهاء الفصل الأول وإدارات هذه المدارس تعلم بأن الآباء سوف يمتثلون في النهاية لهذا القرار غير المبرر له لصعوبة إلحاق أبنائهم إلى مدارس أجنبية أخرى أقل في التكاليف التي زادت فجأة ودون إنذار مسبق لطلب الزيادة في مخالفة واضحة للتعميم رقم (21/2023) وكأنها تلزم الآباء إما أن تدفعوا أو اتركوا أبناءكم في البيوت في هذا الوقت الحرج مع بداية الفصل الثاني رغم أن هذه المدرسة قامت بمخالفة تنظيمية كونها لم تنشر جدول الرسوم المعتمدة للسنة الدراسية كاملة مخالفة لتعميم رقم (11/2025) وفرضت رسوما إضافية غير معتمدة عند تقديم التسجيل أو الاختبارات أو التسجيل والموارد كما فرضت رسوما غير قانونية على اختبارات قبول مرحلتي الروضة والتمهيدي مخالفة لتعميم عام 2022؟!. كل ما قيل أعلاه هي مجموعة شكاوى كثيرة وعاجلة من أولياء الأمور تقدموا بها لوزارة التربية والتعليم بعد أن قامت مدارس عالمية أجنبية في قطر بفرض هذه الزيادة في الرسوم بواقع 17 ألفا يجب أن يدفعها كل ولي أمر من حر ماله بجانب ما يُصرف للطالب من كوبون تعليمي بقيمة 28 ألف ريال بعد أن كان يدفع سبعة آلاف ريال فقط بجانب الكوبون كل عام فهل هذا معقول؟! وبات السؤال الأكبر الذي يعلق عليه أولياء الأمور هل بات التعليم مجانيا فعلا لأبنائنا في ظل هذه التجاوزات التي تمارسها إدارات المدارس الأجنبية التي تحظى بعدد كبير من الطلبة القطريين ولم اختارت أن تكون هذه الزيادة في منتصف السنة الدراسية رغم علمها بأن هذا الأمر يربك الآباء ويضعهم في دائرة سوء التخطيط من حيث إيجاد مدارس بديلة في هذا الوقت الحرج من العام الدراسي ناهيكم عن إرباكهم بدفع 17 ألف ريال لكل طالب بعد أن كانت سبعة آلاف ريال فقط بينما كان مبلغ الكوبون التعليمي من الدولة يسد بباقي الرسوم المطلوبة؟! أنا شخصيا أجد الأمر مربكا للغاية وإصرار هيئات هذه الإدارات على أنها حصلت على موافقة الوزارة على هذه الزيادات في الرسوم يزيد الحيرة لدينا أكثر خصوصا وأنه لم يخرج مصدر رسمي من الوزارة ليرد على هذه الشكاوى التي وصلت لإدارات هذه المدارس بجانب ما يتم نشره على وسائل التواصل الاجتماعي من أسئلة تنتظر إجابات من المعنيين في الوزارة وعلى رأسها سعادة السيدة لولوة الخاطر التي تلقى احتراما وتقديرا لها ولجهودها التي بذلتها منذ استلامها هذا المنصب القدير بشخصية مثلها. ولذا فإننا نأمل من سعادتها أن تجد حلا سريعا وناجعا لفحوى هذه المشكلة التي تؤرق بيوت كثير من المواطنين القطريين الذين يلتحق أبناؤهم بهذه المدارس التي تقع تحت مظلة الوزارة من قريب ومن بعيد وهي ليست بالمشكلة التي يجب أن تنتظر لأن مستقبل الأبناء يقف على قرار يطيح بقرارات الزيادة غير المسبوقة والتي لم يتم إخطار الآباء بها قبل بدء العام الدراسي لترتيب أوراق أبنائهم قبل التحاقهم بهذه المدارس الماضية في قراراتها الفجائية وغير مبالية بكم الاعتراض الذي تواجهه بصورة يومية من الآباء وعليه فإننا على ثقة بأن وزارة التربية والتعليم سوف تعطي زخما إيجابيا للشكاوى كما نأمل بإذن الله.
