رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
انعقدت القمة الخليجية السادسة والأربعون لدول الخليج العربية الأسبوع الماضي في مملكة البحرين في ظل متغيرات وتحولات متسارعة وغير مسبوقة مع وصول شرارة التصعيد إلى قلب الخليج العربي. وما تضمّنه بيان الصخير الختامي، حول التطورات المتسارعة وتهديدها المباشر على أمن منطقتنا. وخاصة اعتداء إسرائيل المتهور على قطر، وتنامي دور ومكانة دول المجلس والوساطة القطرية لوقف حرب إبادة إسرائيل على غزة، والقمة الخليجية-الأمريكية في السعودية والقمة بين الأمير محمد بن سلمان والرئيس ترامب. ما يُكرّس مكانة ودور دولنا الخليجية بقيادة النظام العربي.
وأكد البيان الختامي للقمة الخليجية «أن الأمن الجماعي لدول المجلس. كل لا يتجزأ.. وأي اعتداء على أي دولة هو اعتداء على الجميع”. “والحاجة لـ «تعزيز التعاون والعمل المشترك في المجالات السياسية، الاقتصادية، الأمنية، والتنموية. و“ضرورة العمل على إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة” ودعم حقوق الشعب الفلسطيني، فضلاً عن إدانة “الممارسات الاستيطانية والعنف الإسرائيلي ضد المدنيين”.
كانت القمة الخليجية الأولى بعد الاعتداء الإسرائيلي الغادر والجبان وغير المسبوق بخطورته على قطر، وفي أعقاب عملية إسرائيل «الأسد الناهض» ضد إيران، بقصف طهران لتدمير منشآت إيران النووية في يونيو الماضي. وجولة الرئيس ترامب الخليجية في مايو الماضي: السعودية وقطر والإمارات. وعقد القمة الخليجية-الأمريكية مع قادة دول مجلس التعاون في الرياض. ولكن الحدث الأكثر خطورة كان عدوان وتجاوز إسرائيل الخطوط الحمراء بقصف أول عاصمة خليجية-الدوحة في 9-سبتمبر.
وصف سمو أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد لأمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش «الهجوم الإسرائيلي بالانتهاك الخطير الذي يقوّض الأمن في المنطقة والعالم» !. فيما وصف رئيس الوزراء الشيخ محمد بن عبدالرحمن في كلمته في مجلس الأمن «الهجوم يقوض النظام الدولي». ووصف الهجوم في كلمته في مجلس الأمن: بـ «إرهاب دولة» والغادر-والجبان وانتهاك لسيادة قطر، وتقوض الضربة جهود الوساطة لوقف النار وإطلاق سراح الأسرى». ما أدخل العدوان الإسرائيلي على دولة قطر بشكل غير مسبوق، في اتون عدوان إسرائيل على الدول العربية واستباحة سيادتها. ورغم اعتذار نتنياهو لرئيس الوزراء الشيخ محمد بن عبدالرحمن بطلب ووجود الرئيس ترامب في البيت الأبيض، إلا أن الهجوم الإسرائيلي على قطر الذي ندد به قادة الدول في قمة المنامة وقبله بشكل فردي وجماعي في بيانات رسمية وفي القمة الخليجية-العربية-الإسلامية الطارئة في الدوحة، يشكل تهديدا حقيقيا لأمن منطقة الخليج العربي والأمن العربي برمته. وكان لافتا في تلك القمة المشتركة التنديد الجماعي بالعدوان الإسرائيلي، والالتفاف والتضامن مع دولة قطر ورفض العدوان. وتأكيد سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في كلمته «بأن القمة رسالة واضحة في وجه إرهاب الدولة الإسرائيلي بحق منطقتنا، بما يُوحّد الكلمة والصف... وستسهم مخرجاتها بشكل فاعل في تكثيف عملنا المشترك وتنسيق مواقف وتدابير بلداننا، بما يوحد الكلمة والصف».
تزامن التصعيد مع تنامي دور ومكانة دول مجلس التعاون الخليجي وخاصة قطر كوسطاء مع مصر للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار «هش» في غزة، تخرقه إسرائيل يومياً. قتلت إسرائيل منذ 10-أكتوبر الماضي حوالي 400 فلسطيني في غزة، وتستمر بمنع إدخال المساعدات وفتح المعابر والانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق.
يستدعي ذلك كما أوضحت في مقال سابق في الشرق: «إعادة تشكيل التحالفات والتنسيق الأمني والدفاعي والعسكري الخليجي كأولوية». وبرغم أمر تعهد الرئيس ترامب التنفيذي في أكتوبر الماضي ضمان أمن دولة قطر. وتأكيده «قطر حليف ثابت في السعي لتحقيق السلام والاستقرار والازدهار». وسياسة الولايات المتحدة ضمان الأمن والسلامة الإقليمية لدولة قطر ضد أي هجوم خارجي». ما يطمئن قطر والحلفاء الخليجيين. لكن استراتيجية الأمن الوطني الأمريكي الجديدة تترك علامات استفهام كبيرة حول ذلك التعهد!
