رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
عبارات قالها صاحب السمو أمير البلاد المفدى أثلجت صدور كل مسلم غيور على دينه وحضارته وثقافته، وذلك في المؤتمر الصحفي المشترك مع المستشار الألماني في شهر مايو الماضي عند زيارته لجمهورية ألمانيا الاتحادية، حينما كان يرد سموه على سؤال احد الصحفيين في كيفية استقبال قطر للجماهير في مونديال قطر 2022، حيث قال "الجميع مرحب به في الدوحة ولن نمنع أحدا من الحضور إلى بلادنا فقطر بلد مضياف وهناك ملايين من الناس يأتون لزيارة بلادنا كل عام وكأس العالم هي فرصة عظيمة للكثيرين للمجيء إلى قطر واكتشاف الثقافة القطرية ولن نمنع أحدا من القدوم والاستمتاع بمشاهدة كرة القدم لكنني أريد أيضا أن يأتي الجميع ويستمتعوا بثقافتنا باعتبارها ثقافة مختلفة رغم أننا كلنا نعيش في عالم واحد ولكننا أيضا نتوقع ونريد احترام ثقافتنا" ومثلت هذه العبارات قاعدة متينة عمل عليها الجميع بقطر على مختلف مستويات التنظيم في كيفية استقبال ضيوف المونديال من مختلف الثقافات والشعوب والحضارات المتنوعة والعمل على منحهم الفرص الكاملة للترفيه والاستمتاع بأوقاتهم.
تعاليمنا الإسلامية خط أحمر
لما كان التفاعل مع الثقافات الأخرى وخاصة تلك البعيدة عنا كل البُعد أمر صعب ومعقد وقد يؤدي الى خلق الكثير من الخلافات والنزاعات التي نحن في غنى عنها، بادرت دولة قطر بوضع أسس وقوانين واضحة لاحترام الآخرين سواء المقيمين او الضيوف للبلاد يجب مراعاتها خاصة ان عاداتنا المحلية النابعة عن ديننا الحنيف والتي لا زال الشعب القطري من الشعوب المتمسكة بها وتمارسها بشكل يومي ولا يمكن لأي مناسبة كانت عابرة أو متكررة ان تؤثر في تغيير منهج حياتنا لأنها أصيلة ونابعة من عقيدتنا التي تربينا عليها وتناقلتها الأجيال منذ مئات السنين وغرزها فينا أجدادنا وأمهاتنا، لذلك كانت تصريحات سمو الأمير والمسؤولين في جميع المحافل تتماشى مع ما ورثناه وترعرعنا عليه، كما نحن المسلمين نحترم قوانين تلك الدول وعاداتها وتقاليدها يجب ان يبادلونا نفس الاحترام والتقدير ولا نطلب منهم أي زيادة على ذلك أو تكليفات إضافية، وكانت نتائج هذه الخطوط الحمراء التي وضعتها اللجنة المنظمة للبطولة في جميع مراحل ومحافل الفعاليات للمونديال مذهلة للجميع حيث التزم جميع الضيوف بهذه القوانين والمحظورات ولم يعتبرها أحد انتقاصا في حقوقه المكفولة له حسب القانون او تقييدا لحريته الشخصية لأن كل هذه العادات المحظورة يعتبرها الكثيرون منهم ضارة بالصحة والتعايش والتعامل مع الآخرين لذلك شرع لنا ديننا الحنيف بعدم تداولها وممارستها، ولم لا وهي صادرة من الذي لا ينطق عن الهوى المرسل من الله هداية ورحمة للعالمين سيد الخلق أجمعين محمد صلى الله عليه وسلم.
المونديال فرصة لعكس سماحة ديننا الحنيف
عندما نسمع الحديث عن الثقافات، فإنّ أول ما يتبادر إلى أذهاننا هو العرق أو السلالة التي ينتمي إليها الفرد، غير أنّ الثقافة في واقع الأمر تمتدّ لأبعد من ذلك بكثير، جميعنا جزء من مجموعات ثقافية مختلفة، ومن المهمّ أن نعي بأن هوّيتنا الثقافية تتطور وتتغّير بتغير الظروف من حولنا أو بتغير القيم والمعتقدات التي نتعرض لها، لذلك نبعت ثقافتنا من معتقد ديني أصيل وهو الدين الإسلامي، ويجب الا يتردد أي مسلم في إظهار ثقافته للآخرين ليتعرفوا عليها لأنهم جاءوا الينا وهم يتشوقون لمعرفة كيف نعيش مع أنفسنا ونتعايش مع الآخرين وماهي الثقافات والمعتقدات التي تربطنا مع بعض في بلادنا، لذلك كان من أولويات اللجنة المنظمة هي اظهار هذه الثقافات والعادات ونجحنا بشكل كبير في إظهار الكثير منها سواء من خلال الفعاليات المصاحبة للمونديال أو بإطلاق بعض المبادرات الفعالة من بعض الشباب والشابات القطريين في عرض هذه الثقافة بأشكال متنوعة وبصورة صحيحة مما أذهل وأدهش الكثيرين وتبين ذلك من اللقاءات التي أعدتها وسائل الاعلام المختلفة مع المشجعين والكثير منهم ذكر بانه كان يضع صورة مختلفة عن الشعوب العربية والإسلامية وكيف تعيش وعكست وسائل الاعلام عندهم كثير من الآثار السلبية عن دولة قطر وكيفية تعاملها مع الأجانب ولكنهم تعجبوا من المعاملة الراقبة التي قوبلوا بها في مختلف المواقع والترحيب الحار ومارسوا حياتهم الطبيعية بحرية شخصية من غير أي مضايقات او قيود.
