رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

طلعت رميح

طلعت رميح

مساحة إعلانية

مقالات

803

طلعت رميح

تهديد روسي أم فزع واضطراب؟

07 أكتوبر 2016 , 02:59ص

لم يعرف الناس مغزى التلويح الأمريكي ببحث خيارات أخرى في سوريا، إلا من رد الفعل الروسي المتوتر إلى أقصى الدرجات. بدا الكلام الأمريكي اعتياديا حتى إنه لم يشد انتباه الكثيرين، وقال من تابعوه، كم مرة سمعنا مثل تلك التصريحات من قبل، وأن أمريكا– أوباما، سبق أن حددت خطوطا حمراء لنظام بشار فاخترقها عشرات المرات دون أن يتحرك أوباما دفاعا عن خطوطه الحمراء، وتساءل الكثيرون عن جدوى مثل تلك التصريحات الأمريكية فيما أوباما وإدارته في وضعية حزم الحقائب لمغادرة البيت الأبيض. ووصل الحال أن قال البعض، إن أمريكا تطلق قنابل دخان للتغطية على موقفها المتخاذل -ووصفه البعض بالمتآمر- إذ وقفت صامتة فيما الروس يحرقون حلب ويدمرونها على رؤوس المواطنين،بعد توقيع الاتفاق الأمريكي الروسي، بدرجة أشد عما كان يجري قبل الاتفاق.

لكن ردود الفعل الروسية أثارت الانتباه للتصريحات الأمريكية. رد الروس بفزع واضطراب وتوتر وتصعيد، وكأنها الحرب أو كأن أمريكا في طريقها لإعلان الحرب على بشار. صدرت تصريحات روسية تتحدث عن رد مزلزل في سوريا، بل في الشرق الأوسط كله. وعلق الرئيس الروسي العمل باتفاقية التخلص من البلوتونيوم الصالح لإنتاج الأسلحة النووية، ووصل الحال أن تحدثت قناة فضائية رسمية روسية -تديرها وزارة الدفاع الروسية- عن تحذيرات للمواطنين من احتمالات اندلاع حرب نووية وعن بناء مخابئ نووية، وصدرت إعلانات عن نشر منظومات صاروخية جديدة في سوريا وعن وصول قطع بحرية لشرق المتوسط!

فهل فهمت روسيا أنها الحرب فغالت في التهديدات لمنع اندلاعها، أم أن القيادة الروسية قررت التأثير على القرار الأمريكي قبل صدوره. الأمر قد يحمل مثل تلك المعاني، بل قد يرى البعض أن الروس قد بادروا بمثل هذا التصعيد في لهجتهم لشعورهم بصعوبة وضعهم الاستراتيجي في سوريا، حال قررت الولايات المتحدة إمداد الثوار بالسلاح المضاد للطائرات، فساعتها يكون الروس وقعوا في فخ مميت، وساعتها قد يقول بعضهم إن الأمريكان أعطوا ضوءا أخضر بتصعيد القتل في حلب وتحركوا من بعد ليقلبوا العالم على روسيا، ليدخل السلاح للثوار تحت ضغط الرأي العام.

كل هذا وارد، لكن هناك من يرى أن الروس هم من قرروا اصطياد الولايات المتحدة، لعلمهم بمحدودية خياراتها في سوريا، ورأوا في تصعيد اللهجة فرصة للضغط عليها أكثر، وذلك ما يفسر اشتراطهم رفع العقوبات الأمريكية عليهم مقابل عودتهم إلى اتفاق تدمير البلوتونيوم.

وأيا كانت الحسابات بين الطرفين، فالملموس هو أن رد الفعل الروسي على التصريحات الأمريكية جاء فزعا ومغاليا فيه، وأهم الإشارات على ذلك، أن ذهبت روسيا إلى أقصى الاحتمالات (الحرب) دفعة واحدة ودون تدرج في استخدام أدوات التهديد، إذ ذهبوا حد التحذير من حرب كبرى في الشرق الأوسط، وكذلك حين فتحوا ملف احتمالات الحرب النووية، وحين ربطوا بين الأوضاع في سوريا والعقوبات الأمريكية بشأن أوكرانيا... إلخ.

ووسط تلك الحالة، وإلى أن ينجلي الموقف عن عودة المفاوضات والمساومات من جديد بين أمريكا وروسيا لاقتسام المصالح والنفوذ في سوريا والمنطقة -أو أن يحدث تطور في اتجاه آخر- لا بأس من القول، بأن وزن التحالف العربي الإسلامي المساند لثوار سوريا، قد زاد الآن وبات ممكنا استثمار اللحظة للضغط على الولايات المتحدة لإرسال أسلحة أفضل للثوار. وأن إيران وبشار يجلسون تحت الطاولة في انتظار نتائج ما يجري، وأن الطريق بات مفتوحا أكثر أمام تركيا لتوسيع رقعة المنطقة الآمنة.

مساحة إعلانية