وتشكل «اتفاقية الدفاع الإستراتيجي المشترك» بين المملكة العربية السعودية وباكستان للتعاون العسكري والردع». الأولى من نوعها للأمن الجماعي. وأن أي اعتداء على دولة هو اعتداء على الدولتين. والتزام الدولتين بالأمن الإقليمي والدولي. ولا يستبعد تمدد المظلة النووية الباكستانية إلى دول مجلس التعاون الخليجي-وانضمام مزيد من الدول إلى الاتفاقية. ما يغير قواعد اللعبة ويعيد تشكيل البعد الأمني لمنطقتنا بدمج القدرات المالية والطاقة الخليجية مع القوة العسكرية النووية الباكستانية. تلك التحولات ليست بديلا عن تطوير وتنسيق قدراتنا العسكرية والدفاعية والأمنية الخليجية المشتركة. لذلك كان لافتا كما أوضحت في مقال سابق في الشرق-مسارعة مجلس الدفاع المشترك لمجلس التعاون لوزراء الدفاع ورؤساء الأركان-عقد اجتماع عاجل واستثنائي في الدوحة بعد عدوان إسرائيل على قطر، واعتمد قرارات مهمة لضمان أمن واستقرار دول مجلس التعاون الخليجي:
1-بزيادة تبادل المعلومات الاستخبارية من خلال القيادة العسكرية الموحدة.
2-العمل على نقل صورة الموقف الجوي لجميع مراكز العمليات بدول المجلس.
3-تسريع أعمال فريق العمل المشترك الخليجي لمنظومة الإنذار المبكر ضد الصواريخ الباليستية.
4-تحديث الخطط الدفاعية المشتركة بالتنسيق بين القيادة العسكرية الموحدة ولجنة العمليات والتدريب لدول مجلس التعاون.
5- تنفيذ تمارين مشتركة بين مراكز العمليات الجوية والدفاع الجوي خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، على أن يتبعها تمرين جوي فعلي مشترك.
إضافة لاستمرار التنسيق والتشاور على جميع المستويات العسكرية والاستخباراتية لاستكمال تعزيز التكامل الدفاعي الخليجي. وتكثيف وربط الأنظمة الدفاعية لمواجهة جميع المخاطر والتحديات، بما يضمن تحقيق أمن واستقرار وسلامة جميع دول مجلس التعاون الخليجي بالتصدي لأي تهديدات أو اعتداءات محتملة تهدد استقرار المنطقة.
الواضح تحتاج تلك القرارات والتحركات بمجملها لتفعيل عملي. لتتصدى وتساهم بتشكيل مشروع جماعي يردع استهداف وتهديدات وتهور نتنياهو وغيره على دولنا. وتعزز أمن واستقرار دولنا وشعوبنا.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تويتر @docshayji
@docshyji
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
3291
| 05 ديسمبر 2025
بات الذكاء الاصطناعي اليوم واقعاً لا يمكن تجاهله في ميادين العمل القانوني، حيث بدأت العديد من مكاتب المحاماة في مختلف الدول تستعين بتطبيقاته. غير أن هذه الاستعانة قد تثير، في بعض الأحيان، إشكالات قانونية حول مدى الاستخدام المنضبط لهذه التقنيات، ولا سيما عند الاعتماد على مخرجاتها دون التحقق من صحتها ودقتها، وهو ما تجلى بوضوح في حكم حديث صادر عن محكمة قطر الدولية، حيث تصدت فيه المحكمة لهذه المسألة للمرة الأولى في نطاق قضائها. فقد صدر مؤخراً حكم عن الدائرة الابتدائية بالمحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال، (المعروفة رسمياً باسم محكمة قطر الدولية)، في القضية رقم: [2025] QIC (F) 57 بتاريخ 9 نوفمبر 2025، بشأن الاستخدام غير المنضبط وسوء توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي في العمل القانوني. وقد ورد في حيثيات الحكم أن أحد المترافعين أمام المحكمة، وهو محامٍ يعمل لدى أحد مكاتب المحاماة المقيدة خارج دولة قطر، كما هو واضح في الحكم، قد استند في دفاعه إلى أحكام وسوابق قضائية نسبها إلى المحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال. غير أن المحكمة، وبعد أن باشرت فحص المستندات والتحقق من الوقائع، تبين لها أن تلك السوابق لا وجود لها في سجلاتها الرسمية، ولم تصدر عن أي من دوائرها، وأن ما استند إليه المترافع إنما كان من مخرجات غير دقيقة صادرة عن أحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي المدمجة في أحد محركات البحث الإلكترونية المعروفة، والتي عرضت أحكاما وسوابق قضائية وهمية لا أصل لها في الواقع أو في القضاء.