التحضير الجيد للبطولة من أهم أسباب نجاحنا
كان للتحضيرات المسبقة الجيدة منذ سنوات السبب الأساسي في نجاحنا بإقامة بطولة استثنائية أشاد بها الجميع سواء الحضور او المتابعين عبر الشاشات، وكان للبرامج والفعاليات التلفزيونية والميدانية الأثر الكبير في استمتاع الجميع بأيام وذكرى لن ينسوها لسنوات طويلة قادمة، وقد حرصت قيادتنا الحكيمة في إقامة الكثير من المنتديات والندوات والورشات التدريبية للقائمين والمنظمين وتأهيل الشباب القطري حتى وصل الى مرحلة القدرة على القيام بهذه المهمة على أكمل وجه وكانوا فخرا لنا جميعاً، وفي كيفية تشغيل الإمكانيات اللوجستية التي تم تحضيرها خصيصا للمونديال مما أظهر الوجه الحضاري والتطور العلمي في التعامل مع الجماهير والضيوف والمنتخبات مما كان له الأثر الكبير في عكس رقي وحضارة ديننا الحنيف الذي تمسكنا به ونحن نستقبل شعوبا وثقافات مختلفة تمارس بعض العادات التي نهت عنها شريعتنا السمحة، وهذا ما سوف ينقله ضيوف المونديال الى بلادهم حين يرجعون اليها مما يجعل مونديال قطر مرآة حقيقية لعكس حضارتنا الإسلامية لبقية الشعوب والديانات والحضارات.
كسرة أخيرة
هناك واجبات علينا كشعب قطري يستضيف البطولة يجب القيام بها رغم عدم تقصير البعض في ذلك ولكن نريد المزيد منها وتقديمها بصورة جيدة ومنتقاة لكي تعكس جمال وسماحة حضارتنا وثقافاتنا وعاداتنا، منها انتهاز فرصة هذه البطولة لتعزيز التبادل الثقافي والحضاري بين الشعوب، كاستقبال المشجعين في مجالسنا والتعريف بعاداتنا وتقاليدنا، ونشر فيديوهات المشجعين عبر منصات التواصل الذي يحاولون ان يمارسوا بعض عاداتنا المحلية لعكسها للشعوب الأخرى، تقديم المعاملة الحسنة والخاصة للأسر في مناطق الدوحة، خاصة ان الكثير من المشجعين في البطولة أكدوا ان الشعب القطري قدم نموذجا مثاليا للتعايش والتقارب والتعرف على جوانب مختلفة من ثقافات مختلف الشعوب وأكدوا كذلك بان المونديال نقل الصورة الصحيحة عن العرب والمسلمين لكافة دول العالم سواء على مستوى الأخلاق وحسن الاستقبال او جانب كرم الضيافة واحترام السيدات والتعامل الخاص مع الأسر وكبار السن والعجزة، ونفخر جميعنا بأن بلادنا قدمت إجراءات وفعاليات وتنظيما يعتبر فخراً ليس للقطريين فقط وانما فخرا لكل العرب والمسلمين، وما حققناه حتى الآن من تفاعل جماهيري واسع وحضور فعّال يؤكد التخطيط المسبق لأدق التفاصيل سواء من جانب الإقامة والضيافة والترفيه او جانب تخصيص مناطق للمشجعين في مختلف أنحاء البلاد والأماكن السياحية.
كيف يُساهم المجتمع في بناء نفسه؟
اهتمت الدول الغربية بنظام الوقف، وقد ساهم ذلك بفعالية في بناء المجتمع واستقلاله في إدارة شؤونه عن الدولة؛... اقرأ المزيد
93
| 08 ديسمبر 2025
اليوم الوطني.. مسيرة بناء ونهضة
أيام قليلة تفصلنا عن واحدٍ من أجمل أيام قطر، يومٌ تتزيّن فيه الدوحة وكل مدن البلاد بالأعلام والولاء... اقرأ المزيد
183
| 08 ديسمبر 2025
أنصاف مثقفين!
حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة، ولا يطالبك بأن تصفق له. أما نصف المثقف فيقف بينك... اقرأ المزيد
243
| 08 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4149
| 05 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين برحيل معالي الأستاذ الدكتور الشيخ محمد بن علي العقلا، أحد أشهر من تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، والحق أنني ما رأيت أحدًا أجمعت القلوب على حبه في المدينة المنورة لتواضعه ودماثة أخلاقه، كما أجمعت على حب الفقيد الراحل، تغمده الله بواسع رحماته، وأسكنه روضات جناته، اللهم آمين. ولد الشيخ العقلا عليه الرحمة في مكة المكرمة عام 1378 في أسرة تميمية النسب، قصيمية الأصل، برز فيها عدد من الأجلاء الذين تولوا المناصب الرفيعة في المملكة العربية السعودية منذ تأسيس الدولة. وقد تولى الشيخ محمد بن علي نفسه عمادة كلية الشريعة بجامعة أم القرى، ثم تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1428، فكان مكتبه عامرا بالضيوف والمراجعين مفتوحًا للجميع وجواله بالمثل، وكان دأبه الرد على الرسائل في حال لم يتمكن من إجابة الاتصالات لأشغاله الكثيرة، ويشارك في الوقت نفسه جميع الناس في مناسباتهم أفراحهم وأتراحهم. خرجنا ونحن طلاب مع فضيلته في رحلة إلى بر المدينة مع إمام الحرم النبوي وقاضي المدينة العلامة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ وعميد كلية أصول الدين الشيخ عبد العزيز بن صالح الطويان ونائب رئيس الجامعة الشيخ أحمد كاتب وغيرهم، فكان رحمه الله آية في التواضع وهضم الذات وكسر البروتوكول حتى أذاب سائر الحواجز بين جميع المشاركين في تلك الرحلة. عرف رحمه الله بقضاء حوائج الناس مع ابتسامة لا تفارق محياه، وقد دخلت شخصيا مكتبه رحمه الله تعالى لحاجة ما، فاتصل مباشرة بالشخص المسؤول وطلب الإسراع في تخليص الأمر الخاص بي، فكان لذلك وقع طيب في نفسي وزملائي من حولي. ومن مآثره الحسان التي طالما تحدث بها طلاب الجامعة الإسلامية أن أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأفارقة اتصل بالشيخ في منتصف الليل وطلب منه أن يتدخل لإدخال زوجته الحامل إلى المستشفى، وكانت في حال المخاض، فحضر الشيخ نفسه إليه ونقله وزوجته إلى المستشفى، وبذل جاهه في سبيل تيسير إدخال المرأة لتنال الرعاية اللازمة. شرفنا رحمه الله وأجزل مثوبته بالزيارة إلى قطر مع أهل بيته، وكانت زيارة كبيرة على القلب وتركت فينا أسنى الأثر، ودعونا فضيلته للمشاركة بمؤتمر دولي أقامته جامعة الزيتونة عندما كنت مبتعثًا من الدولة إليها لكتابة أطروحة الدكتوراه مع عضويتي بوحدة السنة والسيرة في الزيتونة، فكانت رسالته الصوتية وشكره أكبر داعم لنا، وشارك يومها من المملكة معالي وزير التعليم الأسبق والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الوالد الشيخ عبدالله بن صالح العبيد بورقة علمية بعنوان «جهود المملكة العربية السعودية في خدمة السنة النبوية» ومعالي الوالد الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، العضو السابق بهيئة كبار العلماء في المملكة، وقد قرأنا عليه أثناء وجوده في تونس من كتاب الوقف في مختصر الشيخ خليل، واستفدنا من عقله وعلمه وأدبه. وخلال وجودنا بالمدينة أقيمت ندوة لصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد آل سعود حضرها أمير المدينة يومها الأمير المحبوب عبد العزيز بن ماجد وعلماء المدينة وكبار مسؤوليها، وحينما حضرنا جعلني بعض المرافقين للشيخ العقلا بجوار المستشارين بالديوان الملكي، كما جعلوا الشيخ جاسم بن محمد الجابر بجوار أعضاء مجلس الشورى. وفي بعض الفصول الدراسية زاملنا ابنه الدكتور عقيل ابن الشيخ محمد بن علي العقلا فكان كأبيه في الأدب ودماثة الأخلاق والسعي في تلبية حاجات زملائه. ودعانا مرة معالي الشيخ العلامة سعد بن ناصر الشثري في الحرم المكي لتناول العشاء في مجلس الوجيه القطان بمكة، وتعرفنا يومها على رئيس هيئات مكة المكرمة الشيخ فراج بن علي العقلا، الأخ الأكبر للشيخ محمد، فكان سلام الناس عليه دليلا واضحا على منزلته في قلوبهم، وقد دعانا إلى زيارة مجلسه، جزاه الله خيرا. صادق العزاء وجميل السلوان نزجيها إلى أسرة الشيخ ومحبيه وطلابه وعموم أهلنا الكرام في المملكة العربية السعودية، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، اللهم تقبله في العلماء الأتقياء الأنقياء العاملين الصالحين من أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. «إنا لله وإنا إليه راجعون».