7914
| 11 نوفمبر 2025
العلاقة العضوية بين الحلم الإسرائيلي والحلم الأمريكي تجعل من تهاوي الحلم الإسرائيلي سبباً في انهيار الحلم الأمريكي في حال لم يفصل بينهما، فمن الحلم تُشتق السردية، وانهيار الحلم يؤدي إلى تلاشي السردية، وهذا بدوره يمس مفهوم الوجودية. تحطّم الحلم الإسرائيلي أدى إلى اختراق الدستور الأمريكي، من حرية التعبير إلى الولاء لأمريكا، وحتى سنِّ القوانين التي تناقض الدستور الأمريكي، ومن الملاحقات إلى عدم القدرة على الحديث، إلى تراجع الديمقراطية وفقدان الولاء للدولة من قبل السياسيين. لقد انتقلت الحرب من الشرق الأوسط بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي إلى الولايات المتحدة الأمريكية والعاصمة واشنطن، ما بين المواطنين الامريكان الذين ولاؤهم لأمريكا وشعارهم «أمريكا أولاً»، وبين الامريكان الذين يدينون بالولاء لإسرائيل وشعارهم «إسرائيل أولاً». هكذا صار الطوفان يطرق أبواب الداخل الأمريكي، كاشفاً هشاشة السردية وانقسام الحلم ذاته. وفي خضم تشكل نظام عالمي جديد في طور النشوء، سعى الرئيس الأمريكي ترامب لتموضع أمريكي في أفضل صيغة ممكنة وذلك من خلال شخصيته ومن خلال رؤيته الخاصة التي ترى أن الوقت قد حان لأمريكا لان تكون علاقاتها مباشرة بالعالم العربي والعالم الإسلامي وبقية العالم كما حدث في زيارته للخليج وآسيا وعلاقاته بالصين. لم تعد الحسابات التقليدية التي نشأت من مخلفات الاستعمار وما بعد الحرب العالمية الثانية قادرة على استيعاب التغيرات الكبيرة والمتلاحقة في المنطقة أو على المستوى الدولي والعالمي، فأوروبا في تراجع صناعي ولم تعد قادرة على منافسة الصين لا تقنيا ولا صناعيا، والولايات المتحدة لم تعد قادرة على القيام بدور شرطي العالم. لقد كبر العالم وأصبحت أمريكا جزءًا من النظام العالمي بعد أن كانت تهيمن عليه. وفي حالة التحول هذه، تبحث أمريكا عن الإجابات، والإجابات الحاضرة اليوم هي إجابات السيد ترامب. فهو يرى أن العلاقة المباشرة أصبحت هي الأساس، سواء في مواجهة الصين سياسياً واقتصادياً أو تقنياً، ولم يعد الكيان قادراً على القيام بما وُكِّل إليه من قبل الدول الاستعمارية في مرحلة سايكس بيكو وما بعد الحرب العالمية الثانية، فالمكانة الاقتصادية ومشاريع التنمية تجاوز قدرات الكيان واصبح من مصلحة أمريكا العلاقات المباشرة. ومع تيقن أمريكا بعدم القدرة على إعادة تشكيل الشرق الأوسط ما بعد سايكس بيكو، وبعد الفشل في سوريا وليبيا والعراق ولبنان وقطاع غزة، ومع عدم قدرة الكيان على الهيمنة أو السيطرة، أصبح هذا الكيان منتجاً لعدم الاستقرار ومضرّاً بمصالح أمريكا وبمصلحته في حد ذاته. لذلك أصبح تدخل صانع القرار الأمريكي ضرورة لتجاوز مهمة الكيان الوظيفية التي وُكِّلت إليه أمراً حتمياً لتمكين أمريكا من إعادة تشكيل تموضعها في النظام العالمي القادم. ومن هنا نرى أهمية زيارة ترامب لدول الخليج والحديث عن التريليونات في تعبير واضح لعدم حاجة أمريكا لوكيل أو وسيط مع دول المنطقة مع بروز حاجتها لدولة قطر وعلاقاتها الحميمة بأمير قطر ورئيس مجلس الوزراء، وقدرة قطر على أن تكون ضابط الأمن والسلم الدولي والعالمي والمحور الرئيس لاقطاب المنطقة تركيا ايران والفاعلين في المنطقة من المقاومة وحتى سوريا، سواء على مستوى النزاعات الدولية من أفغانستان إلى إيران إلى القرن الإفريقي وإلى غزة. فقد أصبحت دولة قطر مركز حراك الولايات المتحدة ومركز اهتمامها، خاصة في بناء دور امريكا القادم في علاقاتها مع العرب، ومع الدول الخليجية، ومع تركيا، وحتى مستقبلاً مع إيران والشعب الفلسطيني، ومن أجل حماية أوروبا والغرب واستمرار تدفق الطاقة والطاقة النظيفة واستمرار تدفق الاستثمارات، خاصة من الصناديق السيادية، والقدرة على الولوج إلى الأسواق الخليجية، وهذا أصبح أولوية بالنسبة لصانع القرار في الولايات المتحدة. ان قوة ومكانة دول الخليج ومستويات التنمية جعلت من ترامب مؤمنا بأن علاقات مباشرة مع العرب وبالخصوص مع دول الخليج من مصلحة أمريكا وتتجاوز إسرائيل.
5871
| 10 نوفمبر 2025