وقد بينت المحكمة في حيثيات حكمها أن السلوك الذي صدر عن المحامي، وإن بدا في ظاهره خطأ غير مقصود، إلا أنه في جوهره يرقى إلى السلوك العمدي لما انطوى عليه من تقديم معلومات غير صحيحة تمثل ازدراء للمحكمة. وقد أشارت المحكمة إلى أنه كان بوسع المحامي أن يتحقق من صحة السوابق والأحكام القضائية التي استند إليها لو أنه بذل العناية الواجبة والتزم بأدنى متطلبات التحقق المهني، لا سيما وأن جميع أحكام المحكمة متاحة ومتوفرة عبر موقعها الإلكتروني الرسمي. وانتهت المحكمة إلى أن ما صدر عن المحامي يُشكل مخالفة صريحة لأحكام المادة (35.2.5) من القواعد والإجراءات المتبعة أمام المحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال لسنة 2025، والتي نصت على أن إعطاء معلومات خاطئة أو مضللة يُعد مخالفة تستوجب المساءلة والجزاء. كما أوضحت المحكمة أن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، بوجه عام، في ميدان التقاضي هو أمر مرحب به لما يوفره من نفقات على أطراف الدعوى، ويُسهم في رفع كفاءة الأداء متى تم في إطاره المنضبط وتحت رقابة بشرية واعية. إذ إن الاعتماد عليه دون تحقق أو مراجعة دقيقة قد يفضي إلى نتائج غير محمودة. وقد أشارت المحكمة إلى أنها المرة الأولى التي يُستأنس فيها أمامها بأحكام منسوبة إليها لم تصدر عنها في الأصل، غير أنها أوضحت في الوقت ذاته أنّ مثل هذه الظاهرة قد ظهرت في عدد من الدول على خلفية التوسع في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجال القانوني. وفي هذا الإطار، أشارت المحكمة إلى ما قضت به محكمة بولاية نيويورك في قضية Mata v. Avianca Inc (2023)، إذ تبين أن أحد المحامين قدم مذكرات قانونية اشتملت على أحكام وسوابق مختلقة تولدت عن استخدام غير دقيق لتقنيات الذكاء الاصطناعي. كما أشارت المحكمة إلى حكم آخر صادر عن محكمة بالمملكة المتحدة في قضية Ayinde v. Haringey (2025)، والذي أكد على وجوب المراجعة البشرية الدقيقة لأي نص قانوني أو سابقة قضائية يُنتجها الذكاء الاصطناعي قبل الاستناد إليها أمام القضاء، باعتبار ذلك التزاماً مهنياً وأخلاقياً لا يجوز التهاون فيه.كما لفتت المحكمة إلى أن ظواهر مماثلة قد لوحظت في بعض القضايا المنظورة أمام المحاكم في كندا وأستراليا، ويُظهر ذلك اتساع نطاق هذه الظاهرة وضرورة إحاطتها بضوابط مهنية دقيقة تكفل صون نزاهة الممارسة القانونية واستقلالها. وقد بينت المحكمة أنها بصدد إصدار توجيه إجرائي يقضي بأن الاستناد والإشارة إلى أي قضية أو مرجع أمام المحكمة في المستقبل دون التحقق من صحته أو من مصدره يُعد مخالفة تستوجب الجزاء، وقد يمتد أثرها إلى إعلان اسم المحامي ومكتبه في قرار المحكمة. وفي تقديرنا، يُعد هذا التوجه خطوة تُعزز مبادئ الشفافية، وتُكرس الانضباط المهني، وتُسهم في ردع أي ممارسات قد تمس بنزاهة الإجراءات القضائية وسلامة العمل القانوني. وفي الختام، نرى أن حكم محكمة قطر الدولية يُشكل رسالة مفادها أن الذكاء الاصطناعي سلاح ذو حدين، فإن أُحسن توظيفه كان عوناً في البحث والتحليل والاستدلال، أما إذا أُطلق دون رقابة أو وعي مهني، فقد يُقوض نزاهة التقاضي بين الخصوم ويُعد مساساً بمكانة المحكمة ووقارها.