1740
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه أكثر مما ينظر إلى ما يملكه. ينشغل الإنسان بأمنياته المؤجلة، وأحلامه البعيدة ينشغل بما ليس في يده، بينما يتجاهل أعظم ما منحه الله إياه وهي موهبته الخاصة. ومثلما سأل الله موسى عليه السلام: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى﴾، فإن السؤال ذاته موجّه لكل إنسان اليوم ولكن بطريقة أخرى: ما هي موهبتك؟ وما عصاك التي بيدك؟ جوهر الفكرة ان لكل إنسان عصا. الفكرة الجوهرية لهذا المفهوم بسيطة وعميقة، لا يوجد شخص خُلق بلا قدرة وبلا موهبة وبلا شيء يتميز به، ولا يوجد إنسان وصل الدنيا فارغ اليدين. كل فرد يحمل (عصاه) الخاصة التي وهبه الله ليتكئ عليها، ويصنع بها أثره. المعلم يحمل معرفته. المثقف يحمل لغته. الطبيب يحمل علمه. الرياضي يحمل قوته. الفنان يحمل إبداعه. والأمثلة لا تنتهي ….. وحتى أبسط الناس يحملون حكمة، أو صبرًا، أو قدرة اجتماعية، أو مهارة عملية قد تغيّر حياة أشخاص آخرين. الموهبة ليست مجرد ميزة… إنها مسؤولية في عالم الإعلام الحديث، تُقدَّم المواهب غالبًا كوسيلة للشهرة أو الدخل المادي، لكن الحقيقة أن الموهبة قبل كل شيء أمانة ومسؤولية. الله لا يمنح إنسانًا قدرة إلا لسبب، ولا يضع في يدك عصا إلا لتفعل بها ما يليق بك وبها. والسؤال هنا: هل نستخدم مواهبنا لصناعة القيمة، وترك الأثر الجميل والمفيد أم نتركها مدفونة ؟ تشير الملاحظات المجتمعية إلى أن عددًا كبيرًا من الناس يهملون مواهبهم لعدة أسباب، وليس ذلك مجرد انطباع؛ فبحسب تقارير عالمية خلال عام 2023 فإن نحو 80% من الأشخاص لا يستخدمون مواهبهم الطبيعية في حياتهم أو أعمالهم، مما يعني أن أغلب البشر يعيشون دون أن يُفعّلوا العصا التي في أيديهم. ولعل أهم أسباب ذلك هو التقليل من قيمة الذات، ومقارنة النفس بالآخرين، والخوف من الفشل، وأحيانا عدم إدراك أن ما يملكه الشخص قد يكون مهمًا له ولغيره، بالإضافة إلى الاعتقاد الخاطئ بأن الموهبة يجب أن تكون شيئًا كبيرًا أو خارقًا. هذه الأسباب تحوّل العصا من أداة قوة… إلى مجرد منحوتة معلقة على جدار الديوان. إن الرسالة التي يقدمها هذا المقال بسيطة ومباشرة، استخدم موهبتك فيما يخدم الناس. ليس المطلوب أن تشق البحر، بل أن تشقّ طريقًا لنفسك أو لغيرك. ليس المطلوب أن تصنع معجزة، بل أن تصنع فارقًا. وما أكثر الفروق الصغيرة التي تُحدث أثرًا طويلًا، تعلُم وتعليم، أو دعم محتاج، خلق فكرة، مشاركة خبرة، حل مشكلة… كلها أعمال نبيلة تُجيب على السؤال الإلهي حين يُسأل الإنسان ماذا فعلت بما أعطيتك ومنحتك؟ عصاك لا تتركها تسقط، ولا تؤجل استخدامها. فقد تكون أنت سبب تغيير في حياة شخص لا تعرفه، وقد تكون موهبتك حلًّا لعُقدة لا يُحلّها أحد سواك. ارفع عصاك اليوم… فقد آن لموهبتك أن تعمل.
1596
| 02 ديسمبر 2025