2634
| 30 نوفمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين برحيل معالي الأستاذ الدكتور الشيخ محمد بن علي العقلا، أحد أشهر من تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، والحق أنني ما رأيت أحدًا أجمعت القلوب على حبه في المدينة المنورة لتواضعه ودماثة أخلاقه، كما أجمعت على حب الفقيد الراحل، تغمده الله بواسع رحماته، وأسكنه روضات جناته، اللهم آمين. ولد الشيخ العقلا عليه الرحمة في مكة المكرمة عام 1378 في أسرة تميمية النسب، قصيمية الأصل، برز فيها عدد من الأجلاء الذين تولوا المناصب الرفيعة في المملكة العربية السعودية منذ تأسيس الدولة. وقد تولى الشيخ محمد بن علي نفسه عمادة كلية الشريعة بجامعة أم القرى، ثم تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1428، فكان مكتبه عامرا بالضيوف والمراجعين مفتوحًا للجميع وجواله بالمثل، وكان دأبه الرد على الرسائل في حال لم يتمكن من إجابة الاتصالات لأشغاله الكثيرة، ويشارك في الوقت نفسه جميع الناس في مناسباتهم أفراحهم وأتراحهم. خرجنا ونحن طلاب مع فضيلته في رحلة إلى بر المدينة مع إمام الحرم النبوي وقاضي المدينة العلامة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ وعميد كلية أصول الدين الشيخ عبد العزيز بن صالح الطويان ونائب رئيس الجامعة الشيخ أحمد كاتب وغيرهم، فكان رحمه الله آية في التواضع وهضم الذات وكسر البروتوكول حتى أذاب سائر الحواجز بين جميع المشاركين في تلك الرحلة. عرف رحمه الله بقضاء حوائج الناس مع ابتسامة لا تفارق محياه، وقد دخلت شخصيا مكتبه رحمه الله تعالى لحاجة ما، فاتصل مباشرة بالشخص المسؤول وطلب الإسراع في تخليص الأمر الخاص بي، فكان لذلك وقع طيب في نفسي وزملائي من حولي. ومن مآثره الحسان التي طالما تحدث بها طلاب الجامعة الإسلامية أن أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأفارقة اتصل بالشيخ في منتصف الليل وطلب منه أن يتدخل لإدخال زوجته الحامل إلى المستشفى، وكانت في حال المخاض، فحضر الشيخ نفسه إليه ونقله وزوجته إلى المستشفى، وبذل جاهه في سبيل تيسير إدخال المرأة لتنال الرعاية اللازمة. شرفنا رحمه الله وأجزل مثوبته بالزيارة إلى قطر مع أهل بيته، وكانت زيارة كبيرة على القلب وتركت فينا أسنى الأثر، ودعونا فضيلته للمشاركة بمؤتمر دولي أقامته جامعة الزيتونة عندما كنت مبتعثًا من الدولة إليها لكتابة أطروحة الدكتوراه مع عضويتي بوحدة السنة والسيرة في الزيتونة، فكانت رسالته الصوتية وشكره أكبر داعم لنا، وشارك يومها من المملكة معالي وزير التعليم الأسبق والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الوالد الشيخ عبدالله بن صالح العبيد بورقة علمية بعنوان «جهود المملكة العربية السعودية في خدمة السنة النبوية» ومعالي الوالد الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، العضو السابق بهيئة كبار العلماء في المملكة، وقد قرأنا عليه أثناء وجوده في تونس من كتاب الوقف في مختصر الشيخ خليل، واستفدنا من عقله وعلمه وأدبه. وخلال وجودنا بالمدينة أقيمت ندوة لصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد آل سعود حضرها أمير المدينة يومها الأمير المحبوب عبد العزيز بن ماجد وعلماء المدينة وكبار مسؤوليها، وحينما حضرنا جعلني بعض المرافقين للشيخ العقلا بجوار المستشارين بالديوان الملكي، كما جعلوا الشيخ جاسم بن محمد الجابر بجوار أعضاء مجلس الشورى. وفي بعض الفصول الدراسية زاملنا ابنه الدكتور عقيل ابن الشيخ محمد بن علي العقلا فكان كأبيه في الأدب ودماثة الأخلاق والسعي في تلبية حاجات زملائه. ودعانا مرة معالي الشيخ العلامة سعد بن ناصر الشثري في الحرم المكي لتناول العشاء في مجلس الوجيه القطان بمكة، وتعرفنا يومها على رئيس هيئات مكة المكرمة الشيخ فراج بن علي العقلا، الأخ الأكبر للشيخ محمد، فكان سلام الناس عليه دليلا واضحا على منزلته في قلوبهم، وقد دعانا إلى زيارة مجلسه، جزاه الله خيرا. صادق العزاء وجميل السلوان نزجيها إلى أسرة الشيخ ومحبيه وطلابه وعموم أهلنا الكرام في المملكة العربية السعودية، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، اللهم تقبله في العلماء الأتقياء الأنقياء العاملين الصالحين من أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. «إنا لله وإنا إليه راجعون».
1647
| 04 ديسمبر 2025